في أعقاب حادثة إطلاق النار في مدينة أوتريخت الهولندية الإثنين 18 مارس/آذار 2019، والتي أسفرت عن سقوط قتيل على الأقل، أطلق المعهد الأوروبي الإسلامي للاستشارات والأبحاث تغريدة أمر فيها بإغلاق المساجد بالمدينة كإجراء وقائي، وذلك بعد أيام من مقتل 50 مسلماً في الهجوم الإرهابي في كرايستشيرش بنيوزيلندا.
فما الذي نعرفه عن المسلمين في هذه المدينة الأوروبية؟
مدينة هولندية عريقة
أوتريخت هي رابع أكبر مدينة وبلدية في هولندا، وهي العاصمة والمدينة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في مقاطعة أوتريخت. تقع في الركن الشرقي، وفي وسط هولندا القارية، ويبلغ عدد سكانها 345 ألف نسمة طبقاً لمسح عام 2017.
أكثر المدن صحة في هولندا، وعلاوة على ذلك، فإن أوتريخت هي واحدة من أكثر المدن سعادة في العالم وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة.
يتميز مركز مدينة Utrecht القديم بالعديد من المباني والهياكل التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى. وكانت المركز الديني لهولندا منذ القرن الثامن.
ورغم أنها فقدت مكانة "الأمير الأسقفية" لكنها لا تزال المركز الديني الرئيسي في البلاد. كانت أوتريخت أهم مدينة في هولندا حتى العصر الذهبي الهولندي، عندما تجاوزتها أمستردام كمركز ثقافي للبلاد وأكثرها اكتظاظاً بالسكان.
تستضيف أوتريخت أكبر جامعة في هولندا، وكذلك العديد من مؤسسات التعليم العالي الأخرى. ونظراً لموقعها المركزي داخل البلاد، فهي مركز نقل مهم لكل من السكك الحديدية والطرق البرية. لديها ثاني أكبر عدد من الأحداث الثقافية في هولندا، بعد أمستردام.
التركيبة السكانية
كونها بلدية تنمو بقوة، تشير التوقعات إلى أن عدد السكان سيتجاوز 392 ألفاً بحلول عام 2025.
تملك أوتريخت عدداً كبيراً من الشباب، حيث يوجد العديد من السكان في الفئة العمرية من 20 إلى 30 عاماً، نظراً لوجود جامعة كبيرة.
حوالي 52% من السكان من الإناث، و48% من الذكور.
حوالي 69% من السكان من أصل هولندي. بينما ما يقرب من 10% من السكان هم مهاجرون من الدول الغربية، في حين أن 21% من السكان من أصل غير غربي. 9% من سكان أوتريخت من المغاربة، و5% من الأتراك.
وتحتوي بعض الأحياء في المدينة على نسبة عالية نسبياً من السكان غير الهولنديين في الأصل.
ومثل روتردام وأمستردام ولاهاي وغيرها من المدن الهولندية الكبرى، تواجه أوتريخت بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. حوالي 38% من سكانها إما يحصلون على الحد الأدنى من الدخل أو يعتمدون على الرعاية الاجتماعية (17% من جميع الأسر).
أوتريخت هي المركز الديني لهولندا منذ القرن الثامن. في الوقت الحالي، نرى أن مطران أوتريخت، هو أبرز زعماء الكنيسة الكاثوليكية الهولندية.
أوترخت هي أيضاً مقر رئيس أساقفة الكنيسة الكاثوليكية القديمة، ورئيس لقب الاتحاد في أوتريخت، وموقع مكاتب الكنيسة البروتستانتية في هولندا، والكنيسة البروتستانتية الهولندية الرئيسية.
اعتباراً من عام 2013، كانت الديانة الأكبر هي المسيحية حيث 28% من السكان مسيحيون، يليهم الإسلام بنسبة 9.5% والهندوسية بنسبة 0.8%.
المسلمون في أوتريخت
بشكل عام، الإسلام هو ثاني أكبر ديانة في هولندا، ويمارسه 4% من السكان وفقاً لتقديرات 2010-2011. ينتمي غالبية المسلمين في هولندا إلى الطائفة السنية. ومعظمهم يقيمون في أربع مدن رئيسية في البلاد، أمستردام، روتردام، لاهاي وأوتريخت.
وكان أحد المساجد بالمدينة عام 2015، تحدى حزبي "اليمين الأخضر" و"أوتريخت حرة"، اللذين يدعوان إلى حظر الأذان، لتصر إدارته على رفع الأذان بالرغم من الاعتراضات.
وكان رئيس الحزب القومي الهولندي السابق فيم فريسفايك، أبدى انزعاجه من رفع الأذان؛ قائلاً إنه لا يجب رفع الأذان في "دولة علمانية ومجتمع متعدد الثقافات"، على حد وصفه. إدارة المسجد أوضحت أنهم لم يتلقوا أي شكاوى من الجيران، وبلدية المدينة لم تتلق أي شكاوى من مكتب الحي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2018، قام عمدة مدينة أوتريخت بإنهاء تظاهرة مناهضة للمسلمين، قامت بها حركة "أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب"، والمعروفة اختصاراً باسم "بيجيدا" أمام المسجد الكبير بالمدينة.
وردد بعض أعضاء الحركة هتافات مسيئة للإسلام، مما أدى لوقوع شجار بين أعضاء الحركة وبعض المقيمين في المنطقة، وهو ما دعا العمدة لإنهاء التظاهرة فوراً.
تاريخ المسلمين في هولندا
يمكن تتبع تاريخ الإسلام المبكر في هولندا حتى القرن السادس عشر، عندما بدأ عدد صغير من التجار العثمانيين في الاستقرار بمدن الموانئ في البلاد. ونتيجة لذلك، تم إنشاء المساجد المرتجلة لأول مرة في أمستردام في أوائل القرن السابع عشر.
في القرون التالية، شهدت هولندا هجرة إسلامية متفرقة من جزر الهند الشرقية الهولندية، خلال تاريخها الطويل كجزء من ممتلكات هولندا الخارجية.
منذ تفكك الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى وحتى استقلال إندونيسيا، احتوت جزر الهند الشرقية الهولندية على أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم. ومع ذلك، كان عدد المسلمين في الأراضي الأوروبية لمملكة هولندا منخفضاً جداً، حيث كان يمثل أقل من 0.1٪ من السكان.
حفز الانتعاش الاقتصادي الهولندي في الأعوام بين عامي 1960 و1973 الحكومة الهولندية على توظيف العمالة المهاجرة، وخاصة من تركيا والمغرب.
وصلت في وقت لاحق موجات من المهاجرين من خلال لم شمل الأسرة وطلب اللجوء. كما وصل جزء كبير من المهاجرين المسلمين من مستعمرات أصبحت الآن مستقلة، وفي مقدمتها إندونيسيا وسورينام.
بعيداً عن حادث إطلاق النار.. ماذا تعرف عن اليمين المتطرف الذي يحكم هولندا حالياً؟