نقطة «زوج بغال» الحدودية توحّد متظاهرين من الجزائر والمغرب للمطالبة بفتحه.. هذه قصة المعبر الذي قسّم عائلات البلدين 20 عاماً

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/23 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/23 الساعة 09:19 بتوقيت غرينتش
People stand near a border post on the Algerian side of the Morocco-Algeria border in the north east of Morocco July 31, 2011. Morocco's King Mohammed renewed calls on Saturday to normalise ties and reopen borders with wealthier neighbour Algeria, saying that Rabat wants to build an integrated North African economic bloc. Morocco closed the border following a 1994 Islamist militant attack in Marrakesh, which it blamed on Algeria's secret service, and the border region remains tense. REUTERS/Youssef Boudlal (MOROCCO - Tags: POLITICS)

تجمّع مئات المغاربة عند النقطة الحدودية زوج بغال في وجدة المغربية للمطالبة بفتح الحدود مع الجزائر، في حين اقتصر الحضور في الجهة المقابلة، وبالضبط عند المركز الحدودي المسمى العقيد لطفي بتلمسان، على أربعة مواطنين، ثلاثة ناشطين ومواطنة مغربية تعيش بالجزائر.

وفي سابقة هي الأولى من نوعها، وجّه مواطنون مغاربة وجزائريون دعوة إلى تنظيم وقفة مشتركة للمطالبة بفتح الحدود المغلقة بين بلديهما، منادين بضرورة المشاركة المكثفة للتعبير عن رأيهما والتأكيد على ضرورة فتح المجال للشعبين للقاء دون أية حواجز.

قصة الخلاف بين البلدين بشأن الحدود

واجهت كل من الجزائر والمغرب القطيعة بسبب الحدود منذ عشرات السنين، حيث بدأت بعد استقلال البلدين (المغرب عام 1956، والجزائر في 1962)، فلم تترك فرنسا الحدود معلَّمة بينهما عدا في الجزء الشمالي. وتصاعدت المطالبات المغربية بحل المشكلة، تلتها مناوشات إعلامية من الجانبين، لتتحول بعدها اللهجة الخطابية إلى حملة عسكرية أعلنها المغرب باسم "حرب الرمال" سنة 1963.

ومع هدوء الأوضاع، عاد الصراع ليتفجر مرة أخرى بسبب عدة مواقف، مثل موقف النظام الجزائري من الوحدة الترابية المغربية، والتهجير القسري الذي طال المهاجرين المغاربة في الجزائر، الذين بلغ عددهم نحو 350 ألف شخص، حُملوا تعسُّفًا على ترك ديارهم وأهلهم في الجزائر فيما سُمِّي آنذاك "المسيرة الكحلاء".

وفي عام 1994 أُغلقت الحدود نهائيًّا من طرف الجزائر، ردًّا على فرض المغرب تأشيرة عبور على الجزائريين، إثر اتهام بضلوع جزائريين في أحداث فندق آسني بمراكش في العام نفسه.

لم ييأس الشعبان من مطالبة حكومتيهما بفتح الحدود

وليست هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها المطالبة بفتح الحدود بين المغرب والجزائر، بل كانت آخرها إبان تنظيم كأس العالم الأخير، إذ طالب مواطنون مغاربة بفتح الحدود مع الجزائر استعداداً لدفع ملف مشترك بين الجارين لتنظيم كأس العالم 2030.

الدعوة إلى فتح الحدود جاءت ضمن عريضة على الإنترنت أنشأها مواطنون يشددون على أهمية هذه الخطوة لخدمة مجموعة من الجوانب سواء الاجتماعية أو الإنسانية وحتى الاقتصادية، خاصة أن البلدين يضمان عائلات مشتركة ضمن المدن المجاورة للحدود.

#مباشرمركز زوج بغال الحدودي بين المغرب والجزائر.وقفة لفتح الحدود المغربية الجزائرية.الأحد 22 يوليوز 2018.#خلي_الحدود_تفتح

Gepostet von Ahmed Elmossaid am Sonntag, 22. Juli 2018

وجاء ضمن العريضة: "ندعو إلى إعادة فتح الحدود المغربية الجزائرية حتى تتمكن الأسر المنفصلة من تجاوز أزمتهم وعبور تلك الحدود التي لا تتجاوز بضعة كيلومترات؛ لكن توقف بها الزمن والمبادلات".

حرس الحدود يراقب التظاهرة وتشكيك في نوايا المواطنين المغاربة

وقامت قوات الدرك الوطني وعناصر حرس الحدود بتكثيف تواجدها على مختلف النقاط التي كان ينتظر أن تتوجه إليها المسيرة، خاصة بمركز العقيد لطفي ومنطقة ما بين لجراف في الطريق الوطني بين مغنية ومرسى بن مهيدي، حيث اعتاد السياح المتوجهون نحو شواطئ مرسى بن مهيدي التوقف من أجل التقاط صور للذكرى، خاصة أن الخلفية تحمل العلم المغربي في الطريق المقابل المؤدي بدوره إلى شاطئ السعيدية.

وأكد الرافضون للمسيرة أنها بأهداف غير بريئة، مشيرين إلى أن التسهيلات التي قدّمتها السلطات المدنية والأمنية المغربية للمحتجين الذين ساروا حاملين الأعلام الجزائرية والمغربية تؤكد أن المسيرة هي خطة مخزنية.

وقد انبرى المجتمع المدني الجزائري والمغربي بعيداً عن التجاذبات السياسية لطلب فتح الحدود استثنائياً لعبور العائلات لدواع إنسانية، بعد وقفة مماثلة دعت فيها نقابة المحامين المغاربة ووفد من نقابة المحامين لناحية تلمسان، في صائفة 2009، إلى فتح الحدود البرية بين البلدين.

ورغم إلغاء التأشيرة بين البلدين فإن الحدود ظلت مغلقة في وجه شعبيهما

وعلى الرغم من تراجع البلدين عن فرض التأشيرة على مواطني البلدين عام 2005، فإنه لم يتم التراجع عن إغلاق الحدود، بل زاد الطرفان معاً في تشديد المراقبة على الحدود بوضع سياجات حديدية وجدران عازلة على جزء كبير من المناطق الحدودية المشتركة، وإن برّر كلّ طرف هذا التشديد بمحاربة الجريمة المنظمة ومنع التهريب.

صورة توضح المسافة بين مدينة وجدة المغربية ومدينة تلمسان الجزائرية
صورة توضح المسافة بين مدينة وجدة المغربية ومدينة تلمسان الجزائرية

بعد قرار الإغلاق، أضحى سكان وجدة المغربية مضطرين إلى ركوب الجو حتى يصلوا أرحامهم من سكان المناطق الحدودية في الجزائر. الحلّ الأكثر شيوعاً هو التنقل البرّي من وجدة إلى مطار الدار البيضاء، ثم من هذا المطار في رحلة أخرى إلى وهران، وبعدها الانتقال براً إلى المدن الحدودية القريبة كتلمسان.

الحكاية نفسها تتكرّر تقريباً لسُكان تلمسان، الذين يضطرون للتنقل براً إلى وهران أو الجزائر العاصمة، حيث تقلهم الطائرة إلى الدار البيضاء، وبعدها إلى مدينة وجدة. تصل تكلفة كلّ هذا المسار في المتوسط بين 500 و600 يورو، زيادة على قضاء ما بين 24 وحتى 48 ساعة في التنقل.

ولتسمية المركز الحدودي بين المغرب والجزائر بـ"زوج بغال" دلالة تاريخية

وسعى سياسيون مغاربة إلى تغيير تسمية المركز الحدودي بين المغرب والجزائر بـ"زوج بغال" على اعتبار أنه اسم سيئ لما له من معنى قدحي عمل المستعمر الفرنسي على ترسيخه، إلا أن الاسم له تاريخ ودلالة بعيدا عما ذهب إليه هؤلاء السياسيين.

وذكرت  التقارير المغربية أن السلطات الفرنسية أقرت بأن التسمية كانت تطلق على الموقع قبل مجيئها، وأن إحدى الروايات تفيد بأن المعبر كان نقطة التقاء سعاة البريد بين البلدين بواسطة البغال، في حين هناك رواية أخرى تورد أنه وقع خلاف بين قبيلة من وجدة وقبيلة "بني واسين" حول قطعة أرض، فأجمع عقلاء القوم على إطلاق بغلين في اتجاهين مختلفين فحيثما التقيا وضع الحد بين القبيلتين وسمي "زوج بغال".

"زوج بغال" .. تعرّف على قصة أشهر معبر حدودي بين الجزائر والمغرب

"زوج بغال" .. هذه هي حكاية أشهر معبر حدودي بين الجزائر والمغربأصوات مغاربية Maghreb Voices

Gepostet von ‎Radio Sawa راديو سوا‎ am Dienstag, 16. Mai 2017

 وأشارت نفس الأسبوعية إلى أنه تم استبدال اسم "زوج بغال" بـ"زوج فاقو" من طرف بعض وطنيي المغرب والجزائر خلال سنوات النضال المشترك بينهما في مواجهة الاحتلال الفرنسي وبعد مغادرة جيش الاستعمار قامت الحكومة الجزائرية بإطلاق اسم "العقيد لطفي" على المركز الحدودي في حين ظلَّ اسمه لدى المغاربة "زوج بغال".

ومع تمنيات الشعبين الجزائري والمغربي بفتح الحدود، إلا أن الوضع الحالي لا ينبئ بأن الجزائر ستتجه إلى فتح الحدود مع المغرب، فالأزمة التي اندلعت بين الطرفين إثر محاصرة لاجئين سوريين على هذه الحدود لأكثر من ثلاثة أشهر في ظروف غير إنسانية، ثم استمرار المعارك الكلامية الحادة بين الجانبين بسبب خلافات سياسية، يعطي إشارات سلبية لاستمرار معاناة آلاف من سكان الحدود، ممّن يعلمون تماماً، أن قراراً بإنهاء هذا الوضع، لن يأتي إلّا من خلال طاولة سياسية تفتح لحوار صريح بين البلدين.

تحميل المزيد