الأسبوع الماضي، كشفت منظمات حقوقية عن وجود نحو مليون مسلم من أقلية الإيغور المسلمة في مقاطعة شينغيانغ غرب البلاد داخل معسكرات احتجاز، لكن لا أحد كان يعرف ما يدور فيها، ولكن الخميس 30 أغسطس/آب 2018، ظهرت تفاصيل جديدة عن هذه الأمكان.
وأخبر شاهدا عيان برنامج BBC Newsnight، في وثائقي عُرض مساء الخميس 30 أغسطس/آب 2018، بأنَّ السجناء السياسيين في تلك المعسكرات يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي على حد سواء، بحسب موقع Business Insider الأميركي.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) إنَّ أحدهما، ويدعى أزات، كان في واحدٍ من مراكز الاعتقال لزيارة أحد المعتقلين، في حين كان الآخر، ويدعى عمير، مُحتجزاً بأحد تلك المعسكرات. ينتمي كلاهما إلى الإيغور، وفرَّا منذ ذلك الحين من شينغيانغ. ولم تفصح هيئة الإذاعة عن موقع أزات -أو عمير- الحالي؛ لأنهما يخشيان تعرضهما لانتقام السلطات الصينية.
طرق مروعة من التعذيب
وكان عمير معتقلاً في كاراماي بشمال شينغيانغ، وقال عن ظروف اعتقاله إنَّه كان مكبلاً بالأغلال إلى كرسيّ وحُرم من النوم، وتعرض للضرب على أيدي أفراد الشرطة في المعسكر الذي اعتُقل فيه.
وقال للـBBC: "لديهم كرسي يسمى (النمر)، كنتُ مكبّل الكاحلين، ويداي مقيدتان إلى الكرسي، لم أستطع التحرك، ولم يسمحوا لي بالنوم، وتركوني معلقاً ساعات، وضربوني. كانت لديهم هراوات سميكة من الخشب والمطاط، وسياط مصنوعة من الأسلاك الملتوية، وإبر لوخز الجلد، وكماشة لاقتلاع الأظافر. كانت كل هذه الأدوات على الطاولة أمامي، وجاهزة للاستخدام في أي وقت. وكان بإمكاني سماع صراخ الآخرين كذلك".
وأضاف عمير أنَّه نُقل فيما بعد إلى معسكر اعتقال آخر، حيث أُجبر على مشاركة غرفة صغيرة مع 45 شخصاً آخرين. وقال للـBBC إنَّهم كانوا يتناوبون على النوم؛ بسبب مساحة الغرفة المحدودة.
وقال إنَّه انتهى به المطاف في معسكر اعتقال بعد أن اتهمته الشرطة بمساعدة المتطرفين الإسلاميين، لكنَّه نفى تلك التهمة.
وتبرر الصين إجراءات المراقبة التي تنفذها وحملاتها القمعية في شينغيانغ بأنَّها تحارب الإرهاب، وقد اتَّهمت مراراً وتكراراً المسلحين الإيغور بشن هجماتٍ إرهابية في جميع أنحاء البلاد منذ منتصف التسعينيات على أقل تقدير.
شهادات موثقة
ويتوافق الوصف الذي أدلى به عمير مع تقارير سابقة عن المعسكرات، مثل ذلك الذي نشره سيمون دينير بصحيفة The Washington Post في مايو/أيار 2018. وذكر أيضاً كايرات سمرقند، وهو شخص آخر من الإيغور اعتُقل في أحد معسكرات إعادة التأهيل، أنَّه كان يُقيَّد إلى "كرسي النمر" ويُغمَر بالماء حال عصيانه الأوامر.
ويبدو أنَّ التعذيب في المعسكرات الصينية يتجاوز الجانب الجسدي. فقد ذكر أزات، الذي زار شخصاً اعتُقل في أحد المعسكرات، أنَّه قد شاهد كيف يتم إجبار المعتقلين حرفياً على غناء الأغاني الدعائية للحصول على الطعام، وكيف أنَّه رأى أُناساً يعرفهم في حالة أشبه بـ"فقدان الذاكرة".
وقال أزات، الذي حُجِب وجهه وصوته لحمايته، للـBBC: "لقد كان وقت العشاء. وكان هناك ما لا يقل عن 1200 شخص يحملون أوعية بلاستيكية فارغة في أيديهم. وكان عليهم غناء أغانٍ مؤيدة للصين للحصول على الطعام".
وأضاف أنَّه رأى أشخاصاً كان يعرفهم بين المعتقلين، وقال: "كانوا كالرجال الآليين.. كانوا كمن فقدوا أرواحهم. كنتُ أعرف الكثيرين منهم معرفةً جيدة، فقد اعتدنا أن نجلس ونأكل معاً، لكنَّهم الآن بدوا مختلفين بالنسبة لي. كانوا يتصرفون كما لو أنَّهم مسلوبو الإرادة. كانوا مثل شخصٍ فقد ذاكرته بعد حادث سيارة".
تتوافق أوصاف أزات مع تلك التي ورد ذكرها في تقرير صحيفة The Washington Post في مايو/أيار 2018، الذي أوضح أنَّ أي يومٍ اعتيادي بمعسكر اعتقال في كاراماغاي، وهي قرية أخرى في شينغيانغ، يتضمن دراسة المبادئ التي وضعها الرئيس شي جين بينغ، والغناء للحزب الشيوعي الصيني، وترديد عبارات مثل "فليحيا شي جين بينغ".
أنكرت الحكومة الصينية وجود معسكرات الاعتقال، لكنَّها أقرت بوجود برنامج "إعادة توطين" للأشخاص الذين تصفهم بأنَّهم متطرفون. وأخبرت الـBBC بأنَّ حكومة شينغيانغ "اتخذت إجراءاتٍ قانونية وفعالة تشمل التأهيل والتدريب؛ لمنع تسلل وانتشار التطرف الديني".
وقد طالبت الأمم المتحدة الصين يوم الخميس 30 أغسطس/آب 2018، بـ"وقف ممارسة اعتقال الأفراد الذين لم يُتَّهموا أو يُحاكَموا أو يُدانوا بارتكاب جرائم جنائية بشكلٍ قانوني في مراكز اعتقال خارج إطار القانون".
وكتبت مجموعة مكونة من 17 مشرّعاً، مدعومة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، رسالةً مفتوحة يوم الأربعاء 29 أغسطس/آب 2018، تطالب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين بتطبيق عقوباتٍ على الصين بسبب قمعها الإيغور.
اقرأ أيضاً
هل سمعت عن التتار المسلمين؟! يقفون أمام مخطط للتخلص منهم منذ قرن ويدفعون ثمن رفضهم ضمّ روسيا للقرم