في الوقت الذي يتواصل فيه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تتضاعف أعداد الشهداء من المدنيين بصورة يومية، ليتجاوز بعد اليوم الـ80 من الحرب 21 ألف شهيداً، معظمهم من النساء والأطفال.
القصف العشوائي للمساكن والأحياء في المدن الفلسطينية بقطاع غزة طال أيضاً صفوف العاملين في مهنة الصحافة ممن يحاولون تغطية الأحداث، وذلك على الرغم من المواثيق والقوانين الدولية التي تكفل لهم حق تأدية مهام عملهم دون التعرض للاستهداف.
وعلى الرغم من انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لها بشكل يومي، يعترف القانون الدولي بأهمية حماية الصحفيين في مناطق النزاع والحروب، باعتبار أن دورهم في توفير معلومات دقيقة أمر بالغ الأهمية لتوعية الشعوب وتوثيق الأحداث.
فيما يلي أبرز المواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل حق حماية الصحفيين في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة:
القوانين الدولية لحماية حق الصحفيين في مناطق الحروب
تتناول العديد من المواثيق القانونية الرئيسية حماية الصحفيين في أوقات الحرب. فيما يلي أبرزها:
1- الميثاق الدولي لحقوق الإنسان:
يكرس الميثاق الدولي لحقوق الإنسان العديد من الحقوق والحريات الأساسية، بما في ذلك حق حرية التعبير. ويُعتبر حق الوصول إلى المعلومات وحرية الصحافة من جوانب هذه الحقوق.
وتنص المادة 19 منه على أن "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة دون تقيد بالحدود والجغرافيا".
2- اتفاقيات جنيف (1949):
تعتبر اتفاقيات جنيف، التي تضم أربع معاهدات، أحد المواثيق الأساسية في تنظيم تداعيات الحروب والنزاعات المسلحة وحماية الأفراد الذين لا يشاركون أو توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية، بما في ذلك الصحفيون.
ويمكن اعتبار الصحفيين مواطنين مدنيين، وبالتالي يحق لهم الحصول على الحماية من الاستهداف المباشر، ما لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية.
3- البروتوكول الإضافي الأول والثاني لاتفاقيات جنيف (1977):
توفر هذه البروتوكولات حماية إضافية للمدنيين والصحفيين أثناء النزاعات المسلحة والحروب الدولية وغير الدولية.
ويعتبر البروتوكول الإضافي أن الصحفيين مواطنون مدنيون ما لم يشاركوا بشكل مباشر في الأعمال العدائية. وينبغي احترامهم وحمايتهم والحرص على حياتهم، مع التكفل بحقهم في الحصول على المعلومة ونقلها بكل السبل المتاحة.
4- القانون الدولي الإنساني:
يحدد القانون الدولي الإنساني، المعروف أيضاً باسم قانون النزاعات المسلحة، القواعد ووسائل الحماية للأفراد المتضررين من النزاعات المسلحة، بما في ذلك الصحفيون.
ويتطلب القانون أن يتم التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ويجب معاملة الصحفيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية كمدنيين.
5- قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1738 (2006):
يتناول هذا القرار على وجه التحديد حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة. ويدين الهجمات المتعمدة على الصحفيين في حالات الحرب والنزاع، ويدعو جميع الأطراف إلى احترام الاستقلال المهني للصحفيين وحقوقهم في الحصول على المعلومات ونقلها.
وهو ينص على:
- إدانة الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائل الإعلام والأفراد المرتبطين بهم أثناء النزاعات المسلحة.
- مساواة سلامة وأمن الصحفيين ووسائل الإعلام والأطقم المساعدة في مناطق النزاعات المسلحة بحماية المدنيين هناك.
- اعتبار الصحفيين والمراسلين المستقلين مدنيين يجب احترامهم ومعاملتهم بهذه الصفة.
- اعتبار المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الإعلام أعياناً مدنية لا يجوز أن تكون هدفاً لأية هجمات أو أعمال انتقامية.
6- قرارات المحكمة الجنائية الدولية:
تتمتع المحكمة الجنائية الدولية، بالولاية القضائية على جرائم الحرب، بما في ذلك تلك المرتكبة ضد الصحفيين في سياق النزاعات المسلحة.
7- القوانين الدولية لحرية الصحافة:
على الرغم من أن المبدأ العام لحرية الصحافة وحماية الصحفيين ليس صكاً قانونياً، إلا أنه منصوص عليه في مختلف الصكوك والقوانين الدولية لحقوق الإنسان مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ما يؤكد على أهمية حماية قدرة الصحفيين على التعبير عن آرائهم، ونقل المعلومات بأمان.
استهداف الصحفيين في غزة يتم دون حساب
وحتى 23 ديسمبر/كانون الأول 2023، أظهرت التحقيقات الأولية التي أجرتها لجنة حماية الصحفيين الدولية أن ما لا يقل عن 68 صحفياً وعاملاً في مجال الإعلام كانوا من بين أكثر من 21 ألف قتيل منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وذلك دون أي تدخل دولي لحماية العاملين بالمجال تطبيقاً للقوانين الدولية.
في المقابل، كشفت مصادر فلسطينية عن مقتل ما لا يقل عن 100 صحفي منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وذلك وفقاً للأرقام الجديدة الصادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وقال المكتب الإعلامي الفلسطيني إن الصحفي الفلسطيني محمد أبو هويدي هو آخر من استشهد في غارة جوية إسرائيلية على منزله شرقي مدينة غزة، مع ترجيح أن العدد الإجمالي للصحفيين والصحفيات الذين استشهدوا جراء الحرب قد يكون أعلى من هذه التقديرات بكثير، وذلك على الرغم من القوانين الدولية التي تكفل حريات وحماية الصحفيين والعاملين بالمجال.