جدل كبير يدور في تونس حول المرشح للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، هذه المرة ليس حول أزمة رفض خروجه من السجن، بل بسبب دفعه الأموال لشركة أجنبية يملكها إسرائيلي من أجل الضغط على حكومات خارجية لدعمه في الانتخابات، وهو ما جعل البعض يطالب بالإطاحة به من السباق.
وكان موقع "لوبيينغ آل مونيتور" فجر مفاجأةً مدوية، بعدما نشر وثائق تُثبت تعاقد المترشح للانتخابات الرئاسية التونسية في دورها الثاني، نبيل القروي، مع شركة دعاية يملكها ضابط سابق في الجيش الإسرائيلي.
ونشر الموقع نسخة من العقد المُبرم بتاريخ 19 آب/أغسطس 2019، والمسجّل لدى وزارة العدل الأمريكية هذا الأسبوع. وتكشف الوثائق أن القروي وقّع عقداً بقيمة مليون دولار مع شركة "ديكينز ومادسون" الكندية، التي يديرها تاجر سلاح دولي والمستشار السابق لرئيس الحكومة الإسرائيلية وضابط الاستخبارات السابق في الجيش الإسرائيلي، آري ميناشي، بهدف التأثير على الحكومات الأمريكية والروسية والأوروبية.
ويهدف العقد الموقع إلى دعم القروي في الانتخابات، وتنظيم لقاءات له مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والرئيس الروسي بوتين قبل الانتخابات.
صدمة في تونس
وقْع الوثائق المنشورة على الرأي العام التونسي كان كبيراً، حيث استأثرت هذه المفاجأة المدوية باهتمام التونسيين، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان التوجه السائد بين التونسيين هو التنديد بتعامل القروي مع شركة دعاية أجنبية، وتعامله مع ضابط إسرائيلي سابق.
ولفت انتباههم أيضاً الأموال الطائلة التي دفعها للشركة، التي تستوجب وفق أغلب التدوينات فتح تحقيق قضائي في المسألة، وإسقاط ترشح القروي.
مطالبات بإسقاط ترشح القروي
وفي تعليقه على الوثائق المنشورة، طالب أستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك، بإسقاط ترشح رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، مؤكداً استنكاره لهذا الفعل عبر فيسبوك.
واعتبر بن مبارك أن دفع الملايين للتأثير على الحكومات الأمريكية والروسية والأوروبية، بهدف دعم القروي في الانتخابات، وتجميع موارد مادّية من أجل دعم حملته الانتخابية، هو "من قبيل الدعم والتمويل الأجنبي للحملات الانتخابية، والذي يعتبره القانون الانتخابي جريمة موجبة لسقوط ترشّحه"، على حد تعبيره.
إنكار واتهامات بتزوير الوثائق
من جهتها أكدت سميرة الشواشي، القيادية في حزب "قلب تونس" التابع للقروي، أن "هذه الوثائق مزورة ولا تمتّ للواقع بصلة"، على حد تعبيرها.
وأضافت أن "الهدف من نشر هذه الوثائق معلوم"، وهو تشويه الحزب ومرشحه للانتخابات الرئاسية اللذين أصبحا -وفق تقديرها- يشكلان مصدر قلق وإزعاج لبعض الأطراف السياسية دون ذكرها.
وأضافت الشواشي أن الحزب كان ينتظر نشر مثل هذه الوثائق واستمرار ما وصفته بحملات التشويه غير الأخلاقية تجاه المترشح للدور الثاني من الانتخابات الرئاسية نبيل القروي، مؤكدة أن الشعب التونسي لديه من الوعي والثقافة ما يمكنه من تمييز الحقيقة من الكذب والتشويه.
وختمت الشواشي بالتأكيد على أن الحزب المنشغل بالحملات الانتخابية التشريعية والرئاسية وبوضعية مرشحه للرئاسيات نبيل القروي سيعقد اجتماعاً خلال الساعات القادمة لبحث الرد على هذه الحملة الممنهجة، وفق تعبيرها.
لجنة الانتخابات تحقق
وفي سياق متصل، أكد عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي لـ "عربي بوست" أن لجنة مراقبة الحملات الانتخابية تقوم بدراسة الوثائق المنشورة للتأكد من صحتها قبل اتخاذ أي قرار في شأنها.
وأضاف البرينصي أن اللجنة المكونة من أعضاء من البنك المركزي التونسي والبريد التونسي والديوانة ودائرة المحاسبات ولجنة التحاليل المالية ووزارة المالية، والتي يترأسها نائب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات "ستولي هذه المسألة كل الاهتمام، على غرار كل المسائل والخروقات الأخرى قبل أن تصدر تقريرها لمجلس هيئة الانتخابات، التي ستتولى حينها النظر في حجم الخرق وإمكانية إسقاط ترشح القروي أو إلغاء نتائج الانتخابات".
وختم البرينصي بالتأكيد على أن التمويل الأجنبي ممنوع في الحملات الانتخابية، ويعد خرقاً كبيراً يمكن أن تصل عقوبته لإسقاط الترشح، مؤكداً أن الهيئة هي الوحيدة المخولة باتخاذ قرار في هذه المسائل، مشدداً على أنه يجب عدم تهويل المسألة إلى حين ثبوت صحة الوثائق.
وحاول "عربي بوست" الحصول على تعليق أو موقف من المترشح للدور الثاني قيس سعيد، أو فريق حملته الانتخابية، إلا أنه لم يتم الرد على اتصالاتنا المتكررة، في انتظار الإعلان عن موقف رسمي من حملة سعيد حول هذه الوثائق الخطيرة.