قالت صحيفة "عكاظ" السعودية، اليوم الثلاثاء 9 يوليو/ تموز 2019، إنه سيتم قريباً إسقاط الولاية على القاصرين الذين يبلغون سن الـ 18 عاماً، حيث سيمثل القرار لو اتخذ بالفعل مؤشراً آخر على تحولات كبيرة تشهدها المملكة.
وذكرت الصحيفة نقلاً عن مصادرها أنه تم تشكيل لجنة لدراسة إضافة حكم إلى نظام المرافعات الشرعية، الصادر عام 1435، يقضي بانتهاء الولاية على القاصر سناً ببلوغه سن الثامنة عشرة، ما لم تحكم المحكمة باستمرارها عليه.
وأضافت أنه في حال رغب القاصر إثبات رشده قبل ذلك فيكون عن طريق المحكمة المختصة.
وتتألف اللجنة المُشكلة من وزارة العدل، وديوان المظالم، والمجلس الأعلى للقضاء، والنيابة العامة، وقالت الصحيفة إن اللجنة مطالبة بضرورة مراعاة الأنظمة ذات العلاقة، والأحكام الشرعية، والتعاملات المالية في هذا الشأن، واقتراح ما يلزم من تعديلات في ضوء الضوابط المطلوب مراعاتها عند إعداد ودراسة مشاريع الأنظمة واللوائح وما في حكمها.
وكشفت مصادر "عكاظ" عن إجراء دراسة تعنى بإضافة حكم إلى المادة الرابعة من نظام وثائق السفر، الصادر بمرسوم ملكي عام 1421، يقضي بإصدار جواز سفر مستقل للخاضعين للحضانة، واقتراح ما يلزم من تعديلات في ضوء الضوابط المطلوب مراعاتها.
تخفيف للقيود
وتأتي الخطوة -وفق مراقبين- في إطار جهود المملكة لتخفيف الانتقادات الحقوقية لنظام الولاية، التي تصاعدت بشكل كبير بعد واقعة الفتاة السعودية رهف القانون، التي فرت من المملكة وحصلت على اللجوء في كندا، بسبب ما قالت إنه "عنف" تعرضت له من قبل أسرتها، رغم نفي الأسرة لذلك.
وحسب نظام الولاية، يتعين على المرأة البالغة في المملكة الحصول على تصريح من ولي أمرها من الذكور -الذي قد يكون والدها أو شقيقها أو أحد أقاربها- للسفر أو الزواج أو إجراء بعض المعاملات مثل استئجار شقة ورفع دعاوى قانونية.
وفي فبراير/ شباط الماضي، قال النائب العام السعودي، سعود المعجب، إن المملكة "تجري دراسة على مشروع متكامل حول الإهمال في الولاية لمعالجة هذه القضية تمهيدا لرفعه إلى الجهات العليا لاعتماده".
وأضاف المعجب، أن النيابة العامة "لن تدخر وسعا في حماية الأفراد أيا كانوا نساءً أو أطفالا أو آباءً من تسلط الآخرين من خلال الصلاحيات النظامية في تحريك الدعاوى الجزائية حسب ما تنص عليه الأنظمة تطبيقا للشريعة السمحة وتوجيهات ولاة الأمر"، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول.
وأوضح حينها أيضاً أن "النيابة العامة -بصفتها أحد أجهزة العدالة في المملكة- استشعرت مسؤوليتها تجاه المجتمع من خلال تبني عدد من البرامج والمشاريع التوعوية والاجتماعية للمساهمة في الحد من تجاوزات ضعاف النفوس الذين تسول لهم أنفسهم ممارسة سلوكيات خاطئة في نظام الولاية"، مشيرا أن ما يصل إلى النيابة من شكاوى حالات قليلة لا تشكل ظاهرة.
انتقادات لنظام الولاية
وتصاعدت في الفترة الأخيرة الانتقادات الحقوقية من طرف نشطاء حقوقيين داخل المملكة ومنظمات حقوقية دولية تطالب المملكة بإنهاء العمل بنظام الولاية.
وكانت قضية الفتاة رهف سببا في تسليط الضوء أكثر دوليا على تلك القضية؛ حيث عد البعض ما تعرضت لها الفتاة -حسب زعمها- من عنف على يد أسرتها راجعا إلى نظام الولاية رغم أن أسرتها نفت مزاعم تعنيفها.
وبعد المراجعة الدورية الشاملة للسعودية في "مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة" في 2009 و2013، اتخذت السعودية "خطوات محدودة" لإصلاح بعض جوانب نظام ولاية الرجل، لكن التغييرات التي أحدثتها "تبقى ناقصة وغير فعالة ولا تكفي"، حسب منظمة "هيومن رايتس ووتش".
ويقول منتقدون إن تأثير هذه السياسات التقييدية على قدرة المرأة على اتخاذ قرارات تتعلق بحياتها، يختلف من وضع لآخر، لكنه يرتبط بشكل كبير بإرادة وليّ الأمر. ففي بعض الحالات، يستخدم الرجال السلطة التي يمنحها لهم نظام الولاية لابتزاز قريباتهم اللواتي يكنّ تحت ولايتهم.
تخفيف للقيود على المرأة
وكانت السعودية نفذت سلسلة من الإصلاحات على مدى السنوات الأخيرة لتخفيف القيود المفروضة على المرأة.
ومن الأمثلة البارزة لهذه التغييرات السماح للمرأة بالمشاركة في الفضاء السياسي عبر دخول مجلس الشورى (2013)، والمشاركة في انتخابات المجالس البلدية ترشحا وانتخابا (12 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، والسماح للمرأة بقيادة السيارة (24 يونيو/ حزيران 2018)، وتعيين نساء في مناصب حكومية رفيعة.
كما أصدرت السعودية عدّة قرارات زادت كثيرا من فرص دخول المرأة لسوق العمل، في إطار برنامج إصلاح اقتصادي أوسع يهدف إلى تقليص اعتماد البلاد على النفط. وشملت هذه القرارات إلغاء عبارات من قانون العمل كانت تسمح بعمل النساء فقط في المجالات "المناسبة لطبيعتهن"، وعدم اشتراط حصول المرأة على تصريح من ولي الأمر للعمل.
كما قدمت السلطات حوافز لأصحاب العمل لتوظيف النساء وتخصيص نسبة معينة لهن، ووفرت للنساء آلاف المنح لمواصلة دراستهن في جامعات في الخارج.