تكشف تحركات مكثفة وممنهجة، تتبعها "عربي بوست"، لمنظمات ومؤسسات تعمل كجهات ضغط لصالح إسرائيل، إضافة لمسؤولين أمريكيين، كيف لعبوا دوراً رئيسياً في حملة منظمة هدفت لدفع أمريكا ودول أخرى إلى تعليق مساعدات الأونروا في غزة، في خطوة تهدف لحلها بالكامل وتعود جذورها إلى سنوات، فيما تظهر بيانات أن جهات أمريكية تدعم تعليق المساعدات، تتلقى دعماً من أطراف داعمة لإسرائيل.
يكشف هذا التقصي جانباً من نشاط اللوبي الداعم لإسرائيل في أمريكا والخارج بشكل عام، من أجل إصدار قرارات تصب في صالح الاحتلال، لا سيما فيما يتعلق بالقرارات الأمريكية المتعلقة بالحرب على قطاع غزة.
واتبعت منظمات ومؤسسات في أمريكا نسقاً متشابهاً في تحركها ضد "الأونروا"، فمن جهة تتحرك جميعها في نفس التوقيت لزيادة الحشد ضد الوكالة الأممية، ومن جهة أخرى تردد السردية نفسها من اتهامات ومزاعم تهدف لحرمان 1.7 مليون شخص بغزة من مساعدات الأونروا رغم انتشار المجاعة بالقطاع جراء الحرب.
إضافة لذلك، تتحرك جماعات الضغط نحو مخاطبة صناع القرار في أمريكا والتأثير عليهم، من أجل إصدار قرارات ضد "الأونروا".
(لقراءة نسخة مختصرة من هذا التحقيق، شاهد الرابط أدناه).
"Un Watch" تقود الحملة لوقف تمويل الأونروا
في 26 يناير/كانون الثاني 2024، أوقفت أمريكا دعم "الأونروا" ولحقت بها 16 دولة، بعدما قدمت إسرائيل لعدد من الدول "تقريراً استخباراتياً"، تضمن مزاعم واتهامات لـ12 من موظفي "الأونروا" (البالغ عددهم بغزة 13 ألفاً) بـ"المشاركة" في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، الذي شنته فصائل فلسطينية على مستوطنات بغلاف غزة.
سلمت إسرائيل نسخاً من التقرير الاستخباراتي لوكالات وصحف غربية، ولم تسلمه إلى الأمم المتحدة أو "الأونروا"، وتضمن أيضاً مزاعم بأن 190 من موظفي "الأونروا" هم من مقاتلي حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، ولفتت وسائل إعلام تلقت نسخاً من التقرير إلى أنه خلا من الأدلة.
تعد منظمة "مراقبة الأمم المتحدة" (Un Watch) من أبرز الجهات التي تحركت من أجل وقف تمويل الأونروا وإنهاء عملها في غزة، ومنذ عام 2015 وحتى يناير/كانون الثاني 2024، قدّمت 10 تقارير مليئة بالمزاعم، متهمةً "الأونروا" بأن المعلمين العاملين لديها في غزة "يروجون للقتل، وكراهية اليهود، ومعاداة السامية، وأنه يتم استغلالها من قبل الفصائل الفلسطينية"، وهي اتهامات نفت "الأونروا" صحتها مراراً.
تمتلك المنظمة علاقات قوية في أمريكا مع جماعات ضغط، وجهات مؤيدة لإسرائيل، ويقع مقرها الرئيسي في جنيف، ومُسجلة في الولايات المتحدة ومُعفاة من الضرائب منذ أكتوبر/تشرين الأول 2011.
كثفت المنظمة من نشاطها قبل القرار الأمريكي بوقف تمويل الأونروا وبعده، في خطوة تهدف لتجويع سكان القطاع ودفعهم لمغادرة أرضهم، إذ ترى المنظمة أن "الأونروا" هي أحد الأسباب التي تساعد على بقاء الفلسطينيين في أرضهم.
حظيت تقارير المنظمة الهادفة لقف تمويل الأونروا، بدعم وترويج من قبل "إيباك"، وهي جماعة الضغط الأمريكية الإسرائيلية التي تُعد من بين أبرز اللوبيات القادرة على التأثير بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وأعلنت "إيباك" في موقعها الإلكتروني، عن دعمها لوقف تمويل الأونروا، واستشهدت بما تضمنه أحدث تقرير لمنظمة "مراقبة الأمم المتحدة" من اتهامات لـ"الأونروا" تهدف إلى القضاء عليها.
تردد "إيباك" ما تذهب إليه منظمة "مراقبة الأمم المتحدة" بأن "الأونروا" تمثل "عقبة أمام السلام"، "وأنه ينبغي استبدالها".
لدى هذه المنظمة إمكانية واسعة في الوصول إلى جهات نافذة ومسؤولين مؤثرين، إذ تُرسل تقاريرها إلى الكونغرس الأمريكي، والاتحاد الأوروبي، وسفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، ليندا جرينفيلد، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس.
وبعد 5 أيام من قرار أمريكا الأخير بوقف تمويل الأونروا، تحدث الرئيس التنفيذي لمنظمة "مراقبة الأمم المتحدة"، هليل نوير في جلسة أمام أعضاء بالكونغرس، وسُمح له بعرض الاتهامات التي توجهها منظمته لـ"الأونروا" مكرراً ما دأب على قوله منذ عام 2015، ويحظى نوير باهتمام بالغ من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي تغطي نشاطاته أو تستضيفه للحديث إليها.
وتنكر المنظمة أحقية الفلسطينيين بأرضهم، وتظهرهم بمثابة "المحتلين لأرض الإسرائيليين"، وقال رئيسها التنفيذي أمام الكونغرس إن "الأونروا ترسل رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن وطنهم الحقيقي هو إسرائيل، وأن المكان الذي يعيشون فيه هو مجرد مخيم للاجئين".
دفاع "Un Watch" عن إسرائيل تحت غطاء "حقوق الإنسان"
تأسست منظمة "Un Watch" عام 1993 من قبل سفير أمريكا الأسبق بالأمم المتحدة، اليهودي موريس أبرام (توفي عام 2000)، الذي تقلد منصب رئيس مؤتمر المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى، ورئيس اللجنة اليهودية الأمريكية، وكان جده من أوائل الحاخامات الإصلاحيين بأمريكا، واعتُبر أبرام من أشد المدافعين بأمريكا عن إسرائيل.
تُعرّف المنظمة نفسها في موقعها الإلكتروني، بأنها تعنى بمراقبة أداء الأمم المتحدة، ورغم ادعائها بأنها تعمل على حماية حقوق الإنسان بالعالم، إلا أنها تؤكد في ملفها التعريفي، بأنها "تكافح معاداة السامية، والتحيز ضد إسرائيل بالأمم المتحدة"، وتعتبر هذا الأمر شرطاً لقبول المتدربين لديها.
تُظهر نشاطات المنظمة أنها تسخّر جهودها لحماية إسرائيل من أي انتقاد أممي، إضافة لمهاجمتها للمسؤولين الأمميين الذين ينتقدون ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين، وفيما تُحاكم إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، بتهم ارتكابها إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، قالت المنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 إن "إسرائيل لم تبتعد عن طريق حقوق الإنسان، وحتى في الحرب ضد حماس، فإنها تلتزم بالقانون الإنساني الدولي"، وفق زعمها.
استهداف الفلسطينيين بسبب آرائهم
تعمل المنظمة بنشاط لإقناع المسؤولين الأمريكيين بضرورة التحرك ضد "الأونروا"، وفي تقريرها الذي أصدرته نهاية يناير/كانون الثاني 2024 وعرضته بالكونغرس الأمريكي، تزعم المنظمة أن قناةً على تليغرام لموظفي "الأونروا" بغزة، تضمنت تعليقات مؤيدة لهجوم الفصائل الفلسطينية، لكن من خلال تحققنا من هذه المجموعة وجدنا أنها مجموعة غير رسمية، وأن المنضمين إليها هم باحثون عن عمل لدى "الأونروا" وآخرون يسألون عن المساعدات التي تقدمها، وهو ما تؤكده الأمم المتحدة أيضاً في تعليق لها على تقارير منظمة "مراقبة الأمم المتحدة".
يتركز عمل المنظمة في رصد منشورات لموظفي "الأونروا" على شبكات التواصل، ومن خلال رصد تقاريرها فإنها تعتبر أي تأييد لبقاء الفلسطينيين في أرضهم أو الدفاع عنها، أو التنديد بالممارسات الإسرائيلية، بمثابة "دعم للإرهاب، وكراهية للإسرائيليين"، وتأييد لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
في تقرير آخر للمنظمة صدر في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عرض صوراً لمنشورات كتبها الصحافي المصري، يوسف دموكي، واعتبرت مشاركتها من قبل عاملين في الأونروا بغزة، تأييداً لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، على الرغم من أن منشورات دموكي كانت تتحدث عن ارتباط الفلسطينيين بأرضهم منذ آلاف السنين قبل أن يخرجهم منها الاحتلال، إضافة لحديثه عن القصف الذي تشنه إسرائيل على سكان القطاع.
يتهم التقرير أيضاً أحد العاملين في غزة مع الأونروا، بأنه يدعم "المذبحة بحق الإسرائيليين"، بحسب وصفه، وذلك بسبب مشاركته بياناً لشيخ الأزهر يترحم فيه على الضحايا الفلسطينيين.
دعم من جهات مؤيدة لإسرائيل
تخفي منظمة "مراقبة الأمم المتحدة" مصادر تمويلها، لكن بيانات من المصادر المفتوحة تعطي لمحة عن ضخامة التمويل الذي تتلقاه وعن جزء من الداعمين لها، ومنذ عام 2019 وحتى 2023 تجمع المنظمة سنوياً ما يزيد عن مليون دولار من التمويل، بحسب بيانات نشرها موقع "Propublica".
وعلى الرغم من أن المنظمة تزعم على موقعها الإلكتروني، بأنها منظمة "مستقلة، ولا تتلقى أي دعم مالي من منظمة أو حكومة"، إلا أن بيانات أوردها بحث لجامعة "باث" البريطانية عام 2015 كشف عن حجم الدعم الذي تلقته المنظمة، مع منظمة "NGO Monitor" الإسرائيلية، خلال الفترة بين 2009 و2013.
تظهر البيانات حصول المنظمتين خلال هذه الفترة على نحو 2.6 مليون دولار، ومن بين الجهات المانحة، اللجنة اليهودية الأمريكية.
نوير مدافع شرس عن إسرائيل
الشخص الأبرز في منظمة "مراقبة الأمم المتحدة"، هو رئيسها التنفيذي هيليل نوير، الذي تربطه علاقات قوية مع مؤسسات ومنظمات يهودية، ويحظى باستضافة واسعة على القنوات الأمريكية، وهو الرجل الذي يتصدر مهمة شيطنة "الأونروا" والدعوة لقطع المساعدات عن سكان غزة.
هيليل نوير مع أعضاء من مجلس النواب اليهودي في جنوب أفريقيا عام 2007 – Jewish Chronicle
تم اختيار نوير من قبل "نقابة الأخبار اليهودية" (JNS) في عام 2020، ضمن أكثر 40 شخصية حول العالم مناصرة لإسرائيل، وتفاخر نوير بذلك في منشور له على حسابه في موقع "فيسبوك".
عقب صدور قرار أمريكا بوقف تمويل الأونروا على خلفية الاتهامات الإسرائيلية لها، تفاخر نوير أيضاً بأنه الشخص الذي ساهم في هذا القرار، حيث نشر على حسابه في إنستغرام، صورة منشور لمقدمة تلفزيونية قالت فيه إن نوير تمكن من إيقاف حوالي مليار دولار قادمة من 17 دولة إلى الأونروا، وأرفق منشوره بعبارة "شابات شالوم" أو ما يعني "سبت مبارك" باللغة العبرية.
يحظى نوير أيضاً باهتمام من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية، وفي 3 فبراير/شباط 2024، نشر حساب "إسرائيل بالعربية"، مقطع فيديو لنوير، وهو يتحدث في الكونغرس الأمريكي عن اتهامات ضد "الأونروا" والعاملين فيها، فضلاً عن تغطية وسائل إعلام إسرائيلية للتقارير التي تصدرها منظمته.
واستضاف الكونغرس نوير في جلسة استماع عُقدت يوم 30 يناير/كانون الثاني 2024، بعنوان: "كشف الأونروا: كشف تحليل مهمة الوكالة وإخفاقاتها"، وفي هذه الجلسة عرض نوير تقرير منظمته ضد الأونروا، داعياً إلى ضرورة حلها وإيجاد بدائل لها، واعتبر في حديثه للكونغرس أن "الأونروا هي جزء من المشكلة وليست الحل"، بحسب وصفه.
دعوة نوير لحل "الأونروا" تصب في نفس اتجاه تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، الذي قال إن "الوقت حان لكي يدرك المجتمع الدولي والأمم المتحدة أنه لا بد من إنهاء مهمة الأونروا".
لم يكن تحرك منظمة "مراقبة الأمم المتحدة" ضد "الأونروا" منفرداً، بل حدث بالتعاون مع "معهد مراقبة السلام" الإسرائيلي، وقبل صدور القرار الأمريكي بتعليق مساعدت ، نشر المعهد تقريراً لشيطنة الأونروا في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وكرر نفس الاتهامات التي توجهها إسرائيل للوكالة الأممية.
وفي جلسة الكونغرس التي عُقدت نهاية يناير/كانون الثاني 2023 حول الأونروا، تحدث ماركوس شيف (إسرائيلي – بريطاني) الرئيس التنفيذي للمعهد الإسرائيلي أمام أعضاء بالكونغرس، وزعم في مداخلته التي نشرها موقع "الكونغرس"، أن "هدفه إظهار الدور المركزي الذي تلعبه الأونروا في نشر العقيدة المتشددة والتحريض على العنف على نطاق واسع في النظام المدرسي الفلسطيني، بما في ذلك قطاع غزة"، وفق قوله.
القضاء على الأونروا.. مطلب يعود لسنوات
قادنا التقصي عن الجهات الداعمة لحل "الأونروا"، إلى نشاط مؤسسة أمريكية فكرية، تُسمى "مركز الدفاع عن الديمقراطية"، تقول عن نفسها إنها تركز على الأمن القومي والسياسة الخارجية، لكن في جوهر عملها تدعم إسرائيل وتعزز رواياتها المتعلقة بالحرب على غزة.
يشير مركز "كارنيغي للشرق الأوسط"، في تحليل نشره عام 2015، إلى أن مواقف مركز "الدفاع عن الديمقراطية"، تتبع إلى حد كبير مواقف حزب "الليكود" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
المتحدث الحالي باسم جيش الاحتلال، جوناثان كونريكوس، هو أحد أعضاء هذه المؤسسة، ولديه العديد من الكتابات فيها، كما يشغل القائد السابق للقوات الجوية الإسرائيلية، الجنرال عمير إيشيل منصب "زميل أول" للمؤسسة.
الشخصية الأبرز في المؤسسة الذي دفع باتجاه حل "الأونروا" وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، هو ريتشارد غولدبرغ، أحد كبار المستشارين في "مركز الدفاع عن الديمقراطية"، وسبق أن شغل مناصب رسمية في أمريكا، فعمل في مجلس الأمن القومي الأمريكي، وكان مساعداً كبيراً في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين.
كان غولدبرغ أحد المتحدثين أمام الكونغرس في جلسة عُقدت نهاية يناير/كانون الثاني 2024 ضد "الأونروا"، وهي نفس الجلسة التي تحدث فيها الرئيس التنفيذي لمنظمة "مراقبة الأمم المتحدة"، نوير.
يردد غولدبرغ ذات الاتهامات التي توجهها الحكومة والمسؤولون الإسرائيليون إلى الأونروا، ويدعو في إحدى مقالاته التي كتبها في "مركز الدفاع عن الديمقراطية" إلى إغلاق "الأونروا" بالكامل، ويقول إن "الأونروا تعاني من مشكلة الإرهاب التي يكفلها دافعو الضرائب من الدول المانحة"، بحسب تعبيره.
يعتبر غولدبرغ أن استمرار تمويل "الأونروا"، "أمر كارثي"، وفي تأكيد منه على الدعاية الإسرائيلية ضد "الأونروا"، يقول غولدبرغ: "تقوم الأونروا بتربية الأطفال على استيعاب شعارات الإبادة الجماعية"، وفق زعمه.
اللافت أن "مركز الدفاع عن الديمقراطية"، يقود جهوداً منذ سنوات من أجل إغلاق "الأونروا"، فعلى موقع "الكونغرس" الأمريكي، قدم المركز عام 2017 تقريراً إلى الكونغرس كتبه غولدبرغ، وطلب المركز إعادة تشكيل وحل "الأونروا" على مراحل.
يؤكد هذا التقرير على وجهة نظر الجهات الداعية لحل "الأونروا"، من أن الأخيرة "تساعد الفلسطينيين على البقاء في أرضهم"، وفي هذا الصدد يقول التقرير إن "الأونروا، وبدلاً من إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين من حربي 1948 و1967، لم تؤدِّ إلا إلى تفاقم قضية اللاجئين الفلسطينيين".
يردد "مركز الدفاع عن الديمقراطية" أيضاً مزاعم "منظمة مراقبة الأمم المتحدة"، ويروج لتقاريرها التي تشوه سمعة "الأونروا" وما تتضمنه من اتهامات للعاملين فيها في غزة، مستفيداً بذلك من قدرته على الوصول إلى وسائل الإعلام الأمريكية واسعة الانتشار.
في بداية عمله، حظي "مركز الدفاع عن الديمقراطية" بتمويل من شخصيات يهودية، وفي عام 2011، نُشرت وثائق تتضمن تفاصيل عن تمويل المركز والجهات الداعمة له، وبالعودة إلى الموقع الذي نشرها، فإنه على ما يبدو تم حذفها، وقد يكون لذلك علاقة بتعرض الموقع إلى ضغوط أدت لحذف الوثيقة.
لكن لا تزال هناك نسخة مؤرشفة من الوثائق توصل "عربي بوست" إليها، ومما تظهره أن المركز حصل على تمويل من الرئيس السابق للمؤتمر اليهودي العالمي، الملياردير، إدغار برونفمان، الذي توفي عام 2013، وكان برونفمان قد نجح في دفع أمريكا للضغط على الاتحاد السوفييتي بهدف السماح لليهود السوفييت بالهجرة إلى الأراضي الفلسطينية، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.
كذلك تلقى المركز دعماً من "عائلة أبرامسون"، التي دعمت مشاريع لصالح إسرائيل، وتؤكد منظمة "صوت الجالية اليهودية"، أن عائلة "أبرامسون"، "دعمت قضايا الصهيونية واليهودية على مر السنين".
تشريع قانون وقف تمويل الأونروا
لا يقتصر التحرك لحرمان الفلسطينيين من المساعدات، على منظمات ومؤسسات في أمريكا داعمة لإسرائيل، فهنالك مسؤولون أمريكيون بارزون يلعبون دوراً رئيسياً في هذا الاتجاه أيضاً، من أبرزهم عضو الكونغرس (الجمهوري) كريس سميث، وهو عضو بارز في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وقدم سميث تشريعاً يهدف إلى اتخاذ أمريكا قراراً بوقف تمويل الأونروا.
وسميث هو الرئيس المشارك لتجمع "حلفاء إسرائيل"، ويعرف التجمع نفسه في موقعه الإلكتروني بأنه "التجمع الحزبي الوحيد المؤيد لإسرائيل في مجلس النواب الأمريكي"، وأيد النائب قرار الإدارة الأمريكية الأخير بوقف تمويل الأونروا، وقال في تصريحات لجلسة استماع لجنة فرعية في مجلس النواب الأمريكي، إن قرار الإدارة "رد طال انتظاره".
يحظى تشريع قطع الدعم عن "الأونروا" بدعم أيضاً من النائبيْن الجمهورييْن، بريان ماست، وجو ويلسون، ويردد النواب الجمهوريون الداعمون لقطع المساعدات عن الفلسطينيين، نفس اتهامات إسرائيل ومراكز ومؤسسات الضغط في أمريكا، لـ"الأونروا"، ويزعمون أن الوكالة الأممية تُعلم "معاداة السامية، وكراهية إسرائيل".
عواقب سيئة في وقف تمويل الأونروا
وتعاني "الأونروا" من تبعات قرار توقيف العديد من الدول تمويل الوكالة الأممية، ويتجاوز حجم التمويل الذي قرّرت الدول المانحة الأخرى وقفه 440 مليون دولار، أي ما يقرب من نصف الدخل المتوقع للوكالة هذا العام.
"الأونروا" حذرت من أنها "ستضطر على الأرجح لوقف عملياتها في الشرق الأوسط، بما في ذلك في غزة، بحلول نهاية فبراير/شباط ما لم يستأنف التمويل.
كذلك حذرت الأونروا من أنها قد تضطر إلى إنهاء مساعدتها لمليوني فلسطيني في غزة، وفي السياق نفسه، حذرت منظمة "الصحة العالمية" من أن "وقف تمويل الأونروا ستكون له عواقب كارثية على سكان غزة".
ولن يقتصر قرار وقف تمويل الأونروا على إمداد الفلسطينيين المُنهكين في غزة بالمساعدات، بل قد يصل أيضاً إلى الفلسطينيين اللاجئين في دول أخرى، إذ حذرت الأمم المتحدة في الأردن من عواقب وخيمة على لاجئي فلسطين في الأردن إذا لم تتم إعادة التمويل.