نقل موقع Middle East Eye البريطاني عن مصادر، السبت 28 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن استبعد الأمريكيين المسلمين الذين انتقدوا علناً موقف واشنطن بشأن العدوان الإسرائيلي على غزة، من دائرة تواصل إدارة بايدن مع المدافعين الأمريكيين العرب والمسلمين عن فلسطين.
ووفقاً لمصدر في وزارة الخارجية، قبل ساعات من اجتماع بين بايدن ومجموعة من المسلمين الأمريكيين، حث العديد من النشطاء مجموعة من المناصرين على مقاطعة الاجتماع، لتوضيح أن المجتمع المسلم لن يقبل أعذار الإدارة لدعمها الثابت لما يقول الخبراء إنها إبادة جماعية للفلسطينيين، وفق الموقع.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، للموقع: "لم يكن هناك أي غرض لهذا الاجتماع"، مضيفاً: "رفضت إدارة بايدن أيضاً التحدث إلى أي شخص اختلف معها أو انتقدها علناً".
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن المجموعة التي التقت بايدن ضمت المدعي العام لولاية مينيسوتا، كيث إليسون، ووائل الزيات، من مجموعة المناصرة السياسية الإسلامية Emgage، والإمام محمد ماجد، المدير الديني التنفيذي لمركز المجتمع الإسلامي في منطقة دالاس في فرجينيا، ورامي نشاشبي، الأمريكي الفلسطيني، مدير شبكة العمل الإسلامي في شيكاغو، وسوزان بركات، أستاذة طب الأسرة بجامعة كاليفورنيا.
إدارة بايدن "غير مكترثة" لوقف الحرب
بدوره، قال نشاشبي لموقع "ميدل إيست آي": كانت هناك مناقشات مع قسم من المجتمع حول حضور الاجتماع مع بايدن"، مشيراً إلى أن لديه تحفظات شخصية أيضاً، لكنه قرر في النهاية مقابلة بايدن.
وقالت عدة مصادر مطلعة على المناقشات بين المسؤولين الحكوميين والعرب والمسلمين الأمريكيين، خلال الأسبوع الماضي، إن إدارة بايدن لم تفشل فقط في طمأنة الفلسطينيين بأن لديهم أي نية لوقف الخسائر المدمرة في الأرواح في غزة، بل لم تظهر أيضاً أنها في عجلةٍ بأي قدر لتقديم خارطة طريق لوقف الاعتداءات.
ورغم أن مجموعات من الأمريكيين المسلمين التقت وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الثلاثاء 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، والرئيس جو بايدن، الخميس 26 من الشهر نفسه، للاستماع إلى انزعاجهم من موقف واشنطن؛ فإن الإدارة بدت تركز على بناء صورة "مثيرة للقلق" بدلاً من اتخاذ إجراءات.
وحشية إسرائيل في غزة
ومع أن الأمريكيين المسلمين لا يشكلون سوى 1% من إجمالي سكان الولايات المتحدة، يُنظَر إليهم على أنهم كتل تصويتية حاسمة في بعض الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان.
وكان من المقرر أن يتناول اجتماع بايدن يوم الخميس، الذي رتبه البيت الأبيض، تنامي كراهية الإسلام والعنصرية ضد المسلمين في الولايات المتحدة، على خلفية أحداث الأسابيع الثلاثة الماضية.
وقال مصدر مطلع على الحوار، إن المشاركين استغلوا الفرصة للتحدث على وجه التحديد مع بايدن حول وحشية إسرائيل في غزة، وتزايد المشاعر المعادية للفلسطينيين، بالإضافة إلى تعليقات الرئيس خلال الأسبوع، التي ألقت بظلال من الشك على عدد الفلسطينيين الذين قُتِلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية.
وكان بايدن قد شكّك بأرقام الشهداء في غزة نتيجة غارات الاحتلال الإسرائيلي، كما قال سابقاً أيضاً إنه رأى صوراً لأطفالٍ إسرائيليين مقطوعي الرأس، وهو تعليقٌ تراجع عنه البيت الأبيض بعد يومٍ لاحق.
لغة "لا إنسانية"
في هذا السياق، قال نشاشبي إنه يدعو إلى وقف إطلاق النار، وتحدث أيضاً عن كيفية استخدام الرئيس للغة "اللاإنسانية" إزاء المجتمعين المسلم والفلسطيني، وإنه يرفض حتى الآن دعم أو الدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وجرت المناقشة الخاصة بعد ظهر الخميس، وضمت مجموعة صغيرة من المسؤولين المدنيين المنتخبين والمسؤولين الدينيين، وسط غضب متزايد في المجتمعات الإسلامية والعربية الأمريكية، بشأن كيفية تعامل بايدن مع الحرب بين إسرائيل وحماس. ورغم أن المناقشة كانت هادئة، وبعثت بعض الأمل لدى الحاضرين، فقد عكست أيضاً بعض الإحباطات.
في هذا السياق، أفادت صحيفة Politico الأمريكية، أن الزعماء المسلمين أخبروا بايدن ومساعديه بأنهم يشعرون بقلق عميق إزاء التعليق الذي أدلى به الرئيس هذا الأسبوع، في مؤتمر صحفي، عندما أعرب عن "عدم الثقة" في إحصائيات عدد القتلى التي قدمها المسؤولون الفلسطينيون.
"غصة في القلب"
وقال نشاشبي للصحيفة: "قلت ذلك وأنا جالس على بعد بوصات قليلة منه، وأنا أعلم أنني أتحدث إلى شخص أظهر قدرة عميقة على التعاطف الإنساني. ومع ذلك، فإن الطريقة التي فُسِّرَت بها تعليقاته، ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن في جميع أنحاء العالم، حتى تلك اللحظة التي نهض فيها ليبدأ التشكيك في عدد القتلى، كان يُنظَر إليها من قِبَلِ كثيرين على أنها مؤلمة بشدة. حرفياً، أعرف أشخاصاً شعروا بغصةٍ في القلب وهم يشاهدون ذلك".
وفقاً لشخص مطلع على المحادثة، أخبر بايدن الزعماء المسلمين بأن تعليقاته كانت حول عدم موثوقية حماس، وليس المقصود منها التقليل من عدد القتلى. وتحدث مساعدو بايدن بشكل إيجابي عن "هدنة" إنسانية في الحرب، للسماح بدخول الغذاء والماء والدواء إلى غزة.
لكن المجتمعين المسلمين في اجتماع يوم الخميس أوضحوا أنهم يعتقدون أن هذه الجهود لم تكن كافية، وقالوا إن خطاب بايدن ومساعديه وآخرين في الحكومة أدى إلى تغذية كراهية الإسلام. وقد حاولوا دفع بايدن وموظفيه إلى إظهار المزيد من التعاطف تجاه الفلسطينيين، والوقوف وراء وقف إطلاق النار.
ورفضت إدارة بايدن الدعوات لوقف إطلاق النار، قائلة إن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وقال بايدن في وقت سابق من هذا الأسبوع، رداً على سؤال حول وقف إطلاق النار: "يجب أن يُطلَق سراح الرهائن، وعندئذٍ يمكننا التحدث".