قوات التدخل السريع.. هل هي “جيش السيسي” الذي يخشاه “الجيش المصري”؟

24 ساعة فقط عقب تدشين الجيش الصغير الجديد والذي وصفه السيسي بالمعجزة، وتحديداً يوم 26 مارس/آذار 2014 كان آخر ظهور لعبد الفتاح السيسي بزيه العسكري وبنفس البذلة التي دشن بها جيشه الصغير أمس معلناً عن خلعها وترشحه لرئاسة الجمهورية.. صدفة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/29 الساعة 03:01 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/29 الساعة 03:01 بتوقيت غرينتش

أتخيل الآن في هذه اللحظة فيما يفكر رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية ونائب رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق الفريق سامي عنان وهو جالس في محبسه في السجن الحربي بالهايكستب على أطراف القاهرة
فالرجل اجتمع لتأييده عددٌ من جنرالات الجيش السابقين رفيعي المستوى كما وصفهم ديفيد هيرست.

لا بد أنه يتساءل: لماذا لا يتحرك هذا الجيش الذي كنت أرأس أركانه يوماً لتحريري؟
أو ربما هو يعلم ما يمنعهم.

رسائل السيسي التي لم نقرأها

في مطلع 2014 وتحديداً في يناير/كانون الثاني وأثناء استعدادات القوات المسلحة لقمع التظاهرات التي ستخرج في الذكرى الثالثة للثورة المصرية، وهي الذكرى الأولى عقب انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، نشرت الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة صورة لقوة جديدة جارٍ إنشاؤها في الجيش تشبه القوات الخاصة SWAT الأميركية.

وكعادتنا "جمهور السوشيال ميديا" استخدمنا أسلحتنا في السخرية من الصور.
بالجيش الأحمر الشهير في سلسلة أفلام "حرب النجوم".

كنا نحسب أن السخرية سلاح فعال كما علمتنا ثورة يناير، لكن من قال إن السيسي كان يستهدف الجمهور بمثل هذه الصور.

في 25 مارس/آذار 2014 عرض التليفزيون المصري تقريراً عن حضور المشير السيسي أول اصطفاف للقوة الجديدة في الجيش المصري، والتي تمت تسميتها "قوات التدخل السريع" المحمولة جواً، وذلك من مقر المنطقة المركزية العسكرية، الموكل إليها تبعية هذه القوات.

استعرض التقرير جيشاً صغيراً قوامه من الجنود الملثمين المدججين بأحدث الأسلحة متراصين أمام عربات مصفحة من نوعية "هامفي" الأميركية ومجنزرات مختلفة.

تحدث السيسي بفخر شديد عن القوة الجديدة، وأشار إلى الإنجاز التاريخي الذي تم تدشينه ووصفه بـ"العظيم جداً"، وقال إن هناك دولاً تستغرق سنوات لتجهيز وحدات مماثلة، ولمح إلى أن القوة الجديدة من شأنها القيام بمهام خاصة جداً، وأن تأسيسها تمت مناقشته مع أجهزة القوات المسلحة المختصة.

24 ساعة فقط عقب تدشين الجيش الصغير الجديد والذي وصفه السيسي بالمعجزة، وتحديداً يوم 26 مارس/آذار 2014 كان آخر ظهور لعبد الفتاح السيسي بزيه العسكري وبنفس البذلة التي دشن بها جيشه الصغير أمس معلناً عن خلعها وترشحه لرئاسة الجمهورية.. صدفة؟

كيف ومتى خرجت فرقة التدخل السريع؟

لنعد بالزمن قليلاً إلى الوراء في 25 يونيو/حزيران 2013 وقبيل الانقلاب العسكري بأسبوع واحد، كنا نحن العاملون في مدينة الإنتاج الإعلامي بالسادس من أكتوبر/تشرين الأول على موعد لنقابل اللواء أركان حرب، توحيد توفيق، قائد المنطقة المركزية العسكرية، الذي جال أرجاء مدينة الإنتاج من الداخل معلناً عن تأمين قواته لها حتى تمر مظاهرات الـ30 من يونيو/حزيران.

المنطقة المركزية العسكرية هي أحد أقدم التشكيلات التعبوية في القوات المسلحة، ومهمتها الأساسية حماية أمن العاصمة القاهرة والأقاليم المصرية الرئيسية، والتعامل السريع مع الأزمات والكوارث.

في مساء 2 يوليو/تموز 2013 بدأت سيارات تابعة لوزارة الداخلية بالدخول إلى مدينة الإنتاج الإعلامي تحت إشراف قوات اللواء توحيد توفيق، وفي حضوره شخصياً، وقامت بالاصطفاف حتى يوم 3 يوليو/تموز، وتحركت فور بيان الانقلاب العسكري لتقوم بإغلاق القنوات المؤيدة لمرسي، واعتقال العاملين بها كما رأينا جميعاً.. كان لا بد أن تقوم الداخلية بالاعتقالات كما فهمنا فيما بعد لتنسيق القضايا قانونياً، لكننا يومها أدركنا أهمية وحيثية المنطقة المركزية وقواتها لنظام السيسي.

في 19 سبتمبر/أيلول 2013 ظهرت قوات اللواء توحيد توفيق من جديد؛ حيث اقتحمت قوات خاصة من الشرطة بدعم كبير من قوات المنطقة المركزية العسكرية مدينة كرداسة التابعة لمحافظة الجيزة، المدينة التي شهدت أحد أكبر الانفلاتات الأمنية عقب فض ميدان رابعة العدوية الدموي من قبل أنصار الرئيس محمد مرسي، والتي كانت تشهد تظاهرات يومية كثيفة مؤيدة لمرسي لحركات الألتراس الشبابية.

قامت قوات المنطقة المركزية بإغلاق جميع مداخل ومخارج مركز كرداسة، ومناطق أبو رواش وناهيا وبني مجدول ومنشية البكارى، وإطلاق النيران بكثافة في محيط مركز كرداسة، مع انتشار قوات العمليات الخاصة للشرطة لاعتقال رموز الإخوان من داخل المدينة.

تم الإعلان عن نهاية العملية بزيارة من اللواء توحيد توفيق، قائد المنطقة المركزية.

ربما كان هذا هو التاريخ الحقيقي لميلاد قوات التدخل السريع فحسب تقارير الصحافة الموالية للسيسي لم يستغرق إنشاؤها سوى نحو ستة أشهر، فإذا كان تدشينها قد تم في مارس 2014، يكون بداية العمل عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2013 ولربما سبقتها الفكرة بأيام قليلة في سبتمبر/أيلول حيث تم تكليف اللواء توحيد توفيق بالإشراف على إنشاء وتدريب القوة الجديدة التي تزامنت مع وصول السيسي إلى قصر الاتحادية.

مم يتكون جيش السيسي الصغير؟

جيش داخل الجيش هو أدق لفظ توصف به قوات التدخل السريع التي أنشأها السيسي على عجالة بعد شهر واحد من فض رابعة الدموي.

فبحسب مصدر رفض ذكر اسمه كالعادة نشر موقع البديل تقريراً عن تسليح هذه الفرقة إن جاز لنا أن نسميها كذلك.

فهذه الوحدة التي يفترض ان تكون جزءاً من الجيش تحتوي على كتيبة أو أكثر من كل فرع من فروع الجيش.

– مجموعة صاعقة "عدة كتائب" مزودة بمركبات "هامفي".

– كتائب مشاة ميكانيكية مزودة بالمركبات المدرعة المقاتلة والدبابات.

– كتيبة مدفعية ميدانية مزودة بمدافع الهاوتزر عيار 155 وغيره.

– كتيبة مدفعية مقذوفات مسلحة بعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات والمزودة بمركبات هامفي محمول عليها قواذف صواريخ تاو.

– كتيبة شرطة عسكرية مزودة بمركبات "بانثيرا"، والمجهزة بتدريع خاص مضاد للألغام الأرضية.

– كتيبة دفاع جوي مزودة بمنظومات شابرال المضادة للطائرات، والموجهة بالأشعة تحت الحمراء.

– فصائل الاستطلاع والإشارة والملحقة على كامل القوة.

– قوات جوية مكونة من مروحيات شينوك للنقل العسكري للأفراد والمعدات، ومروحيات مي-17 لنقل الأفراد.

– قوة جوية من مروحيات "أباتشي" التي رأينا السيسي يفاوض للحصول عليها باستماتة.

لا تحتاج لأن تكون خبيراً عسكرياً حتى تدرك أن هذه "الفرقة" ما هي إلا جيش متكامل الأركان وقائم بذاته وربما أكثر اكتمالاً وتفصيلاً من جيوش دول عدة.

قوة بهذا الشكل، تكونت في فترة قياسية وبأمر من السيسي عقب قيامه بإحدى أبشع المجازر في العصر الحديث، نصب السيسي نفسه حاكماً لمصر فور تأسيسها حرفياً، تتبعه مباشرة أو تتبع من يأتي هو به لقيادة الجيش، فبعد أن قام السيسي بعزل صهره محمود حجازي من قيادة الأركان، كانت أول مهمة عسكرية لرئيس الأركان الجديد محمد فريد حجازي هي حضور مشروع حرب وتدريب وحدة من قوات التدخل السريع.

الحديث عن انقسام الجيش المصري الذي تحدث عنه ديفيد فيرست لم يعد للأسف الشديد محض استنتاجات، بل لنكن أكثر دقة فنقول إن الأمر الشائع الآن للعسكريين المصريين من الصف الثاني والقواعد هو الحديث الساخط "الخائف" عن جيش يمتلكه السيسي يقوم هو وحده بتأمين الفعاليات التي يحضرها، يقوم بتفتيش الجميع حتى العسكريين منهم من داخل الجيش التقليدي، قوة فعلية وجيش داخل الجيش، يمكنك أن تتأكد من هذا الأمر بحديث صغير مع أحد أصدقائك في الجيش "وكلنا لنا أصدقاء في الجيش" فقط، اذكر له اسم "قوة التدخل السريع" ثم انتظر ردة فعله.

ربما يدرك عنان في محبسه بالسجن الحربي الآن حجم المشكلة، ربما يسرح بخياله ليستشرف سيناريوهات عن الانتخابات، ولكن المؤكد أن السيسي أعد العدة جيداً لخطف مصر، ولن يرحل بانتخابات.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد