يحاول أعضاء مجلس النواب الديمقراطيون استخدام السلطات الممنوحة لهم بموجب الدستور لوقف نقل التكنولوجيا النووية الأمريكية إلى السعودية في ظل وجود مخاوف من أنَّ إدارة الرئيس دونالد ترامب متلهفة لإبرام اتفاقية مع المملكة، حسب تقرير موقع Al-Monitor الأمريكي.
بموجب مشروع قانون الإنفاق للعام المالي 2020، الذي أصدرته لجنة المساعدات الخارجية بمجلس النواب الجمعة 10 مايو/أيار 2019، سيُحظَر استخدام التمويلات الفيدرالية في "دعم بيع التكنولوجيا النووية للسعودية". ويتزامن صدور هذا النص القانوني مع اتهام الديمقراطيين لإدارة ترامب باستخدام ثغرة قانونية تسمح للدولة بتقديم التكنولوجيا النووية إلى الدول الأجنبية ما يعني أن تزويد الرياض بتكنولوجيا نووية لن يكون مخالفاً.
وفي تصريح لموقع Al-Monitor الأمريكي، قال أحد المستشارين الديمقراطيين في مجلس النواب -الذي لم يرغب في الإفصاح عن هويته: بالنظر إلى فشل الإدارة في مشاركة معلومات مهمة عن هذه النشاطات مع الكونغرس، أدرجنا هذا البند الذي يمنع الإدارة من السماح ببيع التكنولوجيا النووية للسعودية. ونأمل أن يدفع هذا بمزيد من الشفافية المطلوبة بشدة حول المسألة".
يتخوف المُشرِّعون الأمريكيون من أنَّ الرياض لم توافق على الشروط التي ستحول دون تخصيبها اليورانيوم أو إعادة معالجة البلوتونيوم على أرضها، وهما الخطوتان اللتان تنذران بتأسيس برنامج نووي. وأثار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الدهشة العام الماضي بالتعهد بأن تسعى المملكة لامتلاك سلاحها النووي في حال حصلت إيران على سلاح نووي.
إلا أنَّ بعض خبراء منع انتشار الأسلحة النووية تراودهم شكوك من أنَّ التشريع الذي أزيح عنه الستار اليوم سينجح في ردع إدارة ترامب، المُصمِّمة على إبرام اتفاقية برنامج نووي مدني مع الرياض، من مواصلة نقل التكنولوجيا النووية.
هناك على الأرجح محامٍ ماهرا في وزارة الخارجية يمكنه إيجاد مخرج آمِن
من جانبه، قال داريل كيمبال، المدير التنفيذي لـThe Arms Control Association، "ليس من الواضح ما إذا كان (التشريع) سيحقق الهدف منه؛ لأنه يقول "بيع" وفي المرحلة الحالية من العملية، لا يؤيد أي شخص في الإدارة عملية بيع محددة. هم منخرطون في مفاوضات حول الشروط الاقتصادية لعملية النقل؛ لذا أعتقد أنَّ هناك على الأرجح محامياً ماهراً في وزارة الخارجية يمكنه إيجاد مخرج آمِن".
ويشترط قانون الطاقة الذرية الأمريكي توقيع الإدارة ما يُسمى باتفاقية 123 مع دولة أجنبية حتى يتسنى للشركات الأمريكية نقل التكنولوجيا النووية للاستخدام المدني. ويتمتع الكونغرس بحق نقض أي اتفاقية من هذا النوع. وأصدر الديمقراطيون أعضاء لجنة الإشراف والإصلاح الحكومي في مجلس النواب تقريراً في وقت سابق من هذا العام يعرضون فيه تفاصيل سجلات تفضح مساعي البيت الأبيض غير المشروعة لنقل تكنولوجيا الطاقة النووية إلى الرياض دون توقيع اتفاق 123″.
لكن بموجب البند 810 من القانون، يحق لوزارة الطاقة أيضاً السماح للشركات الأمريكية بنقل تكنولوجيا نووية ودعم نووي محدود من دون إبرام هذا الاتفاق. وكانت إدارة ترامب قد أصدرت ستة تراخيص بموجب "البند 810" للسعودية، إلا أنها لم تكشف عن هوية المنظمة أو المنظمات التي منحتها هذه التراخيص ولأي غرض. إضافة إلى ذلك، أصدرت إدارة باراك أوباما تراخيص ضمن هذا البند لتسمح بعمليات بيع تكنولوجيا نووية للمملكة، لكنها كانت أكثر شفافية حول المسألة مع الكونغرس.
وبينما يؤكد الأعضاء الديمقراطيون، الذين أصدروا مشروع قانون الاعتماد المالي، أنَّ هذا التشريع سيمنع إدارة ترامب من إصدار تراخيص "810" في المستقبل، أعرب كيمبال عن تشككه من أنَّ هذا القانون سيمس وزارة الطاقة؛ إذ يقتصر مشروع قانون الإنفاق على اعتماد الميزانية لوزارة الخارجية.
وقال كيمبال: "تفسيري المنطقي لمشروع القانون هذا، هو أنه لن يقوض نشاطات وزارة الطاقة بأي شكل من الأشكال".
ومع ذلك، ففي ظل تضرر سمعة الرياض داخل الكونغرس عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي والأزمة الإنسانية في اليمن، يتبنى أعضاء كلا الحزبين -الديمقراطي والجمهوري- موقفاً متعنتاً من التعاون مع السعودية في مجال الطاقة النووية المدنية.
إلزام الكونغرس بالتوقيع بالموافقة على أي اتفاق نووي
إذ طرح براد شيرمان النائب الديمقراطي من ولاية كاليفورنيا، وتيد يوهو النائب الجمهوري من فلوريدا، مشروع قانون من شأنه إلزام الكونغرس بالتوقيع بالموافقة على أي اتفاق نووي تتوصل إليه إدارة ترامب مع السعودية. أما إيد ماركي السيناتور الديمقراطي من ولاية ماستشوستس، ومارك روبيو السيناتور الجمهوري من ولاية فلوريدا، فطرحا تشريعاً مشابهاً أمام مجلس الشيوخ.
من جانبه، عارض مارك دوبويتز، المدير التنفيذي لمؤسسة Foundation for Defense of Democracies المتشددة، نقل التكنولوجيا النووية إلى الرياض في مقالة افتتاحية في صحيفة Washington Examiner
وكتب دوبويتز: "قرار جمهورية إيران الإسلامية يوم الأربعاء (9 مايو/أيار) بكسر القيود التي تفرضها الاتفاقية النووية الموقعة معها ما هو إلا تذكير آخر بأنَّ لا إيران، أو السعودية بالمناسبة، بحاجة لطاقة نووية".