تستعد فرنسا لـ"خميس أسود" بسبب دعوة النقابات العمالية إلى إضراب عام، الخميس 5 ديسمبر/كانون الأول 2019، يتوقع أن يشل قطاعات اقتصادية حيوية في البلاد، وذلك رفضاً لمشروع قانون جديد يرفع سن التقاعد.
المواصلات ستكون أحد القطاعات الحيوية التي يتوقع تعطلها، إذ أعلنت عدة شركات في قطاعات مختلفة أنها ستبدأ تدريجياً بتعليق نشاطاتها ابتداء من مساء الأربعاء، جاء في مقدمتها شركة السكك الحديدية ومترو الأنفاق والحافلات و"الترامواي" إضافة إلى النقل الجوي.
كذلك أعلن موظفون بقطاعات الصحة والنظافة والقضاء والأمن والطاقة والتعليم المشاركة في الإضراب المفتوح بالغياب عن أعمالهم، اليوم الخميس، للمشاركة في التظاهرات التي ستنطلق في باريس من محطة "غار دو ليست" (محطة الشرق) حتى ساحة "ناسيون" (ساحة الأمة).
أكثر من نصف الفرنسيين يؤيدون التظاهرات
هذا الإضراب يسانده 58% من الفرنسيين وفق صحيفة "لوبارزيان" الفرنسية، التي نقلت عن وزير الداخلية كريستوف كاستنير تأكيده أن ما لا يقل عن 245 مظاهرة احتجاجية ستجوب شوارع المدن الفرنسية.
كما تحدث وزير التربية جان ميشان بلانكير عن مشاركة 55% من عمال القطاع في الإضراب مع توقعه ارتفاع النسبة إلى 78%، أي مشاركة 8 معلمين من بين كل 10 معلمين.
فيما ألغت شركات الطيران نحو 223 رحلة محلية ودولية، كما أغلقت معظم المدارس وخطوط مترو الأنفاق، وفق صحيفة The Independent البريطانية.
وحتى إن لم يؤيد كل الفرنسيين الإضراب، إلا أن عدداً منهم سيجبر على المشاركة به بسبب خشيتهم من عدم الوصول لأماكن عملهم، كذلك اقترحت بعض الشركات والمؤسسات العمل من المنزل أو قضاء ليلة الأربعاء الخميس في فندق بباريس قريب من أماكن العمل على حساب الشركة.
تدابير أمنية واسعة
من جهتها، حذرت الحكومة من وقوع أعمال عنف خلال المسيرات الاحتجاجية ضد مشروع القانون المتعلق بإصلاح النظام التقاعدي، والذي من المنتظر أن تقدمه الحكومة أمام البرلمان للتصويت على المصادقة عليه، معلنةً نشر ما بين 4 إلى 5 آلاف عنصر من رجال الأمن في شوارع باريس، خاصةً بالمناطق الحيوية، حيث يقع قصر الإليزيه ومقر الحكومة والبرلمان، إذ قال وزير الداخلية إن الخطوة جاءت لإيمانه بأن أعداداً كبيرة ستخرج في الاحتجاجات، لذا يتطلب وجود قوات أمن لأي تدخل فوري خشية وقوع أعمال عنف مع الأعداد الكبيرة.
كما أعلنت محافظة باريس عزمها منع تظاهر الأشخاص الذين يدعون بأنهم من "السترات الصفراء" في بعض المواقع الحساسة من العاصمة.
فيما أكدت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) أن المتظاهرين يخشون تسلل بعض المخربين الذين قد يقومون بتكسير واجهات المحلات واستهداف الأملاك العامة والخاصة.
قانون التقاعد سبب كل هذا الغضب
يأتي هذا غضباً من اقتراح مشروع إصلاح في نظام التقاعد صاغه الوزير الفرنسي السابق جون بول ديلوفوا بطلب من الرئيس إيمانويل ماكرون الذي عينه مفوضاً سامياً للتقاعد لدى وزارة الصحة.
النظام التقاعدي الجديد يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، ويسمح لمن يريد التقاعد في سن الـ62 بذلك، لكن دون الحصول على كامل معاشه، كما يقترح الاعتماد على نظام النقاط بحساب الاشتراكات المدفوعة من قِبل الموظف.
أيضاً يسعى المشروع لإلغاء أنظمة التقاعد الخاصة التي كان يستفيد منها بعض العمال، لا سيما الذين يعملون في قطاعات توصف بأنها "شاقة" مثل موظفي البناء وسائقي المترو والقطارات مقابل التقاعد في سن مبكرة.
الفرنسيون رفضوا قانوناً مماثلاً قبل 25 عاماً بالإضراب
يذكر أن فرنسا التي شهدت احتجاجات لـ"السترات الصفراء" في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بسبب زيادات في أسعار الوقود وارتفاع تكلفة المعيشة ثم تحولت إلى حراك أوسع ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومسعاه لتنفيذ إصلاحات اقتصادية – شهدت إضراباً مفتوحاً مشابهاً في عام 1994.
هذا الإضراب كان رفضاً لقانون، وأجبرت الاحتجاجات رئيس الحكومة آنذاك آلان جوبيه على سحبه.