ما السر وراء موقف إثيوبيا المتشدد في سد النهضة؟ فتِّش عن إعلان المبادئ وإسرائيل

عربي بوست
تم النشر: 2019/10/09 الساعة 11:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/01 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قلق من التقارب الإماراتي الإسرائيلي - رويترز

وصلت الأمور لطريق مسدود، وخيَّم شبح العطش بالفعل على "هبة النيل"، مع قوة الموقف الإثيوبي، في مقابل الضعف وقلة الحيلة للجانب المصري فيما يتعلق بسد النهضة، فما الذي أوصل الموقف المصري لتلك الدرجة من الضعف وانعدام أوراق الضغط، وما هو دور إسرائيل في تقوية إثيوبيا؟

ماذا فعلت إسرائيل؟

بعد أن وصلت الأمور لطريق مسدود، ربط سياسيون ومختصون مصريون بين التصعيد المصري الأخير ضد إثيوبيا وبين زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إلى إسرائيل، مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات في موضوعات المياه والأمن والاستثمارات الزراعية.

وما يزيد الشك حول الدور الإسرائيلي هو أنه كان هناك اجتماع سداسي لوزراء الخارجية والري في مصر والسودان وإثيوبيا منتصف أغسطس/آب الماضي، لكن إثيوبيا طلبت فجأة تأجيله لينعقد منتصف أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقام آبي أحمد بزيارته إلى تل أبيب مطلع سبتمبر/أيلول.

آبي أحمد ونتنياهو / أرشيفية

لكن زيارة آبي أحمد لتل أبيب، حيث التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووقعا اتفاقيات في مجال التعاون المائي والاستثمارات الزراعية، كانت قد سبقها تطور لافت تم الإعلان عنه في تقارير عسكرية إسرائيلية في يوليو/تموز الماضي (أي قبل الزيارة وطلب تأجيل الاجتماع السداسي).

كشفت تلك التقارير أن إسرائيل زوّدت إثيوبيا بمنظومة صواريخ متطورة، تم نشرها لحماية سد النهضة من أي هجوم يستهدفه، وهي التقارير التي لم تعلق عليها مصر أو تل أبيب بشكل رسمي، ومن المهم هنا معرفة لماذا تلك المنظومة الإسرائيلية بالتحديد ولماذا أقدمت أديس أبابا على تلك الخطوة من الأساس.

أنظمة الدفاع الجوي المشار إليها هنا هي من طراز سبايدر وتستخدم صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، قادرة على إطلاق نوعين من الصواريخ في وقت واحد للتصدي لنوعين مختلفين من الهجمات (صواريخ وطائرات على سبيل المثال)، كما أن منظومة الصواريخ الإسرائيلية تعمل بنظام تتبع مصادر الحرارة وقادرة على التصدي لجميع أنواع التهديدات الجوية.

تلك المنظومة تستخدمها الهند في كشمير منذ خمسة أشهر وقد أثبتت كفاءة عالية، بحسب التقارير العسكرية الهندية وهو ما دفع أديس أبابا لطلب التزود بها من تل أبيب وهو ما رحبت به إسرائيل، وتم بالفعل تركيبها في مايو/أيار الماضي أي قبل شهرين من الكشف عنها.

توقيت هذا التطور وقيام إثيوبيا باتخاذ خطوة استباقية كهذه في وقت لم تكن فيه تقارير عن تعثر في المفاوضات أو وصولها لنقطة مقلقة، على الأقل من الجانب المصري، وتزامن الإعلان عنها مع صدور تقرير لمجموعة الأزمات الدولية يحذر من مخاطر اندلاع أول حرب بسبب المياه في العالم بين مصر وإثيوبيا، ربما لا يكون من قبيل الصدفة.

كان الجانب المصري قد قلَّل من أهمية قيام إسرائيل بتزويد إثيوبيا بالنظام الصاروخي المتطور، على أساس أن تل أبيب لن تخاطر بإفساد علاقاتها المتينة مع مصر منذ وصول السيسي للحكم، مقابل كسب أموال من بيع النظام الصاروخي، لكن تطوّر الأحداث ووصول الأمور لنقطة الصدام أظهر أن الدور الإسرائيلي ربما يكون أكبر بكثير مما تصورته القاهرة.

المحلل السياسي عبدالمنعم حلاوة، قال لصحيفة عرب ويكلي باللغة الإنجليزية: "تعمل إسرائيل بدأب على تقوية علاقاتها مع الدول الإفريقية، وخصوصاً إثيوبيا، والمؤكد أن تل أبيب تملأ أي فراغ تخلّفه مصر، خصوصاً في القارة السمراء، التي كانت تعتبر على مدى عقود امتداداً طبيعياً لمصر"، وأضاف حلاوة أنّ العلاقات بين إسرائيل وإثيوبيا مقلقة لمصر"صحيح أن هناك تعاوناً وثيقاً بين مصر وإسرائيل الآن، لكن في النهاية إسرائيل تعمل لمصلحتها فقط".

كارثة إعلان المبادئ

يوم السبت 14 سبتمبر/أيلول الماضي، فوجئ المصريون بإلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي اللوم على ثورة يناير/كانون الثاني 2011، في موضوع سد النهضة، عندما قال إن إثيوبيا استغلّت الظروف السياسية في مصر وقتها، وأقدمت على الشروع في بناء السد، وربما كانت تلك هي المرة الأولى التي يلمح فيها السيسي إلى أن سد النهضة أصبح أمراً واقعاً، وأن مصر ستتضرر منه.

لكن بالعودة إلى الاتفاقية الوحيدة التي تم توقيعها بين مصر والسودان وإثيوبيا بخصوص سد النهضة، وذلك يوم 23 مارس/آذار 2015، يتضح أن الموقف مغاير تماماً لما أعلنه الرئيس، وأن ثورة يناير بريئة من الموقف الذي وصلت إليه الأمور.

السيسي مع آبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا/رويترز

الدكتور أحمد المفتي، العضو المستقيل من اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، خبير القانون الدولي، قال بعد أيام من توقيع اتفاق المبادئ الذي وقَّعه السيسي وعمر البشير وهيلاماريام ديسالين (رئيس وزراء إثيوبيا وقتها)، أدى "لتقنين أوضاع سد النهضة، وحوّله من سد غير مشروع دولياً إلى مشروع قانونياً".

وأضاف المفتي، المستشار القانوني السابق لوزير الري في حوار لـ "المصري اليوم"، أن الاتفاق ساهم في تقوية الموقف الإثيوبي في المفاوضات الثلاثية، ولا يعطي مصر والسودان نقطة مياه واحدة، وأضعف الاتفاقيات التاريخية، موضحاً أنه تمت إعادة صياغة اتفاق المبادئ بما يحقق المصالح الإثيوبية فقط، وحذف الأمن المائي، ما يعني ضعفاً قانونياً للمفاوض المصري والسوداني.

وتابع المفتي: "المشروع الإثيوبي كشف عن تقصيرٍ مصري سوداني 100%، لأن البلدين تجاهَلَا أن أساس أي مشروع مائي على الأنهار الدولية المشتركة، يعتمد على المدخل القانوني، وتقدير الوزن القانوني قبل الشروع في تنفيذ المشروع".


تحميل المزيد