نقلت وكالة The Associated Press عن خبراء وصور أقمار صناعية أن موقع بناء منشأة نووية "عميق جداً" تحت الأرض في قمة جبال زاغروس وسط إيران، لافتاً إلى أنه يقع "على الأرجح" خارج نطاق سلاح أمريكي حديث مصمّم لتدمير مثل هذه المواقع.
تُظهِر الصور ومقاطع الفيديو، التي التقطتها الأقمار الصناعية لشركة Planet Labs PBC، أنَّ إيران تحفر أنفاقاً في الجبل بالقرب من موقع نطنز النووي، الذي تعرض لهجمات تخريبية متكررة وسط مواجهة طهران مع الغرب بشأن برنامجها النووي.
ومع اقتراب إنتاج إيران من اليورانيوم الآن إلى مستويات تطوير الأسلحة، بعد انهيار اتفاقها النووي مع القوى العالمية لعام 2015، فإنَّ هذا البناء الجديد يُعقِّد جهود الغرب لمنع طهران من تطوير قنبلة ذرية مع استمرار توقف الدبلوماسية بشأن برنامجها النووي، بحسب صحيفة The Times of Israel الإسرائيلية.
"دوامة تصعيدية جديدة"
وفي هذا السياق، حذّرت كيلسي دافنبورت، مديرة سياسة منع الانتشار في رابطة الحد من التسلح ومقرها واشنطن، من أنَّ استكمال مثل هذه المنشأة "سيكون سيناريو كابوسياً يخاطر بإشعال دوامة تصعيدية جديدة".
أضافت دافنبورت أنه "بالنظر إلى مدى قرب إيران من تطوير قنبلة نووية، فليس لديها مجال كبير جداً لتكثيف برنامجها دون تخطي الخطوط الحمراء الأمريكية والإسرائيلية. لذا في هذه المرحلة، فإنَّ أي تصعيد إضافي يزيد من خطر نشوب صراع".
وتقول إيران إنَّ البناء الجديد سيحل محل مركز تصنيع أجهزة الطرد المركزي فوق الأرض في نطنز الذي تعرض لتفجير وحريق في يوليو/تموز 2020. في حين ألقت طهران باللوم في الحادث على إسرائيل، المُشتبَه بها منذ فترة طويلة في شن حملات تخريبية ضد برنامج إيران النووي.
ولم تعترف طهران بأية خطط أخرى حول المنشأة، على الرغم من أنها ستضطر إلى إعلان الموقع للوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا كانت تخطط لإدخال اليورانيوم فيه.
ويُشيَّد المشروع الجديد بالقرب من مدينة نطنز، على بعد نحو 225 كيلومتراً جنوب طهران. ومثّل مركز نطنز النووي نقطة اهتمام دولي منذ صار وجوده معروفاً للعالم قبل عقدين من الزمن.
خندق و4 حفر
وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي التقطتها شركة Planet Labs PBC في أبريل/نيسان وحللتها وكالة "أسوشيتد برس"، أنَّ إيران تحفر خندقاً في جبل "كولانغ غازلا"، أو "جبل الفأس"، الذي يقع خلف السياج الجنوبي لنطنز.
وكشفت مجموعة مختلفة من الصور التي حلّلها مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي، عن حفر 4 مداخل في سفح الجبل، اثنان منها إلى الشرق واثنان آخران إلى الغرب. ويبلغ عرض الواحد 6 أمتار وطوله 8 أمتار.
ويمكن قياس حجم العمل من الأكوام الترابية الكبيرة، التي رُصد اثنان منها في الغرب وواحد في الشرق. واستناداً إلى حجم أكوام الخردة وبيانات الأقمار الصناعية الأخرى، قال خبراء في المركز للوكالة ذاتها إنَّ إيران من المحتمل أن تبني منشأة على عمق يتراوح بين 80 متراً و100 متر. ويُعَد تحليل المركز، الذي قدمه حصرياً للوكالة، أول تحليل يُقدِّر حجم نظام الأنفاق بناءً على صور الأقمار الصناعية.
وفي العام الماضي، اقترح معهد العلوم والأمن الدولي، وهو منظمة غير ربحية مقرها واشنطن، والتي تركز منذ فترة طويلة على برنامج إيران النووي، أنَّ الأنفاق يمكن أن تتعمق أكثر.
تخصيب اليورانيوم
ويقول الخبراء إنَّ حجم مشروع البناء يشير إلى أنَّ إيران ستتمكن على الأرجح من استخدام المنشأة تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم أيضاً، وليس فقط لبناء أجهزة طرد مركزي. فأجهزة الطرد المركزي تكون على شكل أنبوب، وتُرتَب في مجموعات كبيرة من عشرات الآلات، حيث تعمل سريعاً في تدوير غاز اليورانيوم لتخصيبه. ومن شأن إضافة مزيد من سلاسل أجهزة الطرد المركزي هذه السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بسرعة تحت حماية الجبل.
وقال ستيفن دي لا فوينتي، الباحث المشارك بالمركز الذي قاد التحليل حول أعمال الخندق: "لذا فإنَّ عمق المنشأة مصدر قلق، لأنَّ تدميره سيكون أصعب بكثير باستخدام أسلحة تقليدية؛ مثل القنبلة الخارقة للتحصينات، نموذجية".
ودفعت مثل هذه المنشآت الموجودة تحت الأرض الولايات المتحدة إلى صنع القنبلة خارقة الحصون GBU-57، التي يمكنها جرف 60 متراً (200 قدم) على الأقل من الأرض قبل أن تنفجر، وفقاً للجيش الأمريكي. وبحسب التقارير، ناقش المسؤولون الأمريكيون استخدام قنبلتين متتاليتين لضمان تدمير الموقع. لكن ليس من الواضح ما إذا كان مثل هذه الضربة المزدوجة ستضر بمنشأة بعمق مثل تلك الموجودة في نطنز.
ومع احتمال عدم طرح خيار مثل هذه القنابل على الطاولة، لا يُترَك أمام الولايات المتحدة وحلفائها سوى خيارات أقل لاستهداف الموقع. وإذا فشلت الدبلوماسية، فقد تُستأنَف الهجمات التخريبية.