إسرائيل تكافح كورونا بألاعيب الموساد، ولهذا السبب اشترت شرائح فحص الفيروس من الإمارات وليس الصين

عربي بوست
تم النشر: 2020/03/30 الساعة 17:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/31 الساعة 07:33 بتوقيت غرينتش
رئيس الورزاء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

ما السر وراء شراء إسرائيل لشرائح فحص مرض كورونا من الإمارات رغم أنها صينية الصنع، ولماذا أصبح الموساد والشاباك يتوليان إدارة ملف مكافحة كورونا في إسرائيل أكثر من وزارة الصحة.

تفاصيل مثيرة توصل إليها "عربي بوست" فيما يتعلق بمكافحة كورونا في إسرائيل.

سر شراء إسرائيل لشرائح فحص مرض كورونا من الإمارات رغم أنها صينية الصنع  

كشف طبيبٌ فلسطينيٌّ يعمل في مختبر بيولوجي تابع لإحدى المشافي الإسرائيلية لـ "عربي بوست" أن كمية لا بأس بها من بين النصف مليون جهاز "شريحة" لتشخيص فيروس كورونا، تمكّن جهاز "الموساد" من جلبها على دفعات خلال العشرة أيام الأخيرة، كانت من دولة الإمارات.

وقد وفرت الإمارات -وفق هذا الطبيب- عشرات الآلاف من هذه الشرائح لإسرائيل، مبيناً أن المعلومة توصل إليها من خلال جهة إدارية عُليا في الدولة العبرية على اطلاع وتنسيق مع جهاز "الموساد" بخصوص حاجياتها من اللوازم الطبية الطارئة.

 ويقول المصدر الطبي الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الإمارات قامت أيضاً، السبت الماضي، بتزويد اليونان بكميات كبيرة من أجهزة فحص كورونا، ما يُظهر أنها تمتلك مخزوناً كافياً لتزويد لدول أخرى.

ولكن هناك معلومات مصدرها الصين تعزز الاستنتاج بوجود كميات كافية من اللوازم الطبية من قبيل شرائح إجراء الفحوصات وأجهزة التنفس لدى الإمارات، وأن أبوظبي أصبحت تاجراً خفياً لهذه الشرائح التي جعلتها الأزمة ثمينة.

إذ تبين أن هناك اتفاقية بين أبو ظبي والصين تجعل الأولوية لهذه الدولة الخليجية في أية عملية تصدير لهذه اللوازم والأدوية من قبل بكين إضافة إلى عدد قليل من الدول التي تربطها اتفاقيات تعاون مماثلة، حسبما يقول لـ "عربي بوست" الباحث في الشؤون الصينية الدكتور جاد رعد وهو مقيم في مدينة شنيانغ الصينية. 

مؤشر آخر ومتطابق بشأن هوية الدولة الخليجية التي ساهمت بتزويد إسرائيل بكمية من شرائح فحص كورونا، هو ما سرده مصدر واسع الاطلاع ويقيم في أراضي 48 لـ "عربي بوست".

إذ أوضح أن جهات إسرائيلية قالت إن "الموساد" تمكّن في إطار عملية مشتركة مع الجيش من استقدام شرائح فحوصات كورونا إضافة إلى أجهزة تنفس اصطناعية، مِن دول لا تربطها بها علاقات دبلوماسية "علنية".

 ووفق المصدر، فإنه بعد التحري عن هويتها، اتضح أن الإمارات كانت إحدى هذه الدول كمصدر جلبت منه إسرائيل احتياجاتها الطبية لمواجهة كورونا.

ولكن.. لماذا لم تقم إسرائيل بشراء هذه المستلزمات مباشرة من الصين؟

يجيب المصدر على سؤال "عربي بوست" بالقول إن هذا يعود إلى عدم وجود اتفاقية بينهما تجعل لإسرائيل الأفضلية في شرائها من الصين، خاصة في ظل الطلب العالمي وتوفير بكين "طلبيات كبيرة" لإيطاليا ودول في أمريكا اللاتينية وكذلك دول خليجية.

ويكشف المصدر أن "الموساد" عندما ذهب إلى الصين وجد أن شخصيات سعودية قد اشترت هذه المعدات واللوازم الطبية بملايين الدولارات. غير أنه من غير الواضح إن كان "الموساد" قد تمكن من شراء كميات من خلال هذه الشخصيات السعودية أيضاً، إلا أنه اكتفى بالقول "فعلنا كل ما بوسعنا وبطرقنا المختلفة لجلب الحاجيات حتى من دول في المنطقة لا وجود لعلاقات دبلوماسية معلنة معها".

لماذا يتولى الموساد مكافحة كورونا في إسرائيل؟

 بيدَ أن السؤال المركزي هو: لماذا يتولى جهاز المخابرات "الموساد" تحديداً -وليس أي جهة أخرى- مهمة توفير هذه الحاجات الطبية لإسرائيل؟ وما هي الطرق والوسائل التي يعتمدها لاستقدام هذه المستلزمات التي تشهد نقصاً حاداً عالمياً في ظل الأزمة غير المسبوقة؟

 الواقع، أنه في ظل إصدار الدول التي تصنع المعدات الطبية قوانين صارمة تحظر تصديرها خلال هذه الفترة، بسبب نقصها في جميع أنحاء العالم بسبب فيروس كورونا.. كان لا بُدّ من أساليب "العمليات القذرة" -كما يصفها المصدر المقيم في أراضي 48- من أجل جلبها. وهنا تأتي مهمة "الموساد" الأمنية.

وتنقل صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية عن مصادر مقربة من العملية الإسرائيلية الأخيرة "هذه عمليات حقيقية، ومن أجل أن تنجح يجب وضع اليد عليها قبل الآخرين وإحضار الآلات إلى إسرائيل في أسرع وقت ممكن".

طريقتان ينتهجهما "الموساد" في "حرب الشرائح"

طريقتان يستخدمهما الموساد لجلب شرائح فحص كورونا وأجهزة التنفس الاصطناعية التي تشهد نقصاً عالمياً،حسبما ذكر المصدر المطلع لـ "عربي بوست".

الطريقة الأولى، ذات بُعد عملياتي أمني و "زعرنة" من خلال شرائها عبر "السوق السوداء" والتعاون مع عصابات العالم السّفلي "المافيا".

وتستخدم هذه الطريقة أيضاً وسيلة الابتزاز وجمع المعلومات الاستخباراتية عن الشخصيات "الفاسدة" في القطاع الصحي وصناع القرار في كل دولة ومعرفة نقاط ضعفها، حيث يقوم "الموساد" بمساومتها.. وقد حصل هذا السيناريو في دول بأمريكا اللاتينية وإفريقيا وغيرها.

هذا "سوق أسود" يحتاج إلى أساليب غير عادية وتجارة "قذرة" تتقاطع بين "الموساد" ورجال أعمال وسياسة وأجهزة مخابرات تعرف من هو الضعيف والفاسد، وتميز بين المستعد وغير المستعد.

إسرائيل اتخذت إجراءات مشددة لمواجهة فيروس كورونا/رويترز

وأما الطريقة الثانية التي ينتهجها الموساد، فتعتمد على العلاقات المباشرة والسرّية مع دول إقليمية وعالمية (كما حصل في عملية شراء المستلزمات من الإمارات وغيرها).

 ولا ننسى أن إسرائيل جلبت أيضاً كميات من هذه المستلزمات عبر شركات متعددة الجنسيات تديرها شخصيات مقربة لها، لا سيما تلك التي تم تقديمها من قبل شركة AID GENOMICS – وهي شركة رئيسها التنفيذي إسرائيلي الجنسية.

وكنموذج لهذه العمليات السرية لجلب كميات كبيرة من المستلزمات الطبية لماجهة فيروس كورونا، أحضر "الموساد" مؤخراً شحنة من المستلزمات الطبية من إحدى الدول الأجنبية، دون ذكر اسم هذه الدولة، وفقاً لما ذكرته هيئة البث الإسرائيلية، الإثنين.

وقالت الهيئة إن الشحنة اشتملت على "27 جهاز تنفس صناعي و10 ملايين كمامة طبية وعشرات آلاف من شراح فحص فيروس كورونا".

والنتيجة أنه منذ عشرة أيام.. أصبحت فحوصات كورونا في إسرائيل أسهل

وبالعودة إلى المصدر الطبي الذي تحدث لـ "عربي بوست" من داخل أحد المراكز البيولوجية التي تجري يومياً أعداداً كبيرة من فحوصات كورونا بإسرائيل، فإنه لاحظ الفارق بين قدراتهم على إجراء هذه الفحوصات قبل عشرة أيام وما بعدها.

إذ يقول "إنه في الأيام الأولى من بدء أزمة جائحة كورونا، عانت إسرائيل كثيراً ولم تستطع تطبيق الخطة التي وضعت نتيجة النقص الحاد في عدد الشرائح الخاصة بالفحص، وهو ما اضطر القطاع الصحي للتركيز فقط على فحص الحالات التي تعاني أعراضاً حادة لكورونا في إسرائيل على غرار إيطاليا وإسبانيا بموازاة تقنية (جي بي إس).

ولكن، بعدما تمكن الموساد من جلب أعداد كبيرة من الشرائح، باتت الفحوصات أكثر سلاسة، وقد انتهى الشعور بالضيق منذ عشرة أيام وانتقلنا لمرحلة المسح السكاني في عملية الفحص".

 وإضافة إلى أجهزة "الشرائح" لاختبارات كورونا، تهدف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من خلال "جهود كبيرة" لجلب الآلاف من أجهزة التنفس، إلى الوصول الى 7000 وحتى 10000 جهاز تنفس.

ولكن رغم "حملة" الموساد.. الأزمة في إسرائيل ستكون أسوأ بعد أسبوعين

بالرغم من الحرب "السرّية والخفية" التي يشنها الموساد في ظل التنافس الدولي الشديد على شراء المستلزمات الطبية لمواجهة كورونا والارتفاع الهائل في أسعارها، إلا أن المصدر الطبي في المعهد البيولوجي المذكور يُقدّر لـ "عربي بوست" أن الحال في إسرائيل سيكون أسوأ عند حلول منتصف أبريل/نيسان المقبل، حيث ستتحول الأزمة لمنحى أكثر خطورة.

ووفق المصدر، تتسابق إسرائيل أيضاً مع الزمن وإلى جانب استقدام أجهزة التنفس الاصطناعي من دول العالم، تلجأ إلى التصنيع المحلي في غضون شهر إلى شهرين لنحو ألفي جهاز تنفس اصطناعي بطريقة بسيطة من أجل تغطية النقص.

 وبشأن الدواء، يقول الطبيب المذكور إن هناك دواءً جديداً يستخدم في علاج النقرس ويُدعي "كولشيسين" (Colchicine)، حيث أُجري حوله بحث في كندا، وتم اعتماده الآن في بلجيكا واليونان وحتى إسرائيل لعلاج الحالات الصعبة من المصابين بكورونا. مع العلم أن الطب العالمي يتحدث عن خمسة أدوية الآن يُمكن استخدامها في علاج المصابين بالفيروس.

صراع "الشاباك" ووزارة الصحة على إدارة ملف مكافحة كورونا في إسرائيل

وبينما يتولى جهاز "الموساد" المختص بالعمليات الخارجية الحملة شبه العسكرية لاستجلاب حاجات إسرائيل من اللوازم الطبية لمواجهة كورونا، يتولى جهاز المخابرات "الشاباك" إدارة الأزمة داخلياً، لدرجة أنه دخل على خط مهام وزارة الصحة، مستخدماً "تطبيقات أمنية دقيقة" في رصد المصابين بكورونا وهي نفسها التطبيقات التي كانت تستخدم في "الملاحقة الأمنية للفلسطينيين".

 وفي هذا السياق، يُفاخر "الشاباك" أنه بفضله وبفضل تطبيقاته الأمنية "الذكية" تم اكتشاف إصابة 500 إسرائيلي بكورونا.. وهو ما دفع متابعين للشأن الإسرائيلي إلى وصف ما يجري بـ "صراع" بين الشاباك ووزارة الصحة على إدارة الأزمة، مع العلم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية ومعه "الأمن" بدأوا إدارة الأزمة منذ يومين من خندق تحت الأرض في مدينة القدس المحتلة.

لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟ 

يوافق «عربي بوست» أحياناً على عدم التعريف بأسماء مصادر تقدم معلومات حساسة لقرائنا. وبموجب إرشادات الموقع التي تتعلق بمعرفة محرر واحد على الأقل هوية هذه المصادر وموافقة رئيس التحرير ورئيس القسم، نحن لا ننشر إلا المعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر وذات مصداقية، وأننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. نحن نتفهم حذر القراء، ولكن لا يمكن أبداً الحصول على المعلومات حول العديد من القصص المهمة في مجالات حساسة، مثل السياسة والأمن القومي والأعمال، إذا استبعدنا المصادر غير المعرّفة.

تحميل المزيد