«بيلا تشاو» بنسختها العراقية، أغنية حاولت السلطات منع المتظاهرين من رؤيتها

ببزّات حمراء وأقنعة دالي الشهيرة، يؤدي أعضاء فرقة موسيقية محلية في مدينة الموصل بشمال العراق، على أنغام نشيد المقاومة الإيطالية الشهير "بيلا تشاو"، أغنية "ثورتهم" الخاصة، دعماً لحركة الاحتجاج المتواصلة منذ أسابيع في كل أنحاء البلاد.

عربي بوست
تم النشر: 2019/11/17 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/11/17 الساعة 09:46 بتوقيت غرينتش
أعضاء الفرقة أرادوا التضامن مع المحتجين في العراق - مواقع التواصل

ببزّات حمراء وأقنعة دالي الشهيرة، يؤدي أعضاء فرقة موسيقية محلية في مدينة الموصل بشمال العراق، على أنغام نشيد المقاومة الإيطالية الشهير "بيلا تشاو"، أغنية "ثورتهم" الخاصة، دعماً لحركة الاحتجاج المتواصلة منذ أسابيع في كل أنحاء البلاد.

وقرّر أبناء مدينة الموصل، كبرى مدن محافظة نينوى الشمالية، استخدام الفن لمساندة المتظاهرين الساعين إلى "إسقاط الحكومة"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، اليوم الأحد 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

في فيديو كليب انتشر سريعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن رؤية فنانين يرتدون بزّات حمراء اشتهرت في مسلسل "لا كاسا دي بابل" الإسباني الذي أنتجته "نيتفليكس". 

ويعتقد البعض في العراق أن المقصود بـ "كاسا دي بابل" مدينة بابل الأثرية جنوب بغداد، التي أُدرجت مؤخراً على لائحة التراث العالمي.

ووُلدت فكرة تعريب الأغنية إلى اللهجة العراقية لدى الفنان محمد البكري (26 عاماً)، لتتحول كلمة "بيلا تشاو" (الوداع يا جميلة)، إلى "بلاية جارة" (وتُلفظ تشارة) باللهجة العراقية وتعني "دون حل".

وتقول الأغنية: "حلمي ما شفته، والدرس عفته، وضعيتي كفته بلاية جارة (…) حصتي سلبوني، اسمي نسوني، دمعات عيوني بلاية جارة (…) رزقي سلبوني، حقي باكوني (سرقوني)، متت صدقوني (…) مسؤولي ساكت، والوضع خابط، وضعيتي صارت بلاية جارة".

ويقول مخرج الأغنية عبدالرحمن الربيعي (25 عاماً)، للوكالة الفرنسية، إن "الأغنية رسالة فنية للتضامن من الموصل مع المتظاهرين، ونقول لهم: قلوبنا معكم".

خوف من اتهامات جاهزة

وتبدأ صور الأغنية بمشهد لميكانيكي يائس يلعب دوره "البكري"، أحد أعضاء الفرقة المؤلفة من 14 فناناً.

ويقول البكري، وهو أب لطفلين، إنه أسس الفرقة في عام 2016، مضيفاً: "اشترينا ملابس مستعملة وصنعنا أقنعة من القماش والبلاستيك وصبغناها، وصوّرنا بمنازلنا وفي شوارع".

وأضاف الفنان الذي كان يحلم بالتظاهر في الشوارع مثل أبناء بلده، أن "وضعاً استثنائياً يمنع أهل الموصل من التظاهر، لذا اخترنا هذه الطريقة للمساندة".

ولم يلتحق سكان المحافظات ذات الغالبية السُّنية في شمال العراق وغربه، بموجة الاحتجاجات، رغم أن الظروف فيها ليست بأفضل من بقية المحافظات. 

لكنَّ سكان تلك المناطق يقولون إن تهمة "الإرهاب" ستكون جاهزة في حقهم، خصوصاً أن محافظاتهم كانت خاضغة لسيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، الذي دُحر من البلاد في نهاية عام 2017. 

كما أنهم يتخوفون من اتهامات بالولاء للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وحزب البعث.

وكانت السلطات العراقية قد أشارت في مناسبات عدة، إلى أن الاحتجاجات يخرقها "مندسُّون". ولفت بعض المسؤولين إلى أنها "مؤامرة" تسعى إلى زرع "الفوضى".

ويرى "البكري" أن الشاشة بديل الشارع، وقال: "بالفن، يمكننا دعم الحركة بطريقتنا الخاصة. اخترنا هذه الطريقة للمساندة، وأعتقد أنها تعبر عن رأي كل العراقيين".

وتمكنت الفرقة من إنتاج الفيديو خلال 12 ساعة فقط، وبثه على شبكات التواصل الاجتماعي قبل أن تحجبه السلطات نهائياً وتقطع الإنترنت في معظم محافظات البلاد.

"لا يوجد خوف"

وفي الفيديو المتداول، يظهر الممثلون حاملين لافتات كُتب عليها "نريد عراقاً موحداً"، و "أريد حق أخي الشهيد"، و "أريد حقي".

وتعتبر الطالبة جيهان مزوري (23 عاماً)، أن دورها في مشاهد الأغنية "أقل واجب وطني يمكن تقديمه لإخواني المتظاهرين السلميين" في مدن الجنوب.

وتجسّد هذه الشابة دور امرأة ترتدي عباءة سوداء وحجاباً يغطي جزءاً من وجهها، وتبدو في الفيديو كليب يائسةً وهي تغني "المستقبل صار بلاية جارة".

وبعد نجاح الفيديو وانتشاره، قررت مزوري والفريق التوجه إلى بغداد، القلب النابض للاحتجاجات، للمشاركة في التظاهر.

ووصل الفريق إلى ساحة التحرير، وأدوا هناك أغنية "تك تك يا أم سليمان" الشهيرة للفنانة اللبنانية فيروز، مع بعض التغييرات والتحويرات لتناسب الوضع العراقي، ليعبروا عن تقديرهم لسائقي عربات الـ "توك توك" الثلاثية العجلات، التي باتت رمزاً مهمّاً للاحتجاجات.

ويقول الربيعي إن العراقيين أصبحوا اليوم أكثر شجاعة، "زادت ثقة المواطن بنفسه وحبّه لوطنه، وعدم السكوت عما يحدث (…) ماكو (لا) خوف بعد الآن".

ويشهد العراق، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، احتجاجات غير مسبوقة تطالب برحيل حكومة عادل عبدالمهدي، التي تتولى السلطة منذ أكثر من عام.

ومنذ ذلك الوقت، سقط في أرجاء العراق 335 قتيلاً و15 ألف جريح، وفق إحصاء أعدَّته الأناضول، استناداً إلى أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية تتبع البرلمان)، ومصادر طبية وحقوقية.

والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية مقربة من إيران.

وطالب المحتجون في البداية بتحسين الخدمات وتأمين فرص عمل ومحاربة الفساد، قبل أن تشمل مطالبهم رحيل الحكومة والنخبة السياسية المتهمة بالفساد.

ويرفض عبدالمهدي الاستقالة، ويشترط أن تتوافق القوى السياسية أولاً على بديل له، محذراً من أن عدم وجود بديل "سلس وسريع"، سيترك مصير العراق للمجهول.

تحميل المزيد