القاهرة تقول إن عودتهم بخبراتهم ستكون نافعة للبلاد.. ماذا ينتظر المصريين العائدين من الخليج؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/09 الساعة 18:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/10 الساعة 07:09 بتوقيت غرينتش
أكثر من مليون عامل سيخسرون وظائفهم.. المصريون العائدون من الخليج يُواجهون مصيراً اقتصادياً مجهولاً، تعبيرية/ رويترز

في دراسة نشرها معهد التخطيط الوطني المصري، بتاريخ 29 مايو/أيار 2020، كشفت مؤسسة حكومية أنه نتيجة لانتشار فيروس كورونا في مصر، والتدابير الاحترازية التي اتخذتها الدولة وبعض مؤسسات القطاع الخاص، مثل فرض حظر التجول وتقليص عدد ساعات العمل، فإنه من المتوقع حدوث زيادة في مُعدل البطالة، ليبلغ حوالي 11.5% إلى 16% بحلول نهاية عام 2020، مقارنة بمعدل بلغ 8% في نهاية عام 2019.

وفقاً للأرقام المذكورة في الدراسة، فإن حوالي 1.2 إلى 2.9 مليون مُواطن مُعرضون لفقدان وظائفهم، من بينهم 824 ألفاً عاطلين عن العمل بالفعل، ناهيك عن عودة مئات الآلاف من المصريين العاملين من الخارج. وأفادت الدراسة أن الزيادة في مُعدل البطالة بهذه النسب ستؤدي بحوالي 5.6 إلى 12.5 مليون مُواطن إلى المعيشة تحت خط الفقر. وأشارت أيضاً إلى أن السيناريو الأسوأ استند إلى العودة المُحتملة لأكثر من مليون مصري بعد خسارتهم وظائفهم بالخارج. 

ضحايا الهيكلة في دول الخليج

موقع Al-Monitor الأمريكي، نقل عن شريف سامي، أستاذ التخطيط والإدارة في جامعة عين شمس، أن مُعظم المصريين ممن فقدوا وظائفهم كانوا يعملون في قطاع السياحة، الذي استبعد عودته إلى نشاطه المُعتاد قبل عام 2022، أو كانوا يعملون بالخارج، وبخاصة في دول الخليج العربي. وقال سامي: "يُتوقع من هذه الدول إعادة النظر وإعادة هيكلة حاجتهم إلى الأعداد المهولة من العمالة الأجنبية، بهدف تقليل نفقاتهم للخروج من الأزمة".

مضيفاً أنه في ضوء الركود الاقتصادي في دول الخليج بسبب جائحة كورونا وما نجم عن ذلك من هبوط عائدات عقود النفط والغاز الطبيعي، قد تُسرِّح دول الخليج العمالة الأجنبية الأعلى أجراً، وبالتحديد العمالة الأمريكية والأوروبية، تليها المصرية، ما يدفع العمالة المُتبقية إلى القيام بالمزيد من العمل، سواء أكانت من المواطنين أو العمالة الأجنبية الأقل أجراً، مثل الهنود والباكستانيين والبنغاليين.

ورغم ذلك يعتقد سامي أن عودة العُمال المصريين من الخارج، سواءً من الخليج أو من أي منطقة أخرى، سيكون لها تأثير إيجابي على سوق العمل في مصر على المديين المُتوسط والبعيد. وأضاف أن كثيراً من العاملين بالخارج عُمال ماهرون، بوسعهم مُساعدة مصر على تطوير الخطط والمشاريع التي أُطلِقت تحت رعاية السيسي، سواء كانت مشاريع مملوكة للدولة، أو تُنفذ بالاشتراك مع القطاع الخاص، حسب تعبيره.

هل يجد المغتربون العائدون فرصتهم بالفعل؟

من جهتها، أعلنت نبيلة مكرم، وزيرة الهجرة وشؤون المُغتربين في 24 مايو/أيار 2020 الماضي، أنَّ المصريين العائدين إلى الوطن مُطالبون بملء استمارة لتحديد مجال خبراتهم ومؤهلاتهم. عندئذ ستدرس الوزارة كيف يُمكن استخدام مهارات العائدين لتعود بالنفع على استراتيجية التنمية المُستدامة (رؤية مصر) لعام 2030، خطة التطوير التي أطلقها السيسي في عام 2016. 

وصرَّح مصدر مسؤول في وزارة الهجرة لموقع Al-Monitor، اشترط عدم الكشف عن هويته، أن الاستمارة تُوزع على المصريين العائدين إلى البلاد من الخارج على متن رحلات مصر للطيران الجوية، التي تُعيد المواطنين من جميع أنحاء العالم. وجرى تعليق رحلات الطيران الدورية المصرية والأجنبية من مصر وإليها، في 24 مارس/آذار 2020. وذكر المصدر أن عودة المصريين تشمل هؤلاء الناس، ممن انتهت عقود عملهم بالخارج

وقال إن الاستمارات لم يجر إحصاؤها وتصنيفها بعد استناداً إلى خبرة العائدين، إلا أن "كثيراً ممن انتهت عقود عملهم عائدون من منطقة الخليج، وبخاصة من السعودية والإمارات والكويت، وقد تعود خبرتهم بنفعٍ عظيم، وبخاصة في مجالات الهندسة المدنية والمقاولات والتعليم والطب والتسويق وإدارة الأعمال". 

وفي 5 مايو/أيار 2020، راجعت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية اللوائح التنفيذية لمادة "القوة القاهرة" لقانون العمل، الذي يُنظم سوق العمل في حالة حدوث أزمات كُبرى، مثل جائحة كورونا. وعليه سمحت الوزارة للقطاع الخاص بتقليص رواتب العمال المحليين والمُغتربين بحد أقصى 40%، كما سمحت للقطاع الخاص بإنهاء أي عقود عمل بعد ستة أشهر على الأقل من تاريخ تعديل اللوائح. 

تداعيات سلبية كبيرة على معدلات البطالة والدولة نفسها

بسؤاله عن النتائج المُتوقعة من القرار، صرح رشاد عبده، رئيس المُنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إلى موقع Al-Monitor، أن خُطوة إنهاء العقود ستقود كثيراً من المصريين إلى فقدان وظائفهم في السعودية في الأشهر القادمة. 

وقال عبده إن كثيراً من دول الخليج ستحذو حذو االسعودية، لأن مُعظم اقتصادات الخليج تعتمد على النفط، الذي يتراجع سعره كل يوم في ظل انتشار فيروس كورونا. 

وأشار إلى أن إنهاء عقود المصريين العاملين بدول الخليج سيكون له تداعيات سلبية أيضاً على موارد الدولة المصرية، وليس فقط على مُعدلات البطالة والفقر. مضيفاً: "تُساهم العمالة المصرية في دول الخليج بشكلٍ كبير فيما يُعرف بتحويلات المصريين بالعملة الصعبة لعائلاتهم في مصر. تؤمن هذه التحويلات احتياجات الدولة من العُملات الأجنبية، وتضمن استقرار سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية. أتوقع أن يُصاحب أزمة فيروس كورونا انخفاض في قيمة الجنيه مُقابل العُملات الأجنبية، ما قد يُضعف من القوة الشرائية للجنيه، وبالتالي يؤدي إلى نوبة تضخم جديدة".

وفقاً للإحصاءات الأخيرة للبنك المركزي لعام 2019، تُعتبر العُملات الصعبة المُرسلة من قِبل المصريين بالخارج إلى عائلاتهم في مصر المصدر الأساسي لاحتياجات مصر من العُملة الأجنبية. بلغت هذه العُملات 26.8 مليار دولار، في وقت بلغت فيه عائدات قناة السويس خلال العام نفسه حوالي 5.8 مليار دولار، وعائدات السياحة حوالي 13 مليار دولار

ورغم ذلك بدا سعيد يحيى، رئيس ائتلاف المصريين بالخارج، فرع السعودية، مُتفائلاً بالعمالة المصرية في السعودية وفي دول خليجية أخرى وعلى الصعيد العالمي. 

وقال يحيى إنه بمجرد انتهاء أزمة فيروس كورونا ستكون المُنافسة شرسة بين الشركات في القطاعات المُختلفة لتحقيق الأرباح. وأردف أن الشركات التي تسعى لتعويض خسائرها لن تُغامر بإهدار العمالة المصرية المُدربة والعُمال المهرة الذين سيساعدونهم على تحقيق المكاسب حالما تنتهي الأزمة. 

وأشار إلى المُفاوضات التي ستجري بين العُمال المصريين والمسؤولين في القطاعين العام والخاص للتوصل إلى حلول وسط فيما يتعلق بتخفيض الأجور بنسبة مُحددة حتى انتهاء الأزمة، ثم العودة إلى سابق عهدهم بمجرد أن تُعوض الخسائر. وخلص إلى أن "تلك ستكون فرصة مُلائمة لكثيرٍ من المصريين في السعودية والخليج"، حسب تعبيره.

تحميل المزيد