نقلت وكالة رويترز، عن مصدر مطلع، أن رئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أجرى محادثات سرية مع زعيم حركة طالبان هبة الله آخندزاده، في يوم 12 مايو/أيار الجاري 2023، بحث فيها سبل تهدئة التوترات مع المجتمع الدولي، وضرورة رفع الحظر عن تعليم الفتيات وتوظيف النساء.
وفق المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، فإن الاجتماع المذكور كان في مدينة قندهار الأفغانية، وهو أول اجتماع معلن بين زعيم طالبان ومسؤول أجنبي، فيما يشير إلى رغبة حكام أفغانستان في مناقشة سبل إنهاء عزلتهم، بحسب رويترز.
وقال المصدر "الاجتماع كان إيجابياً للغاية"، وإن آخندزاده "مهتم جداً" بمواصلة الحوار مع المجتمع الدولي.
رفع الحظر عن تعليم وتوظيف النساء
المحادثات السرية تطرقت كذلك إلى ضرورة إنهاء الحظر الذي فرضته طالبان على تعليم الفتيات وتوظيف النساء، حيث أثار رئيس الوزراء القطري هذه القضايا مع زعيم طالبان.
وقال المصدر إن الشيخ محمد أثار مع آخندزاده ضرورة رفع الحظر المفروض على تعليم الفتيات وتوظيفهن، بما يتضمن منعهن من العمل مع وكالات الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى.
وتعد إدارة طالبان، منذ يناير/كانون الثاني، بإصدار إرشادات مكتوبة تسمح بعمل موظفات أفغانيات في وكالات إغاثة. ومنعت حركة طالبان، في مارس/آذار 2022، الفتيات من تلقي التعليم في المرحلة الثانوية، ووسعت نطاق هذا الحظر ليشمل الجامعات، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتقول الحركة إنها ستتيح التعليم الثانوي للفتيات عندما يتم الوفاء بما وصفته بأنه "شروط" تشمل وضع منهج دراسي إسلامي.
وعرقلت القيود المفروضة على تعليم النساء وتوظيفهن المساعدات الإنسانية، وهي من الأسباب الرئيسية لعدم اعتراف أي دولة بحكم طالبان منذ تولي الحركة السلطة في أفغانستان، في أغسطس/آب 2021، بعد انهيار حكومة كانت مدعومة من الغرب، لدى انسحاب آخر دفعة من القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة من البلاد بعد عقدين من الحرب.
وذكر تقرير من الأمم المتحدة، تم تقديمه في مارس/آذار، لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أن معاملة طالبان للنساء والفتيات قد تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية.
وتقول طالبان إنها تحترم حقوق النساء بما يتسق مع تفسيرها للشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد الأفغانية.
في الوقت ذاته، لم يُبد آخندزاده استعداداً يذكر للتوصل لحل وسط بشأن ذلك، لكن اجتماعه مع الشيخ محمد يشير إلى أنه منفتح على استكشاف سبل إنهاء عزلة أفغانستان، وتعزيز برامج الإغاثة مع انزلاق البلاد أكثر في دائرة الجوع والفقر، وفق المصدر ذاته.
معالجة الأزمة الإنسانية
من جانب آخر، قال المصدر إن الشيخ محمد وآخندزاده ناقشا أيضاً جهود معالجة الأزمة الإنسانية الأفغانية.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو ثلاثة أرباع سكان أفغانستان، البالغ عددهم 40 مليون نسمة، يحتاجون لمساعدات، وحذرت من أن التمويل ينفد.
وأضاف المصدر أن الشيخ محمد أثار مع آخندزاده مسألة "الجهود المتواصلة على الأرض" التي تبذلها طالبان لمكافحة الإرهاب، في إشارة على ما يبدو لسعي كابول للقضاء على جماعة لها صلة بتنظيم داعش.
والتنظيم المتشدد هو العدو الأيديولوجي الرئيسي لطالبان، ويتمركز في الأساس في شرق البلاد، لكنه استهدف أقليات وسفارات في كابول.
وتقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إن طالبان تؤوي أعضاء من تنظيم القاعدة ومن حركة طالبان الباكستانية، لكن الحركة تنفي ذلك.
نجاح دبلوماسي لقطر
ويمثل الاجتماع نجاحاً دبلوماسياً لقطر، التي انتقدت القيود التي فرضتها طالبان على النساء، بينما استغلت صِلاتها القائمة منذ فترة طويلة مع الحركة الإسلامية للسعي لتواصل أكبر من المجتمع الدولي مع كابول.
والتقى الشيخ محمد، الذي يتولى أيضاً منصب وزير خارجية قطر، في قندهار، بالملا حسن آخوند، رئيس الوزراء في حكومة طالبان، في اليوم نفسه الذي التقى فيه زعيم الحركة، وكان بصحبته رئيس المخابرات القطرية، وفق المصدر.
ولا يغادر آخندزاده قندهار مطلقاً تقريباً، لكنه زعيم ديني وسياسي وعسكري بارز للحركة منذ عام 2016، وقادها لتحقيق النصر على حكومة كابول، التي كانت تحظى بدعم الغرب.
وسمحت قطر للحركة بفتح مكتب سياسي في الدوحة في 2013، وقدمت تسهيلات لإجراء محادثات بين الحركة وواشنطن، قادت للتوصل لاتفاق في 2020، قضى بانسحاب القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة، بعد حرب دارت رحاها لمدة 20 عاماً تقريباً.
ولا تربط قطر صلات دبلوماسية رسمية بأفغانستان، لكن سفارتها في كابول مفتوحة، وتمثل المصالح الأمريكية هناك.
وتسعى قطر منذ فترة طويلة لموافقة المجتمع الدولي على "خريطة طريق" لخطوات تُفضي لحصول طالبان على الاعتراف، وترجع ذلك إلى أن عزل أفغانستان من شأنه أن يؤدي لتدهور الأوضاع الأمنية في المنطقة.
تنسيق مع واشنطن
من جانب آخر، أشار المصدر إلى أنه جرى إطلاع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على أمر الاجتماع، وأنه يتم "التنسق بشأن كل القضايا التي أثيرت في المحادثات" بين الجانبين مع قطر، بما يتضمن إجراء المزيد من الحوار مع طالبان.
وتشير تصريحات المصدر إلى أن واشنطن دعمت رفع مستوى المحادثات، بعدما لم تسفر محادثات على مستوى أدنى عن تحقيق نتائج، على أمل التوصل لانفراجة لإنهاء الحظر الوحيد من نوعه في العالم، وتخفيف حدة الأوضاع الإنسانية المتردية والأزمة المالية التي تسببت في دفع ملايين الأفغان للجوع والبطالة.
وقادت الولايات المتحدة حملة لمطالبة حركة طالبان بإنهاء الحظر على تعليم الفتيات وتوظيف النساء، وبأن تشمل الحكومة الأفغانية شخصيات من خارج صفوف الحركة.