تقدّم ائتلاف من جماعات المسلمين في هولندا بشكوى لدى الأمم المتحدة ضد لجنة برلمانية هولندية مكلفة بالتحقيق حول التمويلات الأجنبية التي تحصل عليها المساجد والجمعيات الإسلامية، وفق ما أفاد موقع Middle East Eye البريطاني.
حيث تقدّم مشروع الأمة، المجموعة المستقرة في هولندا التي تقود هذه الجهود، بشكوى مكونة من 82 صفحة لدى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الإثنين 24 أبريل/نيسان 2023، اتهموا فيها اللجنة البرلمانية الهولندية المعنية بالنفوذ الأجنبي غير المرغوب فيه (Pocob) بشن حملة اضطهاد، وُصفت بـ"مطاردة ساحرات"، ضد الجالية المسلمة.
يضم قادة المسلمين الذين يمثلون الشكوى، حميد طاهري ويعقوب فان دير بلوم ونصر الدمنهورى، وثلاثتهم يحتلون مراكز قيادية في عديد من المساجد والجمعيات الإسلامية المنتشرة حول هولندا.
استجوابات مكثفة
بدورها، استدعت لجنة Pocob هؤلاء الرجال في 2020 بعد أن شرع البرلمان الهولندي في التحقيق حول تأثير الأموال القادمة من قائمة من "البلدان غير الحرة"، وتضم عدداً من الدول الخليجية وتركيا، بحسب تصنيف اللجنة.
وركزت اللجنة البرلمانية الهولندية على المنظمات المسلمة في هولندا، رافضة توسيع نطاقها لتتضمن احتمالية وجود تأثير من بلاد أجنبية أخرى.
بينما واجه الرجال الثلاثة، الذين استدعتهم اللجنة ليكونوا شهوداً، خطر التعرض للسجن إذا فشلوا في الإدلاء بشهادتهم.
وأظهرت اللقطات الخاصة بلجنة الاستماع تحمل الشهود المسلمين سلسلة استجوابات مكثفة عن طريق أعضاء البرلمان.
حتى أن أحد الشهود، الذي رفض في مرحلة ما خط الاستجواب المشهود خلال التحقيق، حُجب الصوت عن الميكروفون الخاص به.
"لم يُنصَت إليهم بوصفهم شهوداً"
من جانبها، قالت سميرة صابر، المحامية الهولندية التي رفعت القضية نيابة عن مشروع الأمة، إن الرجال الثلاث أُجبروا على الدفاع عن أنفسهم بوصفهم مشتبهاً بهم ضد مزاعم إدانة شديدة، برغم عدم ارتكاب أي جريمة.
أضافت المحامية أن الشهادات التي أدلى بها الشهود نُقلت عبر بث مباشر عُرض على عديد من القنوات التلفزيونية. وقال مشروع الأمة إن الرجال وأماكن العبادة التي يديرونها واجهت منذ ذلك الحين ردة فعل سلبية.
كما أخبرت سميرة موقع "ميدل إيست آي": "لا يقتصر الأمر على أن السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا استُخدمت هذه الأداة القاسية للتحقيق حول النفوذ الأجنبي، بل يتعلق بأن الأداة غير المتناسبة المستخدمة، التي استجوب فيها الشهود علانية بوصفهم مشتبهاً بهم وتحت القسم، كانت غير ضرورية على الإطلاق".
وأوضحت: "لم يُنصَت إليهم بوصفهم شهوداً، بل بوصفهم مشتبهاً بهم، وكان عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم، وهم غير مستعدين لذلك، وبدون أن يُمنحوا الفرصة كي يُنصت إليهم حقاً".
وتابعت: "هذه الاستدعاءات أخذت طابع التحقيقات الجنائية أكثر من كونها تحقيقاً برلمانياً ديمقراطياً".
بدوره، قال يعقوب فان دير بلوم، إمام مسجد بلاو في أمستردام (المسجد الأزرق)، إن خط الاستجواب ضده وضد الشهود الآخرين كان غير قانوني، وتعارَض مع الدستور الهولندي.
وأوضح في بيان: "في الدستور هنا في هولندا، اتفقنا على ألا نعامل بعضنا بطريقة مختلفة استناداً إلى الدين أو اللون، [لكن] هذا يحدث هنا بكل وضوح".
وأضاف فان دير بلوم: "[حتى قبل أن نظهر في جدول أعمال اللجنة]، كانوا قد قرروا بالفعل النتيجة وجميع التساؤلات، والمتحدثين، وترتيب اللقاءات. كل ما كان عليهم أن يفعلوه هو الجانب الخاص بهم من أجل الوصول إلى هذه النتيجة. والآن لديهم تقرير يستطيعون أن يدّعوا فيه بأن هناك "نفوذاً غير مرغوب فيه" عن طريق التمويل الأجنبي".
إسلاموفوبيا متفشية
في عام 2021، كشفت وسائل إعلامية محلية عن أن ما لا يقل عن 10 بلدات ومدن في هولندا، استخدمت شركات خاصة كي تحقق وراء المساجد والمؤسسات الإسلامية بصورة سرية.
فقد خضع مسؤولو المساجد والأعضاء النشطون في الجالية الإسلامية وصحيفة NRC Handelsblad المحلية لتحقيقات عن طريق شركة Nuance Door Training and Advice (NTA) الأمنية، نيابة عن البلديات، واستُخدمت في ذلك طرق سرية غير قانونية.
وأفادت تقارير بأن طاقم شركة NTA الأمنية دخلوا المساجد وزاروا قادة الجالية الإسلامية بدون الكشف عن هوياتهم الحقيقية، وذلك في بلديات تضمنت روتردام ودلفت وألمير وهاوزن ولايتسيندام- فوربورخ وزوترمير وفينندال وإيده.
كذلك ذكر مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الدين أحمد شهيد في 2019، أن الإسلاموفوبيا كانت "متفشية" حول هولندا كلها بعد زيارته البلاد.