تسببت سلوكات المتدينين اليهود في مخاوف من إمكانية أن تؤدي لتزايد عدوى كورونا في الولايات المتحدة وإسرائيل.
وذكر تقرير إسرائيلي أن "أزمة تفشي مرض كورونا في الولايات المتحدة دفعت بالبيت الأبيض إلى التدخل بصورة مفاجئة، لدى قيادات الطائفة الحريدية اليهودية، ممن رفضوا الانصياع لأوامر الإدارة الأمريكية التي طلبت منهم دخول منازلهم، وعدم التجول بالشوارع، أو الدوام في مؤسساتهم الدينية خشية انتقال العدوى".
وأضاف عاكيفا فايس، مراسل الشؤون الدينية في هيئة البث الإذاعي والتلفزيوني الإسرائيلي، في تقرير ترجمته "عربي بوست"، أن "مكتب نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس ومستشار الرئيس دونالد ترامب، آفي باركوفيتش، أجريا مباحثات ليلية مع زعماء الجمهور الديني اليهودي لمنعهم من التجول في الشوارع، وخارج بيوتهم والالتزام بالتعليمات التي أصدرتها الحكومة الأمريكية والوزارات ذات الصلة".
وأوضح أنه "في أعقاب هذه الاتصالات، تم إغلاق الكنس اليهودية والمؤسسات الدينية الخاصة بالحريديم، وطلب الحاخامات من مريديهم النشطاء الدينيين بعدم التجمع لأكثر من 10 أشخاص في المكان الواحد خشية انتقال عدوى".
إسرائيل تنوي إغلاق بلدة للمتدينين اليهود بسبب كورونا
على الصعيد الإسرائيلي، أعلن وزير الصحة الإسرائيلي الحاخام يعكوب ليتسمان أن "وزارته تدرس إغلاق مدينة كريات يعاريم، التي ستكون أول بلدة إسرائيلية تغلق، وهي بلدة حريدية يبلغ عدد سكانها ستة آلاف يهودي، فيما وافق وزير الداخلية الحاخام أرييه درعي على مساعدات بقيمة 113 ألف دولار لمجلس المدينة".
وفي وقت سابق، رفض الحريديم الالتزام بقرارات الوزارات الإسرائيلية ذات الصلة، التي طالبتهم بحملة تعليمات ذات طابع طبي وصحي، خشية من انتقال عدوى الكورونا، وبدلاً من ذلك، التزموا بتعليمات النظافة التي نُشرت في القرن التاسع عشر، فيما بقوا محافظين على التجمع في جمهور يزيد على 100 شخص، وغير مبالين بإرشادات وزارة الصحة، ولم يغيروا عاداتهم، ما دفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لإصدار قرارات حادة بإغلاق عدد من مؤسساتهم الدينية.
من هم الحريديم؟
يعتبر الحريديم جماعة من اليهود المتدينين، ويعتبرون كالأصوليين، حيث يطبقون الطقوس الدينية، ويعيشون حياتهم اليومية وفق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية، ويحاولون تطبيق التوراة في إسرائيل، واسم حريديم جمع لكلمة حريدي، وتعني التقي، ويرتدون أزياء يهود شرق أوروبا، وهي المعطف الطويل الأسود والقبعة السوداء، ويرسلون ذقونهم لصدورهم، وتتدلى على آذانهم خصلات من الشعر المقصوع، وأحياناً ترتدي النساء البرقع الذي يشبه النقاب إلى حدٍّ بعيد.
لا يتحدث الحريديم العبرية قدر استطاعتهم، باعتبارها لغة مقدَّسة، ويفضلون التحدث بلغة الإيديش، وتتميَّز عائلاتهم بزيادة عددها، فهم لا يحددون النسل، وأعدادهم تتزايد، ونسبتهم في إسرائيل تقترب من 10%، ويصل عدد ولاداتهم السنوية 35 ألفاً بما يشكل 25% من مجموع ولادات إسرائيل، ويتزوج فيها سنوياً خمسة آلاف زوج حريدي، ينجب أحدهم 7–9 ولادات، ينتج عنها زيادة كبيرة في أعدادهم.
يتبنى الحريديم التفاسير الأكثر غلواً في التراث الديني اليهودي، والتشدد في أداء العبادات والطقوس، بما يدفعهم للانعزال عن اليهود غير المتقيدين بحذافير التعاليم الدينية، واعتزالهم، لذلك يفترضون أن على غيرهم من اليهود الاحتذاء بهم، لأنهم يلتزمون بتعاليم الكتاب المقدس، وينتظرون مجيء المسيح اليهودي المنتظر ليخلصهم من متاعب الحياة، ويقيم لهم مملكة الرب على الأرض التي ستتحد مع مملكة السماء.
معظم الذكور في المجتمع الحريدي يبقون في المدارس الدينية حتى سن الأربعين، ولا يشاركون في القوى العاملة بالمجتمع الإسرائيلي، ما يفسّر عيشهم في ظروف سيئة، وفقر كبير، واعتمادهم على دعم الدولة، وبناء على الأفكار الحريدية يطلب من اليهودي الانسحاب من النشاطات العامة والتفرغ للدراسات الروحية، ويعتبرون الانخراط في الجيش وممارسة النشاطات الاقتصادية والرياضة والموسيقى والتلفاز خطيئة.
تفضل الأغلبية الساحقة من اليهود الحريديين عدم الخدمة في الجيش الإسرائيلي، ورغم أن إسرائيل توافق على إعفائهم من الخدمة العسكرية، فإن ذلك يثير الجدل في المجتمع الإسرائيلي، وفي النهاية تم إنشاء كتيبة في الجيش مخصصة للمتدينين الراغبين في الخدمة العسكرية، ويمثل الحريديم عدة أحزاب بناء على أصولهم الإثنية، فالأشكناز تمثلهم كتلة يهودات هتوراه، والشرقيون يمثلهم حزب شاس.