كشف موقع إذاعة DW الألمانية أن الحزب الشيوعي الصيني يرغب في خلق نسخة صينية من الإسلام مستوحاة من الإلحاد لتطبيقها على المسلمين في الصين . وأوضح في تقرير نُشر الثلاثاء 8 يناير/كانون الثاني 2019، أن الصين تعتبر التأثير العربي "خطراً ينبغي استئصاله كلياً من حياة المسلمين الصينيين".
وأعلنت السلطات الصينية، الأحد 6 يناير/كانون الثاني 2019، خطتها لإضفاء الطابع الصيني على الدين الإسلامي، بخطة تستغرق 5 سنوات.
وطبقاً لتقرير نُشر في صحيفة Global Times الصينية التي تديرها الدولة، يوم 4 يناير/كانون الثاني 2018، فقد اجتمع ممثلو الاتحادات الإسلامية من 8 مقاطعات صينية في ندوة نقاشية بالعاصمة الصينية بكين، وناقشوا كيفية مواءمة الإسلام مع الأعراف الصينية. وقال مسؤول بالحكومة الصينية إنه أمر مهم للجالية المسلمة في الصين، "لتعزيز موقفهم السياسي واتباع قيادة الحزب الشيوعي".
إضفاء الصبغة الصينية على الإسلام
يأتي هذا الإعلان، بعد أيام قليلة من تداول أخبار عن مداهمة الشرطة 3 مساجد غير مسجلة، في مقاطعة يونان جنوب غربي البلاد؛ وهو ما أدى إلى إصابة عشرات المصلين المسلمين في الصين وإلقاء القبض على أكثر من 40 شخصاً.
وصرح ديفيد ستروب، وهو خبير صيني في جامعة أوكولاهوما، لإذاعة "DW" الألمانية، بأن الحكومة الصينية تريد إحكام قبضتها على الجماعات الإسلامية واتخاذ إجراءات لإزالة المعالم الغريبة على الثقافة الصينية من الأماكن العامة.
وقال ستروب: "ويتطلب ذلك استمرار الجهود لإزالة اللافتات العامة المكتوبة باللغة العربية، أو إجراء تغييرات على المساجد ذات الطابع العربي. وفي الوقت نفسه قد تحاول الحكومة فرض مزيد من الرقابة المباشرة على ممارسة الشعائر الدينية، خاصة خطب الجمعة".
وقال هايون ما، وهو أستاذ تاريخ في جامعة فروستبورغ الأمريكية، إنَّ توجُّه الحكومة الصينية لإضفاء الصبغة الصينية على الإسلام قد يؤدي إلى الحد من كراهية الأجانب.
ويعتقد "ما" أن تأكيد الحاجة لإزالة السمات الغريبة على الثقافة الصينية، يرغب الحزب الشيوعي في خلق نسخة صينية من الإسلام مستوحاة من الإلحاد.
خاصة أنها تعتبر التأثير العربي "خطراً يجب استئصاله"
وأضاف "ما": "بكين تعتبر التأثير العربي خطراً، وأنه ينبغي استئصاله كلياً من حياة المسلمين الصينيين. وتريد أيضاً فصل المسلمين الصينيين عن الدول المسلمة الأخرى. وبمعنى آخر، الصين تريد عزل مجتمعها الإسلامي، في حين أنها تزعم اعتناق العولمة".
ويرى كثير من المحللين أن الجهود المتزايدة لإضفاء الصبغة الصينية على الإسلام تعد جزءاً من حملة قمع واسعة النطاق ضد المسلمين في الصين ، خاصة في منطقة سنجان، حيث أفادت تقارير بأن السلطات وضعت ما لا يقل عن مليون مسلم من منطقة سنجان في معسكرات اعتقال.
وقد أثارت هذه التدابير المخاوف لدى المسلمين ببقية مناطق الصين، إذ تريد الحكومة فرض الصبغة الصينية على الإسلام في جميع أنحاء البلاد.
وذكرت صحيفة Global Times، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن المسؤولين في المناطق ذات الكثافة السكانية المسلمة "يتعلمون" من تجربة سنجان، التي تهدف -وفقاً للحكومة- إلى الحد من الإرهاب.
في ظل غياب أي ضغط خارجي على بكين
وقال المحلل ستروب إن المجتمع الدولي بحاجة إلى فرض مزيد من الضغط على بكين، لإجبارها على تغيير معاملتها مع المسلمين في الصين . وأضاف ستروب: "حتى الآن لم يأخذ المجتمع الدولي القضية على محمل الجد".
ويرى "ما" أن الأمر لن يكون سهلاً على بكين لإضفاء الصبغة الصينية على الإسلام، لأن مبادرتها "الحزام والطريق"، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، تجلب التأثيرات من عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة مثل إندونيسيا وكازاخستان وباكستان وتركيا.
إلا أن الخبير "ما" يعتقد أن الولايات المتحدة ربما تستخدم نفوذها للضغط على الصين. وتابع "ما": "من الممكن أن تعمل الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى مع الدول الإسلامية لحل هذه المشكلة. وبمعنى آخر بإمكان الولايات المتحدة كسب قلوب الدول الإسلامية الكبرى وعقولها".
وهو ما ينذر بصراع داخلي كبير مع المسلمين في الصين
يعتقد "ما" أن السلطات المحلية ربما تؤدي الدور الرئيس في عملية صبغ الإسلام بالصبغة الصينية، محذراً من أن ذلك قد يحمل معه بعض المخاطر.
فقد اندلعت اشتباكات عنيفة بين السلطات المحلية والجاليات المسلمة في منطقتي نينغشيا ويونان خلال السنوات القليلة الماضية. وصرح كيو هوكسين، وهو شاعر من المسلمين في الصين "هوي"، لإذاعة "DW"، بأن إجراءات تغيير الهوية الإسلامية لن تقبلها الجاليات المسلمة بسهولة.
وقال كيو إن هذه الإجراءات قد يكون لها تأثير تراكمي متضاعف، ومن المحتمل أن تتحول إلى صراع كبير في المستقبل. وأضاف كيو: "من الصعب تبرير هذه الإجراءات، علاوة على أن وضع المسلمين في الصين يزداد سوءاً".