أثار الاعتذار الذي أعلنه الداعية السعودي عائض القرني عما سمَّاها أخطاء تيار الصحوة للمجتمع السعودي، ضجة وردود فعل، كان من أبرزها تعليق لإمام مسجد قباء في المدينة المنورة، والممثل السعودي الشهير ناصر القصبي.
وكان القرني قد قال، الإثنين الفائت، في مقابلة على قناة "روتانا خليجية"، إنه "يعتذر باسم الصحوة عن الأخطاء أو التشديدات التي خالفت الكتاب والسُّنة وسماحة الإسلام وضيَّقت على الناس"، مشيراً إلى أنه "يدعم ويتبنى ما وصفه بالإسلام المعتدل المنفتح على العالم، الذي نادى به ولي العهد الأمير محمد بن سلمان"، حسب تصريحاته، مشدداً على أنه داعية الاعتدال والوسطية الأول في السعودية.
وأثارت تصريحات القرني رداً من إمام وخطيب مسجد قباء في المدينة المنورة، صالح المغامسي، الذي قال في تصريحات أدلى بها على شاشة MBC، إنه غير راضٍ عن اعتذار القرني والصورة التي صوّر بها الصحوة.
وقال المغامسي في رده على سؤال عما إذا كانت "الصحوة عودة للإسلام أم رحلة للتطرف": "تعلم أن الصحوة أصلاً لم تكن بيد شخص واحد، ولا في يد طائفة فكرية واحدة يمكن أن نحكم عليها حكماً فاصلاً، لأنها كانت ذات شجون تتخطفها أيادٍ كثيرة منها الصادق ومنها الكاذب ومنها المحق ومنها الباطل ومنها صوت عالٍ ومنها صوت عميق، فلا يمكن أن يقال عنها إجمالاً بحكم واحد نلتزم جميعاً به هذا أمر لا بد من فقهه..".
وفيما بدأ أنه دفاع عن الصحوة، قال المغامسي إن "من أعظم مظاهر الصحوة الحسنة أن الناس أقبلت على بيوت الله، وأقبلت على صلاة الفجر، وكانت هذه الصلاة شبه مضيَّعة من السواد الأعظم من الناس، هذا أمر حسن جداً، كذلك كان هناك انصراف للشباب إلى مواطن اللهو، خاصة تلك المواطن التي هي خارج البلاد، وربما ساقهم الأمر إلى أبعد ما يمكن أن يسمى لهواً، ولا ريب أنه وبعد الصحوة قلَّت تلك الأرجل في الذهاب إلى تلك المواطن التي قد تكون موطناً للفحشاء والمنكرات، وهذا من محاسن الصحوة"، بحسب تعبيره.
واعتبر المغامسي أنه لا "يوجد أشخاص مسؤولون عن الصحوة بالتحديد ننسب أن نقول إنه كان في نياتهم كذا وأرادوا كذا، لكن إن تكلمنا عن الصحوة بالإجمال فهي ليست عودة للإسلام بمعناه الكلي، لأن الإسلام كان حاضراً باقياً وموجوداً ولم ينقطع، وجزيرة العرب ومملكة العرب في السعودية على وجه الخصوص كان الإسلام فيها ظاهراً بيّناً (…)".
وأردف المغامسي قائلاً: "كان العلم الشرعي قليلاً في الناس، فجاءت الصحوة بمجملها فانتشر العلم الشرعي في الناس وهذا أمر محمود لا يمكن إنكاره ولا يمكن إغفاله..".
رفض للاعتذار
وكان من بين ردود الفعل البارزة أيضاً على تصريح القرني، ما قاله الممثل السعودي ناصر القصبي، الذي ردّ في تغريدة حظيت بالتفاعل من قِبل الآلاف.
وأعرب القصبي عن رفضه للاعتذار الذي تقدم به القرني، وقال: عائض القرني، تقول بكل شجاعه أعتذر، اعتذارك هذا لا يكفي، لأن الثمن كان باهظاً، اعتذارك الحقيقي يكمن في تقديمك كتاباً ناقداً مفصلاً من داخل هذه الحركة تكشف فيه بهدوء وعمق ووضوح أصولها ومع مَن ارتبطت وكيف نشأت وكل رموزها ونهجها وكواليسها ومخططاتها، هذه هي الشجاعة وغيره استهلاك إعلامي".
وليست هذه المرة الأولى التي يدخل فيها القصبي في مقارعة مع تصريحات رجال دين سعوديين، ويؤدي القصبي دور البطولة في مسلسل "العاصوف" الذي يُبث على قناة MBC والذي يتحدث في أجزاء منه عن الصحوة في السعودية.
وكان المسلسل الذي بدأ بثه في العام 2017 قد أشعل جدلاً لدى بعض السعوديين منذ إطلاق الإعلان الأول له، حيث اعتبر البعض المسلسل يسلط الضوء على "الصحويين" في السعودية، وتصويرهم على أنهم كالجحيم بين جنتي السبعينات والألفية، والغرض من ذلك محاولة إقناع المجتمع السعودي بأن التدين ليس سوى حالة طارئة على المجتمع، بحسب وصفهم.
وتعتبر الصحوة السعودية أو صحوة بلاد الحرمين حركة نشأت بدعم من مجموعة علماء إبان حراكهم الدعوي لإيقاظ الناس من غفوتهم حسب وصفهم. بدأ مصطلح الصحوة في الظهور في حقبة الثمانينات الميلادية على يد عدد من الأشخاص في ذلك الوقت.
وبعد تصريحات القرني تصدَّر هاشتاغ #عائض_القرني_في_ليوان_المديفر تغريدات السعوديين على موقع تويتر، ومنهم مَن قبِل الاعتذار وأشاد به، كوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، فيما هاجم آخرون القرني على تصريحاته.
وكتب أحمد عبد المتعالي: "تراجعات القرني ليس لها قيمة، فهي نتيجة تغيُّر مصالح شخصية بعد تراجعات السياسة وليست صحوة ضمير مستقلة عن المصلحة، وكذلك فإن قيمة الاعتذار لا تناسب الثمن الذي دفعه الجيل في فساد فكرهم ومنهجهم وخسارة الأوطان للكفاءات التي تم اضطهادها ليتسنم المناصب الغوغاء الموافقون لمنهجهم!".
وقال مغرِّد آخر: "كلام عائض القرني كان مرعباً جداً؛ تخيل أن التشريعات والعادات والتقاليد الدينية التي أُجبر الناس عليها إجباراً لسنوات طوال في فترات سابقة وخوّفوا الناس منها وجعلوها خطاً فاصلاً بين رحمة الله وبين جهنم بكل بساطة تم الاعتذار عنها بقول: كنا شباباً ومندفعين".