إذا وجدت أنَّ أسعار السيارات قد ارتفعت بعد عدة أشهر، فقد يكون السبب هو تأثير فيروس كورونا على صناعة السيارات العالمية، ولكن هناك ما قد يكون أسوأ، فقد يتوقف إنتاج العديد من السيارات إذا انتقلت العدوى لمصانع السيارات الأوروبية.
أصبحت صناعة السيارات الصينية هي الأكبر في العالم، ومن سوء الحظ فإن مدينة ووهان موطن فيروس كورونا تعد عاصمة السيارات الصينية.
والأسوأ أن المدينة تقع في منطقة مركزية، وهو ما يجعل المرض ينتشر إلى مناطق أخرى، توجد بها مصانع سيارات إضافية.
ما سبب المخاوف من تأثير فيروس كورونا على صناعة السيارات العالمية؟
يمكن أن يكون لتفشي فيروس كورونا، الذي أدى إلى إغلاق مقاطعة هوبي الصينية عن بقية العالم، تأثير كبير على صناعة السيارات العالمية، التي لها بصمة كبيرة في المنطقة بوسط الصين.
من المتوقع أن تنتج شركات صناعة السيارات في ووهان 1.6 مليون سيارة هذا العام، وهو ما يُسهم بنسبة 6% من إجمالي الإنتاج الصيني، وفقاً لبيانات IHS Markit، التي استشهد بها بنك كريدي سويس في مذكرة للمستثمرين، يوم الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني 2020.
المشكلة أن صناعة السيارات الصينية تعتمد بشكل كبير على المصانع التي أسّستها شركات عالمية في الصين، أو مصانع مشتركة بين شركات صينية وعالمية.
ويعني توقف مصانع السيارات في الصين تأثُّر كل الشركات العالمية بأي أزمة في السوق الأكبر في العالم، سواء عبر تراجع أرباحها أو اضطرارها، لتعويض نقص إنتاج مصانع الصين من مصانع أخرى، مما قد يرفع الأسعار.
وصدر قرار حكومي داخل الصين بإغلاق جزئي لمدينة ووهان، التي يبلغ عدد سكانها 11 مليون نسمة تقريباً، بالإضافة إلى إغلاق المطارات ومحطات السكك الحديدية أمام الركاب المغادرين، مع زيادة الخوف من تفشِّي المرض، كما تم تعليق جميع خدمات النقل العام في المدينة، وأغلقت بعض الطرق السريعة الرئيسية.
ما هي الشركات التي تصنع سيّاراتها في موطن الفيروس؟
تعد مدينة ووهان، التي تشهد الجزء الأكبر من الاضطرابات بعد استشراء الفيروس فيها، واحدةً من "مدن السيارات" في الصين، فهي موطن العديد من مصانع السيارات التي تزود السوق الصيني الذي يعد أكبر سوق للسيارات في العالم.
فالمدينة مقر شركة صناعة السيارات الصينية المملوكة للدولة Dongfeng Motor، التي واحدة من أكبر مجموعات السيارات في الصين.
وتمتلك شركات عالمية في صناعة السيارات مثل جنرال موتورز (GM)، ونيسان، ورينو، وهوندا ومجموعة PSA، مالك بيجو وسيتروين وأوبل، مصانع كبيرة في ووهان.
وتقوم جميع شركات صناعة السيارات الغربية بتشغيل المصانع من خلال مشاريع مشتركة مع شركات صناعة السيارات الصينية، بما في ذلك SAIC شريك GM وDongfeng Motor.
ويضم مصنع GM-SAIC في ووهان حوالي 6000 موظف، أي حوالي 10% من إجمالي القوى العاملة في GM في الصين.
وقد بدأت صناعة السيارات تعاني من فيروس كورونا بالفعل
لقد أدّى انتشار الفيروس إلى تعطيل صناعة السيارات في الصين، ودفع شركات السيارات الكبرى التي لديها عمليات هناك إلى تقييد السفر، ومطالبة الموظفين بالبقاء في منازلهم.
وأفاد موقع "سي إن إن" الأمريكي، أنَّ شركات صناعة السيارات العالمية وشركات السلع الفاخرة أصابها اضطراب كبير في أعمالها في الصين، بسبب التأثير الناجم عن انتشار فيروس قاتل، قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد القائم بالفعل.
وستُعيد مجموعة PSA الفرنسية، الصانعة لسيارات بيجو وسيترون وأوبل 38 شخصاً في منطقة ووهان، وفقاً لما ذكره مدير الاتصالات في PSA Bertrand Blaise، وتساعد السلطات الصينية والقنصلية الفرنسية العامة الشركة في هذه الجهود.
وقالت هوندا إن حوالي 30 من الموظفين اليابانيين والأسر التي تعيش في ووهان سيعودون إلى ديارهم، على متن طائرة مستأجرة من قبل الحكومة اليابانية، ومن المقرر أن تهبط في اليابان في وقت مبكر يوم الأربعاء.
وأضافت الشركة يوم الثلاثاء، إنها غير متأكدة من إعادة فتح مصانع السيارات المشتركة الثلاثة في ووهان، في ضوء تفشي الوباء، وأجّلت إعادة فتح مصنعي دراجات نارية خارج منطقة ووهان.
وتمتلك مصانع ووهان الثلاثة التابعة لهوندا، التي تصنع طرزاً مثل سيارة CR-V الرياضية متعددة الاستخدامات، وسيارة Civic السيدان، القدرةَ على تصنيع 600 ألف سيارة سنوياً، أي ما يقرب من نصف إجمالي طاقة هوندا في الصين.
وقالت شركة نيسان موتور، إن لديها بعض الموظفين اليابانيين وعائلاتهم يشاركون في عملية الإخلاء التي تجريها.
وقالت "جنرال موتورز"، التي تدير مصنع سيارات في ووهان مع شريكها المحلي "سايك"، إن المصنع أصبح متوقفاً عن العمل منذ 24 يناير/كانون الثاني، لقضاء عطلة رأس السنة، ومن المقرر مبدئياً أن يعود العمال يوم الإثنين.
وينتج المصنع أربعة طرازات للسوق الصيني، تُسهم بحوالي 19% من إجمالي إنتاج جنرال موتورز في الصين، وفقاً لكريدي سويس.
وحثت Volkswagen الألمانية، التي تعد أكبر شركة لصناعة السيارات الأجنبية في الصين، وتنتج حوالي أربعة ملايين سيارة سنوياً هناك، موظفيها، على الامتناع عن أي سفر غير أساسي إلى الصين.
كما حثت حوالي 3500 موظف في بكين على العمل من المنزل لمدة أسبوعين بعد رأس السنة القمرية الجديدة، حيث يستمر فيروس كورونا في الانتشار.
وأوقف فرع الشركة في الصين السفر التجاري الدولي والمحلي حتى إشعار آخر.
وقالت شركة فورد موتورز الصينية، التابعة لشركة فورد موتورز الأمريكية، التي تمتلك مصانع في مقاطعة تشونغتشينغ المجاورة لووهان، إنها ستمدد فترة العطلة في مصانعها للاحتفال بالعام القمري الجديد خلال عطلة نهاية الأسبوع المقبلة، وتقوم بمراجعة ما إذا كان سيتم تأجيل العمليات التجارية العادية إلى 10 فبراير/شباط.
الخوف الأكبر يتحقق.. انتقال المرض من المصانع الصينية إلى الأوروبية
كانت صناعة السيارات الأوروبية، التي تبني ملايين السيارات في الصين، ولديها عشرات المصانع وعشرات الآلاف من الموظفين هناك، في حالة تأهب قصوى، خوفاً من انتقال المرض عبر هذه المصانع.
وبالفعل سُجلت أولى الحالات الأوروبية لعدوى فيروس كورونا في ألمانيا هذا الأسبوع، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Wall Street Journal الأمريكية.
إذ أكد مورد سيارات ألماني على الأقل، يوم الثلاثاء، أن اثنين من الموظفين قد أصيبا بعد رحلاتهما إلى الصين.