لم يرفع الراية البيضاء بل فرض الطوارئ، فهل سيتمكن ترامب أخيراً من بناء الجدار؟

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/16 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/30 الساعة 17:59 بتوقيت غرينتش
ترامب يمكنه أخيراً بناء الجدار

نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديده، ووقع على مرسوم حالة الطوارئ الوطنية في الولايات المتحدة، لتأمين تمويلٍ قدره 8 مليارات دولار، لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك، في خطوة من المتوقع أن تُدخله في مواجهة مع الديمقراطيين، الذين يصفون مساعيه بأنها محاولة غير دستورية لتمويل بناء جدار حدودي دون موافقة الكونغرس.

وسيسمح إعلان حالة الطوارئ لترامب باستقطاع تمويل خصّصه النواب لأغراض أخرى، لبناء الجدار، لكن بشرط ألا تتدخل أية محاكم أو الكونغرس لمنعه من هذا الإعلان، ويأتي قرار ترامب بعد أسابيع من الاتفاق بين الرئيس الأمريكي والديمقراطيين على رفع مؤقت للإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ البلاد.

وفيما يلي أسئلة رئيسية طرحتها صحيفة Guardian البريطانية وأجابت عنها تشرح معنى ذلك الإجراء الذي يخول الرئيس الاستفادة من أموال حكومية ضخمة رغم سلطة تخصيص الأموال العامة التي يمنحها الدستور للكونغرس ذي الأغلبية الديمقراطية المعارضة لترامب.

ما هي الطوارئ الوطنية؟

يمكن للرئيس أن يعلن حالة الطوارئ الوطنية بموجب قانون الطوارئ الوطني لعام 1976، الذي صدر في أعقاب فضيحة ووترغيت في محاولة للحد من صلاحيات السلطة التنفيذية وليس توسيعها. ولا يحدد القانون الدوافع التي تتطلب فرض "حالة الطوارئ الوطنية"، لكنَّه يفرض على البيت الأبيض طرح مسوغات قانونية لأي إعلان لحالة الطوارئ، ويتطلب مراجعة الكونغرس كل ستة أشهر.

جدير بالذكر أن الرؤساء السابقين أعلنوا حالة الطوارئ الوطنية 59 مرة منذ دخول القانون حيز التنفيذ، وفقاً لمركز برينان للعدالة.

تحكم قوانين منفصلة مختلف السلطات الممنوحة للرئيس بموجب حالة الطوارئ، من نشر القوات داخل الولايات المتحدة إلى تقييد الاتصالات الإلكترونية. ويقال إنَّ ترامب يريد تفعيل الطوارئ التي يكون الجيش بموجبها معنياً ببناء الجدار بموجب قانون يعود لحقبة الثمانينيات من القرن العشرين يمنح صراحة وزارة الدفاع هذه السلطة في حالة وجود حالة طوارئ وطنية أعلنها الرئيس "تتطلب استخدام القوات المسلحة".

هل تشكل حالة الطوارئ مشكلة كبيرة؟

يسير التحليل في كلا الاتجاهين حول هذا السؤال. ويقول بعض الخبراء القانونيين إن إعلان الطوارئ يدق ناقوس الخطر لأنه يمثل انتزاعاً قوياً للسلطة أقدم عليه الرئيس حول قضايا التمويل. ويمنح الدستور سلطة الإنفاق بشكل فريد للكونغرس. وفي هذه الحالة، رفض الكونغرس تمويل جدار ترامب الحدودي، ويبدو الآن أن ترامب يحاول استغلال سلطة الاعتمادات.

 ربما لا

يتخذ العديد من المحللين القانونيين موقفاً أكثر تفاؤلاً بشأن إعلان الطوارئ. ويشيرون إلى أن أي إعلان مبنيّ على أرضية قانونية غير راسخة من المرجح أن ينهار في المحكمة. ويشيرون إلى أن رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي تملك سلطة إجبار مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون على التصويت على قرار يلغي الإعلان. إذا فشل ذلك، فإنه يمكن أن يكبّد الجمهوريين تكلفة سياسية كبيرة.

وأخيراً، تشير الأصوات التي تنصح بالتهدئة في مواجهة إعلان الطوارئ إلى أنه كان هناك 59 إعلاناً لحالة الطوارئ الوطنية للرؤساء السابقين منذ صدور قانون الطوارئ الوطنية عام 1976. فقد تبين أن الرؤساء أعلنوا حالات الطوارئ الوطنية بشكل منتظم. ووصف أحدث إعلان لحالة الطوارئ الوطنية، في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، بأنه جمَّد "أرصدة وممتلكات بعض المسؤولين في نيكارغوا بسبب مساهتمهم في انتهاكات حقوق الإنسان في بلادهم".

هل تستطيع "حالة الطوارئ" منح ترامب الجدار الذي يريده؟

من الناحية النظرية يمكن ذلك. بعد إعلان حالة الطوارئ الوطنية، يجري تفويض المسؤولين العسكريين لتحويل التمويل والموارد "الضرورية للدفاع الوطني" بما في ذلك "استخدام القوات المسلحة".

لذلك، بوسع ترامب أن يأمر الجيش بتحريك الأموال والقوات من أجل معالجة حالة الطوارئ -في هذه الحالة كما يتصور ترامب- المتمثلة في بناء الجدار.

لكن العديد من المحللين يعتقدون أن إعلان الطوارئ لن يُمكّنه من بناء الجدار، بسبب التحديات المتوقعة المذكورة أعلاه في المحاكم والكونغرس. أو قد يفشل ذلك بسبب غضب شعبي أو ربما إلى انهيار في الامتثال للأوامر في مكان ما في التسلسل القيادي، إما من جهة المسؤولين العسكريين أو فريق ترامب القانوني الخاص.

ما هي الآثار السياسية؟

أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة CNN الإخبارية الأمريكية في الفترة من 30 يناير/كانون الثاني إلى 2 فبراير/شباط أن أغلبية كبيرة من الأمريكيين عارضت فكرة إعلان ترامب حالة الطوارئ الوطنية لبناء الجدار. رداً على سؤال: "هل ينبغي أن يعلن ترامب حالة الطوارئ لبناء الجدار؟"، قال 31٪ نعم، بينما قال 66٪ لا.

يبدو أن إعلان حالة الطوارئ الوطنية على وجه الخصوص يشكل مخاطر سياسية على الجمهوريين في الكونغرس. فإذا أجبروا على التصويت لدعم الرئيس، فإنهم يواجهون خطر التقيد بسياسة يحتمل أن تكون غير شعبية، ما يعرّضهم لتآكل شعبيتهم مخلصين للدستور الأمريكي، الذي كانت صلاحيات الرئاسة به تعتبر مقدسة بين الجمهوريين خلال سنوات باراك أوباما في الرئاسة.

لكن عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل يقرر أن المخاطر السياسية لحالة الطوارئ الوطنية قد تكون أقل سوءاً من الإغلاق الحكومي الثاني الذي يهدد ترامب به في 2019، والذي يرى الكثيرين أنه سيكون كارثة سياسية.

تحميل المزيد