منتجات غذائية عربية تدفقت إلى إسرائيل خلال فترة تجويع غزة.. بيانات رسمية إسرائيلية تُظهر ما صدّرته الدول المطبِّعة

عربي بوست
تم النشر: 2025/08/02 الساعة 06:05 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/08/02 الساعة 06:48 بتوقيت غرينتش
دول عربية صدّرت منتجات غذائية إلى إسرائيل، بالتزامن مع تشديد الاحتلال إجراءاته لتجويع غزة - عربي بوست

صدّرت الدول العربية المطبعة إلى إسرائيل عشراتٍ من أصناف المنتجات الغذائية المتنوعة، بينها مئات الأطنان من الخضروات، في الوقت الذي شدد فيه الاحتلال قيوده على إدخال كميات كافية من الغذاء إلى 2.1 مليون محاصر في غزة، ما تسبب في تفاقم أزمة الجوع وانتشار المجاعة داخل القطاع.

بيانات إسرائيلية رسمية تتبعها "عربي بوست"، بيّنت حجم وكميات الصادرات الغذائية التي تدفقت من الإمارات ومصر والأردن والمغرب والبحرين إلى إسرائيل خلال شهر يونيو/ حزيران 2025.

في الشهر ذاته، كانت قد بدأت ملامح المجاعة الحادة بالظهور بشكل واضح في قطاع غزة، إذ تسبب النقص الحاد في الغذاء واستمرار الاحتلال في منع إدخال المساعدات الكافية خلال يوليو/ تموز 2025 في زيادة أعداد الوفيات من سكان غزة جراء الجوع.

وخرجت صور وفيديوهات من داخل القطاع، أظهرت أطفالاً وكباراً وقد برزت عظامهم من شدة الجوع، فيما ترفض إسرائيل الاستجابة لتحذيرات المنظمات والدول من تفاقم المجاعة في القطاع.

المجاعة تتفشى في غزة بسبب إجراءات الاحتلال التي تمنع دخول كميات كافية من الغذاء إلى سكان القطاع – رويترز

وحتى لحظة نشر هذه المادة، لم تصدر بعد بيانات التجارة الإسرائيلية مع الدول المطبعة لشهر يوليو/ تموز 2025، إذ عادةً ما تنشر إسرائيل إحصاءاتها التجارية بشكل شهري، مع فارق زمني يقارب الشهر، حيث تُعلن مثلاً أرقام شهر يناير/ كانون الثاني في شهر فبراير/ شباط.

تصدير منتجات غذائية عربية لإسرائيل

وتظهر بيانات نشرها "المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء" وحللها "عربي بوست"، تفاصيل أصناف المنتجات التي استوردتها إسرائيل من الدول العربية المطبّعة، والتي صدرتها، وذلك خلال شهر يونيو/ حزيران 2025.

وفق البيانات، بلغت قيمة الصادرات العربية إلى إسرائيل من المنتجات (محلية المنشأ) 116.4 مليون دولار خلال شهر يونيو/ حزيران 2025 وحده.

تنوعت الصادرات العربية إلى إسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025 بين منتجات غذائية وأخرى غير غذائية، مثل الملابس والآلات والأجهزة والمعدات الطبية ومنتجات من الحديد والصلب والأثاث والمفروشات وغيرها.

بلغ عدد أصناف المنتجات الغذائية العربية التي وصلت إلى إسرائيل بالتزامن مع تقييد إدخال المساعدات إلى غزة 76 صنفاً، تندرج تحت 18 منتجاً غذائياً رئيسياً، من بينها:

خضروات، وفواكه، وحبوب، ومنتجات من الحبوب، وسكريات، ومشروبات، وأسماك، والقهوة والشاي والتوابل.

تتضمن البيانات الإسرائيلية أكواداً تعريفية للسلع وفق "النظام المنسّق" (HS Code) العالمي، المعتمد من قبل منظمة الجمارك العالمية وسلطات الجمارك في البلدان، ما أتاح تحديد أنواع المنتجات المتبادلة بين الدول العربية المطبعة وإسرائيل من خلال البحث عنها في قاعدة بيانات سلطات الجمارك الإسرائيلية.

يُقصد بأصناف المنتجات مجموعة المنتجات الفرعية التي تندرج تحت منتج رئيسي بحسب تصنيف الجمارك العالمية، فمثلاً يندرج تحت المنتج الرئيسي "الخضروات" أصناف فرعية مثل الفاصولياء والبامية وغيرها.

مصر في صدارة الصادرات الغذائية لإسرائيل

بحسب البيانات الإسرائيلية الرسمية، فإن قيمة صادرات أصناف المنتجات الغذائية التي صدرتها الدول العربية المطبعة إلى إسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025 بلغت 8.16 مليون دولار.

تصدرت مصر القائمة بصادرات غذائية إلى إسرائيل بلغت قيمتها 3.8 مليون دولار، وتندرج الأصناف الغذائية التي صدرتها مصر لإسرائيل تحت 10 منتجات رئيسية بينها:

– منتجات من الحبوب أو الدقيق.

– منتجات من القهوة والشاي والتوابل.

– خضروات.

– سكريات.

– منتجات من فواكه ومكسرات.

جاءت منتجات الخضار والفواكه والأثمار القشرية على رأس الأصناف الغذائية التي صدرتها مصر لإسرائيل، وبلغت قيمتها مجتمعة 2.6 مليون دولار.

منتجات غذائية عربية تجويع غزة

في المرتبة الثانية، حل المغرب، وبلغت قيمة صادراته من الأصناف الغذائية إلى إسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025 نحو 2.5 مليون دولار، وتوزعت الأصناف الغذائية تحت 6 منتجات رئيسية، بينها الخضروات والسكريات ومنتجات من الحبوب.

وكانت منتجات السكريات والحلويات السكرية في مقدمة الأصناف الغذائية المغربية التي وصلت إلى إسرائيل، بقيمة 1.7 مليون دولار.

منتجات غذائية عربية تجويع غزة

ثالثاً، حلت الإمارات، التي صدرت ما قيمته 1.04 مليون دولار من أصناف غذائية مختلفة لإسرائيل خلال يونيو/ حزيران 2025، من بينها الأسماك ومنتجات من الخضروات والفواكه والسكريات والحيوانات الحية.

ورابعاً الأردن، الذي بلغت قيمة صادراته الغذائية 672 ألف دولار، ثم البحرين 47 ألف دولار.

تصدير خضروات من الأردن إلى إسرائيل 

في بيانات إسرائيلية رسمية أخرى نشرتها وزارة الزراعة الإسرائيلية، تظهر كميات ومصادر الخضروات التي تصل إلى إسرائيل منذ بدء الحرب على غزة يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وحتى يوليو/ تموز 2025.

وفقاً للبيانات، وصلت إلى إسرائيل 791 طناً من الطماطم والفلفل قادمة من الأردن خلال الفترة من 3 يونيو/ حزيران 2025 وحتى يوم 21 يوليو/ تموز 2025، مقسمة على 695 طناً من الطماطم، و96.5 طناً من الفلفل.

خلال شهر يونيو/ حزيران وحده، بلغت كمية الخضروات القادمة من الأردن لإسرائيل 609 أطنان، فيما وصلت الكمية خلال الأسابيع الثلاثة من يوليو/ تموز 2025 إلى 182 طناً.

كانت الحكومة الأردنية قد أعلنت في أغسطس/ آب وسبتمبر/ أيلول 2024 وقف تصدير الخضروات والفواكه إلى إسرائيل عقب مزاعم إسرائيلية تفيد بوجود كوليرا في مياه نهر اليرموك التي تستخدم للري، وهو ما نفت عمّان صحته.

في ذات الوقت، أكدت الحكومة مراراً أنه على الرغم من أن الجهات الحكومية الرسمية أوقفت تصدير الخضروات والفواكه إلى الاحتلال، إلا أنه لا توجد آلية ملزمة لمنع تجار القطاع الخاص من استمرار التصدير إلى إسرائيل.

وزير الزراعة الأردني خالد حنيفات، كان قد قال في يناير/ كانون الثاني 2024 على قناة "المملكة" إنه "لا توجد آلية قانونية تمنع التجار من تصدير الخضار إلى إسرائيل"، وأضاف: "لكن نقول لهم: حاولوا أن تتحلوا بقليل من الأخلاق".

وتجدر الإشارة إلى أن البيانات التي نشرتها وزارة الزراعة الإسرائيلية حول كميات الخضار والفواكه، ورد فيها اسما بلدين عربيين وهما المغرب والأردن.

وفيما يتعلق بالمغرب، تظهر البيانات أن 76 طناً من فاكهة السترون مصدرها المغرب وصلت إلى إسرائيل خلال الفترة بين 9 سبتمبر/ أيلول و28 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، ولم تسجل البيانات الإسرائيلية أي تصدير آخر من المغرب للفواكه بعد الفترة المذكورة.

المجاعة في غزة

خلال شهر يونيو/ حزيران 2025، وبينما كانت الصادرات العربية من المنتجات الغذائية تصل إلى إسرائيل، صدرت عدة تحذيرات من مسؤولين في الأمم المتحدة من أن غزة مقبلة على مجاعة، بسبب القيود الخانقة التي فرضها الاحتلال على إدخال المواد الغذائية إلى القطاع.

نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، حذر يوم 11 يونيو/ حزيران 2025 من أن سكان غزة معرضون لخطر المجاعة، وفي 12 يونيو/ حزيران 2025 حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، توم فليتشر، من أن غزة ستواجه "خطر الانزلاق إلى المجاعة".

توالت التحذيرات الأممية من فداحة اتساع المجاعة في غزة خلال شهر يوليو/ تموز 2025، وذكر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في تقرير نشره يوم 29 يوليو/ تموز 2025، أن معدل سوء التغذية الحاد في غزة ارتفع بمعدل غير مسبوق، وقال إنه في مدينة غزة تضاعف معدل سوء التغذية بين الأطفال 4 مرات في غضون شهرين.

تشير البيانات الأممية أيضاً إلى أن أكثر من ثلث عدد السكان في قطاع غزة يظلون لأيام متتالية من دون طعام، وأن ما لا يقل عن 500 ألف شخص يعانون ظروفاً شبيهة بالمجاعة.

أكثر من ثلث عدد السكان في قطاع غزة يظلون لأيام متتالية من دون طعام – بيانات أممية – رويترز

كذلك تظهر بيانات من المنظمة العالمية (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) التي تراقب الجوع أن جميع المناطق في قطاع غزة تعاني من وضع حاد في انعدام الأمن الغذائي.

وبحسب خريطة الوضع الحالي لانعدام الأمن الغذائي التي نشرتها المنظمة لقطاع غزة، والتي تغطي الفترة بين 2023 و2025، فإن القطاع بأكمله يعيش في مرحلة حرجة من أزمة الغذاء.

قطاع غزة يعيش في مرحلة حرجة من أزمة الغذاء – بيانات من المنظمة العالمية (التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي)

وتشير أحدث الأرقام الرسمية الفلسطينية، الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، يوم الأربعاء 30 يوليو/ تموز 2025، إلى ارتفاع حصيلة الوفيات جراء سياسة التجويع الإسرائيلية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى 154 فلسطينياً، بينهم 89 طفلاً.

وليس الجوع والقصف وحدهما من يفتك بأرواح الغزيين، إذ يلقى آخرون حتفهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات من نقاط توزيع المساعدات، وفق آلية دعمتها أمريكا ووافقت عليها إسرائيل، تتيح توزيع المساعدات في القطاع من قبل "مؤسسة غزة الإنسانية"، ضمن مواقع معينة يشرف عليها عسكريون أمريكيون سابقون.

وفي آخر إحصائية نشرتها وزارة الصحة الفلسطينية، يوم الخميس 31 يوليو/ تموز 2025، فإن 1330 فلسطينياً في غزة لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات.

دول عربية تواجه انتقادات 

وتواجه الدول العربية التي تواصل التصدير إلى الاحتلال انتقادات شعبية تطالب الحكومات بوقف التعاملات التجارية مع إسرائيل، كرد فعل على استمرار حرب الاحتلال على غزة.

كانت مصر قد واجهت مراراً انتقادات واتهامات بـ"إغلاق معبر رفح" وإبطاء إدخال المساعدات إلى قطاع غزة المُحاصر، فيما ردّت القاهرة بأن إسرائيل هي المسؤولة عن عرقلة دخول المساعدات من المعبر، وتقول أيضاً إنها تعمل على إدخال "أكبر قدر من المساعدات".

وكانت كل من مصر والأردن والإمارات قد نفذت يوم الأربعاء 30 يوليو/ تموز 2025 عمليات إنزال جوي لمساعدات إنسانية على غزة، فيما تقول وكالة "الأونروا" الأممية إن عمليات الإنزال الجوي "لن تنهي" المجاعة المتفاقمة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.

خلفت الحرب الإسرائيلية ما لا يقل عن 206 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين، بينهم عشرات الأطفال.

تحميل المزيد