تظاهر العشرات اعتراضاً على اعتقاله، وأجرى مراجعات فكرية في سجنه.. ما لا تعرفه عن سلمان العودة

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/11 الساعة 18:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/11 الساعة 18:49 بتوقيت غرينتش
الشيخ سلمان العودة

رغم عقد جلسات محاكمة سرية دون حضوره لتأكيد حكم الإعدام الصادر بحقه، لم تصرح السلطات السعودية حتى الآن عن سبب اعتقال سلمان العودة، في الوقت الذي يؤكد فيه نجل الداعية الإسلامي على أن التهم الموجهة بحق والده فضفاضة.

 

 

وكان سلمان العودة – الذي يُوصف بأنه من أبرز وجوه تيار الصحوة بالسعودية -، اعتُقل في منتصف سبتمبر/أيلول 2017، في إطار حملة اعتقالات واسعة، قالت السلطات إنها موجَّهة ضد أشخاص يعملون لصالح جهات خارجية ضد أمن المملكة.

 

وفي فبراير/شباط 2018، تمكنت عائلة العودة من زيارته لأول مرة في سجن ذهبان بمدينة جدة (غرب المملكة)، وكشف عن تلك الزيارة ابنه عبد الله، الذي يعتبر مصدر المعلومات الوحيد عما يجري لوالده داخل المعتقل.

 

وأمضى الرجل الستيني ما لا يقل عن 4 أشهر في زنزانة انفرادية – بحسب نجله -، ولم تتم إحالته حتى إلى المحاكمة إلا بعد مضي عامٍ كاملٍ على اعتقاله، وتحديداً في سبتمبر/أيلول 2018.

 

بداية العودة.. مع "الصحويين" في التسعينيات

وقبل الاعتقال، عُرف عن سلمان العودة خطابه الوسطي وقربه من الشباب؛ إذ كان كثير الظهور على شبكات التواصل الاجتماعي.

بداية ظهور الداعية السعودي جاءت في تسعينيات القرن المنصرم، إذ كان من أبرز علماء ما عُرف لاحقاً بـ "الصحوة".

للعودة في حياته محطات طالب فيها بالإصلاح ضمن إطار إسلامي؛ ففي العام 1991 كان من بين الموقعين على خطاب المطالب الذي شمل طلب إصلاحات قانونية واجتماعية وإعلامية في السعودية.

ابن مدينة بريدة في القصيم، انتقد استعانة المملكة ودول الخليج بالقوات الأمريكية في حرب الخليج الثانية، لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي.

وتولى جمع توقيعات العلماء على بيان يرفض أن تطأ أقدام الجنود الأجانب أرض الجزيرة العربية، ونادى بذلك في خطبه ما تسبب باستدعائه للتحقيق أكثر من مرة.

سجن العودة في الرياض.. و"انتفاضة" بريدة في 1994

رغم شعبيته الجارفة، مُنع العودة من إلقاء الخطب والمحاضرات العامة في سبتمبر/أيلول 1993. واعتقل في أغسطس/آب 1994 ضمن سلسلة اعتقالات واسعة شملت رموز "الصحوة".

شهدت مدينة بريدة تجمعات لم تشهدها السعودية من قبل لدى اعتقال العودة، إذ عبّر العشرات من أتباعه عن استيائهم من اعتقاله بالحجز الانفرادي بسجن "الحائر" في الرياض فيما عُرف بـ "انتفاضة بريدة".

 

أُطلق سراح العودة في أبريل/نيسان 1999، وسُمح له بإلقاء المحاضرات الدعوية بعد الإفراج عنه شرط عدم التعرّض للمواضيع السياسية.

وخلال سجنه، كتب الشيخ المولود في العام 1956، تجربته عن الحبس وسجّل يومياته.

العودة قال في كتابه "طفولة قلب" الذي دوّن فيه سيرته الذاتية:

"كنا نقرأ في اليوم الواحد إلى ما يقارب 16 ساعة، واحد يقرأ والآخر يستعد للنوم، ويظل الآخر يقرأ حتى ينام صاحبه.

وكان الخفير يستأذن منا إذا رغب في الدخول لعلمه بأهمية الوقت بالنسبة إلينا. حفظت القرآن الكريم وصحيح مسلم، وقرأت كمّاً كبيراً من الكتب بجميع المجالات".

مراجعاته ودعوته إلى "الوسطية الإسلامية"

راجع العودة أفكاره قبل الإفراج عنه على يد عددٍ كبيرٍ من العلماء الذين حاوروه في السجن، وبعد خروجه طور خطاباته وأصدر نصاً مصوراً بعنوان "نعم أتغيَّر".

وفي مرحلة ما بعد السجن، باتت الدعوة إلى "الوسطية الإسلامية" تحتل حيزاً هاماً في خطب العودة ومحاضراته، حتى صار يُنظر إليه على أنه أحد أهم رموزها بالسعودية.

وقد عبَّر أكثر من مرة عن رفضه التطرف، ومعارضته تيارات العنف المتشددة.

عاد الشيخ سلمان العودة إلى الواجهة من خلال برنامجي "حجر الزاوية" و"الحياة كلمة" اللذان بُثا على قناة MBC السعودية لسنوات.

وقوفه إلى جانب "الربيع العربي".. واعتقاله مجدداً

اتخذ الشيخ سلمان العودة موقفاً مبكراً في تأييده لـ "الربيع العربي"؛ فأيّد ثورة السوريين على بشار الأسد، وعبّر غير مرة عن دعمه للرئيس المصري محمد مرسي.

في 15 مارس/آذار 2013 وجّه العودة خطاباً مفتوحاً للنظام السعودي – خصوصاً وزارة الداخلية -، مطالباً بأن يتم إطلاق سراح معتقلي الرأي، وامتصاص الغضب الشعبي المتعاظم فيما يتعلق بملف المعتقلين، درءاً لخطر الفتنة.

 وبالرغم من أنه استخدم حواراً ناصحاً إلا أن ذلك لم يمنع من إلقاء القبض عليه لفترة وجيزة، قبل الإفراج عنه.

بعد تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد في السعودية، عاد العودة إلى السجن ضمن حملة اعتقالات سياسية في سبتمبر/أيلول 2017، بعد نشره تغريدة عبر حسابه على تويتر يدعو فيها إلى حلّ الأزمة الخليجية.

تدهور حالته الصحية والمطالبة بإعدامه

منذ اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2017، لم تفصح الحكومة السعودية عن مكان احتجاز العودة أو المسار القضائي لقضيته.

وبعد بضعة أشهر من اعتقاله، تدهورت حالته الصحية وتم نقله إلى مستشفى بمدينة جدة.

وفي 18 يناير/كانون الأول 2018، أثيرت أنباءٌ عن وفاته في محبسه إثر تعرضه للتعذيب، لكن هذه الأنباء تم نفيها على لسان ابنه الذي أقرّ نقل والده إلى المستشفى دون أية تفاصيل.

وبحلول الرابع من سبتمبر/أيلول 2018 انتشرت الكثير منَ الأخبار التي تُفيد بأنّ النيابة العامّة السعودية قد طالبت بإعدام الشيخ العودة.

وذلكَ بعدما وجّهت له 37 تهمة بما في ذلك اتهامات تتعلقُ بالإرهاب، فيما لم يصدر أي تأكيد أو نفي لهذا الخبر من الجهات الرسميّة المعنية بالأمرِ.

تحميل المزيد