"مرحباً في مدينة الحرية".. بهذه العبارة هتفت سمسارة العقارات الأمريكية من أصول إفريقية، آشلي سكوت، بينما كانت تجوب نحو 97 فداناً من الأرض، اشترتها بالشراكة مع 19 عائلة من ذوي البشرة السوداء، في أغسطس/آب 2020، بهدف بناء مدينة جديدة.
عبّرت آشلي عن فرحتها بهذا المشروع لشبكة CNN الأمريكية، السبت 12 سبتمبر/أيلول 2020، قائلة: "آمل أن تكون هذه الأرض ملاذاً آمناً لذوي البشرة غير البيضاء، بالأخصّ ذوي البشرة السوداء".
مدينة الحرية: تشير الشبكة الإخبارية إلى أن "الأرض التي اشترتها آشلي مع شركائها تقع شرق ماكون في مقاطعة ويلكنسون الريفية، بولاية جورجيا الأمريكية، لم تكن ضمن مخططاتها وصديقتها المستثمرة ورائدة الأعمال رينيه والترز، فكل ما كان يهمها تأسيس مساحة آمنة من أجل عائلتيهما ذوي البشرة السوداء".
لكن الاضطرابات التي عصفت بالبلاد، بعد وفاة الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد على يد الشرطة، دفعت السيدتين للبحث عن تأسيس مجتمع جديد.
تقول آشلي: "لقد أردنا تأسيس مساحة آمنة يمكننا فيها حل مشكلاتنا والتعامل مع شواغلنا".
تواصلت آشلي ورينيه مع العائلات والأصدقاء للبحث عمن يهتم بالانضمام إلى تلك الجهود، وأسستا معاً "مبادرة الحريّة، جورجيا" لتولّي شأن عملية الشراء، وسَعَت السيدتان لتحويل الأرض التي يشتريها الشركاء إلى مدينة جديدة في جورجيا لذوي البشرة السوداء تُعرف باسم "الحُريّة".
من أين جاءت الفكرة؟ ثمّة منشور رأته رينيه وقد شهد انتشاراً واسعاً على الإنترنت يعلن عن بيع بلدة تومسبورو، وسُرعان ما أخبرت صديقتها آشلي، إذ قالت: "هل رأيت المقال الذي يتحدث عن عرض بلدة تومسبورو للبيع؟ يمكننا شراء بلدة بأكملها بسعر 1.7 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل سعر شقة صغيرة".
لكن سرعان ما تبيّن أن البلدة نفسها ليست للبيع، حسبما أوضحت الأمر عُمدة البلدة، جويس دينسون.
إذ قالت جويس: "تلقيت اتصالات من نيويورك، ونورث كارولينا، وكاليفورنيا بهذا الشأن. ونحن نرحّب بقدوم الأعمال التجارية، ونبتغي مجيء أشخاص جدد إلى البلدة".
حينما اكتشفت آشلي ورينيه أن البلدة نفسها ليست للبيع، استحضرت آشلي حماستها نظراً إلى أنها سمسارة عقارات وبدأت في البحث عن أرض بالمنطقة. ووجدت السيدتان أرضاً زراعية معروضة للبيع على أعتاب بلدة تومسبورو، في مقاطعة ويلكنسون غير الخاضعة لحكم البلدية.
نصنع المستقبل: تقول آشلي ورينيه إنهما تلقيا أسئلة عن السبب الدافع لبناء مدينة يسكنها بالكامل لذوي البشرة السوداء، فكان ردهّما: "إنه شيء نؤسِسه للأجيال المقبلة".
تقول آشلي: "من المستحيل أن يكون لديك أي شيء قاصراً على السود لأن عائلاتنا مندمجة؛ فنحن مجتمع متكامل، ومتسامح، ومتنوع، لذلك لا نعتزم أن يكون هذا مجتمعاً قاصراً على السود، لكننا نعتزم أن يكون داعماً للسود بكل الطرق".
حيث تخطط آشلي ورينيه لتطوير الأرض على مراحل، تتضمن تطهير الأرض، والزراعة، وإنشاء بحيرة صناعية لإتاحة سبل الصيد المستدام.
وتأمل السيدتان وشركاء المدينة في النمو خلال بضع سنوات، ويطمحون إلى أن تكون لديهم مدينة تعمل بكامل طاقتها، ومكتفية ذاتياً، وأن توضع "الحريّة، جورجيا" على الخريطة.
تاريخ من تعاونيات ذوي البشرة السوداء: ليست "الحريّة" في جورجيا الأولى من نوعها، إذ كانت مدينة هوبسون بولاية ألاباما أولى المدن التي يسكنها بالكامل ذوو البشرة السوداء.
تأسست هوبسون في عام 1899 بعدما طُرد السود من المدن المجاورة، وذكرت محطّة WBRC التابعة لشبكة CNN الأمريكية إن "سكان مدينة هوبسون يحتفلون كل عام بعيد حُريتهم، الذي يحل يوم 19 يونيو/حزيران، برسالة واحدة بسيطة كان نصّها: "مُدن السود مهمّة".
كانت كذلك مدينة "موند بايو" في دلتا المسيسيبي واحدة من أقدم البلديات التي يسكنها بالكامل ذوي البشرة السوداء، وقد أسسها المُستعبَدون السابقون بعد الحرب الأهلية.