بحلول وقت كتابة هذا التقرير سيكون قد وقعت حالات إطلاق نار جماعية في أمريكا تتجاوز عدد الأيام منذ بداية عام 2022 فقط. فحتى قبل انتصاف السنة تجاوزت جرائم إطلاق النار في الولايات المتحدة الأمريكية التي راح ضحيتها شخصان أو أكثر من القتلى 250 حالة، ولا يزال شهر مايو/أيار لم ينتهِ بعد.
هذه الأرقام الصادمة جعلت الولايات المتحدة من الدول المتصدرة في عدد القتلى سنوياً نتيجة قانون حق امتلاك السلاح في البلاد، حيث يأتي الانتحار في المرتبة الأولى، يليه القتل العمد.
لماذا يُسمح للأمريكيين بحمل السلاح؟
الحق في شراء وحمل السلاح حق قانوني لجميع الأمريكيين منذ عام 1787، فقد تمت كتابته في الدستور، والذي يغطي القوانين الأساسية للبلاد، والتي بدورها يتم تقسيمها بشكل عام إلى فئتين؛ القانون الاتحادي وقانون الولايات.
وبموجب القانون الفيدرالي، الذي ينطبق على جميع الولايات الأمريكية، لا يمكن بيع مسدس أو ذخيرة مسدس لأي شخص يقل عمره عن 18 عاماً أو في حيازته. ومع ذلك لا يوجد حد أدنى لسن حيازة البنادق الطويلة أو ذخيرة البنادق الطويلة.
علاوة على ذلك، يمكن لتجار الأسلحة المرخصين بيع المسدسات فقط للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 21 عاماً، بينما يمكن شراء البنادق بشكل قانوني عندما يكون عمر الشخص 18 عاماً فقط.
هناك أيضاً استثناءات معينة، مثل إن كانت البندقية مطلوبة للتربية أو الزراعة أو ممارسة النشان أو الصيد.
استثناءات تجعل الأطفال مرخصين بامتلاك السلاح
يمكن لقانون الولاية أحياناً أن يبطل القانون الفيدرالي، على سبيل المثال في مين وألاسكا ومينيسوتا ونيويورك، يمكن للطفل المراهق الذي لم يتجاوز 16 عاماً أن يشتري بندقية، وفي فيرمونت يمكن لشخص من نفس العمر أيضاً شراء مسدس.
في مينيسوتا، يتم تقديم استثناءات أخرى، حيث يُسمح لطفل يبلغ من العمر 14 عاماً بشراء بندقية بعد موافقة الوالدين.
في بعض الولايات الأخرى تكون القواعد أقل صرامة بشكل لافت أيضاً. في ولاية نيفادا على سبيل المثال لا يتعين على الناس إخبار أي شخص أو جهة رسمية قبل اتخاذ قرار امتلاك السلاح.
ومع ذلك، وفقاً للقانون الفيدرالي، لا يُسمح للمجرمين المدانين، والمواطنين غير الأمريكيين، والذين يعانون من مرض عقلي بحيازة سلاح.
الدولة الأعلى على الإطلاق في امتلاك المدنيين للسلاح
وفقاً لآخر مسح أُجري عام 2007، تصدرت الولايات المتحدة العالم في عدد الأسلحة النارية التي يملكها مدنيون بـ88.8 بندقية لكل 100 شخص، في حين أن اليمن الذي يحتل المركز الثاني يتخلف كثيراً عن 54.8 بندقية لكل 100 شخص.وقد وجد البحث، الذي جمعه مركز أبحاث التحكم في الإصابات، التابع لكلية هارفارد للصحة العامة، في أكثر من مناسبة، صلة وطيدة بين عدد أكبر من البنادق ومستويات أعلى من عنف السلاح، آخرها التي تشهدها الولايات مؤخراً من جرائم إطلاق نار عشوائية وجرائم الكراهية.
اختلاف حول ضرورة تعديل القوانين الحالية
يقول أولئك الذين يعتقدون أن قوانين امتلاك السلاح بحاجة إلى التغيير إن عمليات إطلاق النار مثل الهجمات الأخيرة يمكن منعها من الأساس إذا كانت القواعد المتعلقة بامتلاك الأسلحة أكثر صرامة.
وبحسب موقع BBC، يقول الكثيرون إنه يجب أن يكون هناك المزيد من القواعد حول نوع الأسلحة التي يُسمح للأشخاص بالحصول عليها، والمزيد من عمليات الفحص الصارمة للخلفية، وشخصية الفرد، للتأكد من أن الأشخاص الخطرين غير قادرين على حيازة الأسلحة.
مبرهنين بأنه في البلدان التي لا يُسمح فيها للناس بحمل السلاح يُقتل عدد أقل من الأشخاص كل عام، لذلك يجب على أمريكا تغيير قواعدها.
في المقابل، فإن الأشخاص الذين لا يريدون تعديل قواعد امتلاك السلاح، يقولون إن من حقهم بموجب القانون الذي تم وضعه مع بداية تأسيس الولايات المتحدة أن يكونوا قادرين على الحصول على سلاح لحماية النفس.
ويبرهنون على ضرورة هذا الحق باعتبار أنه من مسؤوليات كل شخص أن يكون قادراً على حماية نفسه عند الضرورة.
يقولون أيضاً إنه إذا تم حظر الأسلحة فسيظل المجرمون في البلاد قادرين على الحصول عليها على أي حال، ولن يتمكن المواطن العادي من الدفاع عن نفسه إذا لزم الأمر.
بعد كل حادث.. لا شيء يتغير
في كل مرة يقع فيها هجوم خطير باستخدام أسلحة في أمريكا، يُثار الجدل حول قوانين الأسلحة في البلاد من جديد.
حتى لو اعتقد الرئيس في أمريكا أنه يجب تغيير القواعد، وأن قوانين السلاح يجب أن تكون أكثر صرامة، فلا يمكنه تغيير القواعد من تلقاء نفسه، بل سيحتاج إلى الدعم من السياسيين الآخرين، الذين غالباً لا يوافقون بسبب انخراطهم في تجارة بيع وتصنيع الأسلحة الضخمة في البلاد، أو بسبب استثمار كبرى شركات الأسلحة في دعم الشخصيات السياسية المختلفة وتمويل حملاتهم الانتخابية.
فيما يلي إحصاء بأسماء أعضاء الكونغرس الذين يتم دعمهم مادياً من لوبيات السلاح الأمريكية، لتمرير القوانين التي تسمح لهم بالإبقاء على تجارتهم، والمبالغ المالية التي حظي بها كل عضو، وفقاً لموقع Center For Responsive Politics للإحصاء.
لذلك، وبشكل عام، تُعد قوانين حيازة وامتلاك السلاح الأمريكية أكثر تهاوناً من قوانين أي دولة أخرى في العالم. وحتى إذا كانت المدينة أو الولاية تضع بعض المحاذير المُقيدة، فإن السفر بين الولايات سهل تماماً، للذهاب إلى ولاية أخرى لشراء سلاح منها، رغم أن هذا يتعارض مع قوانين بعض الولايات.
وقد وجدت العديد من التحليلات للأماكن ذات القوانين المقيدة للأسلحة مثل شيكاغو وإلينوي، أنه عادة ما تتدفق البنادق من الولايات المجاورة أو القريبة، ذات قوانين الأسلحة المتساهلة.
وبذلك تكون النتيجة النهائية: إذا كنت ترغب في شراء سلاح في أمريكا، فمن شبه المؤكد أن هناك طريقة للقيام بذلك، بغض النظر عن القوانين المحلية، ويظل التساؤل ذاته مطروحاً، متى يقرر السياسيون أنفسهم ضرورة تعديل هذه المواد لما فيه صالح الأمريكيين، وكم عملية إطلاق نار عشوائية ستلزم الأمر؟