كشف تقرير بريطاني أن إمبراطور الأعمال السوري رامي مخلوف ما يزال داخل واحدٍ من منازله بسوريا، رغم انتقاده العلني للرئيس بشار الأسد، في مظهر معارضةٍ نادر من أحد الأفراد الأساسيين بالعائلة الحاكمة للبلاد.
إذ أفاد مصدر مُطّلع على السياسات الداخلية لحكومة النظام السوري وعشيرة الأسد، لموقع Middle East Eye البريطاني، أنّ مخلوف موجود داخل إحدى الفيلات المملوكة له بسوريا رغم إشارة بعض التقارير إلى الاشتباه في سفره إلى الإمارات العربية المتحدة، معرباً -"أي المصدر"- عن قناعته بأن القضية أكثر تعقيداً من مجرد حلقة "اقتتال داخلي في الدائرة الداخلية للأسد".
جزء من مؤامرة: المصدر المقرب من النظام السوري رجح أن يكون مخلوف جزءاً من مؤامرةٍ أوسع يُستخدم فيها من جانب أحد حلفاء دمشق لزيادة الضغط على النظام السوري حتى يقبل بالتسوية السياسية لإنهاء الحرب في البلاد، أو يُستخدم من جانب دمشق نفسها لمواجهة تلك الضغوطات المتزايدة.
أردف المصدر: "في الوقت الراهن ما يزال مخلوف داخل سوريا، ولم يُقبض عليه. أعرف مخلوف شخصياً وأعلم أنّه لا يجرُؤ على تحدّي الدولة؛ مما يدفعني إلى التساؤل عن السبب الذي دفعه إلى فعل ذلك. نحن نتحدَّث هنا عن نزاع على مبلغ 200 مليون دولار، الذي يُمثّل فتات خُبز بالنسبة لثروة مخلوف التي تصل إلى مليارات الدولارات".
ثم أشار إلى أن أبناء مخلوف يمتلكون أصولاً تشمل فيلات، وسيارات، وطائرات، تصل قيمتها داخل دولة الإمارات العربية المتحدة فقط إلى مبلغٍ "يُقارب المبلغ الذي تطلُب منه الدولة السورية دفعه".
إذ تحوّل ابنا مخلوف، محمد وعلي، إلى رمزين سيئي السمعة للثروة الهائلة الفارهة الخاصة بتلك العائلة. وفي أبريل/نيسان2020، اعتذر موقع Instagram عن استخدام صورة لمحمد مخلوف -وهو يحتفل بعيد ميلاده في العزل الذاتي- داخل حملةٍ للتوعية بجائحة فيروس كورونا.
سداد رسوم ترخيص: كانت وزارة الاتصالات السورية قد أصدرت بياناً في وقتٍ مُبكّر من من شهر مايو/أيار 2020، أمرت فيه شركتي Syriatel وMTN -اللتين يملُك مخلوف كثير من أسهمهما- بسداد رسوم ترخيص بقيمة 233.8 مليار ليرة سورية (455 مليون دولار) عن الفترة بين عامي 2015 و2019.
حيث أردفت الوزارة أن سلطات الضرائب السورية تُتابع قضيةً مُنفصلة ضد شركات الاتصالات بتهمة التهرُّب الضريبي.
انتقادات مخلوف المستمرة: في حين قال كمال علام، المُحلّل المُطّلع على ديناميات الحكومة السورية، لموقع Middle East Eye البريطاني، إن مخلوف يُمكن أن يُقبض عليه بسبب انتقاداته المُستمرة.
فيما أردف: "سيتحدثون إليه… ولكنني لا أعتقد أنّهم سيقبضون عليه علناً الآن، فالوقت ما يزال مُبكّراً. أما في حال واصل النشر على الشبكات الاجتماعية ولم يدفع الأموال المطلوبة؛ فسوف يُلقون القبض عليه وربما يُصادرون ممتلكاته، مما سيُجرّده من نفوذه".
واستبعد علام، التلميحات إلى أن خلاف الأسد مع مخلوف يكشف انقساماتٍ أكبر داخل المؤسسة الحاكمة في سوريا.
إذ أوضح: "لا يسمح لك النظام السوري بأن تكون أقوى منه، ومخلوف لا يملُك سوى المال. ويمتلك الآخرون المال داخل سوريا، لذا فهو ليس فريداً من نوعه. كما لا يمتلك منصباً في الجيش أو شعبية، حيث إنّ الجيش والاستخبارات يُمثلان أكثر المؤسسات نفوذاً داخل سوريا".
كذلك قال علام إنّ البقاء في سوريا إبان هذا الخلاف، من المحتمل أن يُمثّل أفضل طريقة يُؤمّن بها مخلوف مستقبله داخل البلاد: "إذا غادر البلاد في عطلة، فسيكون كل شيء على ما يُرام. ولكن مغادرته البلاد بسبب هذا النزاع ستعني نهاية الأمر، إذ لن يُسمح له بالعودة إلى سوريا مُجدّداً".
ثروة مخلوف: وتُشير التقارير إلى أن مخلوف كان يُسيطر على 60% من الاقتصاد السوري قبل اندلاع الحرب عام 2011، وكانت ثروته تُقدَّر بنحو خمسة مليارات دولار.
كما أُدرِج اسمه على قائمة العقوبات الأمريكية، بسبب دعمه لحكومة دمشق، ووُصِفَ بأنه "رمز الفساد السوري" في برقيةٍ من وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ يناير/كانون الثاني عام 2008.
أما في شهر أبريل/نيسان 2020، اكتشفت السعودية مخبأ يحوي 44.7 مليون قرص أمفيتامين (كبتاغون)، في أثناء تهريبها من سوريا إلى المملكة وسط شحنةٍ تحمل شعار إحدى شركات مخلوف.
إلى ذلك، تأتي حملة القمع التي تستهدف إمبراطورية مخلوف في خِضَم تحرُّكات نظام الأسد، الذي يزعم أنه يحارب الفساد بالتزامن مع ترنُّح اقتصاد سوريا نتيجة تسع سنوات من الحرب، والعقوبات الشديدة، والأزمة الاقتصادية في لبنان المجاور.
