كشف موقع The Daily Beast الأمريكي، عن حوار مثير بين وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو ورئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون في بيونغ يانغ في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث كشف الحوار ملامح "مؤامرة قتل" بحق كيم.
بومبيو كان في ذلك الوقت مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والتقى "سراً" مع كيم في بيونغ يانغ قبل شهرين من القمة سيئة السمعة بين كيم وترامب، وفق تقرير الموقع الذي نشر الإثنين 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
استقبل كيم بومبيو بالعبارة التالية: "سيدي المدير، لم أعتقد أنك ستحضر. أعلم أنك كنت تحاول قتلي"، فيما رد بومبيو -مفترضاً أن كل شيء كان مجرد مزحة- قائلاً: "سيدي الرئيس، ما زلت أحاول قتلك"، في حين أفاد موقع "ذا ديلي بيست" أن كيم لم يكن يمزح على الإطلاق.
إذ قال مصدر مقرب من "مؤامرة الاغتيال" إنه كانت هناك خطة نشطة "للإطاحة بنظام كيم"، كما أكد ضابط سابق في وكالة الاستخبارات الوطنية بكوريا الجنوبية إن هذه الوكالة كانت تقدم الدعم المالي لخطة كانت ستصدم العالم.
كما أن كوريا الشمالية كانت تعتقد أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كانت أيضاً جزءاً من المؤامرة.
مؤامرة اغتيال في روسيا
لقد دبر فريقٌ من المخططين لقتل كيم مؤامرتهم ليس فقط في بيونغ يانغ بل في روسيا، حيث يمكنهم الحصول على الأسلحة بسهولة أكبر، وكانوا يأملون في تجنب التدقيق المكثف من قبل نخبة حراس كيم الشخصيين، وفق الموقع ذاته.
وفي سول، كان الشخص الأقرب إلى المؤامرة هو دوه هي يون، الرئيس التنفيذي للجنة المواطنين لحقوق الإنسان للمختطفين واللاجئين الكوريين الشماليين.
وتواصل دوه مع زعيم المؤامرة كيم سيونغ إيل، الذي كان يقيم في مدينة خاباروفسك السيبيرية عبر الحدود في روسيا، حيث كان يشرف على فريق كوري شمالي كانت مهمته قطع الأشجار في الغابات المحيطة.
قال دوه: "على مدار عامين أو ثلاثة أعوام، أجريت محادثات مع كيم سيونغ إيل، الذي كان هدفه إطاحة نظام كيم".
أضاف أن سيونغ إيل بدأ العلاقة من خلال الاتصال به بعد الاستماع إليه في تقارير إذاعية على الموجات القصيرة بثتها هيئة الإذاعة الكورية الجنوبية. وباعتباره مديراً موثوقاً، كان بإمكان كيم التحدث عبر الهواتف المحمولة الروسية دون خوف من التنصت.
فشل مؤامرة الاغتيال
كانت المخاطر واضحة للغاية، حيث يتمتع فريق الحراس الشخصيين لكيم جونغ أون، المهرة في فنون الدفاع عن النفس، بحمايةٍ وثيقة ومستمرة من مئات الجنود، وكلما خرج القائد لزيارة على مصنع أو مزرعة أو إطلاق صاروخ، تسبقه وترافقه كتائب من الجنود.
كان كيم سيونغ إيل مدركاً جيداً لمخاطر مؤامرته، ويتذكر دوه قوله: "في الثورة هناك دائماً تضحيات. كنا نعلم أن الأمر قد يكون خطيراً. كان على شخص ما أن يخاطر ويفعل ما كنا سنفعله".
كان من المفترض أن يقوم رجل آخر، يوصف بأنه صديق لكيم سيونغ إيل، بتسليم الأموال إلى كيم ومنظمته في بيونغ يانغ بهدف تنفيذ خطة الاغتيال، لكن المؤامرة انهارت بصورة كارثية، بعد أن كانت الأقرب للتخلص من كيم.
يبدو أن المؤامرة أكدها مقطع فيديو أنتجه المنفذ الإعلامي أوريمينزوكيري التابع لدولة كوريا الشمالية، حيث نشرت الأخيرة مقطع فيديو مدته 23 دقيقة على الإنترنت في مايو/أيار 2017، وتفاخرت بإلقاء القبض على المتآمرين، بما في ذلك كيم سيونغ إيل، لكن المقطع لم يُنشَر من قبل من جانب أيٍّ من وسائل الإعلام الكورية الجنوبية أو الأجنبية.
وفي الفيديو، يظهر كيم سيونغ إيل، الذي تعرض للتعذيب بوضوح، وهو يعترف بتنظيم فريق مكلف "بإزاحة" كيم جونغ أون من السلطة.
يشرح سيونغ إيل، الذي قال إنه مُوِّلَ من قِبَلِ وكالة المخابرات الوطنية بكوريا الجنوبية، بالتفصيل مخططاً لقتل القائد الأعلى (كيم جونغ أون) إما بسم بيولوجي أو بالبولونيوم، وهي نفس المادة المشعة التي قتلت جاسوس الاستخبارات الروسية السابق ألكسندر ليتفينينكو في لندن عام 2006.
في الوقت نفسه، سعى الفيديو إلى توضيح الصلة بين وكالة المخابرات الوطنية بكوريا الجنوبية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، التي يصوِّرها على أنها أساس الشر.
ويقول كيم سيونغ إيل، في اعترافه، إن وكالة الاستخبارات الأمريكية كانت هي التي كانت ستوفر الوسائل اللازمة لقتل كيم جونغ أون.
لقاء كيم مع بومبيو
وبعد مرور عام على إحباط المؤامرة، رحب كيم ببومبيو في بيونغ يانغ للتحضير لقمة ترامب التي عُقِدَت لاحقاً في سنغافورة في يونيو/حزيران 2018، وأراد كيم أن تعرف الولايات المتحدة أنه كان على علم تام بأنه كان هدفاً لمؤامرة اغتيال.
من خلال تحية بومبيو بالطريقة التي فعلها كيم، كان يصدر تحذيراً من المخططات المستقبلية التي قد تدبرها وكالة الاستخبارات المركزية من أجل تدميره.
كان بومبيو أحد الأشخاص الذين كانوا إلى جانب لي. في مايو/أيار 2018، بعد رؤية كيم جونغ أون في بيونغ يانغ، وفقاً لمجلة Chosun، منح بومبيو وسام جورج تينيت للي، الذي ترك وقتها بالفعل منصب مدير جهاز المخابرات الوطنية، وذلك لـ"تفانيه طوال حياته في العمليات السرية ضد كوريا الشمالية".