شهيد الأذان "علي عدنان أرتكين مندريس"، الرجل الذي وقف أمام الطوفان، وسبح ضد التيار، وتحدى كل الصعاب، وقدم حياته رخيصة ليعيد لتركيا إسلامها.
عن عدنان مندريس
وُلد عدنان مندريس عام 1899 بتركيا، وشارك في الحياة السياسية، وانضم لحزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك؛ ليحمل الفكر العلماني الذي حكم تركيا بعد سقوط الخلافة العثمانية، وظل مندريس في حزب أتاتورك، وترشح في الانتخابات نائباً عنه، وفي عام 1945 انفصل عدنان مندريس هو وثلاثة من رفقائه، وأسسوا الحزب الديمقراطي، وبدأ مندريس مرحلة جديدة ومختلفة من نضاله السياسي لإعادة تركيا إلى مسارها الصحيح.
مندريس وإعادة تركيا لهويتها
بعدما أسَّس عدنان مندريس ورفقاؤه الحزب الديمقراطي بدأوا في منافسة حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك، والمسيطر على كل شيء في تركيا، ودخل مندريس الانتخابات التركية ببرنامج غريب، توقع له كل المحللين السياسين الفشل الذريع، وكان برنامج مندريس الانتخابي يتلخص في بضع نقاط:
1- عودة الأذان باللغة العربية.
2- السماح للأتراك بالحج.
3- إنشاء المدارس وتعليم اللغة العربية.
4- إلغاء تدخل الدولة في لباس المرأة.
5- إعطاء الحرية للناس في ممارسة الشعائر والمعتقدات.
بهذا البرنامج البسيط غيّر المعقد خاض عدنان مندريس وحزبه الانتخابات التركية عام 1950، وكانت المفاجأة المدوية التي هزَّت كل تركيا هي الفوز الساحق للحزب الديمقراطي التابع له مندريس بفارق كبير عن منافسه حزب الشعب الديمقراطي؛ حيث حصل حزب مندريس على 318 مقعداً، بينما حصل حزب الشعب الجمهورى على 32 مقعداً فقط، وشكَّل عدنان مندريس أول حكومة ديمقراطية في تركيا، وتولى هو رئاسة الوزراء، وتولَّى رئيس حزبه جلال بايار رئاسة الجمهورية، وبدأ مندريس في تنفيذ وعوده فسمح للأتراك بالحج بعد منعهم لسنوات، وجعل الأذان باللغة العربية، وفي عام 1954 عقدت الانتخابات للمرة الثانية؛ ليستكمل مندريس اكتساحه، فيفوز بنتيجة أكبر من السابقة، ويواصل إنجازاته، ويستكمل وعوده فينشئ المدارس لتدريس اللغة العربية، وشيَّد 10 الآف مسجد. وفتح 20 ألف مدرسة لتحفيظ القرآن و22 معهداً لإعداد الدعاة لنشر الإسلام الصحيح، كما عمل على تقوية العلاقة مع الدول العربية، وفي نفس الوقت قام بطرد السفير الإسرائيلي عام 1956، وظل مندريس في نضاله السياسي المشرف حتى استطاع إعادة بوصلة تركيا إلى الاتجاه الصحيح.
نهاية مشرِّفة
لم تكن كل هذه الإنجازات العظيمة التي قام بها مندريس لتمر هكذا على اليهود ودول أوروبا التي بذلت كل الجهود لتتحول تركيا من دولة مسلمة إلى دولة علمانية؛ لذلك تحالف ضده أعداؤه في الداخل والخارج، وتم تدبير الانقلاب ضده.
فبدأ حزب الشعب الجمهوري يصنع له الاضطرابات والقلاقل، وفي عام 1960 تحرك الجيش التركي بقيادة "جمال جورسل"، وأعلن الانقلاب على مندريس في مايو/أيار 1960، وتم تجميد حزبه والقبض عليه، وحكم عليه بالإعدام شنقاً بتهمة رفع الأذان بالعربية وتحويل تركيا من العلمانية إلى الإسلام، ومحاولة إعادة الخلافة، وتم تنفيذ حكم الإعدام في سبتمبر/أيلول 1961؛ ليختم عدنان مندريس حياته ختاماً مشرفاً بمقولته الخالدة: "وأنا على أعتاب الموت أتمنى السعادة للوطن وللأمة".
رحم الله عدنان مندريس.
– تم نشر هذه التدوينة في موقع تركيا بوست
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.