أنهى الشاب اللبناني موسى الشامي حياته منتحراً، بعدما "تعب وقرف" من هذه الحياة، ولم يعد يحتمل المزيد، بحسب ما قال في تسجيل صوتي أرسله لصديقه المقرّب، يوصيه فيه بعائلته، الأربعاء 1 مارس/آذار 2023.
الشاب الثلاثيني الذي كان صوته مثقلاً بالهموم واليأس، أوصى صديقه المقرب "علّوش" في الرسالة الصوتية بأن يعتني بأطفاله، قائلاً له إنهم "أمانة برقبتك".
لم يجد الشامي أحداً آخر غير صديقه المقرب حتى يترك له وصيته الأخيرة قائلاً له: "ما لقيت حدا أبعتله الصوت إلا أنت.. أنت أكتر حدا قلبه قوي ويعرف يتصرف.. نحن قدام البناية رح أنتحر!".
وطلب من صديقه أن يكون متماسكاً، وأن يعتني بعائلته من بعده "دعاء وجواد وجوري"، مضيفاً: "هدول أمانة برقبتك يا علوش"، كما طلب منه أن يسامحه.
وقال في الرسالة المشحونة بالحزن بصوت منهك: "قل لدعاء أنه موسى بحبك كتير، بس ما عاد فيّي تعبت، قرفت من الحياة (…)، يا علي سامحني، وخلي الكل يسامحني، لا تخلي حدا يحكي علي بالعاطل".
كذلك أضاف: "دعاء وجواد وجوري أمانة برقبتك، أهم شي جوري، لكن لم أعد قادراً على التحمّل، تعبت وقرفت".
ووُجد الشاب الثلاثيني موسى الشامي، ابن جرجوع، أمام منزله في بلدة دير الزهراني، جثة مصابة بطلق ناري، وإلى جانبها سلاح حربي، بحسب مواقع محلية.
وأشارت "جمعية المودعين في لبنان" إلى أن الشاب موسى الشامي انتحر تاركاً رسالة صوتية لأحد أصدقائه للاعتناء بأطفاله، ذاكراً أن سبب الانتحار الوضع المعيشي في لبنان، وأنه لم يعد يستطيع تأمين قوت أولاده.
فيما ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي برسالة موسى إلى صديقه "علّوش" التي يتحدث فيها بصوتٍ حزين ومتقطّع بين البكاء والألم والغصّة، ويخبره بأنه لم يعد قادراً على التحمل في ظل الظروف المعيشية الصعبة، ما يجعله عاجزاً عن تأمين قوت زوجته وطفليه.
يشار إلى أن هذه ثاني رسالة انتحار يشهدها لبنان في أقل من 24 ساعة، حيث أطلق شاب من بلدة تعلبايا في البقاع، الثلاثاء 28 فبراير/شباط، النار على نفسه من مسدسه، لأسباب رُبطت أيضاً بالظروف الاقتصادية الصعبة.
ويعيش لبنان منذ صيف 2019 أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، وخسرت معه الليرة أكثر من 95% من قيمتها مقابل الدولار في السوق السوداء، وسط تراجع حاد في احتياطي العملات بالمصرف المركزي، وارتفاع جنوني بأسعار السلع الغذائية والمحروقات.
التسعير بالدولار
والأربعاء 1 مارس/آذار، بدأت متاجر السلع والمواد الغذائية في لبنان بتسعير بضائعها بالدولار، تنفيذاً لقرار أصدرته وزارة الاقتصاد، وذلك في خضم انهيار اقتصادي متسارع في البلاد، فقدت معه العملة الوطنية قيمتها تباعاً، وفي خطوة تهدف إلى الحد من التلاعب بالأسواق واختلاف تسعير البضائع مقابل الدولار.
يشير تقدير للبنك الدولي إلى أن لبنان سجّل أعلى معدل تضخم سنوي بنسبة 332% عام 2022، وتُعتبر الأزمة الاقتصادية المتمادية هي الأسوأ في تاريخ لبنان.
ويزيد الشلل السياسي في لبنان من جانبه الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر، تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، بينها إصلاحات يشترطها المجتمع الدولي لتقديم الدعم من أجل وقف النزيف الحاصل.
كان البرلمان اللبناني ومنذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2022، قد فشل 11 مرة في انتخاب رئيس، بسبب انقسامات سياسية عميقة.