في شهر سبتمبر الماضي ظهر الأمير السعودي أحمد بن عبدالعزيز وهو يرد على متظاهرين هتفوا ضده أثناء دخوله مقرّ إقامته في لندن بعدد من الهتافات المندّدة بسياسات العائلة الحاكمة في المملكة، ووصفوهم بالمجرمين القتلة.
الأمير السعودي، البالغ من العمر 76 سنة، توجّه نحو المتظاهرين الغاضبين مؤكداً لهم أن أسرة آل سعود لا دخل لها بهذه السياسة، وأن المسؤولية تقع كاملة على الملك سلمان وولي عهده.
الأمير أحمد بن عبدالعزيز يقول للمعارضين بعد ماهتف بالقول" يسقط آل سعود"رد الأمير أحمد بن عبدالعزيز بالقول "آل سعود ايش دخلهم بهذا الهتاف لاناقة لهم ولا جمل بالذي يحدث"، وقال يجب توجه هذا الكلام للمسؤولين الحاليين "الملك ولي العهده" وتمنى بان تنتهي حرب #اليمن pic.twitter.com/dCUe7LVY7O
— علي بن ثامر (@alibinthamer) September 3, 2018
حديث الأمير أحمد بن عبدالعزيز المباشر ضد أخيه وابن أخيه الماسكين بزمام الحكم في المملكة جعلت المراقبين يرون أنّ السعودية مقبلة على خطر داهم يمكن أن يهدد مستقبلها السياسي، ويعتبرون أن الأمير أحمد -الذي ينتمي إلى الجناح السديري الأكثر نفوذاً في العائلة المالكة السعودية- يمكن أن ينفذ صبره ويجبره على التحرك ضد تصرفات محمد بن سلمان لردعه وكبح تهوره حتى لا يقود البلاد والعائلة الحاكمة إلى مصير مجهول.
ويملك الأمير أحمد علاقات جيدة مع قبائل السعودية، ويحظى بقبول واسع بين أوساط الأمراء والمؤسسة الدينية، حيث سبق له أن تولى منصب وزير الداخلية في السعودية خلال الفترة من 18 يونيو/حزيران 2012 حتى 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، الأمر الذي جعله مرشحاً لأن يلعب دوراً في مستقبل الحكم.
ومع وصول الملك سلمان إلى الحكم توقع الكثير أن يكون منصب ولاية العهد من نصيب الأمير أحمد بن عبدالعزيز، إلا أن الملك سلمان خالف هذه التوقعات، وقفز مباشرة إلى الأحفاد السديريين (محمد بن نايف ومحمد بن سلمان) وذلك باتفاق مع بعض الأمراء النافذين في العائلة المالكة، خاصة السديريين.
في خضم هذه الحالة والتطورات الجديد التي تشهدها السعودية هل بات مصير محمد بن سلمان مهدداً، وهل من الممكن أن يتصاعد الأمر ضده، ويزداد المؤيدون لجناح الأمير ليشكلوا تهديداً حقيقياً له، خاصة بعد تصاعد حملة المعارضة السعودية وفي ظل حالة التخبط السياسي التي تشهدها السياسات السعودية وحالة العنف والإقصاء في التعامل مع المعارضين السعوديين وكان آخرها حادثة اختطاف وقتل خاشقجي.
يحظى بتأييد واسع من غالبية الأطياف في السعودية
إجابة عن هذه الأسئلة يؤكدّ الأمير السعودي المعارض خالد بن فرحان آل سعود، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنّ الأمير أحمد بن عبدالعزيز المقيم في بريطانيا حالياً يحظى بتأييد واسع وكبير من غالبية الأطياف الموجودة في الداخل السعودي وتحديداً من العائلة الحاكمة والقبائل، وكذلك يحظى بقبول الخارج المتمثل في المعارضة، مشيراً إلى أنّ المعارضة السعودية باتت مقتنعة بأنّ نظام الحكم الحالي في السعودية سينهار، وعلى أثر ذلك سوف تلتف حول شخصية الأمير أحمد للخروج من الأزمات والمشكلات السياسية التي تعيشها السعودية التي كان سببها الرئيسي "الأمير المتهور" محمد بن سلمان، على حد وصف بن فرحان.
ويضيف الأمير المنشق أنّ كل المعطيات والظروف الحالية تسير لصالح جناح الأمير أحمد بن عبدالعزيز، مشدداً على أنّ ولي العهد الحالي محمد بن سلمان سيضطر وبعد وفاة والده الملك الحالي إلى عقد بيعة سرية وسريعة يجمع فيها عدداً قليلاً من الأمراء الداعمين له؛ وذلك لتنصيبه ملكاً على البلاد، الأمر الذي سيؤلّب غالبية أفراد الأسرة الحاكمة عليه الذين سيضطرون إلى خلعه من منصبه.
إلا أن الأمير أحمد لن يقدم في الفترة الحالية على أي خطوة أو أي تحرك ضد الوضع الحالي الذي يقوده محمد بن سلمان في ظل ما تشهده المنطقة من أزمات سياسية وخلط للأوراق، منوهاً إلى أن ردة الفعل يجب أن تكون محسوبة بشكل صحيح، وهذا ما يدركه الأمير أحمد الذي ينتظر الفرصة المناسبة لحسم الأمور والتحرك ضد محمد بن سلمان بعد أن أحكم قبضته على كافة مفاصل الدولة بدءاً من الحرس الوطني ووزارة الداخلية ومروراً بالاستخبارات وليس انتهاءً بالجيش، الأمر الذي يجعل من الأمير أحمد يحسب لمثل هذه الجوانب ألف حساب لضمان أن تكون ردة الفعل في التوقيت المناسب.
أحمد بن عبدالعزيز مؤهل لكنه مشهور بتردده
وحول ازدياد قوة وشعبية الأمير أحمد بن عبدالعزيز، وهل يمكن أن يمثل جناحه داخل العائلة المالكة تهديداً قوياً لولي العهد محمد بن سلمان، يرى رئيس الحركة الإسلامية للإصلاح د. سعد الفقيه، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن الأمير أحمد مؤهل بالفعل للقيام بحركة تغيرية نظراً لالتفاف عدد ونسبة كبيرة من العائلة المالكة حوله، إضافة إلى رغبة القبائل بالسعودية في دعمه وكذلك تمتعه بمصداقية كبيرة بين أوساط الجيش وإمكانية الالتفاف حوله في أي حركة تغيير سياسية قادمة، مشيراً إلى أنه مؤهل على المستوى السياسي والاجتماعي.
لكنّ الأمير أحمد -بحسب الفقيه- مشهور بتردده وتخوفه من الإقدام على أي حركة للإطاحة بنظام الحكم الحالي الذي يقوده محمد بن سلمان، مشدداً على أنه لو أقدم فعلياً على التحرك ضد الوضع الحالي لألتفت حوله العائلة الحاكمة والقبائل والجيش فهو مؤهل بشكل كبير لأن يقود أي تحرك سياسي قادم على كافة المستويات.
ويشدد الفقيه على أن المعارضة السعودية في الخارج الذي يمثلها هو وعدد من الأطياف السياسية الأخرى في الخارج، تريد تغيراً شاملاً، حيث ليس لدى هذه المعارضة الرغبة في تقاسم السلطة مع أي جناح في العائلة الحاكمة أو الاستفادة من الناحية السياسية من أي تغيير قادم يقوم به أي جناح داخل العائلة المالكة، لكنّهم لن يمانعوا أو يقفوا ضد أي تغيير قادم فهو يسعون إلى تغيير شامل في النظام السياسي يقوم على التنازل الكامل عن الحكم للشعب والذي هو من يقرر مصيره ومستقبله السياسي.
من الممكن أن يكون رأس حربة
يجيب المعارض السعودي عبدالله الغامدي عن مثل هذا الأمر، بالتأكيد على أن الأمير أحمد لديه تأييد وتأثير كبير داخل العائلة الحاكمة بالسعودية، فهو من الممكن أن يكون رأس حربة حقيقية داخل الأسرة الحاكمة واحتمال تحركه تبقى واردة وممكنة، لكنّه يظل يخشى المواجهة في الوقت الحالي.
ويعتبر الغامدي في تصريح لـ"عربي بوست"، أنّ جناح الأمير أحمد بن عبدالعزيز داخل الأسرة الحاكمة هو الجناح الأكثر عدداً وقوة وتنظيماً ويفوق في قوته وتأثيره جناح الأمير محمد بن سلمان، مشيراً إلى أن المعارضة السعودية في الخارج لديها التأثير والقوة على إحداث أي تغيير وتأثير على أفراد الأسرة الحاكمة والشعب أكثر من جناح الأمير أحمد بن عبدالعزيز، نظراً لما تحمله من مصداقية وشعبية كبيرة بين أوساطهم.
الأمير أحمد هو الابن الحادي والثلاثون من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز، وهو أصغر أبنائه من زوجته الأميرة حصة بنت أحمد السديري، وهو ممَّن يطلق عليهم لقب السديريون السبعة.
كما شغل الأمير أحمد بن عبدالعزيز منصب نائب وزير الداخلية في السعودية (1975-2012)، وهو أحد الأبناء الأقوياء للملك المؤسّس، ويُشار إليه على أنه أقوى المرشّحين لخلافة الملك سلمان، ويمثّل أكبر تهديد لطموحات محمد بن سلمان.
وتمكّن من مغادرة السعودية متوجّهاً إلى الولايات المتحدة، في نوفمبر الماضي، قبل ساعات من تنفيذ ما عُرف بـ"مذبحة الأمراء" التي طالت نحو 11 أميراً سعودياً، أبرزهم الوليد بن طلال، وعشرات الوزراء ورجال الأعمال ممن اعتقلوا في فندق "الريدز كارلتون".