منذ عدة سنوات تتصاعد حدة التوتر بين الدول المطلّة على البحر المتوسط بسبب التنافس المحموم على الثروات الاقتصادية الهائلة تحت الماء، إلا أن الفترة الحالية تشهد توتراً كبيراً بين تركيا وحلفائها في حكومة الوفاق الليبية وقبرص التركية من جهة، وبين مصر وإسرائيل واليونان وقبرص اليونانية من جهة أخرى، سيما بعد توقيع القاهرة وأثينا اتفاقيةً مشتركةً لترسيم الحدود المائية بين البلدين.
التوتر الذي يُخشى أن يصل إلى حد المواجهة العسكرية بين تركيا واليونان تحديداً، لا يعود إلى السباق على استخراج الثروات الطبيعية من البحر المتوسط فحسب، فبين أنقرة وأثينا عداءٌ تاريخي وخلافات كبيرة حول تقسيم الحدود البحرية منذ الحرب العالمية الأولى.
بداية العلاقات التركية – اليونانية
قبل الدخول في تفاصيل النزاعات بين الدولتين الجارتين، لا بد من الإشارة إلى أن اليونان – ذات الأغلبية السكّانية المسيحية – بدأت تدخل تحت الحكم العثماني بعد فتح السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية في العام 1453، حتى بسط العُثمانيون سيطرتهم على كامل التُراب اليوناني بحلول العام 1460.
ورغم محاولة العثمانيين استيعاب اليونانيين وإيلائهم أهميةً خاصةً للكنيسة الأرثوذكسية، فإن اليونانيين استغلوا ضعف السلطنة وقاموا بثورةٍ تنادي بالاستقلال عنها في العام 1821، ونجحوا بالفعل في تأسيس الدولة الهيلينية الأولى في العام 1822، والتي تحولت لاحقاً إلى اليونان بعدما اضطر العثمانيون للاعتراف بانفصالها رسمياً في 1831.
إذاً كما هو واضح، فإن استقلال اليونان عن الدولة العثمانية سبق اندلاع الحرب العالمية الأولى قرابة قرنٍ من الزمن. لكن يبدو أن اليونانيين طمعوا في المزيد من الأراضي إبان هزيمة جارهم اللدود في الحرب العالمية، فقرروا احتلال الكثير من الجزر الواقعة في بحر إيجة والبحر المتوسط، واجتاحوا أجزاءً واسعةً من الأناضول، وسيطروا على على مدنٍ كبرى مثل إزمير ومانيسا وبورصا وإسكي شهير، قبل أن يطردهم الأتراك بقيادة مصطفى كمال باشا، ويجبروهم على توقيع عددٍ من الاتفاقيات التي رسّمت حدود الجمهورية التركية الحديثة، لكنها أفقدت أنقرة بعض الجزر لصالح اليونان.
نتحدث في هذا التقرير عن أبرز المحطات في تاريخ النزاعات التركية – اليونانية، منذ بدايتها:
العلاقة العثمانية – اليونانية حتى العام 1913
خضعت اليونان للسيطرة العثمانية منذ القرن الـ15 على يد السلطان محمد الفاتح، واستمر الحكم العثماني في اليونان حوالي قرنين من الزمن، واتسم بكثرة التوترات بين الدولة ورعاياها الجدد.
لم يكن اليونانيون موالين للدولة العثمانية بحكم اختلاف دينهم عن دين دولتهم المسلمة، فاتخذوا مواقف مُعادية لها، وتحالفوا في أكثر من مناسبة مع خصومها مثل البنادقة والروس، في الحروب بين العثمانيين وحكام البندقية، والحرب الروسية التركية (1768 – 1774)، كما نظم اليونانيون في تلك الفترة عدداً من الانتفاضات أبرزها انتفاضة الفيلسوف ديونيسيوس ضد الحكم العثماني.
وفي عام 1821، اندلعت حرب الاستقلال اليونانية التي استمرت لعدة سنوات، وكانت أبرز معاركها معركة "نافارين" عام 1827، وهي مقتلة بحرية بين أساطيل الجيوش الإنجليزية والفرنسية والروسية من جهة، وبين الجيوش العثمانية والمصرية والجزائرية من جهة أخرى.
مني الأسطول العثماني بهزيمة كبيرة، اضطر بعدها السلطان محمود الثاني للموافقة على الاعتراف رسمياً باستقلال اليونان بموجب "بروتوكول لندن" في العام 1828، حتى استقلت اليونان رسمياً عام 1831.
تألفت الحدود الأولى للدولة اليونانية من البر الرئيسي اليوناني من مدينة آرتا في غرب اليونان إلى مدينة فولوس وسط البلاد، بالإضافة إلى جزيرة وابية وجزر سيكلاديز في بحر إيجة، فيما بقيت بقية الأراضي الناطقة باللغة اليونانية – بما في ذلك كريت وقبرص وبقية جزر بحر إيجة وإبيروس وثيساليا ومقدونيا وتراقيا – تحت الحكم العثماني، ومن هنا كانت بدايات أزمة ترسيم الحدود.
وفي فترة انشغال الدولة العثمانية في حرب القرم في العام 1854، وفي الحرب التركية – الروسية في العام 1877، وفي الفترة الممتدة بين عام 1854 و1896، اندلعت انتفاضات لليونانيين في الدولة العثمانية، خصوصاً في ثيساليا ومقدونيا وإبيروس، مطالبين بالاستقلال عن "الباب العالي".
وفي عام 1897، اندلعت انتفاضة في جزيرة كريت، أدت إلى قيام أول حرب بين الدولة العثمانية واليونان منيت فيها اليونان بهزيمة كبيرة، لكن العثمانيين خسروا حكم كريت بعدما تدخلت القوات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والروسية وأوقفت الزحف العثماني، وأُجبر العثمانيون على العودة لـ"معاهدة هاليبا"، التي تمت عام 1878 بين الدولة العثمانية والمتمردين في جزيرة كريت، والتي تعطيهم الحق في الحكم الذاتي تحت السيادة العثمانية.
وفي عام 1908، تسلم حزب الاتحاد والترقي وحركة "تركيا الفتاة" السلطة في الدولة العثمانية، وكان هدف قادتها إنشاء دولة قومية قوية محكومة مركزياً، لذلك شعرت الأقليات المسيحية في الدولة العثمانية بتهديد كبير، وعملت اليونان على تعزيز هذا الشعور لزيادة حدة التوتر.
ونتيجة لهذا التوتر، اندلعت حرب البلقان الأولى، في أكتوبر/تشرين الأول 1912، بين الدولة العثمانية ودول اتحاد البلقان وهي بلغاريا وصربيا واليونان والجبل الأسود، وانتهت في مايو/أيار 1913 بتوقيع "معاهدة لندن"، التي نتج عنها خسارة الدولة العثمانية لغالبية أراضيها في القسم الأوروبي، وكذلك بعض الجزر لصالح إيطاليا واليونان، مثل أرخبيل جزر دوديكانيسيا في بحر إيجة التي استولت عليها إيطاليا، وكان من المفترض أن تقوم إيطاليا بإرجاعها بموجب "معاهدة أوتشي" 1912، لكن لم يحدث ذلك، كما أدت الأحداث التي تلتها إلى قيام دولة ألبانيا.
الحرب التركية – اليونانية
توسعت مطامع اليونان في الأراضي العثمانية، بعد أن لاح في الأفق هزيمة دول المركز (ألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية وبلغاريا) في الحرب العالمية الأولى، وهنا قررت اليونان دخول الحرب في عام 1917 ضد الدولة العثمانية بقصد السيطرة على القسطنطينية (إسطنبول) وإزمير، وذلك بتحريض من البريطانيين والفرنسيين.
وبالفعل، احتلت اليونان إزمير في 15 مايو/أيار 1919، قبل أيام فقط من وصول مصطفى كمال إلى بلدة سامسون الساحلية على البحر الأسود (شمال الأناضول)، الذي بدأ حرب الاستقلال التركية في 19 مايو/أيار 1919، واستمرت حتى 24 يوليو/تموز 1923، بعد أن استقال من الجيش العثماني الذي أصبح يخضع لسيطرة دول الحلفاء (فرنسا وبريطانيا وروسيا وإيطاليا والولايات المتحدة واليابان)، ونظم قوات التحرير التي قاتلت اليونانيين والبريطانيين والفرنسيين والإيطاليين تحت قيادته.
تمكن مصطفى كمال باشا، الذي لقّب لاحقاً بـ"أتاتورك"، من طرد الأرمن من شرق الأناضول بعد توقيع "معاهدة لوزان"، وإلغاء "معاهدة سيفر" التي وقعها السلطان العثماني عام 1920، وتضمنت التخلي عن جميع الأراضي العثمانية التي يقطنها غير الناطقين باللغة التركية إضافة إلى استيلاء الحلفاء على أراضٍ تركية.
وقد كانت هذه الفترة مليئة بالأحداث المفصلية في التاريخ التركي؛ إذ أسس مصطفى كمال باشا المجلس الوطني العظيم في أنقرة من ممثلي القوى الشعبية المشاركة في حرب التحرير، ليتحول إلى حكومة موازية للسلطان العثماني في إسطنبول.
وفي العام 1922، تمكن "أتاتورك" من خلع السلطان العثماني محمد السادس، وإلغاء السلطنة، وبعدها بعام أصبح أول رئيس لجمهورية تركيا الحديثة.
في يوليو/تموز 1923، وقعت حكومة مصطفى كمال "معاهدة لوزان" التي كرست قيادته لتركيا باعتراف دولي، وتضمنت 143 مادة موزعة على 17 وثيقة ما بين "اتفاقية" و"ميثاق" و"تصريح" و"ملحق"، وتناولت هذه المواد ترتيبات الصلح بين الأطراف الموقعة على المعاهدة، وإعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينها "وفقاً للمبادئ العامة للقانون الدولي".
وبموجب هذه المعاهدة، تم تنظيم استخدام المضائق المائية التركية وقواعد المرور والملاحة فيها زمن الحرب والسلم، واحتوت نصوصاً تحدد شروط الإقامة والتجارة والقضاء في تركيا، وإعادة النظر في وضعية الدولة العثمانية ومآل الأراضي التي كانت تابعة لها قبل هزيمتها في الحرب العالمية الأولى خلال 1914 – 1918، وقد تم ترسيم الحدود مع عدد من الدول – أبرزها اليونان – وحافظت تركيا على ضم إسطنبول وتراقيا الغربية، وتضمنت بنوداً تتعلق بتقسيط ديون الدولة العثمانية.
وقضت "معاهدة لوزان" بتخلي تركيا عن السيادة على قبرص، وحماية الأقلية المسيحية الأرثوذكسية اليونانية بتركيا والأقلية المسلمة في اليونان، وتم إعلان الاستقلال الإداري لجزيرتي غوكتشا وبوزجا، لكن أنقرة لم تطبق هذه المادة، فيما قامت تركيا بتسليم جزر إيجة لإيطاليا، مقابل اتجاه إيطاليا نحو نزع السلاح في الجزر القريبة من الحدود التركية.
تسليم الجزر التركية لليونان
خلال فترة الحرب العالمية الثانية استخدمت إيطاليا، وحليفتها ألمانيا النازية، أرخبيل جزر دوديكانيسيا في بحر إيجة منطلقاً لعملياتها في المنطقة، سيما غزو جزيرة كريت اليونانية عام 1941.
وإثر استسلام إيطاليا وخروجها من ساحة الصراع بين الحلفاء (الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفييتي وفرنسا) ودول المحور (ألمانيا وإيطاليا واليابان) عام 1943، تحول الأرخبيل إلى ساحة لمعركة بين الحلفاء، الذين حاولوا السيطرة على مجموعة الجزر، لكن ألمانيا استطاعت السيطرة عليها حتى نهاية الحرب.
وبعد الهزيمة في الحرب، سلم الألمان هذه الجزر للبريطانيين، الذين سلموها بدورهم إلى اليونان، وتم تثبيت ذلك في معاهدة السلام بين الحلفاء وإيطاليا عام 1947، مع إنكار حق تركيا لكونها انتزعت من الدولة العثمانية بالأصل، وتشكل امتداداً جغرافياً طبيعياً للأناضول.
وبطبيعة الحال، أزعجت تلك الخطوة أنقرة بشدة، حيث تعتبر تركيا أنه من غير المعقول أن تبقى محاصرة بعشرات الجزر الصغيرة التي تحرمها من مد منطقتها الاقتصادية في عمق البحر المتوسط، فضلاً عن تشكيلها تهديداً استراتيجياً لأمنها القومي، فيما اعتبرت أثينا أن دوديكانيسيا عادت إليها بعد غياب استمر 740 عاماً، بينما اختار كثير من سكانها المسلمين الهجرة إلى تركيا، سيما بعد اندلاع الأزمة القبرصية عام 1974.
ومنذ ذلك الوقت، ترفض أثينا إعادة النظر في أي من المعاهدات أو بترسيم الحدود البحرية مع أنقرة، فضلاً عن رفضها التوقف عن نشر معدات عسكرية على تلك الجزر.
لذلك تعتبر الجزر المتواجدة في بحر إيجة أبرز الملفـات حساسية في العـلاقة بين تـركيا والـيونان وسـط نـزاع سـيطرة عـلى المـجال البحري والـجوي في بحر إيجة، وعلى الدوام تحصل مناوشات ومضايقات من قبل القوات الجوية والبحرية للجانبين، تطورت في بعض الأحيان إلى اشتباك عسكري، وسط تحذيرات دولية من إمكانية أن تؤدي إحدى هذه المناوشات إلى اشتباك عسكري أوسع بين البلدين، خصوصاً أن حدة التوتر متزايدة منذ مطلع التسعينيات، وسط سباق التسلح بين البلدين، كان آخره إصرار أنقرة على الحصول على منظومة للدفاع الجوي، بالنظر إلى قوة سلاح الجو اليوناني.
وجدير بالذكر أن ما حدث نهاية يناير/كانون الثاني 1996، عندما رست سفينة تركية على جزيرة كارداك في بحر إيجة، هبت فرق إنقاذ يونانية وتركية لنجدة السفينة، نشب خلافٌ حول تبعية الجزيرة، كاد أن يتحول إلى حرب، إذ نشر الجانبان سفنهما العسكرية حول كارداك، لولا تدخل الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" في اللحظة الأخيرة.
الخلاف حول جزيرة قبرص
دخل العثمانيون جزيرة قبرص عام1571، بعدما استطاعوا إجلاء البنادقة الإيطاليين عنها، وحل محلهم الكثير من السكان الأتراك، ومنذ ذلك التاريخ ظلت قبرص تابعةً للدولة العثمانية طوال ثلاثة قرون.
شهدت الجزيرة الواقعة في أقصى شرق البحر المتوسط فترات من الاستقرار والازدهار، وفترات أخرى من الاضطراب السياسي والاجتماعي.
وفي 1878 تنازلت الدولة العثمانية عن قبرص لصالح بريطانيا، بموجب معاهدة سرية تعهدت فيها بريطانيا بأن تساعد تركيا في دفع الخطر الروسي عنها، لكن بريطانيا ألغت هذه المعاهدة خلال الحرب العالمية الأولى وأعلنت في 1925 أن قبرص "مستعمرة ملكية".
ظلت قبرص تحت الوصاية البريطانية حتى نالت استقلالها عام 1960، بعدما اتفقت الدول الثلاث: بريطانيا، وتركيا، واليونان، على طريقة الحكم في الجزيرة.
وتم الاتفاق على أن يكون هناك التزام في الدستور القبرصي بمشاركة الأقلية التركية في الحكم، لكن الأغلبية اليونانية التي تشكل حوالي ثلثي سكان الجزيرة تقريباً، لم تنفذ ما عليها من التزامات بالدقة والقدر اللازمين، فنشب خلاف بين الطرفين تطور حتى أصبح يعرف بـ"المشكلة القبرصية".
وما فاقم من المشكلة القبرصية، في عام 1974 تحرك الحرس الوطني القبرصي، المكون من ضباط موالين للحكم العسكري في اليونان واحتلوا القصر الجمهوري، حاولوا قتل الرئيس مكاريوس الثالث، لكنه بعدما نجا وحضر الجمعية العامة للأمم المتحدة في واشنطن، أعلن بلاده بلداً محتلاً من قبل اليونانيين.
على الفور تحرك الجيش التركي لحماية الأقلية التركية على الجزيرة وإعادة الوضع السياسي لقبرص إلى طبيعته، ومن ثم أعلنت تركيا الجزء الشمالي من الجزيرة فيدرالية تركية في العام 1983.
لم يعترف أحد بشرعية التحرّك التركي، فأعلن نصف الجزيرة استقلاله وسُميت بجمهورية شمال قبرص التركية وأصبحت ذات أغلبية تركية، دون أن تنال أي اعترافٍ دولي سوى من تركيا.
وبقيت قبرص الجنوبية ذات الأغلبية اليونانية، والمعترف بها دولياً، تمثل عائقاً أمام تركيا في حدودها البحرية.
موقف اليونان من دخول تركيا الاتحاد الأوروبي
بعد هذا العرض التاريخي لطبيعة الصراع بين تركيا واليونان، يمكن فهم خلفيات الموقف اليوناني المتزمت ضد دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي؛ والذي يتخوف أصلاً من دخول تركيا ضمنه، هناك معوقات ديموغرافية، إذ سيجعل انضمام تركيا (المسلمة) للاتحاد (المسيحي بأغلبه) ثاني أكبر عضو فيه من حيث عدد السكان بعد ألمانيا.
إضافة إلى مخاوف سياسية عديدة لدى دول الاتحاد أبرزها، اليونان، من أن تتحول القضايا الإسلامية في تركيا إلى قضايا أوروبية، نظراً لأن الديانة الأكثر انتشاراً في تركيا هي الإسلام، ومن فترة لأخرى تقوم اليونان بإشعال الإعلام الأوروبي ضد تركيا، متهمة إياها باضطهاد المسيحيين، مثلما حدث مؤخراً في قضية إعادة "آيا صوفيا" من متحف إلى جامع.
إضافة لافتعال اليونان المشاكل الحدودية مع تركيا واستنجادها بالاتحاد الأوروبي، وتطالب اليونان من شركائها في الاتحاد الأوروبي إعداد قائمة بعقوبات اقتصادية "موجعة" لاستخدامها ضد تركيا المجاورة، إذا مضت قدماً في عمليات التنقيب عن الغاز والنفط قبالة الجزر اليونانية.
اليونان تعتمد الجرف القاري.. والتحالف مع مصر وإسرائيل
تعتمد اليونان على الجرف القاري في رسم الحدود مع تركيا ضمن الجزر والمناطق المتنازع عليها في بحر إيجة، ويُعرف الجرف القاري بأنه الامتداد الطبيعي لليابسة داخل البحار والمحيطات، وهو بالنسبة لأي دولة ساحلية قاع وباطن أرض المساحات المغمورة التي تمتد ما وراء البحر الإقليمي، وللدولة الساحلية حقوق سيادية على جرفها القاري، لتستفيد من موارده الطبيعية غير الحية كالنفط والغاز والمعادن.
ووفقاً لهذا المبدأ، يمكن أن يُعطى للجزر مساحة جرف قاري أو منطقة اقتصادية خالصة أقل مقارنةً باليابسة الرئيسية، حتى إن الجزر من الممكن أن تكون محاطة بالكامل. وحينذاك، يتم أخذ عوامل عديدة في الاعتبار، كمساحة الجزر، وطول جبهاتها، ومواقعها، ومدى بعدها عن اليابسة.
وبحسب قانون البحار الدولي الأول في 1958 الصادر عن جنيف، وقانون البحار الدولي الثاني في 1960، فإن منطقة شرق المتوسط هي منطقة اقتصادية خالصة لمصر وتركيا، إلا أن بعد قانون البحار الدولي الثالث في 1982 أعلنت اليونان جرفاً قارياً لها بعمق 12 ميلاً بحرياً، الأمر الذي أثار حفيظة تركيا.
وتعمل اليونان في السنوات الأخيرة الماضية، على محاولة توسيع جرفها القاري، على الرغم من أن الجزر التي تسيطر عليها أكثر قرباً إلى تركيا منها إلى اليونان، وخلال الأيام الماضية، أعلنت اليونان ومصر توقيع اتفاقية لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخاصة بالجرف القاري للبلدين، ولم يتم الإفصاح عن تفاصيل النص الرسمي للاتفاقية حتى الآن، ويعتبر الأتراك أن ذلك يهدف إلى محو الحدود البحرية بين تركيا وليبيا، فضلاً عن تضرر خط الملاحة التركي.
وسبق هذا الاتفاق بعدة أشهر اتفاقية أخرى وقعها قادة قبرص واليونان وإسرائيل، في 2 يناير/كانون الثاني 2020 في أثينا لمد خط أنابيب الغاز المعروف بـ"إيست ميد"، بطول 1900 كيلومتر لنقل الغاز الطبيعي من منطقة شرق البحر المتوسط إلى أوروبا.
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، أبرمت الحكومة التركية مع حكومة الوفاق الليبية، اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين في البحر المتوسط، وأكد المسؤولون الأتراك أن هذه الاتفاقية تزود مصر بوسيلة ضغط ضد سلوك اليونان المتشدد، نحو جر مصر إلى اتفاقية مجحفة بحقها مع اليونان.