كشفت صحيفة Africa Intelligence الفرنسية في تقرير نشرته، الثلاثاء 6 ديسمبر/كانون الأول 2022، أن الولايات المتحدة الأمريكية أقنعت عدداً من دول أوروبا الشرقية بضرورة إمداد أوكرانيا بمعدات السوفييت العسكرية. وانطلقت بعد ذلك في توسيع عملياتها لإفريقيا، وقد نجحت سراً في إقناع المغرب بتسليم قطع غيار دبابات تي-72 لكييف.
لا شك أن العملية، التي ظلت سراً بين واشنطن والرباط، تكشف عن دعم المغرب غير المسبوق لأوكرانيا في حربها ضد الهجوم الروسي. إذ وافقت المملكة في منتصف عام 2022 على إرسال قطع غيار دبابات تي-72 إلى الجيش الأوكراني، وكانت تلك الدبابات من أبرز النماذج السوفييتية الصنع في السبعينيات.
مفاوضات مطولة بين أمريكا والمغرب
جاءت تلك العملية السرية بعد مفاوضات مُطوّلة بين وكالات الاستخبارات الأمريكية والمغربية. ولعبت جمهورية التشيك دوراً محورياً في المفاوضات باعتبارها المركز الأوروبي لقطع الغيار العسكرية السوفييتية الأصل. حيث تستضيف براغ على أراضيها شركة Excalibur Army، التي تُعَدُّ شركةً تشيكية متخصصة ورائدة في مجال تحديث أسلحة الكتلة الشرقية السابقة. وتعمل الشركة بالفعل على تحديث 90 دبابة تي-72 لصالح الجيش الأوكراني. وكان المغرب قد أرسل طلباً للحصول على قطع غيار إلى مقاولٍ تشيكي فرعي مطلع العام الجاري، وذلك من أجل أسطول دباباته الذي لا يتجاوز الـ150 دبابة من طراز تي-72.
في حين لفت الطلب انتباه واشنطن. إذ تُعَدُّ الولايات المتحدة الراعي المالي الرئيسي للجيش الأوكراني في حربه الحالية، لهذا عكفت على تصيُّد المعدات السوفييتية الصنع من أجل إرسالها إلى أوكرانيا. ويرجع السبب إلى أن الترسانة الأوكرانية تتألف من معدات سوفييتية في الأساس.
دبابات ذات قدرة عالية
تتمتع دبابات تي-72 بفاعليةٍ شديدة في اختراق صفوف الأعداء، كما تُعتبر من أكثر السلع المطلوبة لأنها تمثل الشطر الأكبر من المعدات العسكرية البرية للجيش الأوكراني. وأفادت صحيفة Le Monde الفرنسية بأن أوكرانيا تسلمت بالفعل قرابة الـ300 دبابة من طراز تي-72 منذ بداية الحرب، تشمل 240 دبابة من بولندا و40 دبابة من جمهورية التشيك. ولعبت واشنطن دوراً بارزاً بتمويلها لعمليات تحديث تلك الدبابات، التي تأتي مجهزةً بمدفعٍ رئيسي عيار 125 مم مع مدافع رشاشة آلية.
جدير بالذكر أن المفاوضات بين الرباط وواشنطن بدأت في أبريل/نيسان 2022. وفي الـ27 من أبريل/نيسان 2022، جمعت واشنطن 40 من حلفائها في قاعدة رامشتاين العسكرية في ألمانيا من أجل تنسيق الدعم العسكري لأوكرانيا. وتناقلت وسائل الإعلام الدور الذي لعبته القوى الأوروبية في ذلك الحدث على نطاقٍ واسع، لكنها لم تلحظ تواجد المغرب تقريباً. بينما امتنعت الرباط عن إعلان دعمها العسكري لأوكرانيا على الملأ.
لكن في الوقت نفسه يفضل المغرب البقاء بعيداً عن الأضواء، لأنه يحاول الحفاظ على التوازن بين حليفته الولايات المتحدة وبين روسيا، التي تطورت علاقته بها في السنوات الأخيرة خاصةً على صعيد التجارة. بينما عوّلت واشنطن من ناحيتها لأسابيع على قيام المغرب بالتحول إلى سياسة دعمٍ أكثر صراحةً لكييف. إذ ناقش مايكل لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، المسألة مع المفتش العام للقوات المسلحة الملكية بلخير الفاروق أثناء زيارته للرباط في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
كذلك يبدو أن المغرب مستعد للتعاون. إذ أدان المغرب ضم روسيا لأربع مناطق أوكرانية في الأمم المتحدة يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أي قبل أسابيع من التصريح بتسليم قطع غيار تي-72 لأوكرانيا. وكانت هذه الإدانة هي الأولى من نوعها بالنسبة للرباط، التي امتنعت عن التصويت لصالح أي مشروع قانون يُدين موسكو في السابق.
الموقف من الصحراء الغربية
كان المغرب يأمل أن تغير روسيا موقفها من منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها، في مقابل الحياد النسبي للرباط في الصراع الروسي-الأوكراني. لكن موسكو تُعَدُّ حليفاً تاريخياً للجزائر، التي تدعم بدورها جبهة البوليساريو الانفصالية في المنطقة. ولم تغير روسيا موقفها في تلك القضية حتى الآن.
بينما لم تأت عملية المغرب الصيفية دون مقابلٍ أيضاً. إذ اقترحت الولايات المتحدة تسليم المغرب دبابات إم-1 أبرامز في مقابل قطع غيار دبابات تي-72. وتعتمد واشنطن هذه السياسة القائمة على المعاملات مع عدة دول في أوروبا الشرقية مقابل نقل معداتهم السوفييتية إلى كييف.