أثارت تصريحات تلفزيونية لعضو في البرلمان الروسي، الجمعة 9 سبتمبر/أيلول 2022، بشأن صعوبة تحقيق نصر في الظروف الحالية، تكهنات حول "تصدّعات" في الرواية الرسمية على التلفزيون الحكومي بشأن الحرب في أوكرانيا، حسب صحيفة The New York Times الأمريكية.
يأتي ذلك بينما تشهد ساحة المعركة "تراجعاً" للقوات الروسية أمام استعادة الأوكرانيين مساحات واسعة من أراضيهم، حسبما تقول كييف التي تقاتل مشحونة بدعم غربي؛ وأمريكي بالدرجة الأولى، يُعتقد أنه السبب الرئيسي في التأثير على موازين الحرب مؤخراً.
في السياق، بدأ مشرّعون ومحللون روس "يشككون" على التلفزيون الحكومي في آفاق مستقبل موسكو في هذه الحرب، وبينما حثَّ البعض الكرملين على بدء مفاوضات السلام، طالب آخرون بمضاعفة قواته، حسبما أوردته نيويورك تايمز.
وقالت الصحيفة إن تباين وجهات النظر على شبكات التلفزيون الحكومية الخاضعة لسيطرة مشددة، سلّط الضوء على التحول السريع في رواية موسكو من الاقتناع بأنها مجرد مسألة وقت قبل أن تُخضِع أوكرانيا روسيا إلى الشعور بالذعر بشأن التقدم السريع لقوات كييف.
ويتناقض ذلك مع الاستجابة الصامتة بعد فشل محاولة روسيا للسيطرة على العاصمة كييف في الربيع، بينما كان الهجوم الروسي على أوكرانيا في بداياته.
"لا نستطيع الفوز بهذه الحرب الآن"
عقب انهيار خط المواجهة الروسي في شمال شرق أوكرانيا الجمعة 9 سبتمبر/أيلول، قال بوريس ناديجدين، العضو بالبرلمان الروسي، لمشاهدي برنامج حواري سياسي على قناة NTV التلفزيونية المملوكة للدولة، عبارة لم يكن بالإمكان قولها في السابق: "موسكو لا تستطيع، في ظل الظروف الحالية الفوز بهذه الحرب".
وأضاف ناديجدين، الذي يشغل أيضاً منصب نائب بلدية في بلدة قريبة من موسكو: "نحن الآن في النقطة التي يجب أن نفهم فيها أنه من المستحيل تماماً هزيمة أوكرانيا باستخدام تلك الموارد وأساليب الحرب الاستعمارية التي تحاول روسيا القتال بها. يقاتل الجيش الروسي ضد جيش قوي مدعوم بالكامل من أقوى الدول من الناحية الاقتصادية والتكنولوجية".
واقترح ناديجدين أن تبدأ المفاوضات من أجل السلام؛ وهو اقتراح دحضه بشدة آخرون في الاستوديو، الذين جادلوا بأنَّ روسيا لا يمكن أن تتخلى عن حربها الوجودية ضد حلف الناتو.
تدمير البنية التحتية
في المقابل، قال ألكسندر كازاكوف، عضو مجلس النواب الروسي (الدوما): "لقد تلقينا ضربة نفسية خطيرة للغاية. يجب علينا تدمير البنية التحتية التي تُستخدَم لأغراض عسكرية".
بينما تساءل آخرون عن الذريعة الأيديولوجية الأساسية التي استخدمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشن الحرب، وهي أنَّ الروس والأوكرانيين يشكلون أمة واحدة.
في الوقت ذاته، قال عالم السياسة فيكتور أوليفيتش: "لا يمكننا أن نتوقع إثارة عواطفهم إذا قلنا للأوكرانيين إنهم ليس لهم أصل إثني، ولا توجد لغة أوكرانية".
وفي حديث في برنامج حواري على قناة Rossiya-1، القناة التلفزيونية الحكومية الرئيسية في روسيا، قال المحاضر في جامعة موسكو الحكومية، أليكسي فينينكو، إنَّ روسيا "يجب أن تعترف بأنها تواجه خصماً هائلاً في أوكرانيا".
وأضاف فينينكو: "علينا أن نعترف بأنَّ أوكرانيا احتشدت ضدنا. ويجب أن نتعامل معها كخصم خطير وخطير".
التراجع الروسي والحرب النفسية
بينما حذّر عالم السياسة فيتالي تريتياكوف المشاهدين، الاثنين 12 سبتمبر/أيلول، من أنَّ التوقعات غير المحققة بشأن الحرب قد تؤدي إلى اضطراب اجتماعي إذا أدرك الروس أنَّ بلادهم تخسر.
وقال تريتياكوف، في تصريح على قناة Rossiya-1، الخميس 8 سبتمبر/أيلول: "هناك ثقة كبيرة في فوزنا، لكن هذه الثقة يجب أن تكون مدعومة بتطورات حقيقية".
وأضاف: "يمكن أن تظهر توترات اجتماعية؛ ليس لأنَّ السكان سينددون بالعملية، لكن لأنهم قد يتساءلون لماذا هي خاملة، ولماذا لا نحقق نصراً ولا تقدماً؟".
يأتي ذلك وسط الحديث عن تراجع روسي "كبير" في خاركيف ثاني أكبر مدن البلاد، بينما يقول الكرملين إن روسيا ستحقق أهداف "عمليتها الخاصة" في أوكرانيا، حسب بيان له، الإثنين 12 سبتمبر/أيلول.
في حين أن أوكرانيا أكدت استعادة قواتها مناطق يتجاوز مجموع مساحتها 3 آلاف كيلومتر مربّع منذ بدأ الهجوم المضاد مطلع الشهر في شرق البلاد.
يُذكر أنه في 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا هجوماً عسكرياً على أوكرانيا تبعه رفض دولي وعقوبات اقتصادية على موسكو التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلاً" في سيادتها.