في أعقاب العدوان المزعوم من إيران في الخليج العربي، أصدر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو خطة جديدة هذا الأسبوع، أطلق عليها اسم Sentinel (الحارس)، لتجنيد شركاء الولايات المتحدة للمساعدة في تعزيز أمن السفن التي تعبر مضيق هرمز وغيره من النقاط الحرجة، بحسب مجلة Foreign Policy الأمريكية.
وتثير المبادرة الجديدة أيضاً خطر أن يُجر الجيش الأمريكي إلى الصراع إذا انخرطت دول الخليج في أعمال عدائية مع إيران. وشكك أنتوني كوردسمان، المحلل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، في "كفاءة" بعض الأساطيل البحرية الخليجية.
وقال كوردسمان: "يمكنهم بالتأكيد الإبحار مع الناقلات، لكن إذا واجهوا مشكلة في الأمر، فإن السؤال هو: من سيدعمهم؟ وكيف؟".
الخلاصة 1: لا تزال التفاصيل الدقيقة حول دور "الحارس" غامضة. بموجب البرنامج، تقول التقارير إن السفن العابرة لمضيق هرمز ستزوَّد بكاميرات وأجهزة أخرى يمكنها مراقبة وتوثيق التهديدات من إيران، وبعضها سترافقها سفن أخرى.
لكن الخبراء متشككون في قدرة الولايات المتحدة على إيجاد حلفاء بالخليج أو أوروبا أو آسيا يدعمون الموارد اللازمة لإحداث فرق كبير بالنسبة للسفن التجارية التي تواجه تهديدات من طهران في أزحم الممرات الملاحية بالعالم.
وأخبر مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية المراسلين الذين رافقوا بومبيو هذا الأسبوع، بعد لقاءاته في السعودية مع الملك سلمان ونجله الأمير محمد بن سلمان: "هذا الأمر يخضع للتدقيق".
وليس من الواضح ما هي الدول التي ستكون مسؤولة عن توفير ونشر الكاميرات، وما هي الدول التي ستوفر سفن المرافقة الإضافية، حيث لم يردَّ المتحدثان باسم وزارة الخارجية ووزارة الدفاع على طلبات التعليق وقت النشر.
لكن بيكا فاسر، المحللة بمؤسسة راند، ترى أن الأمر "سينتهي إلى أن يكون مشروعاً أمريكياً، وتوزيع بعض العبء مع الشركاء الأوروبيين".
وقالت سوزان مالوني، المحللة بمعهد بروكينغز، إن "الحارس" هو رد فعل "رمزي إلى حد كبير"، على العدوان الإيراني الأخير بالخليج. ومع أنها قالت إنه لن "يشكل تغييراً محورياً في منع أو ردع" هذه الحوادث بالمستقبل، غير أنه "أفضل بكثير" من الضربة العسكرية الأمريكية.
وأضافت: "أعتقد أنه رد فعل حكيم، إنه ليس خطوة مبالغاً فيها. ولكن رغم ذلك، فإنه لن يردع كثيرا من الأمور الأخرى أيضاً".
إعادة اختراع العجلة
وأشارت فاسر إلى أن هناك بالفعل فرقة عمل دولية مصممة لحماية السفن التجارية في المنطقة من التهديدات الإرهابية. ففي كل عام، تراقب مجموعة "فرقة العمل المشتركة 150" نقل أكثر من 27 مليون برميل من النفط عبر الممرات الملاحية من البحر الأحمر إلى خليج عمان، ويشمل ذلك ثلاث نقاط رئيسية: مضيق هرمز، وباب المندب، وقناة السويس. تشارك ثلاث وثلاثون دولة، من بينها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا وكوريا الجنوبية وعدة دول أوروبية، لكن اللافت للنظر أنها لا تضم دول الخليج.
وبشكل منفصل، هناك مجموعة أخرى هي "قوة العمل المشتركة 152″، مكونة بشكل أساسي من الولايات المتحدة ودول الخليج، وتضطلع بمهمة مراقبة الخليج.
وقالت فاسر عن "الحارس": "لماذا نعيد اختراع العجلة؟ يبدو أن الولايات المتحدة تبدأ من نقطة الصفر، في حين تتوافر لديها هذه الأداة بالفعل في حوزتها، ونحن لا نستخدمها".
الاستعانة بالدول الخليجية في هذا المشروع أمر صعب
أشارت فاسر إلى أن عديداً من هذه الدول -الإمارات والسعودية على وجه الخصوص- قد "أهملت بشدةٍ بناء قواتها البحرية"، وبدلاً من ذلك اشترت طائرات وأنظمة دفاع صاروخية.
وأضافت: "تطورهم وقدراتهم وإمكاناتهم منخفضة للغاية، لذلك فإن التوقعات منخفضة للغاية بأن يؤدوا دوراً كبيراً في برنامج الحارس، فيما يتعلق بمرافقة السفن، وأن يستطيعوا فعلياً بشكل ملموس، الإسهام بإمكاناتهم".
الخلاصة 2: من المحتمل أن يكون لدى الشركاء الخليجيين القدرة والاستعداد لتوفير تكنولوجيا الكاميرات. لكنهم في النهاية قد لا يسهمون بكثير في الوجود البحري الإضافي أو القدرة على مرافقة السفن، حسبما قال الخبراء.
وأشار كذلك أليكس فاتانكا، الخبير في معهد الشرق الأوسط، إلى أن الجيشين الإماراتي والسعودي بالتحديد، مستنزَفان فعلياً لأقصى درجة. وقال إنهما كرَّسا كثيراً من مواردهما للقتال في اليمن ضد المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
وأوضح قائلاً: "ليس ثمة إمكانات كبيرة متاحة حالياً، إذا أردت من مكان مثل الإمارات والسعودية التدخل فجأة وتحويل انتباههما إلى مضيق هرمز على المدى القصير".
وقالت فاسر إن إحدى النتائج المحتملة لمشروع "الحارس" هو أن تسهم دول الخليج بالموارد في البداية، لكن مثلما فعلوا في الحرب ضد "الدولة الإسلامية"، فإن استثماراتهم تتراجع بسرعة.
وأضافت: "لقد رأينا ذلك من قبل".
أمريكا يمكن أن تبحث عن بديل للخليجيين لتنفيذ خطتها
تابعت فاسر أنه بالنظر إلى محدودية الشركاء الخليجيين، فمن المحتمل أن تلجأ الولايات المتحدة إلى الحلفاء الأوروبيين للحصول على دعم بحري إضافي في المنطقة، لا سيما أولئك الذين يشاركون بالفعل في قوة المهام المشتركة 150.
وأشار كوردسمان إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان لدى أوروبا قبول كبير لنهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه إيران، خاصة بعد قراره الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 مع طهران.
إذ إن الدول التي لديها أعمال منتظمة مع إيران، ومن بينها معظم الحلفاء الأوروبيين والآسيويين، تُبقي بالفعل على التوازن في خضم تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران. وقال كوردسمان إن أي دولة تشارك في مهمة الحراسة ربما يُنظر إليها باعتبارها "عدواً محتملاً لإيران".
ومع ذلك، قالت مالوني إن المشاركة في برنامج "الحارس" ستشكل "ربحاً سهلاً" للحلفاء الأوروبيين.
الخلاصة 3: "أوروبا تعتبر جهة فاعلة لعرض الحل، من خلال تقديم قدر من التعاون لإدارة ترامب والبلدان التي لديها مصلحة أمنية معها، وبطريقة لا تورطها في سياسة الولايات المتحدة الأوسع تجاه إيران، التي لديها حيالها مخاوف حقيقية"، من وجهة نظر مالوني
قد تطلب الولايات المتحدة أيضاً من الشركاء الآسيويين الإسهام بالسفن في هذه الجهود، إذ تعتمد عديد من هذه الدول على النفط من منطقة الخليج للحصول على الطاقة، وكثيراً ما ترسل سفناً تجارية عبر الممرات المائية.
الجدير بالذكر أن اليابان كانت تملك إحدى ناقلات النفط، وتدعى Kokuka Courageous، التي لحقت بها أضرار في 13 يونيو/حزيران 2019، بسبب الألغام الموقوتة. وقد أثار الحادث، الذي شمل أيضاً ناقلة نفط نرويجية، أزمة بين واشنطن وطهران، انتهت بإيقاف ترامب لهجوم صاروخي في اللحظة الأخيرة.
الخيار الثالث لواشنطن لتنفيذ خطتها
وقال راندال شريفر، مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن في آسيا والمحيط الهادئ، إن واشنطن لم تبدأ بعدُ إجراء تلك المناقشات مع الحلفاء الآسيويين. لكنه أضاف: "لدينا تاريخ جيد، فقد أسهموا من قبل"، على سبيل المثال خلال حرب العراق.
وأضاف شريفر خلال فعالية أُقيمت يوم 26 يونيو/حزيران 2019، في واشنطن: "عندما كانت هناك تحديات خارج المنطقة، استجاب حلفاؤنا في الماضي، لذلك سنرى ما إذا كانت هناك احتياجات مشابهة بناءً على كيفية سير الأمور مع إيران. هذه الاهتمامات مقسمة مع عديد من شركائنا في التنسيق؛ نظراً إلى اعتمادهم على تلك المنطقة للحصول على الطاقة".
وأشاد شريفر بالحلفاء في آسيا، لاختيارهم تقليص مشتريات النفط من إيران في إطار حملة ترامب القصوى للضغط.
لكن فاسر قالت إنه من غير المحتمل أن ينضم الشركاء الآسيويون إلى التحالف، بالنظر إلى التهديدات الأقرب لأوطانهم والتي يواجهونها من الصين، وحتى لو فعلوا ذلك فإن قدراتهم البحرية "ناشئة".
وأضافت: "لديهم أيضاً مخاوف كثيرة في المجال البحري، ولديهم أيضاً مخاوف كثيرة أشد قرباً إلى الوطن. سوف يمانعون بشدةٍ نقل بعض هذه الأصول خارج [المحيط الهادئ] وأخذها إلى [الشرق الأوسط]".