لماذا تخشى أمريكا امتلاك تركيا إس 400؟.. كل ما تريد معرفته عن الصاروخ الأقوى في العالم

عربي بوست
تم النشر: 2019/04/05 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/20 الساعة 12:47 بتوقيت غرينتش
صورة تعبيرية لنظومة صواريخ / رويترز

تواصلت فصول مسلسل الخلاف التركي-الأمريكي-الروسي إس-400، وكانت آخر حلقاته تحذيرات نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الأربعاء  3 أبريل/نيسان 2019، أنقرة من شراء منظومة الدفاع الروسية التي تعتبرها واشنطن خطراً على عتادها العسكري، وجاء الرد التركي مصمماً على المضي قدماً في الصفق

فما هي منظومة صواريخ الإس-400، وما الخطر الذي تمثله على القدرات العسكرية لواشنطن؟ وما هي الخيارات المتاحة أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد إصراره على إتمام الصفقة؟ وما هي دوافع روسيا وراء بيع الإس-400 لتركيا ولو بنصف الثمن؟ وهل هناك بديل أمريكي للنظام الدفاعي الصاروخي؟ الأسئلة كثيرة ومتشعبة والقلق يتصاعد من تحول مسلسل الأكشن إلى فيلم رعب حقيقي، إليكم القصة الكاملة.

ما هي أنظمة إس- 400؟

نظام إس-400 الدفاعي ضد الطائرات هو نظام صاروخي روسي يعتبر واحداً من أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي الأرض- جو تعقيداً وتقدماً في العالم.
يصل مداه لـ 400 كيلومتر ويمكن لبطارية صواريخ واحدة منه أن تتصدى لعدد من الأهداف يصل لـ80 في وقت واحد.
وتقول روسيا إن بإمكان نظام إس-400 إصابة أهداف طائرة تتراوح بين طائرات بدون طيار على ارتفاعات منخفضة إلى الطائرات الحربية التي تطير على ارتفاعات شاهقة، إضافة للتصدي للصواريخ طويلة المدى.


(رسم توضيحي للإس-400: المصدر: بي بي سي)

تتولى أجهزة التتبع بالرادار طويل المدى رصدَ الهدف وإرسال المعلومات إلى شاحنة القيادة التي تتولى تقييم الأهداف المحتملة.

ما إن يتم التعرف على الهدف وتحديده تصدر شاحنة القيادة الأوامر بإطلاق الصواريخ.

يتم تحويل قرار الإطلاق للشاحنة الموجودة في أفضل موقع لإصابة الهدف فينطلق منها صواريخ أرض-جو.

يتولى رادار الاشتباك مهمة توجيه الصواريخ نحو أهدافها بدقة.

(نظام إس-400 في تجربة عملية)

ما الخطر الذي يمثله عسكرياً على واشنطن؟

واشنطن تعتقد أن الإس-400 يهدد أمن مقاتلاتها من طراز إف-35 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن، حيث أن روسيا ستتمكن حال تمت الصفقة من فهم تقنية عمل الطائرات المقاتلة في حلف الناتو، بما فيها إف-35 الأمريكية، ومن ثم تصبح الأنظمة الدفاعية الروسية فعّالة أمام المقاتلات الخاصة بدول الحلف.

هذا القلق العسكري الكبير الذي تشعر به واشنطن من هذه الصفقة عبر عنه جيمس جيفري، الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، والسفير الأمريكي السابق في تركيا، الذي قال إن هناك "مخاوف حقيقية من إمكانية قيام روسيا باستخدام هذا النظام لجمع معلومات استخبارية عن طائرات (إف 35)، التي يقودها الطيارون الأمريكيون والأتراك".

وفي هذا السياق، تأتي تحذيرات واشنطن وتهديداتها لتركيا بفرض عقوبات واستبعاد أنقرة من برنامج المقاتلات إف-35، وبالفعل أوقفت الولايات المتحدة هذا الأسبوع تسليم عتاد متعلق بالمقاتلة إف-35 الشبح إلى تركيا.

لماذا الإصرار التركي؟

أردوغان، من جانبه، لم يبدِ أي استعداد للتراجع عن الصفقة، معتبراً ذلك "غير أخلاقي"، لكنه في الوقت ذاته أبدى استعداد بلاده للدخول في مفاوضات لشراء النظام الدفاعي الصاروخي باتريوت (وهو المقابل الأمريكي للإس-400) ولكن بسعر معقول.

يمكن في هذا السياق أن نرصد عدداً من الأسباب وراء التمسك التركي بإتمام الصفقة، أهمها رغبة تركيا في التحرر من الضغوط الأمريكية في مجال التسليح الاستراتيجي، كما أن الثقة التركية في الولايات المتحدة تراجعت بشكل كبير منذ محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا عام 2016، والتي ترى أنقرة يداً للمخابرات الأمريكية فيها.

إضافة إلى ذلك هناك أيضاً إطار المناورات السياسية التي تمارسها القيادة التركية في الوقت الذي تحاول فيه أن تمتلك أوراق ضغط أخرى يمكن ممارستها ضد الإدارة الأمريكية، خاصة في الملف السوري الذي تدعم فيه واشنطن فصيلاً كردياً مسلحاً تعتبره تركيا منظمة إرهابية، وتغضب كثيراً بشأن الدعم الأمريكي له.

أيضاً من الأسباب التركية الخاصة لإبرام هذه الصفقة هو الحصول على تكنولوجيا التصنيع لهذه المنظومة والتي عانت تركيا كثيراً حتى حصلت على موافقة روسيا على معرفة عمل تقنية هذه المنظومة، ما يتيح لتركيا مستقبلاً تصنيع هذه المنظومة محلياً أو على الأقل المشاركة في تصنيعها مع روسيا.

آخر تعبير عن الإصرار التركي جاء على لسان فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي الذي رد على تصريحات بنس عبر تويتر قائلاً: "على الولايات المتحدة أن تختار. هل تريد أن تظل حليفاً لتركيا أم أنها تريد أن تهدد صداقتنا بالتحالف مع إرهابيين لتقويض دفاع حليفتها في حلف شمال الأطلسي في مواجهة أعدائها؟".

ما هي الخيارات المتاحة أمام أردوغان؟

(الرئيس التركي رجب طيب إردوغان – رويترز)


حتى نقف على حقيقة الخيارات المتاحة عملياً أمام القيادة التركية، علينا أن نرجع قليلاً للوراء لنرصد كيف وصلت الأمور لهذه النقطة من الخيارات المريرة.

تركيا كانت تسعى طوال الوقت للحصول على تقنيات الدفاعات الجوية ولجأت لكل الطرق كي تقنع واشنطن وحلف الناتو بهذا الأمر، لكن دون جدوى حيث أن الشركات الغربية مترددة خوفاً من منافسة الشركات التركية التي تمتلك القدرة على التصنيع والتصدير أي أنها ستمثل منافساً لتلك الشركات.

وكانت آخر المحاولات التركية في هذا الشأن هو التهديد بشراء أنظمة الدفاع الجوي الصينية، فانتهزت روسيا الفرصة ودخلت على الخط وقدمت شروطاً ميسرة ومغرية للغاية لأنقرة تتعلق بالسعر وأيضاً إمكانية المشاركة في الإنتاج لاحقاً وبالتالي تم توقيع العقد في ديسمبر الماضي بقيمة 2.5 مليار دولار، بحسب تقرير نشره موقع ديفينسنيوز.

"لكن موسكو تشك أن سعي أنقرة وراء أنظمة إس-400 ما هو إلا محاولة للضغط على واشنطن للوصول إلى صفقة أفضل، وبالتالي ربما يتراجع أردوغان في آخر لحظة،" بحسب مايكل كوفمان خبير عسكري روسي يعمل في مؤسسة سي.إن إيه لأبحاث الدفاع في فيرجينيا بأميركا، مضيفاً أن موسكو سارعت بتقديم الجدول الزمني لدفع المقدم وتسليم الإس-400، مما يعني أن أنقرة ستخسر ما دفعته لو تراجعت عن الصفقة.

النتيجة إذن، بحسب كوفمان، أنه ليس أمام تركيا إلا إتمام صفقة الـ2.5 مليار دولار والحصول على الإس-400 أو الانسحاب في آخر لحظة وخسارة مبلغ ضخم تم سداده كعربون للصفقة. وعلى الناحية الأخرى، لو نفذت واشنطن تهديداتها بإلغاء صفقة طائرات الإف-35 كما هدد الكونغرس، فهذا يعني خسارة تركيا مليار دولار تقريباً ساهمت بها في إنتاج الطائرات الأمريكية.

في ضوء ما سبق نجد أن القيادة التركية أمامها قرار صعب عليها أن تتخذه، فإما إتمام الصفقة وبالتالي تدمير العلاقات مع واشنطن تماماً، كما يعتقد الباحث، سونر چاغاپتاي في "باير فاميلي" ومدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن، أو التراجع في اللحظة الأخيرة وهو الخيار الذي لن يكون سهلاً بالمرة خصوصاً على أردوغان.

جاغايتاي يرى في دراسة له ترجمها معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن إقدام أنقرة على شراء منظومة "إس 400" قد يتسبب في تدمير العلاقات الثنائية الأمريكية – التركية.

وقال چاغاپتاي إن واشنطن من شبه المؤكد سوف تفرض عقوبات على أنقرة في حال مضت تركيا قدماً في تنفيذ قرارها، وسوف يتعرض البيت الأبيض لضغوط شديدة لفرض عقوبات صارمة على أنقرة. علاوةً على ذلك، قد يفرض الكونغرس عقوباته الخاصة على تركيا.

هل يلعب حلف الناتو دوراً في الوصول لحل وسط؟

اجتماع يضم وزراء خارجية حلف الناتو/ رويترز

يقول چاغاپتاي أنه لا يعتقد أن يشكل الناتو جبهة موحدة رداً على شراء تركيا لمنظومة "إس 400"، مشيراً إلى أن الأسرة الأوروبية الأوسع نطاقاً ضمن حلف "الناتو" ليست متحالفة تماماً مع الولايات المتحدة في الوقت الراهن بسبب التفاعل والتداخل بين سياسة واشنطن والديناميكيات عبر المحيط الأطلسي. وبالتالي لن تدعم كافة الدول الأوروبية الأعضاء في حلف "الناتو" واشنطن في تصدّيها لقرار تركيا بشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية.

وفي هذا الصدد، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن تركيا اقترحت على الولايات المتحدة تشكيل مجموعة عمل لتحديد إن كانت إس-400 تشكل خطراً على العتاد العسكري للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي.

وقال أوغلو الموجود حالياً في الولايات المتحدة: "لن يتم دمج (المنظومة) في نظام حلف الأطلسي.. ومن ثم نقترح على الولايات المتحدة تشكيل مجموعة عمل فنية للتأكد من أن المنظومة لن تكون خطراً على طائرات إف-35 (الأمريكية) أو أنظمة الحلف".

من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، في مقابلة أجرتها معه رويترز، إنه تحدث عدة مرات مع أردوغان بشأن قضية إس-400 كما بحث الأمر في اجتماع مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء، ويزور ستولتنبرغ واشنطن بمناسبة الذكرى السبعين لتأسيس الحلف والاجتماع مع وزراء خارجية الدول الأعضاء.

وعندما سئل عن اقتراح تركيا بشأن تشكيل مجموعة عمل، قال ستولتنبرغ إن قضية منظومة إس-400 جرى بحثها مرات كثيرة خلال اجتماعات مختلفة على المستوى الوزاري لحلف شمال الأطلسي. ورغم أن المسألة ليست مدرجة رسمياً على جدول الأعمال في واشنطن فقد توقع أن يتم التطرق إليها.

وقال: "أتوقع مناقشة مسألة منظمة إس-400 مجدداً على هامش اجتماع وزراء خارجية الحلف هنا في واشنطن. القضية ليست على جدول الأعمال الرسمي لكنها على هامش الاجتماعات عندما يجتمع الوزراء للنظر فيما إذا كان هناك سبيل للتوصل إلى حل وسط."

تحميل المزيد