لا تزال تتكشف كواليس اتفاق التطبيع الذي أشهرته الولايات المتحدة الأمريكية بين الإمارات وإسرائيل يوم الخميس 13 أغسطس/آب 2020، والذي تم العمل عليه لسنوات بحسب ما كشفت وسائل إعلام عبرية، تخللها زيارتان لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإمارات سراً، خلال العامين الماضيين، واتصالات وزيارات سرية على أعلى مستوى عمل عليها جهاز الموساد، في حين شارك عدة أشخاص من أبوظبي وتل أبيب وواشنطن في هندسة هذا الاتفاق، نورد في هذا التقرير أبرز 5 أسماء منهم:
1- رجل الأعمال حاييم سابان
بحسب ما كشفت وسائل إعلام عبرية، فإن أبرز من عملوا على هذه الاتفاقية، هو رجل الأعمال والملياردير اليهودي من أصول مصرية، حاييم سابان (إسرائيلي ـ أمريكي)، إذ توسط في الاتصالات بين تل أبيب وأبوظبي بشكل مبكر ومباشر. وأشارت القناة العبرية 12 إلى أن "سابان صديق مقرب من الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد إمارة أبوظبي" في الإمارات، وأن رجل الأعمال الإسرائيلي هو الذي وضع بذرة بدء علاقات رسمية وعلنية بين كل من الإمارات وإسرائيل.
وذكرت القناة أن سابان التقى بولي عهد أبوظبي، قبل عامين، واقترح عليه الإعلان عن إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، وأنه كان على تواصل مكثف مع يوسف العتيبة، السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة لترتيب هذه الصفقة.
وسابان من مواليد 15 أكتوبر/تشرين الأول 1944 في الإسكندرية، لكنه غادر مصر مع عائلته عام 1956 إلى إسرائيل، ثم هاجر إلى أمريكا حيث بنى ثروته في تسويق برامج الرسوم المتحركة، وقد أنشأ مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكينغز في واشنطن العاصمة. وتقدر ثروة سابان بنحو 2.8 مليار دولار. ووضعته مجلة فوربس عام 2006 في الترتيب 98 في قائمة أغنى 400 في أمريكا.
2- السفير يوسف العتيبة
لا شك أن دور السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة كان أساسياً في هندسة اتفاق التطبيع مع إسرائيل، كما تقول وسائل الإعلام العبرية، وهو الذي كان قد نشر مقالاً باللغة العبرية في يونيو/حزيران الماضي، بصحيفة "يديعوت أحرونوت" الأكثر انتشاراً في إسرائيل -كأول مسؤول عربي يفعل ذلك- يبشر فيه بالتطبيع الإماراتي مع إسرائيل.
وتحدث العتيبة حينها، بمقالته التي عنونها بـ"ضم أو تطبيع"، عن "الحماس لدى القادة الإسرائيليين للتطبيع مع الإمارات العربية المتحدة"، وأن خطة ضم الضفة تعرقل ذلك، معتبراً أن "إسرائيل والإمارات العربية المتحدة تملكان جيشين من أفضل الجيوش المدربة في المنطقة، مع مخاوف مشتركة في مجال الإرهاب والعدوان، وتربطهما علاقات طويلة ووثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية"، لافتاً إلى أنه كان بمقدور الدولتين أن تخلقا تعاوناً أمنياً أكثر عمقاً وفاعليةً، باعتبارهما الدولتين اللتين تملكان اقتصاداً متطوراً ومتنوعاً".
ويفاخر العتيبة بأنه كان واحداً من بين ثلاثة سفراء عرب شاركوا وحضروا إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تفاصيل خطة "صفقة القرن" في 28 من يناير/كانون الثاني 2020، مشيراً في مقالته إلى أنه عمل أيضاً مع إدارة الرئيس باراك أوباما على "خطط لخطوات بانية للثقة، تعود بالفوائد الكبيرة على إسرائيل، على صورة علاقات مشتركة مع الدول العربية – مقابل حكم ذاتي موسع واستثمارات في فلسطين".
3- رئيس الموساد يوسي كوهين
أما الرجل الثالث الذي عمل بشكل مباشر وقاد اتصالات طويلة وزار الإمارات مراراً لأجل إتمام هذه الصفقة، هو يوسي كوهين، وحول ذلك تقول صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن "رئيس الموساد، كوهين، زار أبوظبي عدة مرات في الآونة الأخيرة، لتمهيد توقيع الاتفاقية بين إسرائيل والإمارات".
وأشارت الصحيفة إلى أن "كوهين له علاقات وثيقة مع الأمراء والمسؤولين في الإمارات"، وأن جهود تحويل علاقات التطبيع السرية إلى علاقات علنية رسمية، مرتبطة بشكل كبير بجهاز الاستخبارات الإسرائيلية.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قد غرّد من جانبه الجمعة، شاكراً رئيس الموساد وجهود جهازه الاستخباراتي في تطوير العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج على مدار السنين، وهو ما ساعد في نضوج اتفاقية السلام مع الإمارات، حسب قوله.
4- المستشار جاريد كوشنر
لعب جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، دوراً كبيراً أيضاً في "التقريب بين تل أبيب وأبوظبي، بهدف توقيع اتفاقية سلام بين البلدين"، وهو الذي كان أيضاً مهندساً لما يعرف بـ"صفقة القرن" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي في يناير/كانون الثاني الماضي.
كوشنر كان قد أكد في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" الأمريكية مساء الجمعة، أن المحادثات التي قادت للاتفاق الإماراتي الإسرائيلي، استمرت عاماً ونصف العام، موضحاً أنه جرى إتمام تفاصيله النهائية، يوم الأربعاء الماضي.
وأضاف كوشنر أن المحادثات بين الطرفين كُثفت قبل نحو ستة أسابيع، "حيث رأت الإمارات فرصة لتعليق إسرائيل ضم مناطق بالضفة الغربية". واصفاً الاتفاق بـ"الاختراق" و"الخطوة التاريخية".
مضيفاً أنه ما تزال هناك مهمة، لمضي دول عربية أخرى في علاقاتها مع إسرائيل نحو الأمام، وأضاف: "أعتقد أنه من المحتم أن يكون للسعودية وإسرائيل علاقات طبيعية تماماً، وأنهما سيكونان قادرين على تحقيق الكثير من الأعمال العظيمة معاً، من الواضح أن السعودية كانت رائدة في صنع التجديد، ولكن لا يمكنك قلب بارجة بين عشية وضحاها".
5- محمد دحلان
"مستشار بن زايد السري"، هكذا وصفت الصحف العبرية محمد دحلان، القيادي الفلسطيني المفصول من حركة فتح والمستشار الخاص لولي عهد أبوظبي، عشية إعلان اتفاق التطبيع، معتبرة أن "الصفقة تمت بفضل دحلان، لرجل الذي يهمس في أذن حاكم الإمارات، والذي قد يتوج كخليفة لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية".
ويبدو أن كلاً من الإسرائيليين والأمريكيين يودون مكافأة دحلان على جهوده هذه، بتحضيره لزعامة السلطة الفلسطينية بعد عباس، إذ تنقل الصحافة العبرية عن مصادر أمريكية مطلعة أن الاتفاقية الثلاثية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات تتضمن عودة محمد دحلان للسلطة الفلسطينية، وأن اتفاق أبوظبي-تل أبيب يحسن فرص محمد دحلان في "معركة الميراث"، كما أنه يحظى بدعم من مصر والأردن والإمارات والسعودية.
ويتحدث موقع i24 الإسرائيلي عن أن عودة دحلان "ستزيد الصراع في قيادة حركة فتح على قيادة السلطة الفلسطينية"، إذ كان دحلان منافساً لحليفه السابق في حركة فتح محمود عباس قبل أن يفر إلى المنفى.
وكانت تقارير سابقة قد تحدثت عن تنظيم دحلان للقاءات سرية عديدة خلال السنوات الأخيرة، بين مسؤولين إماراتيين وإسرائيليين، ساهمت في تطوير العلاقة بين الطرفين بشكل كبير.
وكان تيار دحلان في حركة فتح عن تأييده للموقف الإماراتي، بعد توصل أبوظبي لاتفاقية تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وقال التيار الذي يدعى بـ"الإصلاح الديمقراطي في حركة" فتح، في بيان، إننا "نستذكر الدور التاريخي لدولة الإمارات العربية المتحدة في دعم صمود شعبنا وثورتنا، ومساندتها الدائمة لشعبنا في نضاله من أجل الحرية والاستقلال"، مضيفاً أن "الإمارات ستراعي دوما مصالح الشعب الفلسطيني العليا، بتوظيف كل علاقاتها بإطار استراتيجية تهدف للتخلص من الاحتلال".
كان دحلان منافساً لحليفه السابق في حركة فتح محمود عباس قبل أن يفر إلى الإمارات. إذ حكمت محكمة فلسطينية على دحلان (58 عاماً) غيابياً بالسجن ثلاث سنوات في عام 2016 بتهمة الفساد، كما أمرته بسداد مبلغ 16 مليون دولار، طبقاً لمحاميه. وشغل دحلان منصب قائد جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة، والذي يتهم بممارسة "التنسيق الأمني"، مع الجيش الإسرائيلي والأجهزة الأمنية الإسرائيلية لاعتقال المقاومين الفلسطينيين وتعذيبهم بالمعتقلات، حيث كان يزود تل أبيب بمعلومات عن تحركات قادة في الفصائل الفلسطينية الذين تم اغتيال بعضهم بالفعل، ومقابل ذلك كان يحظى بغطاء ودعم إسرائيلي كبير. لكن دحلان فقد الغطاء السياسي اللازم بعد أن سيطرت حركة حماس على قطاع غزة عام 2007 ما أدى إلى طرده وقوات جهازه الأمني من القطاع.
ويتهم دحلان بلعب أدوار "مشبوهة" في دول عدة صالح الإمارات، كما تتهم تركيا دحلان بالتورط في الانقلاب الفاشل لعام 2016، ولعب دور في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي. كما أدرجت وزارة الداخلية التركية، في 13 ديسمبر/كانون الأول 2019 دحلان ضمن "القائمة الحمراء"، وهي أخطر قوائم الإرهابيين المطلوبين في البلاد.
ويتهم القضاء التركي دحلان بالضلوع في محاولة الانقلاب الفاشلة، ومحاولة تغيير النظام الدستوري بالقوة، و"الكشف عن معلومات سرية حول أمن الدولة لغرض التجسس"، و"قيامه بالتجسس الدولي". كما رصدت أنقرة مكافأة قدرها 4 ملايين ليرة تركية، لمن يدلي بمعلومات تقود إلى إلقاء القبض عليه.