شاب خرج من سجون الأسد يروي كيف تتفنن المخابرات بابتكار أساليب خاصة في التعذيب

3 سنوات قضاها الشاب الثلاثيني عماد أبوراس في سجون النظام السوري، عانى خلالها من أساليب تعذيب وحشية تنوّعت من فرع مخابرات إلى آخر.

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/03 الساعة 07:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/03 الساعة 11:52 بتوقيت غرينتش
الشاب السوري عماد أبوراس/الأناضول

3 سنوات قضاها الشاب الثلاثيني عماد أبوراس في سجون النظام السوري، عانى خلالها من أساليب تعذيب وحشية تنوّعت من فرع مخابرات إلى آخر.

اعتقال من مظاهرة لسجن كالقبر

أبوراس قال لوكالة أنباء الأناضول إنه جرى اعتقاله نهاية 2012، عقب مشاركته في مظاهرات سلمية بمدينته حلب (شمال) ومدينة اللاذقية، حيث كان يدرس الاقتصاد في جامعتها.

بتهم التحريض على التظاهر والإرهاب وحمل السلاح، اعتُقل أبوراس في مطار حميميم باللاذقية، حين كان مطاراً مدنياً قبل أن يتحول إلى قاعدة عسكرية روسية.

تنقل بين سجون اللاذقية وصيدنايا سيئة السمعة

لمدة أشهر، تنقل بين أفرع المخابرات التابعة للنظام، حيث عانى من تعذيب شديد،  قبل أن يُنقل إلى سجن صيدنايا، ليكمل جلادو السجن مهمة التعذيب التي بدأها رفاقهم في أفرع المخابرات.

وقال الشاب السوري إنه اعتُقل في فرع المخابرات الجوية باللاذقية لمدة 9 أيام، ثم نُقل إلى فرع المخابرات الجوية في حمص (وسط)، وظل هناك 8 أيام، وبعدها جرى تحويله إلى إدارة المخابرات الجوية العامة في حي المزة بدمشق.

وأضاف أنه بعد أن قضى 3 أشهر ونصف في إدارة المخابرات الجوية بالمزة، تم تحويله إلى القضاء العسكري، وأحاله القاضي بدوره إلى محكمة الإرهاب، ثم أُدع بسجن صيدنايا، في مايو/أيار 2013.

لفروع المخابرات أساليب خاصة في التعذيب 

وفق أبوراس فإن كل فرع مخابرات من الفروع التي مر بها له طريقته الخاصة في التعذيب، فالضرب في فرع حمص كان هجمياً عشوائياً بعصى كبيرة، دون التركيز على نقطة محددة من الجسم، مع تعمد إحداث أذى دائم في المعتقل.

أما في الإدارة العامة بدمشق، كما أضاف، فكان التعذيب أكثر احترافية، حيث يتم التركيز على نقاط محددة في الجسم تسبب ألماً شديداً من دون إحداث أذى مستدام.

وتابع: "في سبيل ذلك يتم استخدام أدوات معينة، مثل قضيب السيلكون السميك، بحيث يلسع الجسم بشدة لدى  ضرب المعتقل به، إضافة إلى التفنن في عملية الشبح (تعليق المعتقل في سقف غرفة)".

وأوضح أن جميع أسنانه تكسرت من التعذيب في فرع المخابرات بحمص، وتم شبحه في الإدارة العامة بالمزة، حيث علقوه في السقف ورفعوه نحو 30 سنتيمتراً عن الأرض، ووضعوا  تحت قدميه سخان كهربائي حتى بدأ الجلد أسفل قدمه بالذوبان.

وحول التعذيب في سجن صيدنايا، قال أبوراس: "في صيدنايا كان الموضوع مختلف، فهو مشهور بالدولاب والقارص، وهما أداتان معروفتان بين المعتقلين في هذا السجن حتى قبل الثورة، حيث يتم إلقاء المعتقل على ظهره وطيّ قدميه وإدخال القارص بين قدميه، ما يشكل ألماً لا يمكن وصفه".

الصعق بالكهرباء هو التعذيب الأصعب

عن أقسى تعذيب تعرض له، أجاب الشاب السوري بأنه "الصعق بالكهرباء، وقد اعترفت على إثره بالمشاركة في المظاهرات".

وأضاف أن "العصيّ الكهربائية، التي يمتلكها سجانو النظام، غير موجودة حتى في الأفلام، وتبلغ شدتها خمسة آلاف فولت".

وأوضح أبوراس أن التعذيب المتواصل الذي تعرض له هو وغيره أوصلهم في أحيان كثيرة إلى مرحلة فقدان الشعور، إلا أن الضرب على الرأس والأعضاء التناسلية كان دائماً يخيفهم.

واستطرد قائلاً إن أقسى عام مضى عليهم في سجن صيدنايا كان 2014، "حيث لم يكد يمر يوم من دون وفاة معتقلين.. كنا نشكر الله على أي يوم يمر من دون أن يتوفى أحد من رفاقنا".

حتى العجائز لم يُرحموا من التعذيب

عن أقسى موقف شاهده في المعتقل، قال أبوراس: "كان هناك شيخ في السبعين من عمره من مدينة داريا بريف دمشق، وكان معنا في زنزانة طولها متر وعرضها متران، وبها نحو 50 معتقلاً".

وتابع: "كان الشيخ ضعيف السمع وبطيء الحركة بحكم عمره، تأخر مرة في الحمام لثوانٍ، وعندما سأله الجلاد أجاب بأنه كان ينظف أسنانه الاصطناعية، فعاقبه الجلاد بأن جعله يلقي أسنانه في فتحة المرحاض، ثم أجبره على وضعها في فمه من جديد، وأوسعه ضرباً".

وأردف: "عندما دخل المهجع كان ينزف من رأسه، ونحن شبه عراة، ولم نستطع أن نغطي جرحه بشيء.. كانت أصعب وأقسى لحظة عشناها.. كنا نبكي جميعاً ونتمنى أن نكون مكانه، فهو رجل مسن، وقد توفي فيما بعد".

خرج من السجن، لكن أضراراً جسدية ونفسية تلاحقه

عن خروجه من سجون النظام السوري، قال أبوراس إنه بقي في سجن صيدنايا 29 شهراً ونصف، وخرج في صفقة تبادل أسرى نهاية 2015، حيث تم إطلاق سراح 270 معتقلاً و20 معتقلة، وخرج بعدها إلى محافظة هطاي جنوبي تركيا.

وبشأن حالته الجسدية والنفسية حينها، أوضح أنه خرج من المعتقل ووزنه 50 كيلوغراماً، وفي جلد ظهره وقدميه تشوّهات ستبقى إلى الأبد، إضافة إلى وضع نفسي صعب للغاية، خلال الأشهر الأولى.

وختم الشاب السوري بأن "مساندة أهلي وأصدقائي لي أخرجتني من الوضع النفسي، الذي عانيته بعد الخروج من السجن".

تحميل المزيد