أسرت قصة نشرت عن طيار أوكراني مقاتل مجهول الهوية، قلوب المتابعين وبعض شعوب العالم طيلة أسابيع؛ بفضل ما نُشر عن مآثره الاستثنائية في المعارك، حتى إنه أصبح رمزاً بطولياً للمقاومة ضد الهجوم الروسي.
حتى إن صوره انتشرت في كل مكان بدايةً من القمصان وحتى التوكنات غير القابلة للاستبدال NFT، ومع ذلك فإن القوات الجوية الأوكرانية قالت إن شبح كييف "الطيار الأوكراني"، لم يكن له وجودٌ مطلقاً.
انتشار واسع لقصة الطيار الأوكراني البطل
لكن مراقبي الحرب يقولون إن انتشار هذه الرواية المزيفة للطيار الأوكراني، يثير التساؤلات حول كيفية معالجة المعلومات أثناء حربٍ يعاني خلالها الصحفيون من أجل الوصول إلى الخطوط الأمامية وذلك وفق ما نشرت شبكة NBC الأمريكية في تقرير لها يوم الثلاثاء 3 مايو/أيار 2022.
كذلك فإنه لا شك في أن الغموض يكتنف أصول أسطورة شبح كييف، كما هو الحال مع غالبية الأساطير، ولكن المؤكد أن الرئيس الأوكراني السابق بترو بوروشنكو هو الذي ضخّمها حين نشر تغريدةً تضم صورةً لطيارٍ مقاتل مقنع يُزعم أنه أسقط ست مقاتلات روسية في غضون ساعات من هجوم موسكو.
في حين ربط الإنترنت الخيوط ببعضها حين نشرت وزارة الدفاع الأوكرانية تغريدةً في مارس/آذار 2022 تضم مقطع فيديو يُثني على الرائد ستيبان تارابالكا، الذي تُوفي أثناء معركةٍ جوية ومُنِح وسام الشجاعة بعد وفاته. وبعدها ازدادت مآثر شبح كييف مع انتشار أسطورته أكثر، حيث نُسِبَ إليه الفضل في إسقاط 40 طائرة مقاتلة روسية.
لا سقوط لـ40 طائرة روسية
لكن قيادة القوات الجوية الأوكرانية كتبت على صفحتها في فيسبوك أن تارابالكا ليس شبح كييف، كما أنه لم يُسقط 40 طائرة من طائرات العدو. وأردفت أن شبح كييف "هو عبارةٌ عن أسطورة بطلٍ خارق وشخصية ابتكرها الأوكرانيون".
في الوقت نفسه فإن الأسطورة أعطت فكرةً عن سبب انتشار هذه النوعية من الأساطير أثناء الحرب. إذ لم يكن شبح كييف حقيقياً بحسب القوات الجوية الأوكرانية، "لكنه كان يمثل صورةً جماعية" لطياري البلاد الذين نجحوا في الحيلولة دون سيطرة روسيا على سماء البلاد برغم توقعات الخبراء.
حيث قال ويليام ألبيركي، مدير الاستراتيجية والتقنية والحد من التسلح في معهد International Institute for Strategic Studies بلندن، إن أسطورة شبح كييف صُمِّمت من أجل رفع المعنويات داخل البلاد ونجحت في ذلك لفترةٍ من الوقت.
تغريدة هامة من الجيش الأوكراني
بينما نشر حساب القوات الجوية الأوكرانية على تويتر التغريدة التالية: "لا صحة للمعلومات المتداولة عن مقتل شبح كييف. شبح كييف حيٌّ يرزق لأنه يجسد الروح الجماعية للطيارين الأكفاء في لواء الطيران التكتيكي، الذين يدافعون بنجاحٍ عن كييف والمنطقة".
في حين أوضح ألبيركي قائلاً: "كانت خطوةً شديدة الذكاء في وجهة نظري أن تكون هناك شخصيةٌ يمكن للجميع الاحتشاد حولها، وأرى أن الغرض الأساسي منها كان مخاطبة الأوكرانيين في الداخل من أجل الاحتشاد خلف العلم. كما أنه من الصعب للغاية التحقق من تلك الأرقام، أليس كذلك؟ يمكنك أن تقول إنه أسقط 100 طائرة دون أن تحتاج لإثبات ذلك في مرحلة دعاية الحرب".
يُذكر أن الأسطورة انتشرت بعد ساعات من اندلاع الصراع، حين وصلت مخاوف الأوكرانيين من الاستسلام الكامل إلى ذروتها. ولم يكن المسؤولون في الغرب وأوكرانيا يعلمون وقتها إلى متى ستصمد البلاد في وجه الهجوم.
لكن الأساطير تعيش. وربما أنكرت القوات المسلحة وجود الشبح وعدد الطائرات التي أسقطها، ومع ذلك فقد أثارت الواقعة الشكوك حول ما إذا كانت أوكرانيا تبالغ في حجم مكاسبها داخل ساحات المعارك الجوية- وهو المجال الذي يُفترض أن تحظى فيه روسيا بالتفوق نظرياً على الأقل.
حيث قال الجيش إنه أسقط أو دمر 187 طائرةً روسية حتى يوم الجمعة 29 أبريل/نيسان 2022 لكن منظمة الرقابة المستقلة Oryx ليست لديها أدلة إلا على فقدان 26 طائرة روسية فقط.
فيما قال مارك كانسيان، المستشار البارز في مركز Center for Strategic and International Studies بواشنطن، إن ملحمة شبح كييف كانت لها عواقب سلبية تزيد التدقيق غير المرغوب في إحصاءات الحرب الرسمية.
كما أوضح: "زادت هذه الملحمة من شكوك الناس حول القصص الصادرة عن أوكرانيا في ما يتعلق بالنجاحات داخل ساحات المعارك. إذ تبين أن الأساطير والقصص التي أراد الناس تصديقها واعتبارها مصدر إلهامٍ لهم كانت محض أكاذيب".