أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تغريدة نشرها على موقع تويتر، عن رغبته في إعادة جميع القوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان إلى الوطن بحلول عيد الميلاد، وهي خطةٌ جاءت مفاجئة لمسؤولي الإدارة الأمريكية وتُعرّض مفاوضات السلام المعقدة بالفعل هناك للخطر، وفقاً لما نشرته صحيفة The Guardian البريطانية.
تعليقاً على ذلك، قال عديد من المسؤولين الأمريكيين لوكالة The Associated Press إنهم لم يُبلَّغوا بأي موعد نهائي من هذا القبيل، كما قال خبراء عسكريون إنه سيكون من المستحيل سحب جميع القوات الأمريكية البالغ عددها 5 آلاف جندي أمريكي في أفغانستان، وتفكيك المقرات العسكرية الأمريكية بكاملها بحلول نهاية العام.
أهداف ترامب: كما أشار هؤلاء المسؤولون إلى أن ادعاء الرئيس كان على الأرجح يهدف إلى تحويل تركيز الأخبار في الداخل الأمريكي بعيداً عن التغطية المكثفة لجائحة كورونا وآخر تطوراتها، وأن البنتاغون لن يتصرف بناء على هذا الإعلان قبل الانتخابات الأمريكية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
مع ذلك، فقد استقبلت "طالبان" هذا الإعلان بحماس يوم الخميس 8 أكتوبر/تشرين الأول. وإذا قرر ترامب المضي قدماً في ذلك، فمن المؤكد أن الجماعة ستدعي الأمر انتصاراً، بعد عقود من وصف معركتها مع القوات الأجنبية بأنها حرب ضد عدوان خارجي.
من جانب آخر، يذهب خبراء عسكريون إلى أنه بدون احتمال الضغط العسكري الأمريكي، فلن يكون لدى "طالبان" سوى حافز ضئيل للبقاء إلى طاولة المفاوضات مع ممثلي حكومة كابول.
غير أنه من وجهة نظر عملية، فإن فك ارتباط عسكري دام 19 عاماً سيستغرق وقتاً أطول بكثير من شهرين.
جيسون ديمبسي، ضابط مشاة سابق خدم في أفغانستان، يقول: "يمكننا تقديم عرض ظاهري بسحب القوات النظامية، لكن واقع الأمر أن الولايات المتحدة لا يزال لديها وجود ضخم للغاية للمقاولين والمتعهدين العسكريين وغيرهم، وستحتاج إلى مقرات وقيادات تنظيمية للإشراف على إغلاق وسحب كل ما لديها في البلاد".
تصريحات متهورة لترامب: لم تكن تلك المرة الأولى التي يُصدر فيها ترامب تصريحات سياسية متهورة بشأن أفغانستان عبر تغريدات على موقع تويتر، فقد سبق أن ألغى قمة بين الولايات المتحدة وطالبان العام الماضي بتغريدة أيضاً، وقبل وقت قصير من توقيع اتفاق الانسحاب لأول مرة.
كما أن ترامب لديه سجل في إصدار أوامر بسحب مفاجئ وشامل للقوات من عمليات الانتشار في بلاد أجنبية. وفي معظم هذه الحالات، سعى البنتاغون إلى تخفيف وإبطاء سرعة الانسحاب، لكن في بعض الحالات، نجح ترامب في إعادة الجنود إلى الوطن.
على الجهة الأخرى، تحاول الحكومة الأفغانية ومفاوضو "طالبان" حالياً التوصل إلى تسوية سياسية جديدة للبلاد في العاصمة القطرية الدوحة. وتجري محادثات السلام الحالية بموجب اتفاق الانسحاب الموقع في وقت سابق من هذا العام بين طالبان وإدارة ترامب.
اتفاق واشنطن وطالبان: وينص الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان على رحيل كامل للقوات الأمريكية بحلول مايو/أيار 2021، لكن هذا فقط إذا تم استيفاء شروط الولايات المتحدة الخاصة بدعم مكافحة الإرهاب، ومنها قطع العلاقات مع تنظيم القاعدة. فيما يجادل بعض منتقدي محادثات الدوحة بأن المسلحين يهدرون الوقت فقط حتى رحيل القوات الأمريكية.
جاء إعلان ترامب عن خططه في تغريدة نشرها في وقت متأخر من مساء الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الأول، قبل أن يضاعف البيت الأبيض التشديد على إعلانه صباح الخميس 8 أكتوبر/تشرين الأول، بتغريدة مفادها: "قواتنا في أفغانستان ستعود إلى الوطن بحلول نهاية العام"، حسبما ذكر الحساب الرسمي للإدارة على موقع تويتر.
فيما أحال البنتاغون جميع طلبات التعليق على خطط الانسحاب في أفغانستان إلى البيت الأبيض.
كما قال المتحدث باسم حركة طالبان، محمد نعيم، في بيان، إن "طالبان" ترحب بتصريحات ترامب، بوصفها "خطوة إيجابية نحو تنفيذ اتفاق الدوحة"، في إشارة إلى اتفاق الانسحاب الأمريكي.
بيد أن محادثات السلام بين الأطراف المعنية كانت تتقدم ببطء، ولا يزال المفاوضون يحاولون وضع القواعد الأساسية التي تستند إليها المناقشات، وهم عالقون حالياً في نقطة متعلقة بأي مذهب إسلامي يجب الاحتكام إليه عند تسوية النزاعات.
كان ترامب قد تعهد بـ"إنهاء" الحروب الأمريكية في الخارج كجزء من مساعي إعادة انتخابه هذا العام، ووعد بإعادة القوات إلى الوطن من مختلف مناطق الصراع الحالية، ومنها العراق وسوريا وأفغانستان.
لكن التعهدات السابقة بإعادة القوات غالباً ما جرى التخلي عنها أو إلغاؤها أو إكمالها جزئياً فقط.