توقيت زيارة رئيس المجلس العسكري السوداني عبدالفتاح البرهان لمصر والإمارات ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي" للسعودية في الوقت الذي انهارت فيه المفاوضات بين المجلس والقوى المدنية المطالبة بالتحول الديمقراطي الكامل ونقل السلطة للمدنيين له دلالة واضحة تقول إن الأوراق أصبحت مكشوفة ولا نية لدى العسكريين للتخلي عن السلطة، فما هي الخيارات المتاحة أمام القوى المدنية؟
لماذا مصر والإمارات والسعودية؟
الزيارتان المتتاليتان أثارتا قلق قوى الحرية والتغيير، حيث يعتبر كثير من السودانيين أن الدول الثلاث تسعى للإجهاز على الثورة السودانية وتمكين المجلس العسكري من البقاء في حكم البلاد، بحجة محاربة الإسلاميين، بحسب تقرير للبي بي سي.
قوى الحرية والتغيير اعتبرت أيضاً أن زيارات المجلس العسكري للرياض والقاهرة وأبوظبي مؤشر على أن المجلس يتمدد في صلاحياته وسلطاته.
خضر عطا المنان الناشط والإعلامي السوداني بالدانمارك قال لوكالة سبوتنيك الروسية زن زيارة البرهان إلى مصر وحميدتي إلى الرياض بهما "تجنّ كبير جداً على صلاحيات غير ممنوحة لهم، وهم غير مخولين بأن يمارسوا مثل هذه الصلاحيات".
كان المجلس العسكري والقوى المدنية قد أعلنا الأسبوع الماضي أنهما على وشك التوصل لاتفاق بشأن فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وفيما كان التفاؤل يسود بشأن الاتفاق على نسبة تمثيل المدنيين والعسكريين في المجلس السيادي الذي سيقود البلاد في الفترة الانتقالية، انهارت المفاوضات وذلك قبل أيام قليلة من الزيارات للرياض والسعودية وأبوظبي من جانب البرهان وحميدتي، وهي الدول الثلاث الذي تدعم المجلس العسكري منذ سقوط البشير وموقفها من التحول الديمقراطي غير خافٍ على أحد.
كيف يمكن أن يرد المدنيون على ذلك التصعيد؟
العديد من قادة الاحتجاجات قرأ توقيت الزيارات ووجهتها على أنها تأتى في إطار السعي للتغلب على دعوات الإضراب العام هذا الأسبوع، مؤكدين أن حركة الاحتجاج ستتواصل في السودان، مهما تمت الاستعانة بقوى إقليمية لإنهاء الثورة، وأن قوى الحرية والتغيير لديها العديد من الخيارات التي لم تجربها بعد.
سارة عبدالجليل المتحدثة باسم تجمع المهنيين السودانيين (المكون المدني الرئيسي الذي نظم الاحتجاجات) كانت قد قالت إنهم سيردون بالطريقة الوحيدة التي يعرفونها وهي "تصعيد الحراك السلمي نحو التغيير الديمقراطي الكامل".
وبالفعل تمت الدعوة لعمل إضراب عام في السودان يومي الثلاثاء والأربعاء، لكن البعض الآخر داخل القوى المدنية يرى أن الإضراب لن يكون ذا تأثير كبير.
طوال أسابيع، كان تجمُّع المهنيين يستعين بهدوء بمجموعات عمالية مثل جمعيتي النقل والكهرباء، للانضمام إلى إضرابٍ على مستوى البلاد في حال انهارت المباحثات مع الجيش. وجرى تفعيل تلك الخطة بعد انهيار المفاوضات صباح الثلاثاء 21 مايو/أيار وقالت سارة إنَّ "هدف الإضراب هو شل البلاد، ومنع اتخاذ أي إجراءات ضد المتظاهرين، ورفضاً لإحجام المجلس العسكري الانتقالي عن القبول بحكومة مدنية".
لكنَّ آخرين يقولون إنَّ فاعلية الإضراب على مستوى البلاد قد تكون محدودة في الوقت الراهن. فقال صِدِّيق يوسف، أحد المُفاوِضين المدنيين ورئيس الحزب الشيوعي السوداني، إنَّ البلاد تعيش الآن شهر رمضان وفي حالة احتجاج، ولا أحد يعمل أثناء النهار على أي حال.