أكدت السلطات الألمانية في مؤتمر صحافي، ظهر الثلاثاء 16 أكتوبر/تشرين الأول، أن رجلاً أصيب بعدة طلقات من القوات الخاصة، بعد احتجازه رهينة في صيدلية في محطة القطار بمدينة كولونيا ، أمس الإثنين، وهو صاحب الهوية التي عُثر عليها في المكان، وتعود لسوري في الـ55 من العمر، وأن تحقيقاتها تتركز الآن حول ما إذا كان ذلك هجوماً إرهابياً.
وكانت الواقعة قد تسبَّب في إغلاق محطة القطار بمدينة كولونيا ، مما تسبَّب في عرقلة حركة النقل لعدة ساعات.
وكان الرجل قد تسبَّب في إحراق ساقي فتاة (14 عاماً) في البداية بعبوة مولوتوف في مطعم ماكدونالدز، وتعرضت سيدة أخرى لإصابات طفيفة أيضاً، ثم ترك حقيبة سفر وحقيبة يد في المطعم، وأخذ معه كمية من البنزين وخراطيش غاز وسلاحاً مزيفاً ليستخدمها كأدوات تهديد، وتوجَّه نحو صيدلية محطة القطارات، حيث احتجز عاملة فيها كرهينة.
وأطلقت القوات الخاصة في الشرطة عدة رصاصات عليه، عندما هدَّد الرهينة بشدة، بحسب ما قالت الشرطة، فأصيب بجراح بليغة، ونقل في إثرها للمستشفى.
الشرطة الجنائية تواصل التحقيق في حادث محطة القطار بمدينة كولونيا
كلاوس-شتيفان بيكر، المسؤول عن الشعبة الجنائية في شرطة كولونيا، بيَّن في المؤتمر الصحافي أن عدداً قليلاً من الناس كانوا موجودين داخل الصيدلية وقت حدوث الجريمة، وأن الموظفة هناك كانت "ضحية بالصدفة"، موضحاً أن مخطَّط الجريمة كان فيما يبدو إضرام النار في فرع لماكدونالدز، وأنه ليس باستطاعتهم الإجابة عن سؤال لماذا لم يكمل خطته في ارتكاب الجريمة واتجه للصيدلية.
وبيَّن أنه كان يحمل مسدساً مقلداً ليبدو حقيقياً، ولم يكن يحمل سلاحاً حاداً، مشيراً إلى أنهم لا يعلمون ماذا كان يخطط له الفاعل، إنما وفقاً لما رأوه يتبيَّن أنه كان يريد إلحاق الضرر بعدة أشخاص، لافتاً إلى أنهم سيواصلون التحقيق في الأمر، ليتبين ما إذا كان هناك متواطئون معه في الجريمة.
ورداً على سؤال حول ما أشيع عن مطالبته خلال أخذه رهينة بالإفراج عن تونسية، قال بيكر إنه لا يستطيع تقديم إجابة نهائية؛ لأن هذه المعلومة وصلتهم بشكل غير مباشر، ويتوجب عليهم التحقق من ذلك، وأن القول إنه كان يقصد في الحقيقة زوجته بذلك، محض تكهنات.
ورداً على سؤال آخر، أكد المسؤول في شرطة كولونيا بيكر أنه كانت هناك خراطيش غاز مع الجاني محطة القطار بمدينة كولونيا ، قد تم تحضيرها بإضافة كرات فولاذية، وأنه كان من الممكن في حال تعريضها لحرارة عالية أن تنفجر، لكن ليس بوسعه تأكيد أن الجاني قد خطَّط عبر جلبه البنزين إلى استخدام هذه الخراطيش، وعليهم التحقيق فيما إذا كانت كافية لإحداث التفجير، مبيناً أنه في حال استخدامه هذه الخراطيش كانت قوة التفجير ستكون هائلة، ولكانت أضرار الكرات الفولاذية كبيرة.
وقال بيكر إن أكثر من 100 من موظفي وموظفات الشرطة الجنائية يشاركون في التحقيق، ويركزون على عدة أمور منها الوسط الذي يعيش فيه الجاني، وإعادة ترتيب الأحداث، والطريق الذي سلكه الجاني حتى محطة القطار بمدينة كولونيا ، وهل كان وحده، وتحضيراته للجريمة، وعن المكان الذي تزود به بكميات البنزين الكبيرة، وخراطيش الغاز التي عثروا عليها في مسرح الجريمة، عارضاً صوراً لحقيبتين كانتا بحوزته وتركهما في مطعم الوجبات السريعة، وفيديو للصحافيين لم يُنشر بعد، يظهر قيامه بسكب البنزين وإضرام النار.
#PolizeiNRW #Köln #Leverkusen : #Geiselnahme am Kölner Hauptbahnhof – Hinweistelefon und Fotos – Hinweisportal zum Hochladen von Fotos und Videos unter https://t.co/i6Gp8VWBY7, Rufnummer des Hinweistelefons: 0221/229-4444 – Weitere Infos unter https://t.co/k3OXn4PcvC pic.twitter.com/e12uFQWRtc
— Polizei NRW K (@polizei_nrw_k) October 16, 2018
نائبة رئيسة شرطة كولونيا ميريام براونس، بيَّنت أن الفتاة المصابة كانت ستخضع لعملية جراحية بعد ظهر الثلاثاء، بسبب الحروق الشديدة التي تعرَّضت لها، فيما ستغادر المرأة التي تم اتخاذها رهينة محطة القطار بمدينة كولونيا المشفى اليوم، مبينة أن الجاني لم يعد في حالة خطر، بعد عملية جراحية عاجلة دامت عدة ساعات أجريت له، ولكنه في حالة غيبوبة اصطناعية في العناية المركزة، ولا يمكن استجوابه بشأن الجريمة ودافعه.
وقالت ناتالي نوين، من النيابة العامة في كولونيا، إنهم قدَّموا طلب إصدار مذكرة اعتقال بحقه بتهمة محاولتي قتل، بالتزامن مع إلحاق أذى بدني في حالة، وبأخذ رهينة في الحالة الأخرى، وتمت الموافقة عليها من قبل المحكمة، مشيرة إلى أنه يتم النظر في تسليم القضية للنيابة العامة الاتحادية في كارلسروه، المتخصصة في قضايا الإرهاب على الصعيد الوطني.
وتوقَّع ماركوس شميت، من النيابة العامة في المحكمة الاتحادية في كارلسروه، الذي حضر المؤتمر الصحافي أيضاً، أن تتسلم النيابة العامة الاتحادية القضية اليوم أو غداً على أبعد تقدير، الأمر الذي يُفسَّر على أنه يشير إلى وجود اشتباه بكون الجريمة ذات خلفية إرهابية.
الجاني ذو سوابق ومعروف لدى الشرطة
وقال بيكر إنهم متأكدون الآن من أن الجاني، وهو سوري في الـ55 من العمر، وصل إلى ألمانيا في مارس/آذار 2015، ويعيش منذ ذلك الوقت في كولونيا، وحصل على حقِّ اللجوء وحق الإقامة المحدودة حتى يونيو/حزيران 2021.
وبين أن الجاني في محطة القطار بمدينة كولونيا ، معروف لدى الشرطة بالعديد من الجرائم، يصل مجموعها إلى 13، كان أولها في صيف العام 2016، بعد ضبط كمية صغيرة من الماريغوانا معه، ثم لاحقاً جرائم متوسطة كالسرقة والتهديد والاحتيال والتعدي على الأملاك.
وذكرت نوين، من النيابة العامة في كولونيا، أن هناك دعاوى ضده لدى المحكمة في كولونيا، بتهمة الاحتيال في عدة حالات، فيما لم تصل بقية الجنايات كشأن السرقة من المتاجر، إلى مرحلة توجيه اتهام له.
وبين بيكر أنهم فتَّشوا بشكل موسَّع مكان إقامته في مأوى اللاجئين، وحفظوا الأدلة، ووجدوا كمية أخرى من البنزين هناك، وكانت الرائحة قوية جداً في المكان، لدرجة اضطرت الإطفاء إلى تهوية المكان قبل أن يبدأوا في العمل، كما عاينوا أيضاً كتابة عربية على الجدران من قبيل "الله أكبر" و"محمد رسولي"، لكنها ليست متطرفة، ولا تظهر ولاءه لتنظيم "داعش"، لافتاً إلى أنهم سيفحصون محتوى حوامل بيانات رقمية، منها هاتفان محمولان، وجدواها هناك لتبين دافعه.
وأوضح أنهم علموا من خلال التحقيقات عن الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه، أن ابنه وشقيقه يعيشان في ألمانيا، وقاموا باستجواب ابنه، في حين مازالت زوجته مقيمة في سوريا بعدما قدمت مرتين على الأقل طلباً للانتقال للعيش في ألمانيا، وتم رفضهما من السلطات الألمانية.
ورداً على استفسار حول التناقض في قول شهود عيان في محطة القطار بمدينة كولونيا إنهم سمعوه يقول إنه يتصرف بتكليف من "داعش" أمس، وذكر الشرطة أمس أنه سبق أن بعث برسالة تتضمن معلومات عن شخص يشتبه بنيته القيام بأنشطة إرهابية، قال بيكر إن الواقعتين حدثتا في فترتين متباعدتين من الزمن، دون تقديم المزيد من التفاصيل.
كان معارضاً للنظام وعُذب في السجن
ونسبت صحيفة "كولنر شتادت-أنتزاغر" إلى مدير مأوى اللاجئين قوله إن المتهم في محطة القطار بمدينة كولونيا روى له أنه كان سجيناً سياسياً في سوريا، ومعارضاً لنظام الأسد، وتعرَّض للتعذيب هناك بصعقات الكهرباء وغيرها، ما تسبَّب له في صدمات نفسية، ولهذا كان يخضع للعلاج في كولونيا.
ولم يؤكد المسؤول في شرطة كولونيا بيكر، ما ورد في مثل هذه التقارير الصحافية، عن كونه كان مسجوناً لدى النظام، أو أنه تعرَّض للتعذيب هناك. وفيما إذا كانت هناك معلومات أخرى يعرفونها عنه خلال وجوده في سوريا، أشار بيكر إلى أن الحادثة وقعت منذ قرابة 24 ساعة فحسب، وأنه ليس من السهل التواصل مع السلطات السورية.
وأشار إلى أنهم يعملون على التحقق من المعلومات التي وصلتهم، التي تشير إلى أن الجاني كان يعاني من مشاكل نفسية وكان قيد العلاج. وبين أنه كان يعيش في مأوى لاجئين في كولونيا، وأنه كان عاطلاً عن العمل، لأنه لم يكن في وضع يؤهله للعمل، من الناحية النفسية تفاديا لتكرار حادثة وفاة الشاب السوري في مرحز الاحتجاز خلال الأسبوع الماضي.