وضع جيش الاحتلال الإسرائيلي خططاً لحرب برية على جنوب لبنان، وذلك على الرغم مما تنطوي عليه هذه الخطوة من خطر تصعيد الأمور إلى حرب شاملة في جبهة أخرى، وسط دعوات أصدرها الحلفاء الغربيون لإسرائيل بضبط النفس، بحسب صحيفة The Times البريطانية.
وقال جيش الاحتلال إنه يريد أن يدفع بقوات حزب الله في جنوب لبنان إلى شمال نهر الليطاني، وهو خط ذو أهمية رمزية لكلا الجانبين.
ويتبادل جيش الاحتلال وحزب الله إطلاق النار بالمدفعية والصواريخ منذ بدء الحرب على غزة، أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد خفتت المخاوف التي انتشرت في بداية الحرب من توسع الصراع إلى جبهات أخرى، بعد أن أعلن حسن نصر الله، زعيم حزب الله، أن الحزب لن يشن هجوماً كبيراً على الاحتلال إلا إذا أصرّت إسرائيل على استفزازه، أو كانت المقاومة الفلسطينية معرضة لهزيمة ساحقة.
مخاوف إسرائيلية من جبهة لبنان
ومع ذلك، يقول السياسيون والخبراء العسكريون في إسرائيل إنهم لا يستطيعون القبول بوقف متساهل لإطلاق النار مع حزب الله في نهاية الحرب الحالية في غزة.
حيث فرَّ نحو 86 ألف إسرائيلي من المنطقة الحدودية المتاخمة لحدود لبنان منذ بداية الاشتباكات، فيما استبعد ضابط كبير في جيش الاحتلال، الأحد 17 ديسمبر/كانون الأول، أن يعود كثير من هؤلاء إلى مساكنهم حتى إذا توقف إطلاق النار.
وبالنظر إلى أن حزب الله أقوى بكثير من حماس حالياً، فإن جيش الاحتلال يخشى هجوماً أشد وطأة من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في شمال إسرائيل.
وقال الضابط الإسرائيلي: "ما حدث في الجنوب [جبهة غزة] لا يكاد يضاهي ما يمكن أن يفعله حزب الله هنا"، و"عقيدة الجيش الإسرائيلي تعتمد على نقل الحرب إلى الجانب الآخر".
"الجيش يزيد من استعداده"
في السياق، قال جوناثان كونريكوس، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إنه لا يمكن العودة إلى الوضع الذي كانت عليه الأمور قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، و"الجيش الإسرائيلي متأهب، ويزيد من استعداده"، و"قد وافق رئيس أركان الجيش الإسرائيلي على الخطط والجداول الزمنية المحددة لتجهيز الجيش".
وأشارت تقارير إلى أن حزب الله يخشى إغضاب اللبنانيين إذا انحدرت الأمور إلى صراع محتدم مع إسرائيل، لا سيما أن جيش الاحتلال هدد مراراً بتدمير البلاد إذا اشتعلت الحرب.
ومع ذلك، يرى الإسرائيليون أن حزب الله يغذي الآمال في شن هجمات محدودة على شمال إسرائيل، ويعتقد جيش الاحتلال أن تخلي سكانه المدنيين عن المنطقة الحدودية يعدُّ تسليماً بنوع من الانتصار لحزب الله.
الاحتلال يهدّد حزب الله
في غضون ذلك، طالب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت حزبَ الله بسحب قواته شمال الليطاني، وإلا أرغمته إسرائيل على ذلك، مضيفاً في تصريحات له هذا الشهر أن إسرائيل "ستستعمل كل الوسائل المتاحة لها إذا لم تضمن الوسائل السلمية لها ما تريده".
وقال غالانت لجنود الاحتلال على الجبهة الشمالية، الأحد: "نريد استعادة السلام، وسنفعل ذلك إما بالاتفاق وإما بالقوة، مهما كانت العواقب المترتبة على ذلك".
في نهاية حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله، تضمَّن اتفاق وقف إطلاق النار الصادر عن الأمم المتحدة تراجع القوات المسلحة في لبنان إلى شمال نهر الليطاني، ما عدا قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وبعض القوات التابعة للجيش اللبناني.
ومع ذلك، فقد نشر حزب الله مقاتليه في المنطقة على مدار السنوات الماضية، وجعلها معقلاً محصناً وقاعدة صواريخ له، معللاً ذلك بأن إسرائيل لم تنسحب من مزارع شبعا الواقعة على الحدود بين لبنان وهضبة الجولان، والتي احتلتها إسرائيل في عام 1967.
محاولة ضغط
ويرى كثير من المحللين أن تصعيد الإسرائيليين لخطابهم هو على الأغلب محاولة للضغط على الدول التي لديها علاقات مع لبنان لإجبار حزب الله على التنازل، وقد قالت فرنسا إنها مستعدة للتوسط من أجل هذا الأمر، ومع ذلك، فليس هناك ما يشير إلى أن حزب الله سينسحب طوعاً إلى شمال الليطاني.
في المقابل، تتزايد الضغوط على حكومة الاحتلال من السكان النازحين عن تلك المناطق لاتخاذ إجراءات تضمن لهم العودة الآمنة إلى مساكنهم.
بدوره، قال بيني بيلفيري، وهو مدير مزرعة بيض كبيرة في مستوطنة دوفيف على الحدود مع لبنان: "نحن مرعوبون.. يجب التخلص من حزب الله، وإبعاده عن الحدود".
فيما قال إسرائيل ياقوتي، عمدة مستوطنة دوفيف، إن الحكومة الإسرائيلية تريد من الناس أن يستثمروا ملايين الدولارات في مستوطنات جديدة، لكنها لا توفر الأمن اللازم لذلك، و"من المستحيل أن يعود الناس إلى هناك إذا استمرت الأمور على ما هي عليه".
يأتي ذلك فيما يواصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، جواً وبراً وبحراً، منذ 73 يوماً، ما أسفر عن استشهاد نحو 19 ألف فلسطيني، وإصابة أكثر من 52 ألفاً آخرين، 70% منهم من النساء والأطفال، في حصيلة غير نهائية.