كشفت صحيفة The Guardian البريطانية أن زوجة ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم فلاديمير بوتين ، راكمت إمبراطورية عقارية تزيد قيمتها على 10 ملايين دولار، وأضافت أنها بصدد تصميم قصر على ضفاف النهر سيشيَّد على ملكية عقارية حصرية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن هذا المشروع الضخم يشرف عليه واحد من أباطرة الأموال الروس، كان قد عمل سابقاً مع دونالد ترامب، حسبما تظهر الوثائق.
وحسب الصحيفة، فإنه من المرجح أن يثير هذا الكشف أسئلة جديدة بشأن ثروة بيسكوف وكيف استطاع، هو وزوجته تاتيانا نافكا، تحمُّل نمط الحياة فائق الثراء هذا.
وأشارت إلى أن بيسكوف كان المسؤول عن مواد لابتزاز ترامب وهيلاري كلينتون، وهو ما كان جزءاً من جهود موسكو الأوسع مدى للتأثير في انتخابات عام 2016 الرئاسية لمصلحة ترامب.
نمط حياة المتحدث باسم فلاديمير بوتين يثير المعارضة
كان قادة المعارضة الروسية قد انتقدوا، مراراً، نمط حياة المتحدث باسم فلاديمير بوتين منذ حفل زواجه الشهير عام 2015، على نافكا، وهي إحدى بطلات الرقص على الجليد والتي فازت بالميدالية الذهبية لروسيا في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2006. ومع أنها مواطنة روسية، فقد عاشت وتدربت أكثر من عقد من الزمان في الولايات المتحدة.
ومع أنَّ نافكا ثرية بالأساس، فالبحث الذي أجرته وحدة التحقيقات الاستقصائية Dossier Center، بالاشتراك مع صحيفة The Guardian، يشير إلى أنَّ أصول الزوجين وإنفاقهما أكبر بكثير مما هو معلَن عنه.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، اشترت نافكا زوجة المتحدث باسم فلاديمير بوتين عقاراً على أحدث طراز في روبليوفكا، وهي منطقة غابات غرب موسكو، حيث يسكن الرئيس الروسي بوتين، والكثير من النخبة الحاكمة للبلاد.

وبُني هذا البيت، الكائن في قرية Tretya Okhota، على واحدة من أغلى الأراضي بروسيا. وفي شهر ديسمبر/كانون الأول 2012، عُرض للبيع بقيمة 15.6 مليون دولار.
لكنَّ الوثائق التي اطلعت عليها The Guardian، تُظهر أنَّ نافكا اشترت قطعة أرض كاملة في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2014، مقابل 300 مليون روبل (7.1 مليون دولار أمريكي) مع خصم بقيمة 8.5 مليون دولار.
وشمل السعر قطعتين من الأرض بقيمة 3.5 مليون دولار. أثثت نافكا البيت بين عامي 2013 و2015، آخذة باستشارة زوجها في كل شيء من معدات القاعة الرياضية (الجيم) إلى اختيار حمام البخار الصديق للبيئة (الساونا الإيكولوجية). وبلغت تكلفة المشتريات من بوتيك في قبرص أكثر من 500 ألف يورو.
وهذه علاقته بواحد من أباطرة المال والسلطة في روسيا
الاسم المسجل لبائع العقار هو تيمور خالداروف، وهو شخص مغمور كان يدير مؤسسة خيرية للرياضة والفنون، وذلك وفقاً لوسائل الإعلام الروسية.
مؤسس هذه المؤسسة يدعى عليّ شير عثمانوف، وهو واحد من أكثر أباطرة الأموال سلطة ونفوذاً سياسياً في روسيا. وقد كان عثمانوف، حتى وقت قريب، واحداً من كبار حاملي الأسهم بنادي آرسنال لكرة القدم، وكان ثامن أغنى رجل في المملكة المتحدة عام 2018.
وقال خالداروف إنه كان ثرياً بشكل مستقل، إذ يعمل لمصلحة Metalloinvest، وهي شركة تعدين يمكلها عثمانوف. وقال إنه التقى نافكا قبل زواجها الثاني مع المتحدث باسم فلاديمير بوتين ، عندما أرادت ابنته أن تجرب رياضة التزلج على الجليد. وقال إنه لا يتذكر اسم الشخص الذي يعرفه والذي قدمهما.
وقال إنَّ البيت كان "صغيراً جداً" على عائلته، لذا فقد باعه لنافكا عندما كان السوق في حالة هبوط. وقال: "لم يكن هناك خصم خاص. دفعت لي قيمته السوقية. لماذا تعتبر ذلك هدية؟". وقال خالداروف لقناة Rain التلفزيونية في موسكو، إنَّ رئيسه، عثمانوف، لم يكن على علم بهذه الصفقة، ولم يكن ذا تأثير فيها.
وقالت نافكا إنها اشترت العقار بسعر السوق، في وقت كانت فيه أسعار العقارات قد "بدأت في الهبوط". ولم تكن على علم بسعر العقار عام 2012. وقالت نافكا في رسالة إلكترونية: "لقد كنت أعمل منذ وقت طويل. أربح أموالاً وأدفع ضرائب عليها. وكل ما عدا ذلك أمر يخصني وحدي".
وأضافت أنها لم تكن، لا هي ولا زوجها، على "علاقة عمل" بأي من "رواد الأعمال الرئيسين" في روسيا.
كما أن الزوجين يمتلكان عقارات "أثارت الشبهات"
وأكد عثمانوف أنه "عمل عن قرب" مع خالداروف، لكنه قال إنه لم يكن مهتماً بالبيت الكائن في Tretya Okhota ولم يكن لديه علم بالصفقات. وقال إن كان ثمة "تقلبات معروفة" في سوق العقارات بموسكو في ذلك الوقت.
وبحسب Dossier، فإنَّ المتحدث باسم فلاديمير بوتين ونافكا كانت لهما خطط لبناء منزل أكبر حتى من ذلك في قطعة أرض غالية بمنطقة موسكو تابعة لإمبراطور المال والمطور أراس أغالاروف.

وتظهر الوثائق أنَّ أغالاروف وافق شخصياً، في شهر مارس/آذار 2018، على مقترح البناء، على موقع يدعى Rechnaya #27. وتقع قطعة الأرض هذه داخل مجمع سكني مسوَّر لأثرى أثرياء روسيا، على ضفة أحد الأنهار وتضم ملعباً للغولف وشاطئاً خاصاً.
وتظهر الوثائق أنَّ الزوجين قد استأجرا، عام 2017، شركة من المهندسين المعماريين تدعى Zampolin & Associates، مقرها في ويستوود بنيو جيرسي، ليصمموا لهما قصراً صغيراً يُعرف باسم Yanavka Residence (منزل يانافكا).
سافر مؤسس الشركة، بوب زامبولين، إلى موسكو، لمناقشة التصميمات مع نافكا. واشتمل اقتراحه على ساحة معيشةٍ مساحتها 2400 متر، ومدخل خاص للموظفين، وحمام سباحة، وحمام معدني، وحوض استحمام ساخن، وساونا، وغرفة كبيرة ومكتبة.
وتساؤلات بشأن ثروة بيسكوف
كان المشروع نشطاً في منتصف عام 2018. أما حالته الحالية، فهي غير واضحة. فالأسبوع الماضي، لم تكن هناك أي علامة على أعمال البناء.
ولما سئلت نافكا إن كانت الخطة على حالها، أجابت: "هذا ليس من شأنك". وقالت إنَّ علاقتها بزامبولين علاقة خاصة و"لم تكن ذات صلة بخطط حيازة ممتلكات في أي مكان".
وقد وقعت أحدث جلسة تصوير لنافكا لمصلحة مجلة روسية في فندق Agalarov Estate.
ومن المحتمل أن تثير هذه الاكتشافات تساؤلات جديدة بشأن ثروة المتحدث باسم فلاديمير بوتين ، وأي منافع محتملة جناها، هو وزوجته، من علاقته الوثيقة ببوتين.
يجري تمويل Dossier من ميخائيل خودوركوفسكي، وهو أحد المنتقدين المنفيِّين لبوتين. وسوف تغذي هذه الاكتشافات الأسئلة بشأن مصدر أموال نافكا.
وكانت نافكا، منذ أن فازت بالذهبية الأوليمبية، قد تمتعت بعروض تلفزيونية وإعلامية مربحة، من ضمنها إعلان لأحد أنواع الزبادي. ولديها برنامج للرقص على الجليد يُعرض في وقت الذروة بالقناة الأولى الحكومية المؤيدة للكرملين.
ويبدو أنَّ نافكا قد اشترت عقارها الكائن في روبيلوفكا باستخدام قرض خاص بقيمة 300 مليون روبية، وهو سعر الشراء بالكامل. ولما سُئلت نافكا عن هذا القرض، قالت: "هذا أمر لا يَعنيك".
وتُظهر الوثائق أنَّ نافكا فتحت 3 حسابات مصرفية سويسرية قبل البيع في شهر فبراير/شباط 2014. وكانت هذه الحسابات مع فرع زيورخ من بنك Banque Internationale à Luxembourg، وكانت بالدولار واليورو والروبل.
كما أسست شركة خارج البلاد، في جزر العذراء البريطانية، التي تعد ملاذاً ضريبياً. وقد ذُكرت هذه الشركة، المسماة Carina Global Assets، في تسريبات وثائق بنما.
وهي الأمور التي تنفيها زوجة المتحدث باسم الرئيس الروسي
أنكرت نافكا، في ذلك الوقت، حيازتها أي شركات أو حسابات خارج البلاد، إذ قالت: "لا أعرف من قد يكون فعل ذلك. إنني أريد أن أفهم أنا نفسي ما الذي حدث".
ولدى نافكا أيضاً مجموعة من العقارات الفاخرة الأخرى. تشمل هذه المجموعة شقة فاخرة في حي ياكيمانكا وسط موسكو، قيمتها 4 ملايين دولار، منحته إياها الدولة مكافأة على نجاحها الرياضي. وقد جرى تجديد هذه الشقة على نطاق واسع.
ولديها أيضاً شقة بقيمة مليوني دولار في بوليانكا، وهي إحدى ضواحي موسكو. وحازت، عام 2015، إحدى العقارات بموجب عقد إيجار مدته 49 عاماً، من حكومة مدينة موسكو.
وكان من المفترض تطوير مركز مَعارض عموم روسيا، الموجود في حديقة ترجع إلى عهد الاتحاد السوفييتي، ويُعرف باسم VDNkH، ليكون حلبة للتزلج على الجليد وساحة رياضية. وقالت نافكا إنَّ هذا المشروع لم ينفَّذ قط. وتملك زوجة المتحدث باسم فلاديمير بوتين أيضاً شقة صغيرة بمنتج يالطا في شبه جزيرة القرم.
ولكلا الزوجين أطفال من علاقات سابقة، وطفلة أنجباها في شهر أغسطس/آب 2014. وقد قضى الزوجان عطلات عائلية في المالديف ودبي ومنتجع Courchevel الفرنسي للتزلج.
بيسكوف ليس وحده الذي تحوم حوله تهم "الكسب غير المشروع"
وكان إنفاقهما هذا محور تساؤلات مستمرة من أليكسي نافالني، زعيم المعارضة الروسية، إذ اتهم نافالني، عام 2015، بيسكوف بـ "الكسب غير المشروع"، بعدما قيل إنَّ بيسكوف ونافكا قد قضيا شهر العسل على متن أغلى يخت في العالم.
وشوهد بيسكوف بحفل زفافه في سوتشي مرتدياً ساعة يد تقدَّر قيمتها بنحو 625 ألف دولار. وقال بيسكوف إنَّ هذه الساعة هدية من عروسه، زاعماً أنه تلقى ميراثاً أيضاً.
وحث نافانلي الكرملين على فحص التضارب الواضح بين الدخل الرسمي لبيسكوف وإنفاقه المتباهي، لكن بلا نجاح حتى الآن. وتقول إحدى النظريات إنَّ نافكا قد استفادت في بعض المناسبات من علاقات زوجها بأباطرة المال الروس المؤيدين لبوتين.
وكان نافانلي قد ادعى من قبلُ، أنَّ عثمانوف استخدم مؤسسة خيرية ليهدي ديمتري ميدفيديف، رئيس وزراء روسيا، فيلا ضخمة في موسكو قيمتها 85 مليون دولار. لكنَّ عثمانوف ينكر ذلك بشدة. وقد أيده في ذلك حكم إحدى المحاكم بموسكو.
وقال خالداروف إنَّ نافكا قد استأجرت منزله السابق عاماً ونصف العام قبل أن تشتريه، ودفعت جميع الضرائب المناسبة. وكان خالداروف نائب مدير مؤسسة عثمانوف الخيرية المسماة Art, Science and Sport.
وقد كان المتحدث باسم فلاديمير بوتين أحد المقربين من الرئيس الروسي 20 عاماً، ويعتبر أحد أقوى الأشخاص في روسيا. واشترك بيسكوف في نقاشات حول صفقة عقارية بموسكو، كانت بحوزة المحامي السابق لترامب، مايكل كوهين، الذي أقر بأنه كذب بشأن خطط لبناء أحد أبراج ترامب في موسكو.
لكن، ما علاقته بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟
وكان كوهين قد أخبر الكونغرس بأنَّ الخطة تلاشت في شهر يناير/كانون الثاني عام 2016. لكنه يقول الآن إنَّ المناقشات استمرت 6 أشهر أخرى، وشملت رحلة محتملة من ترامب إلى موسكو.
وأرسل كوهين إلى بيسكوف رسالة إلكترونية يطلب فيها منه المساعدة، وتكلم على الهاتف 20 دقيقة مع أحد مساعديه. ودعا بيسكوف، لاحقاً، كوهين إلى المنتدى الاقتصادي المنعقد في سانت بطرسبورغ، وعرض تسهيل لقاءات رفيعة المستوى مع بوتين وميدفيديف.
ويظهر المتحدث باسم فلاديمير بوتين وأغالاروف في الملف الذي جمعه الضابط السابق بجهاز الاستخبارات البريطاني، كريستوفر ستيل. ويزعم هذا الملف أنَّ بحوزة الكرملين مواد لابتزاز ترامب، وقيل إنّ بعضها قد جُمع خلال زيارة ترامب موسكو عام 2013، لحضور مسابقة ملكة جمال الكون، التي استضافها أغالاروف. ودفع أغالاروف لترامب نحو 14 مليون دولار لاستضافة العرض. وكان ترامب يملك حقوق ملكية المسابقة.
ويقول الملف إنَّ بيسكوف كان المسؤول عن مواد لابتزاز ترامب وهيلاري كلينتون، وهو ما كان جزءاً من جهود موسكو الأوسع مدى للتأثير في انتخابات عام 2016 الرئاسية لمصلحة ترامب. ويفحص المستشار الخاص، روبرت مولر، هذا التواطؤ المزعوم بين حملة ترامب وروسيا.