هل تخطئ إيران الحسابات وتتورط في معركة مع إسرائيل؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/09/09 الساعة 15:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/09 الساعة 15:17 بتوقيت غرينتش
الرئيس الإيراني حسن روحاني/رويترز

لا تريد طهران أو تل أبيب الدخول في معركة مباشرة، ولكن حدوث حرب إيرانية إسرائيلية أمر قد يقع رغم أنف الدولتين المتعاديتين.

مثل اغتيال قاسم سليماني نموذجاً واضحاً، لذلك، هدَّد مسؤول إيراني كبير بالفعل بضرب إسرائيل إذا ردت الولايات المتحدة عسكرياً على أي رد انتقامي إيراني لمقتل اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني، والمحرك الرئيسي للشبكة الإيرانية التي تضم جيوشاً بالوكالة مثل حزب الله، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.

إذ قال محسن رضائي، أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني، بحسب وكالة أنباء فارس الإيرانية: "إذا اتخذت الولايات المتحدة أي إجراء بعد ردنا العسكري، فسنسوِّي تل أبيب وحيفا بالأرض". ويُشار إلى أن هذا المجمع يؤدي دوراً استشارياً للمرشد الأعلى علي خامنئي، ولديه أيضاً سلطات تشريعية.

على غرار صدام حسين

ومن المفارقات أن هذه الاستراتيجية هي نفسها التي لجأ إليها عدو إيران الأول سابقاً، صدام حسين. فخلال عملية عاصفة الصحراء عام 1991، أطلق صدام 39 صاروخاً باليستياً من طراز سكود على إسرائيل، في محاولة لاستفزازها ودفعها لمهاجمة العراق وبالتالي تقسيم التحالف الذي كانت تقوده الولايات المتحدة ويضم دولاً أوروبية وعربية. وكادت هذه المحاولة تنجح بالفعل: لكن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً على إسرائيل لثنيها عن ذلك.

وهذا الخطاب الإيراني يشير إلى أن الهدف الرئيسي من غضبها هو الولايات المتحدة. ولكن مهاجمة إسرائيل ستكون بمثابة نعمة ونقمة على إيران. فلدى طهران عدد كبير من الخيارات الفتاكة التي يمكن توظيفها ضد عدوها اللدود. فبإمكان وكيلها حزب الله في لبنان شن غارات برية محدودة على شمال إسرائيل، أو حتى إطلاق بعض من الصواريخ التي يقدر عددها بـ150 ألف صاروخ وفرتها إيران للحزب (رغم أن ذلك قد يؤدي إلى إشعال حرب إسرائيلية-لبنانية شاملة قد تجر إيران وربما الولايات المتحدة).

وتوجد أيضاً حركة حماس في غزة، وهي  ليست غريبة عن قصف المدن الإسرائيلية بالصواريخ وقد تصالحت مؤخراً مع إيران بعد خلافهما حول الصراع السوري. والأهم من ذلك، توجد سوريا، التي أصبحت قاعدة إطلاق إيرانية على حدود إسرائيل، وتضم الآلاف من الجنود والمستشارين الإيرانيين، فضلاً عن فرقة كبيرة من حزب الله وقوات شيعية أخرى غير سورية تدعم النظام السوري. وبإمكان هذه القوات ضرب القوات الإسرائيلية والمستوطنات في مرتفعات الجولان.

ها هي إيران تطوِّق إسرائيل

وترى إيران أن جميع هذه الوسائل لها نعمتان؛ الأولى أنها تقدم فرصة لمهاجمة حليف رئيسي للولايات المتحدة -الحليف الذي استثمرت فيه أمريكا قدراً كبيراً من النفوذ والموارد- وبالتالي إحراج أمريكا دون مهاجمتها مباشرة. والثانية هي أن تطويق إسرائيل بحلفاء إيران في لبنان وسوريا وغزة سيجعل من السهل ضرب إسرائيل دون الاستعانة بالقوات الإيرانية على الأراضي الإيرانية.

رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو/رويترز

لم يبدُ أن إسرائيل راغبة في تحويل قضية سليماني إلى حرب مع إيران. ولا يعني ذلك أن الإسرائيليين يشعرون بالحزن على مقتل سليماني، الذي يمكن القول إنه ألد أعدائهم، والذي دعم جماعات معادية لإسرائيل مثل حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وحرض كذلك على هجمات إرهابية مثل تفجير المركز الثقافي اليهودي في الأرجنتين عام 1992. لكن الحكومة الإسرائيلية نفت أي تورط لها في مقتل سليماني وأوضحت أنها لا تريد الانجرار إلى هذه القضية.

ولكن الأمر يمكن أن ينقلب عليها .. احتمالات حرب إيرانية إسرائيلية قائمة

بَيْد أن هجوماً تدعمه إيران قد يكون لعنة على طهران أيضاً. فماذا لو اختارت إسرائيل التعامل مع هجوم من أحد وكلاء إيران على أنه هجوم من إيران نفسها؟ خاصة أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يهدد بعمل عسكري لوقف برنامج إيران النووي. وقد تكون الضربة الإيرانية، حتى لو كانت بالوكالة، القشة التي تقصم ظهر البعير. 

ورغم أن الولايات المتحدة لا تشجع العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران، فقد تكون إدارة ترامب أكثر ميلاً لذلك، ليؤدي طرف آخر العمل القذر المتمثل في مواجهة طهران نيابة عنها.

وتقدر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن فرص وقوع هجوم إيراني منخفضة، حتى في الوقت الذي حذَّر فيه مركز أبحاث إسرائيلي رفيع من أن احتمال نشوب حرب إسرائيلية إيرانية مرتفع. وفي الحالتين، فإن تاريخ الشرق الأوسط الحديث مليء بالحسابات الخاطئة والمفاهيم الخاطئة: فقد اعترف زعيم حزب الله حسن نصرالله بأنه لم يتوقع أن يؤدي كمين نصبه الحزب لدورية إسرائيلية إلى إشعال فتيل الحرب الإسرائيلية-اللبنانية عام 2006.

والحرب الباردة بين إسرائيل وإيران عبارة عن، حتى الآن، صراع غامض يشنه وكلاء إيران وسلاح الجو الإسرائيلي والموساد. ومثل الأمريكيين والسوفييت خلال الحرب الباردة العظمى، تمكَّن كلا الخصمين بطريقة أو بأخرى من تجنب الصراع المباشر مع بعضهما.

وإيران لا تريد حرباً مع أمريكا قد لا تخسرها ولكنها بالتأكيد لن تربحها. وإسرائيل قد تكون مجرد بديل مناسب لتصب عليه طهران غضبها.

تحميل المزيد