بعد أنباء عن قيام البيت الأبيض بمنع مديرة الاستخبارات الأميركية من الإدلاء بشاهدتها أمام مجلس الشيوخ، بشأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، أعلن مصدران مطلعان أن جينا هاسبل ستقوم بذلك الثلاثاء 4 ديسمبر/كانون الأول 2018، في جلسة مغلقة.
وبقي تقييم السي آي إيه الذي قدم للبيت الأبيض، طيّ الكتمان حتى عن مجلس الشيوخ، في حين أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن التقرير لا يتهم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من جريمة القنصلية، في حين أكد نواب في مجلس الشيوخ اطلعوا على التقرير، أن ولي العهد السعودي متورط في قتل خاشقجي بشكل مباشر.
وقال مصدران مطلعان إن مديرة المخابرات المركزية الأميركية جينا هاسبل ستدلي بإفادة أمام زعماء مجلس الشيوخ الأميركي، وهو تحرك جاء بعد أيام قليل من تصويت 63 سيناتوراً جمهورياً وديمقراطياً -مقابل 37- لصالح مشروع قرار يُنهي الدعم العسكري الأميركي للتحالف بقيادة السعودية في اليمن، على الرغم من تحذيرات وزيرَي الخارجية والدفاع الأميركيين مايك بومبيو وجيم ماتيس من أنّ سحب الدعم للسعودية سيؤدي إلى تفاقم النزاع الدموي في اليمن.
ومشروع القرار هذا سيحال إلى تصويت إجرائي، الخميس، قبل المناقشات والتصويت النهائي الذي قد يحصل الأسبوع المقبل.
وكان بعض المشرعين عبروا عن غضبهم لعدم مشاركة هاسبل في الإفادة التي أدلى بها مسؤولون في إدارة ترمب الأسبوع الماضي أمام مجلس الشيوخ بشأن مقتل خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول في القنصلية السعودية في إسطنبول.
من سيحضر الجلسة؟
وكانت صحيفة وول ستريت جورنال أول من ذكرت أنّ مديرة وكالة الاستخبارات المركزيّة الأميركيّة "سي آي إيه" وافقت على إطلاع قادة مجلس الشيوخ حول ما تعرفه الوكالة عن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
من جهته، لم يشأ رئيس لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس الشيوخ الأميركي الجمهوري بوب كوركر الدخول في تفاصيل جلسة الاستماع إلى هاسبل. لكنّه أكّد أنّ جلسة الاستماع هذه ستُجرى الثلاثاء الساعة 11,00 (16,00 ت غ) في مجلس الشيوخ، لافتاً إلى أنّ "فريقاً صغيراً" من المشرّعين سيُشاركون فيها.
وقال أحد المصدرين إن هاسبل ستدلي بإفادتها أمام زعماء لجان العلاقات الخارجية والقوات المسلحة والمخصصات من الجمهوريين والديمقراطيين. وأضاف أن هاسبل كانت قد أدلت بإفادتها بالفعل أمام لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ.
وقال مصدر بمجلس الشيوخ إن من المقرر تقديم الإفادة الساعة 11:30 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (16:30 بتوقيت غرينتش).
قرار له أنياب
وكان كوكرك قد كشف الأسبوع الماضي أنه يعمل مع أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمحاولة التوصل إلى اتفاقٍ لتوبيخ السعودية رسمياً على خلفية دورها في مقتل خاشقجي، وذلك في أحدث إشارة إلى أنَّ الجمهوريين يرغبون في الذهاب أبعد من الرئيس دونالد ترامب في الرد على تصرفات حليفٍ أساسي للولايات المتحدة.
وأضاف كوركر: "نعمل على صياغة تعديل سيُغير مجريات الأحداث في الكونغرس، ويُعبِّر بصورة أشمل عن آرائنا فيما يتعلق بما ينبغي أن تكون عليه سياستنا تجاه السعودية".
لم يتضح بعد ما الذي ينطوي عليه هذا الحديث، وما إذا كان سيسعى لإنهاء الدور الأميركي في اليمن، أو فرض عقوبات على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وحول الخطة قيد التطوير، قال كوركر: "أعتقد أنَّه سيكون لها أنياب"، مُعرِباً عن أمله في أن تُطرَح للنقاش في مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء أو الأربعاء من الأسبوع المقبل.
البيت الأبيض مُصر على تبرئة ولي العهد السعودي
وخلال إفادة الأسبوع الماضي قال وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو ووزير الدفاع جيم ماتيس إنه لا توجد أدلة دامغة على أن ولي عهد السعودية مسؤول عن قتل خاشقجي وحثا أعضاء مجلس الشيوخ على عدم خفض مستوى العلاقات مع السعودية بسبب تلك الواقعة.
وكانت تقارير صحافيّة أفادت في وقت سابق بأنّ "سي آي إيه" استنتجت أنّ وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان أدار عمليّة قتل خاشقجي في 2 أكتوبر/تشرين الأول بواسطة فريق من السعوديّين في قنصليّة المملكة في إسطنبول.
والصحافي السعودي المخضرم الراحل كان من منتقدي الأمير محمّد بن سلمان، وأقام في الولايات المتّحدة حيث كتب لـ"واشنطن بوست" عن السياسة في السعودية والشرق الأوسط.
وذكرت كلّ من وول ستريت جورنال وواشنطن بوست ونيويورك تايمز أنّ وكالة الاستخبارات المركزيّة تملك أدلّة على أنّ الأمير محمّد بن سلمان تبادل 11 رسالة مع مساعده المقرّب منه سعود القحطاني، الذي أشرف على جريمة القتل، قبل وبعد ارتكابها.
وذكرت نيويورك تايمز، الإثنين، أنّ هاسبل كانت غاضبةً إزاء تسريب استنتاجات الوكالة والذي أدّى إلى مضاعفة الضغوط على البيت الأبيض لاتّخاذ خطوات قويّة ضدّ السعوديّة.
ورفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاستنتاج بأنّ وليّ العهد السعودي وافق على الجريمة، وقال إنّه لا يوجد دليل مباشر على ذلك.