الحكومة الأمريكية تنشئ جامعة مزيفة للإيقاع بالطلاب المهاجرين

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/23 الساعة 16:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/23 الساعة 16:27 بتوقيت غرينتش

نشرت جامعة فارمنغتون الأمريكية على موقعها الإلكتروني وصفاً للكلية التي ستعد الطلاب للنجاح في "اقتصاد العولمة". وبدأ الطلاب في التوافد على الحرم الجامعي يرتدون حقائب الظهر ويطرحون الأسئلة عن الفصول.

حسب صحيفة The Guardian البريطانية  أدرجت الحكومة الأمريكية جامعة فارمنغتون بين الجامعات المؤهلة لتسجيل طلاب أجانب. وأرسل عميد الجامعة، والذي لا تزال صفحته على موقع لينكد إن قائمة، رسائل إلكترونية إلى الطلاب يصف فيها مؤسسته على أنها "مؤسسة وطنية معتمدة ومخولة بتسجيل طلاب دوليين".

ولكن للأسف كل ذلك كان لخداع المهاجرين.

كشفت وثائق المحكمة الشهر الماضي، يناير/كانون الثاني، عن مخطط مذهل من وزارة الأمن الداخلي الأمريكية بإنشاء جامعة مزيفة، بدون فصول أو أساتذة، وإنما طاقم عمل من العملاء المتخفّين الذين يسعون لبناء قضية شهدت اعتقال 161 مواطناً أجنبياً.

يقول أمير زاهر، أستاذ القانون المساعد بجامعة ديترويت-ميرسي، والمتحدث باسم نجلاء كريم مصاروة، إحدى الطلاب المعتقلين: "هؤلاء الطلاب يحاولون تحسين حياتهم، إنهم ليسوا مجرمين، إنهم ليسوا الأشخاص الذين يعيشون عالةً على النظام".

مصاروة، امرأة فلسطينية تبلغ من العمر 29 عاماً، واحدة ممن أُلقِيَ القبض عليهم بدون محاكمة لانتهاكات الهجرة المدنية بسبب التحاقها بالجامعة، التي تقع مباشرة خارج ديترويت في فارمنغتون هيلز، بولاية ميشيغان الأمريكية. واتُّهِمَ ثمانية آخرون بانتهاكاتٍ جنائية وبالمساعدة في تسجيل الطلاب مقابل المال وعمولات والرسوم الدراسية من فبراير/شباط 2017 إلى يناير/كانون الثاني 2019.

هناك خلطاً صارخاً

ويؤكد المحامون والمناصرون للحقوق المدنية أن هناك خلطاً صارخاً بين الثمانية المتهمين بتهم جنائية والطلاب المقبوض عليهم بتهم مدنية.

يقول زاهر: "الجميع فوجئ تماماً. لم يكن هناك أي تحذير من هذا الإجراء. لم يكن هناك أي إخطار لها (نجلاء مصاروة) بأن وضعها غير سليم، وأن هذه الجامعة كانت مزيفة".

معظم الطلاب كانوا من الهند، وأصدرت الحكومة الهندية "استدعاء" نادراً للسفارة الأمريكية في نيودلهي لتوضح مطالبة الحكومة بوصول فوري ومباشر إلى المحتجزين. وفي 5 فبراير/شباط، زار مسؤولون قنصليون من الهند 36 مركز احتجاز مختلف في أنحاء الولايات المتحدة وأنشأوا خطاً ساخناً على مدار الساعة لمتابعة الطلاب المتأثرين.

ومنذ إعلان الاتهام في 30 يناير/كانون الثاني، استمرت وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالولايات المتحدة في تسجيل أكثر من 600 شخص في جامعة فارمنغتون يعلمون أنهم لن يحضروا فصولاً حقيقية أو يحصلون على أي شهادات. وذكرت لائحة الاتهام أن "هدفهم كان الحفاظ على حالة تأشيرة طالب بشكل احتيالي للحصول على تصريح عمل".

وقالت فايزة باتل، مديرة برنامج الحرية والأمن القومي في مركز برينان للعدالة بجامعة نيويورك، إنه ليس من الواضح 100% أن كل طالب يعرف ما هو مقبل عليه.

وأضافت: "في الوضع العادي، نود من وكالات إنفاذ القانون التحقيق في الجرائم التي تحدث بالفعل بدلاً من إهدار الوقت والموارد لإنشاء عمليات معقدة للإيقاع بالأبرياء".

وأشارت باتل إلى أن وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالولايات المتحدة تعرضت للانتقادات خلال السنوات الأخيرة بسبب أساليبها العدوانية تجاه قضايا الهجرة، إذ تساوي بين المجرمين والأشخاص الذين لديهم مخالفات هجرة مدنية.

وتابَعَت: "يجب أن نسأل إذا كان ذلك هو أفضل استغلال لموارد وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك. أعتقد أن هناك الكثير من الأسئلة المطروحة عما إذا كانت طريقة استجابة وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك تعتبر منطقية تجاه المشكلات التي يواجهها هذا البلد".

شكَّلَ عملاء فيدراليون شكلوا مدرسية

وفي جامعة فارمنغتون، شكَّلَ عملاء فيدراليون هيئةً مدرسية وقاموا بتسجيل المدرسة في وكالة ميشيغان، وفقاً للرسائل الالكترونية التي حصلت عليها صحيفة Detroit Free Press. وذكر العاملون في موقع مبنى جامعة فارمنغتون المعلن للقناة الإخبارية المحلية WXYZ  أن الطلاب كانوا يأتون ليسألوا عن مواعيد فتح وإغلاق المدرسة، واشتكى بعضهم من صعوبة التواصل مع ممثلي المدرسة.

قادت هذه العملية السرية ثاني أكبر وكالة تحقيق في البلاد، وكالة تحقيقات الأمن الداخلي (HSI)، وهي إحدى ثلاثة فروع لوكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك. وأظهر كتيب وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك لعام 2008 الذي سُرِّبَ العام الماضي أنه في حين يُنصح العملاء السريين بعدم حث الأفراد على ارتكاب جرائم، يمكن إجراء بعض الاستثناءات وتنظيمها داخلياً.

وهذه ليست أول جامعة مزيفة تنشئها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك. في عام 2016، أعلنت الوكالة أن جامعة شمال نيو جيرسي ليست جامعة شرعية وأن العاملين بها هم عملاء متخفون. وأصرت الحكومة أن هناك أكثر من 1,000 طالب كانوا على علم بمشاركتهم في الخدعة. كما أُلقِيَ القبض على حوالي 20 وسيطاً لاستقطابهم الطلاب.

وذكر أنغيلو غويسادو، المحامي بمركز الحقوق الدستورية، أن وزارة الأمن الداخلي التي نفذت هذه العملية على علم بأنها قد ترسل المئات إلى محاكم الهجرة، والتي لا تشملها نفس الحماية الدستورية مثل المحاكم الأخرى.

وقال: "وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك تعرف ذلك ووزارة الأمن الداخلي تدرك ذلك، ويحاولون الإيقاع بأكبر قدر ممكن من الأشخاص حتى يصبحوا غير مؤهلين في نظام الهجرة للحد من أعباء العمل بتلك الدائرة".

وحذَّر من أن إنشاء جامعات زائفة يتماشى مع سياساتٍ أخرى تتبعها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، مثل العادة الأخرى التي كُشِفَ عنها الشهر الماضي بإنشاء مواعيد محاكمات زائفة لجلسات الاستماع للمهاجرين.

ويضيف غويسادو: "هذه ليست أول جامعة زائفة تنشئها وزارة الأمن الداخلي، ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة".

علامات:
تحميل المزيد