أثار ظهور رجل الأعمال المصري المقرب من السلطات، إبراهيم العرجاني، رئيس اتحاد القبائل العربية والذي برز اسمه في عالم الأعمال مؤخرًا، في ليبيا وهو يوقع عقودًا مع هيئة إعمار ليبيا في بنغازي برئاسة بلقاسم نجل الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، جدلًا وكثيرًا من التساؤلات حول دوره في ليبيا في الفترة المقبلة.
العقود التي تم إبرامها في يوليو/ تموز 2024، بتوقيع من بلقاسم حفتر، مدير عام صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، مع شركات العرجاني المصرية، كشفت عنها الصفحة الرسمية لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا على فيسبوك، موضحة أن المشروعات المرتقبة سوف يتم تنفيذها في درنة ومدن الجبل الأخضر، وأن توقيع هذه العقود تم مع رئيس مجلس إدارة شركة أبناء سيناء وعضو مجلس إدارة شركة نيوم المصرية إبراهيم العرجاني.
في هذا التقرير نرصد دور إبراهيم العرجاني داخل ليبيا، وحجم المشروعات التي سوف يقوم بتنفيذها، ومن هم الوزراء المصريون الذين يشاركونه تنفيذ هذه المشروعات داخل بنغازي وما حولها من المدن الليبية في شرق البلاد، وكذلك ما إذا كان برلمان طبرق يراقب عقود هذه المشروعات أم أن بلقاسم حفتر يتحرك بمعزل عن الأجهزة الرقابية الليبية.
اقرأ أيضاً
بداية وجود إبراهيم العرجاني في ليبيا
لم تكن العقود التي أبرمها إبراهيم العرجاني مع بلقاسم خليفة حفتر في شرق ليبيا في يوليو/ تموز 2024 هي الأولى للعرجاني داخل ليبيا، فعند تتبع بدء ظهور رجل الأعمال المصري المقرب من السلطات المصرية، في الشأن العام الليبي، وجدنا أنه في 18 مايو/ أيار 2023، عقد رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة، اجتماعًا مع وفد مصري رفيع المستوى، ضم رجال أعمال ومسؤولين من جهاز المخابرات المصرية.
كان الهدف الرئيس المعلن من اللقاء، الكشف عن ملامح مقاربة مصرية جديدة في ليبيا، تقوم على ركنين أساسيين، أحدهما أمني والآخر اقتصادي. وكان الأمر اللافت في اللقاء الذي جمع الدبيبة بالمسؤولين المصريين، ظهور رجل الأعمال المصري، إبراهيم العرجاني الذي تنفذ شركاته الكثير من المشروعات الخاصة بتلك الأجهزة داخل وخارج مصر، لا سيما في قطاع غزة.
وقتها أعلن المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة في طرابلس، أن الدبيبة تابع مع الوفد المصري، خاصة مسؤولي جهاز المخابرات المصرية، نتائج أعمال اللجنة المشتركة المصرية الليبية، التي بدأت أعمالها قبل عامين، عقب زيارة رئيس الوزراء إلى القاهرة حينها، للقاء رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي.
كان واضحًا أن تلك الأجهزة ستمد أذرعها الاقتصادية في الغرب الليبي، وأن شركة العرجاني ستضع أوزارها هناك. لذلك قامت علاقة وشراكة بين العرجاني، والرجل النافذ في غرب ليبيا إبراهيم الدبيبة.
وبدأ عمل العرجاني داخل غرب ليبيا في 5 أغسطس/ آب 2023، وحينها كشفت مصادر إعلامية ليبية أن قيمة التعاقدات بين إبراهيم الدبيبة والشركات المصرية، بما فيها شركات إبراهيم العرجاني، بــ 19 مليار دينار.
نشاط العرجاني الاقتصادي داخل العاصمة الليبية، جاء بعد إبرام الحكومة المصرية والحكومة الليبية اتفاق اقتصادي ضخم يتعلق بإعادة إعمار وذلك قبيل زيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى ليبيا، في 20 أبريل/ نيسان 2021.
وهو الاتفاق الذي قال عنه وزير العمل الليبي، علي العابد في سبتمبر / أيلول 2021، إن مليون عامل مصري سيبدأون دخول ليبيا بدءًا من أكتوبر/ تشرين الأول من نفس العام. وأوضح العابد آنذاك أن بلاده وقعت مع مصر عقودًا بقيمة 19 مليار دينار ليبي (4.24 مليارات دولار).
زيارة مدبولي إلى ليبيا تبعها، في يناير / كانون الثاني 2022، توقيع ليبيا عقود مع ائتلاف شركات مصرية لتنفيذ مشروعي صيانة وتوسعة طريقي "أوباري – غات" (غرب)، و"اجدابيا – جالو" (شرق).
ووقع العقود مع الشركات المصرية رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد الدبيبة، خلال فعالية للإعلان عن استكمال مشروع الطريق الدائري الثالث بطرابلس. وقال الدبيبة خلال مراسم توقيع العقود: "نحن هنا للإعمار والبناء والحياة (..) لنبدأ المشروع (استكمال الطريق الدائري الثالث بطرابلس)".
وأضاف: "استدعينا نخبة الشركات المصرية لتنفيذ مجموعة من مشروعات الكهرباء والصرف الصحي والطرق في جنوب وغرب وشرق البلاد".
والشركات المصرية المتعاقد معها هي "أوراسكوم للمقاولات" و"أبناء حسن علام" و"رواد الهندسة"، وبلغ طول الطريق الدائري الثالث نحو 24 كيلومترًا شمالي البلاد، بدءًا من جزيرة غوط الشعال وصولًا إلى طريق الشط في العاصمة طرابلس.
اقرأ أيضاً
انتقاله إلى شرق ليبيا
بعد ظهور العرجاني في العاصمة الليبية طرابلس، وإبرامه عقود لتنفيذ مشروعات بالتعاون مع حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وجدنا أن العرجاني، اتجه مباشرة إلى شرق ليبيا وبدأ في إبرام العديد من الصفقات مع حكومة خليفة حفتر، ومعه العديد من الشركات المصرية الأخرى.
فلم تكن صفقات يوليو/ تموز 2024 هي الأولى للعرجاني مع هيئة إعادة إعمار ليبيا برئاسة بلقاسم خليفة حفتر، ولكن في يناير/ كانون الثاني 2024، أعلنت الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد، أن لجنة إعادة الإعمار والاستقرار وصندوق إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة وقعتا مع شركات مصرية عقودًا كبرى لتنفيذ مشاريع إنشاء 11 جسرًا جديدًا موزعة ما بين مدن درنة وبنغازي وأجدابيا.
ووقع كل من رئيس لجنة إعادة الإعمار والاستقرار حاتم العريبي، والمدير التنفيذي لصندوق إعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة بلقاسم خليفة حفتر، مع رئيس شركة "نيوم" المصرية إبراهيم العرجاني ورئيس شركة "وادي النيل" هاني ضاحي، عقودًا كبرى في مجال الإنشاء والإعمار.
الصندوق التنفيذي لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة، هو جزء من هيئة إعادة إعمار ليبيا التي يتولى مسؤوليتها بالكامل بلقاسم خليفة.
وزير مصري سابق شريك للعرجاني!
كان من الملاحظ في العقود التي أبرمها العرجاني في يناير/ كانون الثاني 2024 مع بلقاسم خليفة، أنها كانت بالشراكة مع شركة "وادي النيل" للإنشاءات، وهي شركة مصرية مملوكة لأحد الأجهزة الأمنية السيادية في مصر، وكان يتولى رئاستها في هذه الفترة هاني ضاحي.
بالنسبة لهاني ضاحي، فكان نقيب المهندسين المصريين في الفترة من مارس/ آذار 2018 وحتى 2022 وقبلها كان وزيرًا لوزارة النقل المصرية في الفترة من يونيو/ حزيران 2014 وحتى سبتمبر / أيلول 2015 في حكومة إبراهيم محلب في هذه الفترة، وتحت رئاسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
شملت الصفقات التي تم إبرامها بين هاني ضاحي والعرجاني من ناحية، وبلقاسم خليفة حفتر من ناحية أخرى إنشاء ستة جسور جديدة بمدينة درنة، وهي "جسر البحر وجسر وادي الناقة وجسر مسجد الصحابة وجسر الوادي 1 وجسر الوادي 2 وجسر الوادي 3″، وإنشاء جسرين جديدين في مدينة أجدابيا هما جسر وسط المدينة وجسر تقاطع الطريق الدائري مع طريق طبرق.
وفي مدينة بنغازي إنشاء ثلاثة جسور جديدة هي "جسر تقاطع جزيرة الجُرات البريد الرئيسي وجسر جزيرة حي السلام بالمدخل الشرقي للمدينة وجسر تقاطع طريق الهواري مع مصنع الإسمنت".
الأمر الثاني في الاختلاف بين صيغة التعاقد التي تمت بين إبراهيم العرجاني وبلقاسم خليفة حفتر، في يناير / كانون الثاني 2024 وفي يوليو/ تموز 2024، هو أن عقود المشروعات الخاصة بشهر يناير/ كانون الثاني 2024، وصفت العرجاني باعتباره رئيس شركة "نيوم" المصرية،نسبة إلى مشروع نيوم السعودي والتي تعتبر شركة العرجاني "أبناء سيناء" جزءً رسميًا منه.
هذا ما أكده لـ"عربي بوست" مصدر بمجلس النواب المصري،وهي الشركة التي ظهر بعد ذلك أنها إحدى 8 شركات يمتلكها إبراهيم العرجاني في مجموعته الاقتصادية الضخمة داخل مصر، لكن في صيغة التعاقد التي تمت في يوليو/ تموز 2024، تم تقديم صيغة التعاقد بين صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا برئاسة بلقاسم حفتر، وشركة "Neom" المصرية.
وظهر في التوقيع من الجانب المصري كل من رئيس مجلس إدارة شركة "Neom" المصرية وزير الإسكان والمرافق العمرانية السابق عاصم الجزار، وظهر إبراهيم العرجاني بوصفه رئيس مجلس إدارة "العرجاني غروب".
وقال إبراهيم العرجاني في تصريح نشرته الصفحة الرسمية لصندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا في " فيسبوك"، إن شركته وقعت مع صندوق التنمية وإعادة الإعمار عقود تنفيذ 6 مشاريع جديدة، متعهدًا بمرافقة ودعم الليبيين في عمليات الإعمار والتنمية.
وبالتالي يتضح أن العرجاني، تنازل عن إدارة شركة "نيوم"، وأسند إدارتها إلى عاصم الجزار الوزير المصري السابق، وباتت "نيوم" جزءًا من إمبراطورية العرجاني الاقتصادية، وأصبح الوزير المصري السابق عاصم الجزار يعمل لدى العرجاني بشكل رسمي.
وزير مصري سابق يعمل موظفًا لدى العرجاني!
عاصم الجزار الذي كان يتولى حقيبة وزارة الإسكان تم تغييره في التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في يوليو/تموز 2024، ليتولى بعدها مباشرة رئاسة مجلس إدارة شركة "نيوم للتطوير العقاري"، إحدى الشركات التابعة لمجموعة العرجاني المملوكة لرجل الأعمال السيناوي المقرب من الحكومة إبراهيم العرجاني. وتعمل شركة نيوم للتطوير والاستثمار العقاري التابعة لمجموعة العرجاني في مجال التطوير العقاري الإنشائي والسكني والتجاري والزراعي.
حسبما نشرت صفحة "صحيح مصر"، رغم أن شركة نيوم للتطوير والاستثمار العقاري تأسست عام 2020، إلا أنه لم تظهر لها أي سابقة أعمال، إذ أن الموقع الإلكتروني للشركة "غير متاح"، لكن بالبحث عبر تطبيق whois المتخصص في البحث عن نطاقات الإنترنت، يظهر أن الموقع الإلكتروني لشركة نيوم تأسس في شهر يوليو/تموز 2020 وستنتهي مدة ترخيصه خلال ذات الشهر من العام المقبل 2025.
وكانت شركة نيوم للتطوير والاستثمار العقاري حصلت على حق إدارة وتشغيل "ماركت سبينيس" بمشروع "إيناواكس مول الجديد" بالتجمع الخامس عبر شركتها التابعة "نيوم أربيلا" للتطوير العقاري التي أسستها بالتعاون مع شركة أربيلا للتطوير العقاري التي يرأس مجلس إدارتها رجل الأعمال محمد الخميسي.
إذ وقع "الجزار" بصفته الجديدة عقودًا مع صندوق إعادة إعمار ليبيا بحضور "العرجاني" وبلقاسم خليفة حفتر، مدير الصندوق، بحسب الصفحة الرسمية للصندوق على فيسبوك. وتضمن خبر التوقيع، فيديو لوزير الإسكان السابق عاصم الجزار الذي عرّف نفسه بأنه رئيس مجلس إدارة شركة نيوم للتطوير والاستثمار العقاري، ويقول: إنه مكلف من الدولة المصرية بالتعاون مع صندوق إعادة الإعمار، ونقل التجربة المصرية في تطوير البنية التحتية من خلال تشييد مجموعة من الإنشاءات العمرانية في مدن بنغازي ودرنة وأجدابيا.
وفي فبراير/شباط 2019، عيّن رئيس الجمهورية، عاصم الجزار، وزيرًا للإسكان، وهو الشقيق التوأم لرئيس هيئة القضاء العسكري حاتم الجزار، واستمر في منصبه لأكثر من خمس سنوات، قبل أن يرحل عن الوزارة في التعديل الأخير.
شركات مصرية أخرى في شرق ليبيا!
لم تكن شركات العرجاني، هي الوحيدة التي أبرمت اتفاقًا مع بلقاسم حفتر من أجل تنفيذ مشروعات بنية تحتية في شرق ليبيا، لكن في نفس اليوم الذي وقع فيه إبراهيم العرجاني عقوده مع الطرف الليبي في يوليو/تموز 2024، قام بلقاسم خليفة حفتر بتوقيع ثلاثة عقود مع أحمد العصار رئيس شركة المقاولون العرب، لتنفيذ مشروعات في مدينة درنة والمناطق المتضررة من إعصار دانيال، وشملت العقود الجديدة تنفيذ كوبري وادي الحصين، ومشروع كوبري الخروبة، بينما المشروع الثالث هو طريق وادي الكوف السفلي، ويشمل إعادة رفع كفاءة الطريق.
تواصلنا مع الدكتور عقيلة العبار، مدير إدارة التعاون الدولي في حكومة شرق ليبيا، وعضو مجلس إدارة هيئة إعمار ليبيا، الذي أبدى ترحيبه بالتصريح حول تفاصيل المشروعات التي تم إبرام اتفاق حولها بين حكومة شرق ليبيا وبين شركات إبراهيم العرجاني، لكنه تراجع بعد ذلك، وتعلل بأنه مدير إدارة التعاون الدولي وليس من اختصاصه الاطلاع على تفاصيل العقود بين الطرفين وأن الشؤون القانونية وحدها هي التي لديها كافة التفاصيل الخاصة بعقود الاتفاق بين بلقاسم خليفة وشركات إبراهيم العرجاني.
لكن صلاح فؤاد مسؤول الإعلام في بلدية طبرق تحدث لـ"عربي بوست" وكشف أن هناك شركات أخرى تقوم بمشروعات بنية تحتية في طبرق بجانب شركات إبراهيم العرجاني التي سوف تقوم بمشروعات في مدينة درنة وفي بنغازي وبعض المناطق الأخرى.
صلاح فؤاد قال لـ"عربي بوست" إن بلدية طبرق ليس لديها أي تفاصيل بخصوص شراكة العرجاني وهيئة إعمار ليبيا في تنفيذ بعض المشروعات في شرق ليبيا، إذ أن الاجتماعات تمت في بنغازي وبعيدًا عن مشاركة أي من مسؤولي طبرق في هذه الاجتماعات.
أشار إلى أن هناك شركتين مصريتين تقومان ببعض المشروعات داخل مدينة طبرق الليبية، الشركة الأولى هي شركة "قاصد خير"، والتي تقوم برصف الطريق الدولي بين طبرق ومساعد بطول 150 كم.
جدير بالذكر أن شركة "قاصد خير" تعتبر من الشركات المهمة في مجال توريد الآلات والإنشاءات المدنية والأعمال البحرية والخدمات الصناعية في كافة القطاعات. وتعود مؤسسة قاصد خير للتوريدات العامة والمقاولات إلى أوائل التسعينيات وبالتحديد عام 1991، عندما أسس السيد سعيد جمال مؤسسة قاصد خير كشركة إنشاءات مقرها مصر لتقديم خدمات البناء المدني والبحري.
وقد سبق أن اعتمدت حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، محضر وترسية مشروع ازدواج الطريق الساحلي (قطاع طبرق–مساعد) بطول 150 كيلومترًا، على شركة قاصد خير للمقاولات والاستثمار العقاري، بقيمة تزيد عن 375 مليون دينار ليبي.
أما الشركة المصرية الثانية التي تقوم بمشروعات داخل مدينة طبرق فهي شركة النيل والتي تنفذ بعض الكباري والطرق الأخرى، حسبما قال صلاح فؤاد، الذي أشار إلى أنه كانت هناك بعض المشاكل الخاصة بتعويض الأهالي الذين سيضطرون إلى ترك منازلهم أو أراضيهم من أجل المشروع، وقامت السلطات بحلها.
شركة النيل كانت قد وقّعت مع لجنة إعادة إعمار بنغازي في مارس/آذار 2024 عقدًا لتنفيذ أربعة جسور ونفق في مدينة طبرق بمدة تنفيذ ستة أشهر، وهي جسران معلقان في تقاطع شارع فينيسيا مع طريق الهواري، وجسر مع نفق في تقاطع طريق المطار مع منطقة المساكن، وجسر في تقاطع طريق المطار مع مفترق حي الدولار.
البرلمان لا يعرف شيئا عن عقود العرجاني وبلقاسم حفتر!
كان التساؤل الهام، هو علاقة برلمان طبرق، بالعقود التي يبرمها بلقاسم خليفة حفتر مع شركات إبراهيم العرجاني. "عربي بوست" تواصل مععضو لجنة الدفاع بمجلس النواب طبرق، سالم القنيدي وسأله عن "مدى علم" البرلمان بكل العقود التي أبرمها بلقاسم حفتر مع الشركات المصرية، فقال القنيدي إن البرلمان لم يطلع نهائيًا على أي من العقود التي تم توقيعها مع شركات إبراهيم العرجاني ولا يعرف البرلمان قيمة العقود ولا أسباب إسناد العقود إلى العرجاني بالأمر المباشر، وقال "كل هذه الإجراءات عبارة عن شبهات فساد" على حد وصفه.
سالم القنيدي قال كذلك لـ"عربي بوست" إن هذه العقود تخص جهات خارجية، وكان يجب على بلقاسم خليفة أن يعرضها على البرلمان، لكنه خالف القانون، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن لجنة إعادة الإعمار التي تم تأسيسها في الشهور الماضية كانت بقرار شخصي من رئيس البرلمان عقيلة صالح ولم يتم عرض الأمر كذلك على البرلمان لمناقشته.
وكشف أنه لا توجد أي جهة في ليبيا تقوم بمراقبة العقود، التي يتم إبرامها مع الجانب المصري، سواء البرلمان أو البنك المركزي أو أي جهة رقابية أخرى، وأنه كان يجب على الحكومة أن تقوم بالإعلان عن مناقصة علنية لكل الشركات حتى تضمن الشفافية في تنفيذ المشروعات لكن الحكومة وبلقاسم حفتر أسندا المشروعات بالأمر المباشر للجانب المصري.
وبسؤاله عن إسناد مشروعات بالأمر المباشر للجانب المصري، بهذه الطريقة قال سالم القنيدي إن بلقاسم خليفة "يريد أن يكتفي مصر، ويعطيها كل ما تريد لأنها لا تريد أي مشاكل مع مصر".
عضو برلمان طبرق يكذب بلقاسم حفتر!
بمطابقة حديث سالم القنيدي حول عدم عرض الاتفاقات الاقتصادية التي أبرمها بلقاسم حفتر على البرلمان الليبي في طبرق، مع تصريحات أخرى لبلقاسم حفتر وجدنا تضادًا في الكلام.
سالم القنيدي قال لـ"عربي بوست"، إن اتفاقيات بلقاسم حفتر وإبراهيم العرجاني لم يتم عرضها بالمطلق على البرلمان، ولا أحد من النواب يعرف تفاصيلها ولا قيمة الأموال فيها، لكن بلقاسم حفتر في تصريحاته لصحيفة " لوفيجارو" الفرنسية قال كلامًا آخر.
ففي حواره مع "لوفيجارو" في نهاية يونيو/ حزيران 2024 نفى مدير عام صندوق التنمية وإعادة الإعمار، بلقاسم حفتر، علاقة عمله في الصندوق بالسياسة. وقال، إن الليبيين فقدوا الثقة في الحكومات.
وأضاف بلقاسم حفتر: "سوف نساعد الجميع، والمدن في المنطقة الغربية تتصل بنا، ونستعد للعمل معهم".
وردًا على سؤال من جريدة "لوفيجارو" عن اختيار الشركات المشاركة في مشاريع إعادة الإعمار في غياب المناقصات العامة، شرح بلقاسم حفتر قائلًا:" قدمنا مشاريعنا والشركات قدمت العروض، ونحن نختار الأفضل من حيث الجودة، وجميع عقودنا معروضة على مجلس النواب والمصرف المركزي" مضيفًا: "شفافيتنا هي أيضًا التغييرات التي نراها على أرض الواقع" وهي التصريحات التي نفاها عضو مجلس نواب طبرق سالم القنيدي لـ"عربي بوست".
لكن الغريب، أنه في 28 يونيو/ حزيران 2024 التقى المدير العام لصندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا المهندس "بلقاسم خليفة حفتر" برئيس مجلس النواب المستشار "عقيلة صالح"، وذلك لإطلاعه على سير عمل مشاريع التنمية والإعمار ونسب إنجازها والخطط الإستراتيجية التي يعمل الصندوق وفق آليتها من خلال شرح مفصل شمل الحديث عن مشاريع الإسكان العام والصحة والتعليم والطرق والجسور والبنية التحتية وكل المشاريع المستقبلية والحالية في كل المدن والمناطق والتي يأتي على رأسها مشروع صيانة وتطوير جسر وادي الكوف والطرق المحيطة به.
وهو ما يؤكد ما قاله سالم القنيدي إن قرار إنشاء هيئة إعادة إعمار ليبيا تم اعتماده بشكل شخصي من جانب عقيلة صالح ولم يتم عرضه على البرلمان للمناقشة أو التصويت عليه وكذلك كافة تفاصيل المشروعات لم يتم عرضها على البرلمان نهائيًا، ومن ثم يتعامل بلقاسم حفتر مع عقيلة صالح باعتباره "الوحيد" الذي يجب إبلاغه بتفاصيل المشروعات التي يشرف على تنفيذها.
من هو إبراهيم العرجاني
يجب الإشارة إلى أنّه بعد شهرين فقط من انتخاب السيسي رئيسًا، تأسست شركة "مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار"، والمساهم الأكبر فيها هيئة تابعة للجيش المصري، وبعد سنوات، أصبح إبراهيم العرجاني رئيس مجلس إدارة شركة "سيناء للاستثمار"، التي أُنشئت برأس مال يصل إلى نحو 3 مليارات جنيه لإنشاء مصانع للرخام والرمل الزجاجي والأسمنت، وتعتبر أول استثمار مشترك بين الجيش المصري، ورجال الأعمال، تساهم فيها القوات المسلحة بنسبة 51% بالشراكة مع شركتين أُخريين مملوكتين لجهاز المخابرات العامة الذي يسيطر بشكل نهائي على معبر رفح الحدودي، ويساهم رجال أعمال من سيناء بنسبة 49%.
لاحقًا، تَحوَّل اسم الشركة إلى "مجموعة العرجاني القابضة" (ORGANI GROUP)، التي باتت واحدة من أباطرة الأعمال في مصر خلال السنوات القليلة الماضية، وارتبطت بشراكات ممتدة مع المجموعة الصناعية التابعة لوزارة الدفاع المصرية، المُمثَّلة في جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وتعاونت مع الدولة بعشرات المشاريع خارج سيناء.
تعمل تحت المجموعة 8 شركات في مجالات مختلفة يديرها إبراهيم العرجاني، ويتولى نجله عصام الدين الملقب بـ"الكابتن"، منصب المدير التنفيذي للمجموعة، أبرزها: "شركات أبناء سيناء"، ويتفرع منها شركة "أبناء سيناء للتشييد والبناء"، التي ظهرت لأول مرة في عام 2014 عندما أعلن السيسي عن مبادرة لإعادة بناء المنازل التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة في ذلك العام، وكانت الشركة الوحيدة الحاصلة على تفويض من الجيش لإدخال مواد بناء أثناء إعمار غزة.
وبعد الحرب على غزة في عام 2021، احتكرت شركته أعمال الإعمار، وأصبحت المستفيد الأكبر منها في غزة بعد تكليفها بجهود إعادة الإعمار في عقد بقيمة 500 مليون دولار مدفوع من الدولة.
الفرع الثاني لـ"أبناء سيناء" هو شركة الخدمات اللوجستية المصرية "أبناء سيناء للتجارة والمقاولات"، ويصفها موقع المجموعة على الإنترنت بأنها "المشروع الافتتاحي" للعَرجاني في عام 2010، وأطلقها بعد وقت قصير من خروجه من السجن، وعملت في مجال المحاجر، وهو "البيزنس" الرائج في شمال ووسط سيناء.
وبعد أن أصبح إبراهيم العرجاني رئيسًا لاتحاد قبائل سيناء عام 2017، وسع شركتي "أبناء سيناء" و"مصر سيناء"، وبدأت الأخيرة في تصدير البضائع إلى غزة، وأصبح رئيس المخابرات العسكرية السابق في شمال سيناء، اللواء لؤي زمزم، نائب رئيس مجلس الإدارة بحسب صفحة الشركة على فيسبوك.
في عام 2021، أُعيد إطلاق الشركة "لتقوم حصرًا بنقل المسافرين من وإلى قطاع غزة"، ووُصفت حركة المرور عبر الحدود التي تديرها الشركة بأنها تأتي في إطار استجابة القاهرة لـ"مطلب كبير للفصائل الفلسطينية بشأن تسهيل السفر عبر معبر رفح للتخفيف من معاناة الفلسطينيين".
هناك أيضًا شركة نيوم (NRD) للتطوير العقاري والاستثمار واستصلاح الأراضي الزراعية وتطوير المشروعات، وتضم "إمبراطورية العرجاني" التي تعمل كمظلة لشركاته أيضًا شركة "إيتوس" للخدمات الأمنية، وتقدم خدمات الحراسة والأمن، وتعمل في جميع أنحاء مصر، وتولت تأمين العديد من الأحداث الرياضية الكبرى.
وفي يناير/كانون الثاني 2023، أعلن النادي الأهلي توقيع عقد تحالفٍ إستراتيجي مع مجموعة العرجاني، في مجالات عدة من بينها ضلوع شركة "إيتوس" بتأمين المباريات ومنشآت النادي وأي من شركاته ورحلات الجماهير والفعاليات التي ينظمها النادي.
وفي العام التالي، في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023، جاء قرار السيسي بتعيين إبراهيم العرجاني بقرار جمهوري عضوًا في الجهاز الوطني لتعمير شبه جزيرة سيناء، وهو هيئة عامة اقتصادية تتبع رئاسة مجلس الوزراء.