كيف يمكن أن تردّ إيران على الضربات الأمريكية في العراق، ولماذا غيَّر ترامب استراتيجيته؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/12/30 الساعة 15:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/12/30 الساعة 20:44 بتوقيت غرينتش
وزير الدفاع إسبر والخارجية بومبيو

تفتح الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت مواقع ميليشيات حزب الله العراقية، والمدعومة من إيران، الباب على سيناريوهات كانت تبدو غير مطروحة، فما الذي غيّر موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الحل العسكري ضد إيران؟ وكيف يمكن أن تردّ الميليشيات التابعة لها في العراق، وما هو موقف الحكومة العراقية نفسها من تصعيد كهذا؟

ماذا حدث؟

نفَّذ الجيش الأمريكي ضرباتٍ جوية مساء أمس الأحد، 29 ديسمبر/كانون الأول، استهدفت مواقع لجماعة كتائب حزب الله المسلحة، في مدينة القائم العراقية، وأيضاً في سوريا، وذكرت مصادر أمنية عراقية وأخرى من حزب الله العراقي، أن ما لا يقل عن 25 مقاتلاً لقوا حتفهم، وأصيب ما لا يقل عن 55 آخرين في ثلاث ضربات جوية أمريكية في العراق.

لماذا قامت أمريكا بتلك الضربات؟

مسؤولون أمريكيون قالوا إن الجيش شنَّ الغارات الجوية رداً على مقتل متعاقد مدني أمريكي في هجوم صاروخي على قاعدة عسكرية عراقية قبل يومين.

لكن الهجوم الصاروخي المشار إليه هنا لم يكن الأول من نوعه، حيث سبقه 11 هجوماً مشابهاً، نفذتها نفس الميليشيات على مدار الشهرين الماضيين، استهدف بعضها قواعد عسكرية أمريكية في العراق، وقواعد أخرى يوجد فيها عسكريون أمريكيون.

لماذا الآن إذن؟

توقيت توجيه الضربات الأمريكية مرتبط بعدد من العوامل، أغلبها إن لم تكن جميعها تتعلق بعام الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والموقف المعقد الذي يجد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه فيه. المعطى الأول هنا هو الموقف الاستراتيجي الذي يتبناه ترامب في المواجهة مع إيران، وهو عدم اللجوء إلى التصعيد العسكري، وهو ما تمسك به حتى عندما أسقطت إيران طائرة استطلاع أمريكية، وتم اتخاذ قرار توجيه ضربة لإيران قام ترامب بوقفها في اللحظة الأخيرة.

الموقف الآخر كان في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، عندما تعرّضت منشآت أرامكو النفطية السعودية لهجوم مدمّر، قالت واشنطن والسعودية والقوى الأوروبية إن إيران تقف وراءه، ورغم ذلك لم يقدم ترامب على الرد عسكرياً على إيران.

لكن في مطلع ديسمبر/كانون الأول الجاري، ومع استغلال إيران للاحتجاجات في العراق كي تقوي من موقف الميليشيات التابعة لها عسكرياً، وتزويدها بصواريخ وطائرات مسيرة، ضغط قادة البنتاغون على ترامب كي يسمح باتخاذ موقف أكثر صرامة، وبالتحديد رد عسكري قبل أن تتمادى إيران وتهاجم القوات الأمريكية فتسقط قتلى، وعندها سيتأزم موقف ترامب داخلياً، وحتى لو صعد عسكرياً وقتها سيكون الضرر قد وقع بالفعل.

الصورة من البنتاجون / رويترز

لذلك كان هناك تفكير في إرسال المزيد من الجنود لمنطقة الشرق الأوسط، كرسالة تحذير جديدة لإيران، خصوصاً مع تصاعُد الاحتجاجات في العراق، التي يوجد بها نحو 5 آلاف عسكري أمريكي.

في هذا السياق جاءت ضربات الأمس، التي جاء الإعلان عنها من جانب المسؤولين الأمريكيين، سواء وزير الدفاع إسبر، أو الخارجية بومبيو، مقروناً بالتأكيد أنها ليست حالة استثنائية، وأنها قد تتبعها ضربات أخرى أو حتى إجراءات عسكرية أكثر قسوة، وهي رسالة واضحة لإيران، كي تفكر قبل أن تقدم على التصعيد.

كيف يمكن أن ترد الميليشيات في العراق أو إيران؟

القيادي جمال جعفر إبراهيمي، المعروف بالاسم الحركي أبومهدي المهندس، أكد لرويترز في وقت متأخر من مساء الأحد، أن "دماء الشهداء لن تذهب سدى، وردنا سيكون قاسياً جداً على القوات الأمريكية في العراق".

المهندس قيادي كبير في قوات الحشد الشعبي العراقية، التي تنضوي تحت لوائها جماعات شبه عسكرية، تتألف في معظمها من فصائل شيعية تحظى بدعم إيراني، وتم دمجها رسمياً في القوات المسلحة العراقية، وهو أيضاً واحد من أقوى حلفاء إيران في العراق، وسبق أن كان رئيساً لكتائب حزب الله التي أسسها.

إيران أيضاً وصفت الضربات بأنها "إرهاب"، وندّد بها حزب الله اللبناني، واعتبرها "اعتداء سافراً على سيادة العراق وسلامة أراضيه".

مصادر أمنية عراقية قالت، اليوم الإثنين، إن القوات الأمريكية في محافظة نينوى بشمالي العراق عززت إجراءات الأمن خلال الليل، حيث حلقت مقاتلات للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في محيط قواعدها العسكرية بالموصل والقيارة.

لكن تظل سيناريوهات الرد العسكري من جانب الميليشيات محدودة، فأي تصعيد بشكل مباشر لن يكون في صالح تلك الميليشيات من الناحية العسكرية، بعيداً عن التصريحات النارية، لكن ذلك لا يعني استحالة قيام تلك الميليشيات بهجمات صاروخية ضد القواعد والقوات الأمريكية.

أما إيران فتمتلك خيارات متعددة، من خلال حلفائها في المنطقة، سواء من حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن، وليس مستبعداً أن تعيد استهداف مصالح حلفاء واشنطن مثل السعودية أو إسرائيل، وإن كانت معطيات الأزمة الإيرانية-الأمريكية التي احتدمت بانسحاب ترامب من الاتفاق النووي تشير في اتجاه عدم التصعيد العسكري، فيما أصبح يعرف الآن باسم "الحرب التي لا يريدها أحد".

تحميل المزيد